صحف وآراء

المتحولات في الاستراتيجية الاميركية في المنطقة بين ترمب وبايدن ـ الحلقة الأخيرة

الدكتور زهير هواري

الفلسطينيون وسط هذه المعمعة

عندما نأخذ في الاعتبار تصريح بايدن عندما كان نائب الرئيس أوباما بأنه “إذا لم تكن هناك إسرائيل، ربما كنا سنضطر لاختراعها لحماية المصالح الأمريكية” سيكون من الضروري عدم رفع سقف التوقعات من إدارة بايدن فيما يخص القضية الفلسطينية [1]. وهو ما تدأب عليه العديد من الحكومات والقوى العربية لدى حدوث أي تغيير في رأس هرم السياسة الاميركية  وعليه، لا أحد يتوقع من بايدن أو أي رئيس أميركي ألا يتصرف خارج أساس ما رواه بايدن عن قول والده له: “المرء ليس في حاجة لأن يكون يهودياً لكي يكون صهيونياً”.[2]

يفتح هذا على تاريخ من التعاطي الاميركي مع القضية الفلسطينية والتي جعلت منها “المالكة الحصرية” كوسيط لملف التفاوض بشأن هذا الصراع الذي أغرق المنطقة في لجة حروبه منذ قيام الكيان الصهوني وإلى اليوم. فالمعروف أن اميركا منذ منتصف الخمسينيات ورثت مع الاتحاد السوفياتي نفوذ  دولتي الاستعمار القديم بما هما بريطانيا وفرنسا في علاقاتهما مع دول المنطقة. واعتبرت السياسة الاميركية أن دعمها لاسرائيل بمثابة متراس لحجز المد الشيوعي عن التقدم الاستراتيجي نحو مصادر الطاقة النفطية في منطقة الخليج. لذلك وضعت مظلتها السياسية والأمنية عليها، وقامت بتزويدها بكل عناصر القوة من المساعدات المالية إلى أحدث الأسلحة التي استعملتها في حروبها مع الدول العربية المحيطة. انهار الاتحاد السوفياتي ومعه الكتلة الاشتراكية ولم تتغير السياسة الاميركية. بالطبع تتباين مواقف الرؤساء الاميركيين من هذا الصراع، لكن المحصلة كانت هي انهيار المفاوضات بما فيه الاتفاقات الفلسطينية – الاسرائيلية السابقة والتي استغرقت سنوات من الجهود الدبلوماسية والاجتماعات المتلاحقة في أكثر من مكان. لا يعود ذلك بالطبع لما يصفه البعض بأزمة الثقة بين الطرفين المعنيين أي الفلسطينيين واسرائيل، بقدر ما يعود إلى جذرية المشروع الصهيوني نفسه في فلسطين، والمنحى اليميني ليس على صعيد الحكم فقط، بل على صعيد المجتمع الاسرائيلي أيضاً. وهو ما يتغذى من الانهيارات العربية سواء على صعيد دول الطوق أو في الدائرة العربية الأوسع. التأزم السياسي وتواصل الزحف الاستيطاني هذا قاد دوماً إلى انتفاضات، آخرها تلك التي شهدها شهر أيار / مايو المنصرم 2021 والتي تدرجت من تظاهرات في حي الشيخ جراح والأقصى في مدينة القدس القديمة ، لتشمل الضفة الغربية واراضي عرب العام 1948 ، لتبلغ قطاع غزة عبر الاشتباك الصاروخي وغارات الطيران الحربي على المدينة والقطاع بما فيه من مؤسسات وبُنى تحتية.

