مجتمع

إطلاق الحوار التعددي لمناسبة 13 نيسان ذكرى الحرب الأهلية: مبادرة وطنية تختط طريقاً للخروج من المخاطر التي تهدد الوطن

إطار الحوار التعددي

بيروت 13 نيسان 2024 

جاء اطلاق “اطار الحوار التعددي” في الثالث عشر من نيسان 2024 ليذكر اللبنانيين أن هناك طريقاً ديمقراطياً سلمياً مختلفاً عما يحاوله البعض من إغراق البلد في مستنقع الحرب الاهلية، مع كل ما يمكن أن يقود إليه هذا الخيار من إعادة تكرار للمأساة التي عايشها اللبنانيون خلال السنوات الممتدة بين الأعوام 1975 – 1989 وما تخللها من خسائر بشرية وكوارث مادية ما زال البلد يدفع أثمانها الفادحة. فقد أُعلن عدد من الناشطين يوم أمس السبت من بيت بيروت في السوديكو عن قيام “إطار الحوار التعددي” تحت عنوان “استعادة الدولة ومؤسساتها، مدخلا لإنقاذ الوطن” مما يتخبط فيه من انهيارات على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلى الحد الذي بات معه وجود الكيان والدولة مهدداً في الصميم. حضر حدث الإعلان نواب ونقابيون ومثقفون وأكاديميون وناشطون من جميع المناطق اللبنانية.

النشيد الوطني افتتاحا ودقيقة صمت عن ارواح شهداء لبنان، ثم عرض فيلم وثائقي يختصر أهم المحطات والمراحل التي مر بها لبنان.

د. ماري أنج نهرا والمبادرة الوطنية

وألقت عضو لجنة المتابعة الدكتورة ماري أنج نهرا كلمة قالت فيها: “من هذا المكان بالذات وفي هذا التوقيت بالذات وبخضم المرحلة الدقيقة التي نمر بها، نطلق مبادرة وطنية شاملة تركز على مصلحة لبنان أولا، ونعلن عن إطار الحوار التعددي الذي جمعت أعضاءه ثورة 17 تشرين 2019 (…)، وارتأينا في هذه المحطة التاريخية من مسارنا الوطني أن نبادر إلى خطوة متمايزة أساسية تأسيسية، تجمع بين المدني والعسكري والسياسي، والناخب والمنتخب والعامل والمعلم والعلماني، وجميع مكونات المجتمع اللبناني دون أي تمييز عنصري أو طائفي أو مناطقي، لأن المواطنة الحقة هي التي تجمعنا، فأعدنا النظر بمصطلحات لطالما استهلكت خطأ، وقررنا التركيز على تصويب الأولويات قبل التصحيح والترميم والتطوير. وقصدنا نحن كأعضاء للإطار أن نجتمع اليوم هنا تحديدا رفضا لموروثات الحروب التي عاشها لبنان، ورفضا لحالة الفوضى التي مازالت تخرب الوطن حتى هذه اللحظة. اجتمعنا دعما لدولة نريد استنهاضها ومحاسبة مسؤوليها غير الكفوئين وغير المبالين، وانعاش اقتصادها المدمر بالكامل، واستعادة مؤسساتها المنهكة، وإيقاف عملية التهجير والتفريغ المبرمجين”.

أضافت: “ثلاث كلمات اختصرت موقفنا:

1 –   الإطار: وهو الحدود التي لن نخرج عنها و تمثل المسافة التي تحيط بشعبنا من كل الجوانب بشكل يضم كل فئاته المجتمعية، ولا يفرق بينها لا في الحقوق ولا في الواجبات.  ويمثل الأصول الأخلاقية المتفق عليها لإحاطة مشاريعنا المستقبلية كونه الهيئة الضامنة للنظام والرقابة التي تضبط إيقاع العمل وتمنع التفلت والانحراف عن الثوابت. يمتد الإطار حولنا على مساحة الوطن و يقف عند حدوده.

2 – الحوار: هو الآلية الوحيدة المفروضة والمتبعة بين جميع أعضاء الإطار. هو وسيلة تفاهم أساسية لخلق جو من التواصل السليم والراقي، هو لغة العقل اللبناني والوعي الإنساني الذي يجدي نفعا ويعطي نتيجة فعالة وحلولا منطقية تطبق على أرض الواقع

3 –   التعددي: لأننا نؤمن بتنوع لبنان وبأن مكوناته كافة هي مصدر غناه. تعبر هذه الكلمة عن اختيارنا الإرادي للنوعية وتوجه البوصلة نحو مستقبل أفضل. وتفتح هذه الكلمة الباب لكل مواطن متطوع، فنحن بحاجة للمربي الصالح والقاضي العادل والتاجر الصادق والطبيب والنجار والبناء والمزارع وعامل النظافة وكل من يمدنا بيد العون لنستعيد أنفاس لبنان”.

