مجتمع

الدواء كما الاستشفاء للأغنياء حصراً

كتب محمد قدوح

أصدرت وزارة الصحة العامة لوائح أسعار جديدة للأدوية المدعومة وغير المدعومة، وقد تبين من خلال هذه اللآئحة أن أسعار الادوية ارتفعت بنسبة تتراوح بين 11.7 % و1000%، وقد جاءت هذه الزيادة نتيجة لرفع الدعم الجزئي عن أدوية الأمراض المزمنة، مما يعني ان هذه الزيادة لن تكون الاخيرة، وإنما سيليها زيادات أخرى، بعد ان يجري هضم واستيعاب هذه الزيادة من قبل اللبنانيين.

قد يتفهم اللبنانيون مسألة رفع الدعم عن بعض السلع والمواد في سياق الحد من الانهيار المالي والاقتصادي، أو وسيلة للحد من التهريب خارج الحدود، لكن ما لا يمكن تفهمه، هو ان تتعامل السلطة مع المواد والسلع الحيوية بالنسبة لحياة اللبنانيين مثل الدواء بدم بارد، بالرغم من معرفتها مسبقاً مخاطر رفع الدعم عن هذه الأدوية على حياة المرضى، وحرمانهم من حق الحصول على الدواء، وهو من أبسط حقوق الانسان.

وإذا كان مبرر رفع الدعم عن هذه الأدوية ضرورة يفرضها التراجع الحاد في الاحتياط الإلزامي في مصرف لبنان، فبماذا تبرر هذه السلطة تقاعسها او بالأحرى تجاهلها نسب الارباح العالية التي يحققها مستوردو الدواء قبل تشريع لائحة الأسعار التي أعدها هؤلاء؟ إذ تقدر نسبة أرباح المستوردين بحسب لوائح الاسعار الجديدة بحوالي 10% ويضاف اليها نسبة 30% من قيمة الدواء للموزعين والصيدليات، أي أن نسبة الارباح الاجمالية تقدر بحوالي 40% ، وهي نسبة عالية بالمقارنة مع الأرباح التي يحققها المستوردون والموزعون والصيادلة في دول أخرى.

وبالرغم من ارتفاع نسبة الأرباح المشار إليها يقول أحد المطلعين على سوق الدواء في لبنان أن هذه النسبة غيرر دقيقة، لا سيما فيما يتعلق بنسبة أرباح المستوردين والتي تتجاوز بالتأكيد نسبة 10% وتصل الى حدود 70% من قيمة الدواء، على عدد كبير من الأدوية، وما يؤكد هذا الأمر مقارنة بسيطة ورد في مقال لجريدة (المدن) بين أسعار بعض الأدوية في لبنان وتركيا:

وبناءً على ما تقدم يمكن القول إن وزارة الصحة العامة رضخت لكارتيل الدواء، كما خضعت وزارة الطاقة لكارتيل المحروقات، ما يؤكد بأن مهمة السلطة في لبنان تقتصر على تشريع عمليات النهب المنظم للبنانيين، من دون أي إحساس بالمسؤولية إتجاههم، وبالتالي فإن استكمال رفع الدعم عن أدوية الأمراض المزمنة مسألة وقت لا غير.

بين خياري الموت مرضاً أو جوعاً

تعليقاً على إرتفاع أسعار الادوية قال رئيس لجنة الصحة النيابية د. عاصم عراجي أن هذه الأسعار فوق قدرة 70% من اللبنانيين، وطالب رئيس الحكومة بإعادة النظر بسياسة رفع الدعم. وبصرف النظر عن دقة نسبة 70% من اللبنانيين الذين لن يستطيعوا الحصول على الدواء، فالمؤكد أن كل اصحاب الدخول المحدودة مهما علت درجات ومستوى وظائفهم ورواتبهم لن يكون بإمكانهم الحصول على الدواء كما الاستشفاء، وفي هذا الإطار يقول موظف متقاعد معاشه التقاعدي 4.000.000 ل.ل، أن فاتورة دوائه إرتفعت من حوالي 200.000 ل.ل الى حوالي 1.200.000 ل.ل. ويتابع إذا أضفنا لهذا المبلغ بدل إيجار المنزل وبدل إشتراك المولد 3.000.000 ل.ل، أي ما مجموعه 4.200.000 ل.ل، ما يعني أنني أمام خيارات أحلاها مر. أما المبيت في الشارع، أو العتمة، أو الموت من المرض أو الجوع. وهذه الخيارات هي المفروضة على غالبية اللبنانيين، وتحديداً الذين لا يحصلون على مساعدات عائلية من الخارج.

آن الأوان للشعب أن يقول كلمته دفاعاً عن حقه بالعيش الكريم والعمل على إستعادة السلطة من المحتكرين والتجار، كما آن الأوان للقوى السياسية ومجموعات الانتفاضة أن تحمل هم ووجع اللبنانيين، لأنه المدخل الوحيد المتاح لتجديد الانتفاضة وإجبار السلطة على إعطاء الاولوية للبشر على جشع التجار.

Leave a Comment