والواضح أن التدخل الاميركي – المصري والقطري نجح في كبح جماح التصعيد خلال الفترة المنصرمة، ولكن هذا لا يعني التقدم ولو خطوة واحدة إلى الأمام. خصوصاً وأن الإدارة الاميركية ترث عن سابقتها اتفاقات أبراهام وجملة ما عبرت عنه ” صفقة القرن”، مع كل ما تخللها من عمليات تسويق لمشاريع على الصعيدين الداخلي، بما هو داخل واحد متفاعل لجهة احتدام الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، وعلى صعيد المنطقة العربية بما حمله من وعود واختراقات، هدفت إلى حصار الداخل الفلسطيني بالخارج العربي المتصالح مع اسرائيل والمطبِّع للعلاقات معها. وعليه، عملياً عاد هذا الملف  بعد نهاية عهد ترمب وتسليم مهامه إلى صهره  جاريد كوشنير وفريقه، إلى وزارة الخارجية الاميركية، بما يتضمنه من دعم لحل الدولتين ومواصلة التشجيع على التطبيع والإصرار على عدم القيام بأي ضم للأراضي. وسوف يسعى الفريق الاميركي للتواصل مع الفلسطينيين لإنهاء رفضهم لصفقة القرن، ولأن يكونوا على استعداد للمشاركة في المفاوضات مرة أخرى. ما يعني أن ما تحقق في عهد ترمب بات من ضمن المكتسبات الاسرائيلية التي تحرص على استمرارها، بما هي قرار نقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس. وقد اُتخذ هذا القرار الذي لم يجرؤ أي رئيس أمريكي سابق على اتخاذه في السادس من ديسمبر 2017، دعماً لإدعاء إسرائيل أن القدس هي العاصمة الأبدية لها. ما دفع السلطة الفلسطينية إلى قطع علاقاتها مع الولايات المتحدة الاميركية، كرد على هذا القرار. في أعقاب ذلك قامت إدارة ترمب في العاشر من أيلول/ سبتمبر 2018 بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية الموجود في واشنطن منذ عام 1994. ثم اتبعته في آب / أغسطس من عام 2018 بقرار إيقاف المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى – الاونروا. وكذلك المساعدات التي تقدمها للسلطة الفلسطينية والمجتع المدني الفلسطيني. ومن المعروف أن تلك الإدارة  سبق وأبدت ردة فعل على قرار منظمة اليونسكو بشأن إدراج البلدة القديمة في مدينة الخليل الفلسطينية ضمن قائمة التراث العالمي، ثم قررت الخروج من اليونسكو مع إسرائيل في يناير من عام 2019. وجرى تتويج ذلك كله بمشروع “صفقة القرن” كحل دائم للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي في كانون الثاني /  يناير من عام 2020 ، والذي أقل ما يمكن أن يوصف به أنه يجعل من المشروع الاسرائيلي مهيمنا بالمطلق على الاراضي الفلسطينية من جهة، وبمثابة قوة اقليمية رئيسية على صعيد المنطقة. وكل هذه المكتسبات حصلت عليها اسرائيل انطلاقاً من موقعها القوي على الأرض، وبالتأكيد برعاية واحتضان اميركي حتى باتت جزءاً من السياسة الاميركية.

على أي حال بات للرئيس بايدن  أكثر من 6 أشهر في موقعه، وأعلن أكثر من مرة أنه سيبذل جهوداً في اطار قضية حل الدولتين بين فلسطين وإسرائيل، وأن المساعدات التي قطعت في عهد ترمب ستعود مجدداً ، ما دفع إلى ارتفاع منسوب التفاؤل بين الفلسطينيين والعرب،  حتى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال إنه في حالة أوفت إدارة بايدن بوعودها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فسوف يكون من الممكن أن يتم تطبيع العلاقات بين البلدين. وترافق ذلك مع أحاديث عن عملية التمهيد للقاء بين عباس وبايدن دون أي معطيات جدية ملموسة بهذا الخصوص.