وتابعت: “من هنا ولدت فكرة “إطار الحوار التعددي” وانطلقنا كل باختصاصه، مقيمين ومغتربين:

  • من أجل لا مركزية إدارية تحقق الإنماء المتوازن، من أجل قانون مدني للأحوال الشخصية، وقانون انتخابي خارج القيد الطائفي.
  • من أجل حصرية الدفاع عن الوطن بيد الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية، من أجل دولة تلتزم المواثيق والمعاهدات العربية والدولية على حد سواء.
  • من أجل قضاء مستقل يحقق لنا العدالة في شتى الميادين. من أجل سيادة القانون ومبدأ المحاسبة العامة من دون أي حصانات.
  • من أجل تعزيز التعليم الرسمي وحماية الجامعة اللبنانية، من أجل اقتصاد منتج وصناعة وطنية وتطور تكنولوجي يواكب العصر، ودور ثقافي إقليمي يعيد لبنان الى الصدارة.
  • من أجل وطن يحمل حضارة عمرها 6000 آلاف سنة، أبى أن يكون منذ البدء إلا رسالة سلام للعالم”

وختمت: “… لذلك قررنا أن نتعاون لعل في انطلاقة هذا الإطار الشعبي نستعيد شيئا من كرامتنا المهدورة”.

جمال حلواني وورقة المباديء

وتحدث امين السر جمال حلواني، فقال: “أتينا اليوم نحن مجموعة من الناشطين والناشطات من مختلف المشارب، بعد نقاش لأشهر متتالية أنتج في المحصلة ورقة مبادئ تتضمن رؤية وبرنامج عمل. وشكلنا ما أسميناه “إطار حوار تعددي” يقينا منا بأن تلاقي اللبنانيين وحواراتهم، يمكن له، أن يفتح كوة في جدار المأزق المقفل، ويحقق حلولا للمعضلات المستفحلة والمشكلات المتفجرة. وقد توافقنا على إعلان ورقة المبادئ  التي نأمل ان تلقى قبول اللبنانيين، كي نصل معا وسويا بالاستناد لها، إلى صياغة مشروع مستقبلي ومشترك، يتمثل في إعادة بناء الدولة مدخلا وحيدا لإنقاذ لبنان وطنا لجميع أبنائه، انطلاقا من الثوابت التي عبر عنها الدستور والميثاق وتجربة الحياة طوال قرون متلاحقة من التفاعل بين سائر مكونات مجتمع بلادنا (…)، وإننا نرى في ما توافقنا عليه من مبادئ وأهداف، برنامج عمل يجمع اللبنانيين من مختلف المنابت الفكرية والاجتماعية والثقافية، وبما يتجاوز الانقسامات السائدة والموروثة وإصطفافاتها، وما خلفته من ندوب في جسد الوطن ومنظومات قيمه الانسانية. لقد آن الأوان للتخلص من هذه الندوب التي باتت تهدد وطننا في منطقة متزعزعة بالأصل لأسباب وعوامل لا تعد أو تحصى. وبناء على ذلك قررنا إعلان هذه المبادئ كي تشكل مساهمتنا هذه خطوة في رفع وتيرة النقاش السياسي إلى مستوى وطني مواطني، بعد ان استقر طويلا في أحضان أحزاب الطوائف وممثليها، الذين  يستثمرون في الانقسامات القائمة والموروثة بكل منوعاتها، ويعملون على تزخيمها وإعادة انتاجها، ولو قاد ذلك كما نشهد هذه الايام إلى إعادة انتاج دورات العنف المدمرة لمجتمعنا ومنجزاته التوحيدية”.

أضاف: “إن طموحنا من خلال ما نطرحه في رؤيتنا لإنقاذ لبنان وإعادة بناء الدولة، هو استقطاب ومشاركة جميع الفئات الاجتماعية المتضررة وخصوصاً الشبابية من الانهيار والخراب والفوضى للقيام بدورها الإنقاذي التوحيدي على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والوطنية بعد أن وصلت الامور إلى تهديد الحاضر والمستقبل معا وتحقيق النهوض المطلوب (…)،”.

