سياسة

العراق: اضطراب الداخل وتدخلات الاقليم

من جهته أكد الرئيس العراقي أن العراق يولي أهميته لحماية سيادته وأمنه واستقراره والتعاون مع الحلفاء والاصدقاء على اسس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وأن يكون ساحة لتصفية حسابات الاخرين.

كتب محمد حسن

     تحل الذكرى السنوية الاولى للحراك، والعراق يواجه مشاكل الاضطراب الأمني الداخلي، ومعه إشكالات العلاقة بين المركز واقليم كردستان، وتتوالى الضربات التركية على شماله ويتكرر القصف على السفارة الاميركية، وبغداد تجهد لتثبيت اجراءات الحماية للسفارة وللمنطقة الخضراء.

    ارتفعت وتيرة الهجمات المسلحة في كركوك ونينوي، وداعش هو المتهم الأول بالهجمات بهدف اعادة فرض وجوده في المناطق الهشة التى تشكو من فراغ أمني، كالمناطق المتنازع عليها بين بغداد واربيل في ظل ضعف التنسيق بينهما. ويرجح خبراء ان يكون تزايد الهجمات مرتبطاً بسياسات بعض القوى لرغبتها في استمرار وجودها عبر تنفيذ هجمات مفتعلة، لتقول من خلالها ان تلك المناطق غير آمنة. يشار إلى أن البحث في التعاون المشترك بين العراق والتحالف الدولي، في مجال مكافحة الارهاب وتعزيز التنسيق الامني والاستخباراتي مستمر للقضاء على ما تبقى من خلايا داعش، خصوصاً في مجال استخدام القوة الجوية، و بناء القدرات العسكرية العراقية وتدريب القوات الأمنية. ويشير المطلعون إلى أن التحالف الدولي ما زال مستمراً في دعم جهود الحكومة، سواء في مجال مكافحة الارهاب، الذي لا يزال يمثل تحدياً، أو في الخطط السياسية والاقتصادية والأمنية.

    في المقلب الآخر يجهد اكراد العراق في البحث عن حلول لأزمتهم الاقتصادية، فقد عاد سكان اقليم كردستان العراق إلى الاعتماد على الزراعة، التى تراجع العمل فيها بعد سقوط نظام صدام حسين عندما تشكلت حكومة، وخص الاقليم بميزانية كبيرة توجهت معها غالبية السكان إلى وظائف الدولة لضمان رواتب شهرية.

    فرغم الميزانية المخصصة من بغداد ورغم عائدات المنافذ الحدودية مع تركيا وايران، ركزت الحكومة المحلية على تطوير قطاع النفط فقط، واهملت استثمارها للبنى التحتية الزاعية والصناعية والصحية والسياحية، اذ ادى توفير الوظائف في القطاع العام إلى حدوث تضخم. ويتبين أن موازنة الوزارات تسرق لمكاسب حزبية وشخصية. الصناعيون المحليون يواجهون منافسة يومية حادة من تركيا وايران الجارتين، وسط استمرار تدهور عملتيهما فيما لا يزال الدينار العراقي محافظاً على قيمته، ويطالب الصناعيون بزيادة الضرائب الجمركية ومراقبة الحدود للحد من تدفق البضائع.

    جولة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في اوروبا والتي بدأها من العاصمة الفرنسية، وفرت له الوقت اللازم لإجراء مباحثات على أعلى المستويات، ما يدل على رغية متبادلة بتعزيز العلاقات، فباريس لا تريد ان يكون دورها مقتصراً على المساعدة في محاربة الخلايا الارهابية، بل تبحث عن دور وموقع. وبغداد تحتاج لتنويع علاقاتها والا تبقى محصورة في موفع التجاذب بين طهران وواشنطن، وترى في باريس مدخلاً إلى اوروبا وطرفاً قادراً على مساعدتها، وتعتبر باريس السوق العراقية سوقاً واعدة، وتتوافر فيها فرص مهمة في المجالات كافة. وما تقوله فرنسا عن استعدادها لمواكبة العراق في عملية إعادة البناء، يعني موقعاً لها في العملية. وقد تم توقيع مذكرات تتناول مجالات الزراعة والنقل والتعليم، إضافة للتعاون العسكري والدفاعي رغبة من بغداد في تنويع مصادر سلاحها، كذلك تطرح باريس التعاون في مجال الطاقة حيث لشركة توتال اهتمام كبير بالمخزون النفطي العراقي.