وقد جاء إعلان إدارة بايدن أنه سيتم مد الفلسطينيين بـ 15 مليون دولار مساعدات إنسانية لمكافحة السلالة الجديدة من فيروس كورونا، وقرارها في السابع من نيسان أبريل الجاري إرسال مساعدات تقدر بـ 75 مليون دولار من أجل تنمية قطاع غزة والضفة الغربية، و150 مليون دولار أخرى من أجل برامج الاونروا. كل ذلك يمكن اعتباره خطوات على طريق تطبيع العلاقات الثنائية. أما تصريح وزارة الخارجية الأمريكية بأن “احتلال إسرائيل للضفة الغربية وغزة ومرتفعات الجولان هو حقيقة تاريخية” الذي ورد في تقريرها لعام 2020، فيمكن تقييمه على أنه جزء من عملية التطبيع وتبيان حدود التغير الذي طرأ على السياسة الاميركية بما هو ثبات على الأمر الواقع الاحتلالي للضفة وغزة والجولان السوري. .

في المقابل، وعطفاً على تصريح الخارجية السابق، ذكر وزير خارجية بايدن، أنتوني بلينكن، أن الإدارة الجديدة ستواصل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. كما اعترض على إعلان المحكمة الجنائية الدولية، عبر قرار أصدرته في الخامس من شباط/ فبراير العام الجاري 2021، اختصاصها وصلاحيتها القضائية للنظر في الجرائم المرتكبة في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وبقية الأراضي الفلسطينية على يد الاحتلال الاسرائيلي. انطلاقاً من التصريحين السابقين يتضح أن إدارة بايدن لا ترغب في إفساد علاقاتها مع إسرائيل، وأنها لن تفي بما يقع على عاتقها من مسؤوليات تجاه القضية الفلسطينية بالمعنى الفعلي. بالإضافة إلى ذلك، عندما نأخذ في الاعتبار تصريح بايدن السابق عندما كان نائب الرئيس أوباما بأنه “إذا لم تكن هناك إسرائيل، ربما كنا سنضطر لاختراعها لحماية المصالح الأمريكية”، سيكون من الضروري عدم التفاؤل من إدارة بايدن فيما يخص القضية الفلسطينية. وعليه، من الضروري عدم توقع حدوث تغيير سياسي جذري فيما يخص هذه القضية في عهد بايدن. وما تطبيق إدارة بايدن لقرار إدارة ترمب بنقل السفارة الأمريكية للقدس على وجه الخصوص إلا مؤشر هام على هذا الوضع. في المقابل، من المتوقع أن تخف حدة الموقف المتصلبة تجاه فلسطين الذي تم تبنيه في عهد ترمب، وأن تتم العودة جزئياً إلى وضع ما قبل عهده [3].

وتبعاً لذلك يمكن الجزم أن رؤية بايدن وفريقه تنطلق من اعتبار أن بعض ما جاء في “اتفاق إبراهام” و”صفقة القرن”، يعني “استمرار ميل التطبيع بما يخدم مصالح عموم الأطراف المشاركة بما في ذلك السعودية، الساعية لتقليص التوتر مع إدارة بايدن، التي لن تسارع إلى الاستثمار في استئناف المسيرة السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لأن احتمالات نجاحها متدنية، ومع ذلك يسعى بايدن لاستعادة مكانة الولايات المتحدة كوسيط ، وإعادة حل الدولتين، وربما يعمل على إيجاد صلات بين المراحل التالية للتطبيع وبين الالتزام العربي في السياق الفلسطيني، مثل اشتراط العلاقات بالامتناع عن خطوات من طرف واحد (المستوطنات)”.

ويلفت افنتيال إلى أن “إسرائيل قوية مع حدود آمنة هي مصلحة أميركية، وبجانبها دولة فلسطينية قابلة للعيش، ولذلك ستعارض الإدارة خطوات من طرف واحد، مثل ضم وتوسيع المستوطنات والتحريض، وستستأنف العلاقات الدبلوماسية مع مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، إضافة إلى قنصلية في شرق القدس ومساعدة اقتصادية للسلطة الفلسطينية وغزة”.