ريمون متري ومحاور المبادرة

وتلا عضو لجنة المتابعة ريمون متري مبادئ الحوار، وقال: “إنطلاقا من مسؤوليتنا التاريخية كمواطنين حريصين على مصير لبنان الكيان والدولة ووحدة الشعب، وباعتبارنا جميعا، ومعنا كل الفئات الاجتماعية المتضررة من السلطة، نسعى من أجل إنقاذ لبنان وإعادة بناء دولته الوطنية، واستجابة منا لهذا التحدي، قررنا مجتمعين إطلاق مبادرة وطنية ديمقراطية تعددية، تستند إلى عدد من المبادئ والثوابت التى نرى أنها تعبر عن تطلعات أكثرية اللبنانيين وطموحاتهم ومصالحهم، وبناء عليه، تنطلق مبادرتنا من توجهات محددة، مفصلة على 4 محاور:

المحور الأول: في الدستور والمواثيق

أولا- الإلتزام بما جاء فى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطنى لجهة  نهائية الكيان ووحدة أرضه وعروبته والمساواة فى الحقوق والواجبات بين أبنائه، بما يعبر عن إرادة العيش الواحد، الأمر الذي يتطلب تطبيق اللامركزيه  الإداريه كما ورد فى وثيقة الطائف، بالإضافة إلى إقرار قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية.

ثانيا- وحدها الدولة تمارس السلطة على الشعب ولها عبر قواها المسلحة الشرعية حق امتلاك السلاح، واحتكار استعمال القوة للدفاع عن لبنان بحدوده البرية والبحرية والجوية، وعليها حصرا واجب حماية أمن المواطنين الداخلي، بما فيه الحفاظ على الأملاك العامة والخاصة. ومن هنا أهمية الإنتماء واستعادة خدمة العلم.

ثالثا- الإلتزام التام بمواثيق الجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة، وكافه المواثيق الدولية وما تنص عليه من حقوق فردية وجماعية متساوية بين الأفراد والشعوب، بصرف النظر عن أصولها الإثنية والجنسية وأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والعلمية. ودعم القضايا العربية المحقة، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني وحقه في العودة وتحرير أرضه من الاحتلال الصهيوني وبناء دولته المستقلة.

المحور الثاني: في السياسة والقضاء

رابعا- التأكيد على ضرورة استكمال تطبيق الدستور لناحية إنشاء مجلس للشيوخ تتمثل فيه الطوائف اللبنانية، وإقرار قانون انتخابات نيابية خارج القيد الطائفي لضمان حسن التمثيل السياسي للبنانيين. إلى جانب تطبيق الإصلاحات المطلوبة والضرورية على جميع الصعد السياسية، الاقتصادية، والمالية، بالإضافة إلى تحقيق استقلالية القضاء وتطهيره وضمان استقلاله بشكل تام، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية.

خامسا- الإصرار على تنفيذ  جميع الاستحقاقات الدستورية بدءا من رئاسة  الجمهورية  في مواعيدها وضمن المهل المحددة لها، والإلتزام بمبدأ تداول السلطة، ورفض فرض خيارات على اللبنانيين باعتماد الضغوط السياسية والأمنية وفائض قوة الأمر الواقع، أو تحويل لبنان إلى ساحة أو صندوق بريد لحسابات إقليمية أو دولية.

سادسا- العمل على إعادة بناء الدولة وانتظام عمل مؤسساتها السياسية التشريعية والتنفيذية والرقابية، والتأكيد على المحاسبة والمساءلة، وخضوع جميع المسؤولين دون استثناء لسلطة القانون. وإعادة تفعيل مؤسسات القطاع العام الخدماتية، ورفض الإبقاء عليها فى عهدة مافيات الخدمات لحسابات سلطوية وزبائنية طائفية، فئوية أو مناطقية.

المحور الثالث: في الإقتصاد والمال

سابعا- استنهاض فروع وقطاعات الاقتصاد الوطني، والعمل على توفير الإمكانات لنمو القطاع الخاص تحت حماية الدستور والقوانين النافذة وتعزيز الصناعة الوطنية، وتنمية دور الزراعة والتكنولوجيا، والسعي لتحول لبنان نحو الصناعات الإلكترونية والإستثمار في كفاءآت اللبنانيين العلمية.

