مجتمع

الارتطام الجهنّمي، وفقدان كوابح الأمن الصحي

كتب الدكتور وهيب سلامه

دخل لبنان عامه الثالث على تفجّر الازمة المالية ـ الاقتصادية النقدية كنتيجة حتمية لسياسة التحاصص المذهبي والنهب المنظم والتدمير الذي اصاب مؤسساته ورهن مصيره وإقحامه في صراعات الدول والإقليم ..

كل هذا وأطراف سلطة الفساد تستمر في تغييب المؤسسات وتشل الإدارات مبتعدة عن تلمس خطوات جدية تضع البلاد في مصير معاكس للأنهيار عبر معالجة الخلل والبدأ بورشة إصلاح اداري سياسي اقتصادي  ينتشل الشعب من المصير الجهنّمي المحتوم  الذي بشّر به  رإس هرم الجمهورية المترنحة…!؟

هذة الجهنّم اكثر ما انعكست في الانهيار شبه الكامل للقطاع الصحي وغياب الأمن الاجتماعي والغذائي للمواطنين .

فسياسة الدعم الفاشلة التي مارستها السلطة الحاكمة والتي أطاحت بمدخرات اللبنانيين عبر تبذيرالاحتياطي النقدي المجمع في المصرف المركزي وهبوطه الى مستويات خطرة وهدر حوالي ال ١٩ مليار دولار على سياسات الدعم  الفاشلة من الاحتياطي والذي ذهب بمجمله الى جيوب مافيات التهريب والتجار في الدواء والمحروقات والغذاء، والمدعومة من الطبقة السياسية الفاسدة، هذه المافيات التي راكمت الثروات الطائلة ومن الجيوب – وعلى حساب الشعب – دون رادع قانوني او  وازع اخلاقي دافعة الناس الى تذوّق أصناف الذل والهوان والجوع والموت في المنازل دون دواء او قدرة على الاستشفاء…

وفي هذا الصدد كان لقرار وزير الصحة برفع الدعم الجزئي عن حليب الأطفال والأمراض المزمنة مضافاً الى فقدان أدوية علاجات الأمراض المستعصية والسرطانية اثره الفادح وتأثيرة الأخطر على حياة هؤلاء المرضى وذويهم الفاقدين للأمل والقدرة على الاستمرار وحتى البقاء على قيد الحياة…اذ ان رفع الدعم جعل من المستحيل على الغالبية العظمى من الشعب اللبناني الحصول على الضروري من الادوية المخصصة لعلاجات الأمراض المزمنة والتوقف عن استعمالها، مما يعرضهم لخطر الموت بسبب من اسعارها الخيالية التي تفوق الدخل الشهري لعائلاتهم. وكذلك الامر بالنسبة لاسعار حليب الأطفال  الرضع، وحديثي الولادة الذي ارتفعت اسعاره لأرقام خيالية بأكثر من عشرة  أضعاف: من ٩ آلاف ليرة لبنانية الى ثلاث وتسعون الف ليرة للعبوة من الحجم الصغير ٤٠٠غرام …؟؟

اما دواء “مرض السكري ” فقدارتفع سعره  من :٧٥ الف ليرة الى ٤٧٥ ألفا (Galvus met)  هذا ثمن عقار واحد علماً ان مريض السكري بحاجة على الأقل لعقارين او ثلاثة. وكذلك بالنسبة لأدوية القلب والشرايين ومميعات الدم ومخفضات الدهون، مما يزيد في اعباء الفاتورة الدوائية دون قدرة مداخيل المواطنين على التحمل..!؟

وفي الوقت الذي تتزايد اعداد المصابين بفيروس كورونا ورتفعع  اعداد الوفيات  في لبنان والعالم وخاصة بعد الكشف عن متحورات جديدة، بدأت بالظهور في عدد من الدول مستغلة الظروف المناخية مع تدني درجات الحرارة في الخريف والشتاء والأرقام المنخفضة لإعداد الغيرالملقحين في العالم الى حدود ال ٥٨ % وبأسباب متعددة منها:

١-عدم قدرة الدول والمجتمعات الفقيرة على الحصول على اللقاح مطلقاً او بكميات كافية.