    وقد أكد الكاظمي خلال لقائه رئيس الوزراء الفرنسي أن بلاده تسعى لبناء علاقات متينة مع دول العالم كافة تقوم على اساس المصالح المشتركة واستعادة العراق مكانته الدولية. وأكد الاليزيه قبل المحادثات بين الرئيس الفرنسي والكاظمي، أن البحث سيتركز على امن الشرق الاوسط ومحاربة فلول الارهاب، وإعمار العراق ولكل من هذه الموضوعات تفاصيلها.

    ولاقى الكاظمي دعماً واسعاً في برلين، واثنت المستشارة الالمانية على برنامجه الاصلاحي، وأكدت وقوفها مع بغداد في طريقها “نحو الاستقرار والأمن والنمو الاقتصادي”.

    بينما يواصل التحالف الدولي مهمته أكدت  الخارجية العراقية أنه “تم الاتفاق على قيام لجنة فنية تتولى مهمة التنسيق مع الجانب الاميركي من اجل إعادة جدولة انتشار القوات الاميركية خارج العراق”. ياتي ذلك في وقت تستمر الهدنة التى أعلنتها الفصائل المسلحة الموالية لايران بعدم استهداف السفارة الاميركية داخل المنطقة الخضراء. كما توقفت عمليات استهداف ارتال التحالف الدولي بالعبوات الناسفة. وكانت الولايات المتحدة قد هددت بغلق سفارتها في بغداد إن لم تتمكن الحكومة العراقية من توفير الحماية لها وللبعثات الاجنبية. احد الخبراء الاستراتيجيين العراقيين يقول: هناك إشكالية في موضوع انسحاب الامركيين بشكل كامل من العراق، لما له من نتائج سلبية، ما يجعل دولاً عديدة في المنطقة ترفضه، فضلا عن وجود قيادات سياسية واحزاب في محافظات مثل الانبار ونينوى تصر هي أيضاً على عدم الانسحاب الكامل، لأن بقاء اميركا يحقق مبدأ التوازن، ويضبط الايقاع منعاً لحدوث اي فوضى أمنية خصوصا في المناطق الغربية من العراق.

    من جهته أكد الرئيس العراقي أن العراق يولي أهميته لحماية سيادته وأمنه واستقراره والتعاون مع الحلفاء والاصدقاء على اسس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وأن يكون ساحة لتصفية حسابات الاخرين.

    في بيان مشترك صدر بعد اجتماع الرئيس العراقي بالرئاسات الثلاث في اقليم كردستان ورد “أن المجتمعين ناقشوا الأوضاع السياسية والظروف المالية والامنية والصحية في العراق واقليم كردستان، مؤكدين دعم اقليم كردستان لخطوات الحكومة الاتحادية والمؤسسات الدستورية لحماية امن واستقرار البلاد، بخاصة فيما يتعلق بتهيئة مناخ آمن ومناسب لعمل بعثات الدول الصديقة والبعثات الدبلوماسية لدى العراق، وقيامها بمهامها” كما ناقش الاجتماع ايضا “الاستعدادات للانتخابات المبكرة وتهيئة الأرضية اللازمة لإجرائها في الوقت المحدد ودعم الاتفاق الذي أبرم بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان لتطبيع الأوضاع في سنجار وعودة النازحين.”

    في المقلب الآخر شكلت غالبية جماعات الحراك لجنة مركزية لإدارة التظاهرات وضبط ايقاعها وتجاوز الخلافات بين النشطاء البارزين، وقد استبقت الحكومة الموجة الجديدة من التظاهرات بلجنة تقصي الحقائق للتحقيق بحالات القتل والاختطاف والإصابة الى تعرض لها الناشطون، في مسعى لإرضاء جماعات الحراك الذين تتصدر قضية محاسبة المتورطين بسفك دمائهم قائمة اولوياتها. هكذا يعيش العراق أزماته المتفاقمة ويجهد قدر إمكاناته لتلمّس طريق الاستقرار والخلاص.

Leave a Comment