مجتمع

كورونا الفساد في الجامعة اللبنانية!

وهذا القرار أدى الى إقصاء أهم أطباء الكلية المعروفين بنزاهتهم ومهنيّتهم وجهدهم لإنتاج معرفة ومناهج أكثر تطوّرًا. فمن اعتاد أن يصل بوساطة حزبيّة، على أساس المحاصصة كأمر واقع، يكرّس ذلك في التعيينات التي يجريها في هذه المؤسسة الاكاديمية.

وصل فيروس كورونا الى لبنان، وسط تفاقم الأزمات المحليّة. ما كان ينقصنا الا زيارة فيروس عالمي، لم تستطع أن تتصدى له الدول الكبرى، فكيف حالنا في ظلّ حكومة وسلطة لم تفلح في التصدّي لأي أزمة محليّة. وكما اعتادت حكوماتنا المتتالية تترك الأزمات قنابل موقوتة دون حل، بات فيروس كورونا قنبلة جاهزة لتنفجر في أي لحظة وتخرج عن السيطرة.

الحال في الجامعة الوطنيّة ليس أفضل، فطلّابها الذين يبذلون أنفسهم في كلّ لحظة لخدمة المجتمع، والذين يشهد تاريخهم لوقفاتهم النضاليّة، لا تزال معاناتهم تتفاقم. الجامعة اللبنانية ليست الا مرآة تعكس صورة البلد وما يعيشه من أزمات سياسية واجتماعية وطائفيّة، إضافة إلى التعيينات الزبائنيّة والتي تتخطّي القوانين في مباريات دخول كليات محددة وفقًا للحسابات الطائفيّة، أو في التوظيفات بدءاً من الرئيس إلى مديري الكليّات والاقسام وصولاً للموظّفين العاديين. فمنذ أيّام صدر عن رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب قرار قضى بتعيينات جديدة لمديري الاقسام في كلية العلوم الطبيّة. وبالتأكيد أتت هذه التعيينات استناداً الى انتماءات طائفية وحزبية لم يتمتع المعينون بموجبها بالخبرة الاكاديمية التي كان يتمتّع بها من سبقهم، وهذا القرار أدى الى إقصاء أهم أطباء الكلية المعروفين بنزاهتهم ومهنيّتهم وجهدهم لإنتاج معرفة ومناهج أكثر تطوّرًا. فمن اعتاد أن يصل بوساطة حزبيّة، على أساس المحاصصة كأمر واقع، يكرّس ذلك في التعيينات التي يجريها في هذه المؤسسة الاكاديمية.

وهيمنة مثل هذا الوضع على الجامعة اللبنانية والتغاضي عن قضايا الطلاب، ليس بالأمر الجديد، ولكن الجديد هو تفاقم هذه الأزمات مع تسلّم أيّوب رئاسة الجامعة اللبنانيّة، فمن يفترض به حماية الجامعة، يقمع أصوات المعارضين أو من يسلّطون الضوء على ملفات الفساد، هذا قبل ان يتسابق على كسر رقم قياسي في رفع دعاوى قضائية أمام القضاء اللبناني الذي يعاني بعضه من فيروسات النفاق والمحسوبيّات. وكأنّ ما سيكتب في انجازاته غداً محصور في عدد الدعاوى، وفي بياناته وقراراته التي لم تثر سوى الغضب في صفوف الحريصين على مصلحة الجامعة الوطنية.

ومثل هذه الظاهرة الراهنة تشكّل تهديداً وخطراً على الجامعة اللبنانيّة، وهناك دواعٍ كثيرة للهلع، حول مصيرها ومستقبل طلابها. وعليه فقد كان الأجدر بالذين وعدوا وتعهّدوا بمكافحة الفساد، التخفيف من خطابات التخوين لمناضلي انتفاضة 17 تشرين، او ضدّ كلّ من يرفض سياسات المحاصصات، أو التفكير بعمل جدّي لمقاطعة الدول الخارجية، البدء بتنفيذ وعودهم وإحلال الكفاءة في رئاسة الجامعة اللبنانية بدل المحاصصة، التي تقود إلى مراكمة ملفّات الفساد في الجامعة الوطنيّة. وبناءً عليه، يبقى من الضروري تجديد النداء حول دور الهيئات الطالبية وأهميّة وجود هذه الكتلة الوازنة وتفعيلها لحمل قضايا الجامعة اللبنانية، وألا تبقى رابطة الأساتذة المتفرغين متفرجة ومكتوفة الأيدي، فلا تُسمعنا صوتها ومعارضتها للسلطة الحاكمة الا عندما تمسّ درجات ورواتب أعضائها، في حين أنّ التغيير في الجامعة اللبنانية يبدأ بتشكيل حركة نقابية فاعلة مستقلّة قادرة على رفع رايات الاصلاح وإعلاء صوتها في وجه الفساد المقيم في حرم الجامعة الوطنيّة.

[author title=”جويل عبد العال” image=”http://”]إعلامية لبنانية[/author]