٢- اتجاه الدول المنتجة  للقاح والغنية الى اولوية تلقيح شعوبها ومواطنيها.

3-تمنع فئات سكانية وبأسباب مختلفة (ثقافية،دينية،اجتماعية..)عن تلقي اللقاح.

٤ -تأثير التباطوء في حملة التحصين العالمية للمرضى والمصابين بالامراض المناعية، السرطانية، والمزمنة، التي أثرت وسرعت من ظهور متحورات جديدة ومقاومة للمناعة وذات طفرات متعددة وفي نفس الوقت. حيث تم تاكيد مخبري ظهور المتحور الجديد “أوميكرون”  الأسرع  انتشاراً، والاكثر  فتكاً وتهرباً من المناعة في عدة دول (جنوب أفريقيا، هونغ كونغ، بلجيكا، إسرائيل وغيرها العديد من الدول…) مهدداً الدول والاقتصادات المتهالكة بشبح الجائحة المتجددة وأهوالها الكارثية البشرية والاقتصادية ..!؟

٥-تأثير رفع اجراءات التباعد الاجتماعي على اعادة الانتشار الكثيف للوباء خاصة مع الحاجة الى اعادة الدوران للعجلة الاقتصادية وفتح أبواب الجامعات والمدارس للتعليم الحضوري مما يرفع من ارقام المصابين علماً ان اكثر الإصابات الجديدة سجلت عند الأشخاص  الغير ملقحين ومن الفئات العمرية الشابة.

في لبنان تبدو المخاطر اكثر جدية وإمكانية الانتشار الواسع للمتحورات الوافدة اكثر من متوفرة. وذلك بسبب انعكاس الضائقة المعيشية والأزمة  الاجتماعية الاقتصادية وسياسة رفع الدعم عن المحروقات والغذاء والدواء  وهجرة الاطباء والعاملين الصحيين  والارتفاع في الكلفة التشغيلية للمستشفيات وأقسام الكورونا. مما يعيق إمكانية العديد من  المستشفيات على الاستمرار ويضع البلد امام كارثة صحية خطيرة. وهذا ما كشفة رئيس جمعيات اصحاب المستشفيات الخاصة عن ان حوالي ٥٠ الى 60 مؤسسة استشفائية تتجه للأقفال بسبب من الصعوبات المالية والنقص الخطير في الموارد البشرية المستنزفة ..!؟

انطلاقاً  من خطورة الأوضاع على الصعد الحياتية والصحية والاجتماعية والاقتصادية والمالية  وامام هول الكارثة الصحية المهددة بالانفلات مجدداً صار لزماً العمل وبسرعة:

١-العمل على  تفعيل المكتب الوطني للدواء واعادة تشغيل المختبر المركزي.

٢-تأمين الدعم والحماية لمرضى الأمراض المزمنة والمستعصية والسرطانية وبسرعة وتوفير أدويتهم وبالأسعار المجانية وشبة المجانية تحسساً بالأوضاع الراهنة .

٣-اعادة تجهيز اقسام الكورونا بالمستشفيات لمواجهة اخطار الارتفاع بالمرضى والمصابين وبالجهوزية الكاملة .

٤-دعم العاملين الصحيين من اطباء وممرضين مادياً ومعنوياً وتأمين البدلات العادلة للأستمرار في خطا مواجهة الكارثة .

٥-الإسراع في استقدام اللقاحات وزيادة اعداد الملقحين اذ ان اكثر من ٨٠ % من المصابين الجدد هم من غير الملقحين -وتفعيل اجراءات الوقاية والحماية .

٦-الإسراع في تفعيل العمل الحكومي وليس رهنه للمواقف السياسية المحلية والإقليمية وإطلاق خطة إصلاح وانقاذ لاستعادة الدولة لمؤسساتها ووظيفتها بدءاً بدعم القضاء واستقلاليته وحماية الأمن الغذائي والصحي والاجتماعي للمواطنين

Leave a Comment