ويحدِّد الخبير الإسرائيلي نفسه موقف “إدارة بايدن بالعمل على وضع استراتيجية وسياسة تجاه الشرق الأوسط، تضطر فيها للمناورة بين التوترات والمصالح المتضاربة والحذر من ألا تلتصق به صورة أوباما المتصالحة مع الأعداء والمغتربة عن الحلفاء، كما سيختار بايدن خطاً وسطاً؛ فلن يتجاهل مثل ترمب السلوك الإشكالي للدكتاتوريين، ولكن سيضع أمامهم مطالب أقل من تلك التي وضعها أوباما”. [4]

وتبعاً لذلك “سيكون لموقف إسرائيل في هذا السياق وزن وتأثير على القرارات التي تتخذ والاتجاهات التي يتم اختيارها. ومن هنا فإن أي خطوات آحادية الجانب من إسرائيل سيعتبرها بايدن تقييداً له ما سيؤثر على قدرة تل أبيب في التأثير على عملية تصميم سياسته في الشرق الأوسط” [5].

اذن من المرتقب أن يسعى بايدن لإعادة التواصل مع الفلسطينيين، رغم أنه من المرجح ألا يكون هناك اختلاف كبير في سياسته حيال هذا الملف، إذ إن بايدن أعلن صراحة أنه لن يتراجع عن نقل السفارة إلى القدس. فحسب معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية “من غير المحتمل أن تكون هناك عودة كاملة إلى الوضع السابق” في هذا الملف، ولكن “هناك أمل في أن يصلح (بايدن) على الأقل أكثر ما أفسدته حقبة ترمب، مثل تجديد المساعدة الأميركية للفلسطينيين وإعادة فتح البعثة الفلسطينية في واشنطن، والعودة إلى مسألة حل الدولتين التقليدي”. أما “عندما يتعلق الأمر بإسرائيل والفلسطينيين، فإن معظم الحكومات الأوروبية ستستقبل إدارة بايدن بارتياح شديد” [6].

يمكن القول على الإجمال أن المشكلة الحقيقية التي تواجه هذه الإدارة هى عدم وضوح الأهداف الأميركية في الشرق الأوسط. فمن غير المعروف بالضبط ما هى الأهداف التي تسعى لتحقيقها في المنطقة، بعد أن تراجعت أهمية النفط ، وأصبحت إسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها.  إن مشكلة إدارة بايدن تكمن في أنها تتعامل مع أزمات الشرق الأوسط كل على حدة، وتفتقر إلى مبدأ ناظم ورؤية متماسكة تقيم صلة بين هذه الأزمات. لقد خلَّف غياب الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط خلال أغلب العقد الأخير فراغاً حاولت قوى إقليمية، خاصة تركيا وإيران، شغله، وانضمت إليها في هذا المسعى روسيا، التي تحولت إلى لاعب رئيسي في شؤون المنطقة، فهل تستطيع الإدارة الأميركية الجديدة استعادة زمام القيادة والمبادرة في منطقة ملتهبة شديدة التعقيد، بينما تخشى من تورطها في شؤونها؟.[7]

سياسات التهجير والضم

ما تعيشه القدس ومحيطها من هجمة استيطانية بات أحد ثوابت السياسة الاسرائيلية مستندة إلى تمزق الموقف الفلسطيني نفسه، وغياب المواقف العربية والدولية الكابحة له. وهو ما كان في صلب الانتفاضة الأخيرة فضلاً عما سبقها من انتفاضات. لكن الأمر لا يقتصر على هذه المدينة التي يتكثف فيها الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، إذ يتجاوزها إلى الضفة الغربية وما يعرف بالمناطق (ج) وهي الأراضي التي أعطى اتفاق أوسلو بين “منظمة التحرير الفلسطينية” وحكومة الاحتلال عام 1993، السيطرة الأمنية والمدنية الإدارية عليها للاحتلال، وهي تشكل قرابة 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية. والمعروف أن تلك الاتفاقية قسمت الأراضي الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام؛ ليكون القسمان الآخران هما المناطق (أ) التي تخضع للسيطرة الفلسطينية الأمنية والمدنية، والمناطق (ب) التي تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية وسيطرة مدنية وإدارية فلسطينية.