ثامنا- بناء نظام ضريبي تصاعدي عادل، ورفض المساس بالذهب والأملاك العامة للدولة وضمان أموال المودعين.  والتأكيد على أهمية وضرورة تنفيذ قانون العمل لحماية حقوق العمال والمستخدمين اللبنانيين، وكافة القوانين المرعية الاجراء، لضمان منع الإستغلال، ومدخلا لمكافحة البطالة والحد من الهجرة والمنافسة في سوق العمل، وحماية مؤسسة الضمان الاجتماعي والصناديق الضامنة، وتفعيل دورها لضمان حقوق جميع العاملين بما فيه غير المنتسبين لها.

المحور الرابع: في المجتمع

تاسعا- السعي للمحاسبة على الجرائم الموصوفة، بدءا من الإغتيالات السياسية إلى تفجير مرفأ بيروت وتهريب الأموال ونهب مدخرات اللبنانيين المودعين، واستباحة الأموال العامة وخزينة الدولة، وإنهاء ممارسات الإفلات من العقاب وكشف مصير المخفيين والمفقودين في لبنان وسوريا.

عاشرا- رفض المس بالحريات العامة بما فيها حريه الرأى والإعلام وحق التظاهر والإضراب. والحق في تشكيل الأحزاب الوطنية، وحرية العمل النقابي، وحق جميع قطاعات وفئات المجتمع في تأسيس الاتحادات والمؤسسات النقابية لضمان تحررها من هيمنة السلطة والاحزاب الطائفية.

أحد عشر-السعي لاستنهاض الحركة الديمقراطية والثقافية، والتربية على المواطنة السليمة وحماية وتعزيز قطاعات التعليم الرسمي والخاص، الأساسي والثانوي والجامعي، المهني والاكاديمي بما يؤكد على استعادة الدور الذي طالما تمتع به لبنان. والتركيز على الطاقات الاغترابية والإفادة منها في تعزيز علاقات لبنان مع الخارج، وتقديم الحوافز للمهاجرين للاستثمار في وطنهم الأم والمساهمة في نهوضه الاقتصادي وإنمائه الاجتماعي.

ثاني عشر- التأكيد على استقلالية المجتمع المدني وإشراكه فى المسؤولية مع أجهزة الدولة التنفيذية والبلديات فى مهامها التنموية، بما فيه إعادة النظر بقانون البلديات في إطار تحقيق اللامركزية الادارية”.

باسم سعد والأنشطة المقترحة

وكانت كلمة لعضو لجنة المتابعة الصحافي باسم سعد تحدث فيها عن الأنشطة المقترحة للأسابيع المقبلة، فقال: “إن المبادئ التي تشكل رؤية للبنان، تحت عنوان ثوابت وبرنامج عمل، تنطوي على كم واسع من القضايا والمشكلات الخلافية، التي تستدعي البحث والنقاش والحوار بين اللبنانيين. وهي التي تشكل حافزا لنا لبذل الجهد والعمل، ودعوة المهتمين والذين يساورهم الخوف والقلق على مصير لبنان ومستقبله، للمشاركة في صياغة توجهات مشتركة، تشكل مرشدا لنا ولأصحاب الطموح في إنقاذ الوطن مما يتخبط فيه من أزمات، ومن المخاطر الزاحفة التي تحاصره من الداخل والخارج على حد سواء. وقد ارتأينا في الاطار، اختيار عينة من تلك القضايا والمشكلات، تشكل لائحة أولى لتنظيم انشطة حولها، في صيغة ندوات أو ورش عمل خلال الاسابيع المقبلة، آخذين بالاعتبار إمكانية تعديل البرنامج المقترح، في ضوء ما يمكن أن يستجد من تطورات سياسية أو احداث تستدعي المناقشة والحوار”.

وأعلن جدول المواضيع والقضايا المقترحة كالتالي:

أولا: الاستحقاقات الدستورية بين الانتظام ومخاطر التعطيل.

ثانيا: تسوية الطائف، الدولة الوطنية المفقودة ودويلات الطوائف.

ثالثا: موقع لبنان الاقليمي والدولي وسط التحولات وحروب التفكيك.

رابعا: الاصلاحات المطلوبة، دور القضاء في انتظام المحاسبة.

خامسا: مستقبل الاقتصاد اللبناني وخطة التعافي.

سادسا: التعليم الرسمي مصلحة وطنية مجتمعية.

سابعا: البيئة بين الاستباحة ومتطلبات الحماية.

ثامنا: تحديات استنهاض الحركة الديمقراطية والثقافية والنقابية.

وختم: “أما سائر القضايا والموضوعات المقترحة فتبقى قيد المتابعة وفقا للأولوية والامكانية وفي ضوء ما يراه الاطار مناسبا ومفيدا”.

وكانت مداخلات لعدد من الحضور.

Leave a Comment