في غضون ذلك تتابع اسرائيل سياسة الهدم، على وقع مسيرات للمستوطنين في مناطق متفرقة من الضفة الغربية وتحديداً في المناطق (ج)، تدعو حكومة نفتالي بينت إلى هدم منازل الفلسطينيين، ما يهدف في المحصلة إلى إبقاء المناطق (ج) فارغة من الفلسطينيين قدر الإمكان. تلك المناطق بالتحديد، هي التي كان مشروع الضم الذي طرحه رئيس وزراء الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو العام الماضي، يستهدفها، وقد هدم الاحتلال فيها 294 منزلاً ومنشأة منذ بداية العام الحالي، إضافة إلى هدم 84 منزلاً ومنشأة في القدس المحتلة، بحسب إحصاءات “هيئة مقاومة الجدار والاستيطان” الفلسطينية.

ويقول المدير العام للنشر والتوثيق في الهيئة، قاسم عواد، إنّ “معظم عمليات الهدم استهدفت التجمعات الفلسطينية في المناطق (ج)، وتركزت في الأغوار الشمالية.و يقول المدوّن والمختص بالشأن الإسرائيلي، محمد أبو علان، إن “استحداث الإدارة المدنية الاسرائيلية التي تتبع جيش الاحتلال يشير إلى مسألة هامة وهي أنّ مناطق (ج) هي على سلّم أولويات حكومة بينت. ومن الأهداف المهمة لها العمل على تجفيف الموارد المالية للسلطة الفلسطينية التي تستخدم للعمل والبناء في مناطق (ج)، فهي ستبذل جهوداً لدى الاتحاد الأوروبي لتجفيف المال عن مشاريع في هذه المناطق. من جهتها، تؤكد المديرة العامة للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار”، هنيدة غانم، أنّ استحداث هذا الجسم يعني أن هذه الهيئة الإسرائيلية ستعمل كذراع شبيهة لمنظمة “ريغافيم” الاستيطانية، وهي منظمة يمينية وظيفتها مراقبة البناء في المناطق (ج) في الضفة الغربية، إضافة إلى النقب في جنوب فلسطين المحتلة عام 1948، مضيفةً أن هذا الجسم يهدف للتأكد من عدم وجود بناء فلسطيني في تلك المناطق، لتكون مستقبلاً تحت السيطرة الإسرائيلية.

بدوره، يؤكد مسؤول ملف التخطيط في المناطق (ج) ومدير دائرة المساحة والخرائط في وزارة الحكم المحلي الفلسطينية جهاد ربايعة، أنّ “وزارة الحكم المحلي ستستمر في تنفيذ المخططات الهيكلية في المناطق (ج)، وفق سياسة بدأت في العام 2011، وشملت حتى الآن تجهيز 130 مخططاً هيكلياً لتجمعات في المناطق (ج)، تم تنفيذ 90 مشروعاً منها، من شق طرق، وتجهيز خزانات مياه، وإقامة مدارس، من دون انتظار موافقات إسرائيلية”. ويؤكد ربايعة أنّ “التخطيط في المناطق (ج) لن يتوقف”، واصفاً مصطلح “جمع معلومات استخبارية” عن البناء في تلك المناطق والذي ورد كأحد أهداف الهيئة الإسرائيلية الجديدة بأنه “مصطلح لغايات سياسية فقط، وآلة الهدم كما هي لم تتوقف”.[8]

خلاصات سريعة

بعد هذا العرض التفصيلي يمكن الخروج بخلاصات أولية سريعة مفتوحة على المزيد من التدقيق، أبرزها التالية:

  • إن سياسة بايدن وإن كانت تختلف عن سياسة ترمب، الا أنها تتقاطع معها في العديد من النقاط، ما يعني أن هناك ثوابت اميركية محورها أمن اسرائيل ودورها وعنها تتفرع الكثير من السياسات والعناصر.
  • إن السياسة الاميركية تضع القضية الفلسطينية بما هي قضية صراع مفتوح في موقع متدنٍ من اهتمامها على الصعيدين الدولي والاقليمي الذي تحتل قضية المفاعلات النووية والصواريخ البالستية والتمددات الايرانية موقعه الرئيسي.
  • يمكن القول إن الساحات الإضافية الملتهبة في المنطقة ( الخليج العربي والعراق وسوريا ) هي في مواقع أولوية أيضاً، وهي بالطبع معطوفة على أولوية الأولويات الاميركية بما هي الصراع مع الصين وروسيا.
  • إن عودة قسم من المساعدات الاميركية لكل من منظمة التحرير والاونروا لم يعبر عن دينامية اميركية سياسة جديدة، تضع اسرائيل في موقع التعرض لضغوط جدية ترغمها على القبول بحل الدولتين والاعتراف بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطينية.
  • من المؤكد أن تتابع اسرائيل سياستها على صعيدي الاستيطان والتهويد في الضفة الغربية والحصار لقطاع غزة مستفيدة من أوليات التوجه الاميركي نحو الصراع مع الصين وايران.
  • ليس أمراً جديداً أن تتمكن اسرائيل أن تلوي عنق السياسات الاميركية بما يخدم مصالحها التوسعية، فقد تحقق ذلك في عهود كل من كينيدي وبوش الأب وأوباما، وكانت النتائج مفاوضات مفتوجة دزن نتائج ودون أفق لحل عادل يضمن حققو الشعب الفلسطيني.
  • إن ضعف الموقف العربي مزدوج، فهو من جهة أولى فلسطيني – فلسطيني نتيجة التشرذم والصراعات الفئوية والفصائلية وغياب البرنامج الموحد ، ومن جهة ثانية عربي – عربي في ظل التفكك وانهيار الكيانات وتشظيها، بما يضع احتمالية وإمكانية ممارسة الضغوط على الولايات المتحدة والصراع مع اسرائيل في موقع ضعف بالغ الهشاشة.
  • إن على الفلسطينيين وعلى العرب بطبيعة الحال إعادة تقييم مواقفهم بما يقود إلى تحديد الممكن والمستحيل من السياسات التي يتوجب اعتمادها في ظل المنعطف الذي أحدثه وصول بايدن إلى موقع المسؤولية الأولى في اميركا.
  • المؤكد أن جذرية المشروع الصهيوني وعنصريته ستظل بمثابة العائق الأساس أمام أي مشروع حل . واذا لم يجرِ كسر هذا العائق، فمن المتعذر الوصول إلى حلول لمعضلة الصراع على أرض فلسطين ،حيث هناك محتل واراضٍ محتلة ومستهدفة مع الشعب بالاستيطان والترحيل.

[1] –  بي بي سي  العربية في 16 مايو / أيار 2021 .

[2] –  الاندبندنت عربية / الأربعاء 18 نوفمبر 2020

[3] – موقع سيتا / 26 نيسان / أبريل 2021

[4] – غزة- عربي21- 5 كانون الثاني/ يناير  2021 مصدر سابق.

[5] – غزة- عربي المصدر نفسه ،21- 5 كانون الثاني/ يناير  2021

[6] –   الوكالات في 09/11/2020

[7] –  اتجاهات السياسة الأمريكية تجاه قضايا الشرق الأوسط في عهد بايدن – مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (ahram.org.eg)

[8] – العربي الجديد 28 حزيران / يونيو 2021

Leave a Comment