مجتمع

معركة إنتخابات نقابة المحامين بين المستقلين والأحزاب

 كتب محسن زين الدين

ليست المرة الأولى التي تتسم فيه إنتخابات نقابة المحامين بالحماسة والتنافس بين مرشحين يسعون في برامجهم الإنتخابية إلى إقناع زملائهم بإنتخابهم سبيلاً لخدمة النقابة وتطورها. لكنها هذه السنة تملك ميزة خاصة، أكان لناحية كثرة المرشحين لمركز عضو أو نقيب، اذ بلغ عددهم أكثر من أربعين مرشحاً لمركز عضو وتسعة مرشحين لمركز نقيب، أو لكثرة المراكز الشاغرة وعددها تسعة بدلاً من أربعة (كالعادة) بمن فيهم النقيب بسبب تأجيل الإنتخابات السنة المنصرمة خلال تفشي جائحة كورونا.

ولا عجب أن يحتدم التنافس الحاد هذه السنة بين المحامين المستقلين الذين يسعون لإستعادة قرار النقابة الحر، وبين الأحزاب التي ما زالت تحاول إدخال مرشحيها بشكل مباشر في اللعبة الإنتخابية النقابية علّها تحقق إنتصارات سياسية على حساب إنتخابات نقابية، بدلاً من ترك الحرية المطلقة للمحامين أيا كانوا حزبيين أو مستقلين بإختيارالمرشح الأنسب لنقابتهم ومستقبلهم المهني.

كثيرة هي الأسئلة التي تحملها إنتخابات نقابة المحامين التي ستجري في 21 تشرين الثاني 2021 أبرزها :

ما هو دور المحامين المستقلين في إنقاذ نقابتهم ؟

ولماذا يمتنع البعض عن المشاركة في الإنتخابات ؟

وهل مزاج المحامين أصبح بعيداً عن الهمّ الإنتخابي؟

وما هو دور المحامين المنضوين تحت غطاء المجتمع المدني أو ” الثوار “؟

وما هو مستقبل النقابة وماذا يقدم المرشحون لها وللمحامين، لا سيّما بعد المناظرات الحاصلة بينهم؟

هموم المحامين كثيرة ـ مستقبل المهنة ـ لقمة العيش ـ التأمين الصحي ـ العلاقة مع القضاء ـ مكافحة الفساد ـ وقضايا وطنية حدث ولا حرج.

تسعة مرشحين لمركز نقيب المحامين في بيروت وهم حسب بيان النقابة كالتالي:

عبدو لحود، إسكندر نجار، رمزي هيكل، ميشال عيد، وجيه مسعد، فادي بركات، مطانيوس عيد، ناضر كسبار وموسى خوري.

كلهم يتنافسون لتبوؤ مركز النقيب حاملين معهم برامجهم الإنتخابية. و منها ما يدور في فلك التقليد المعروف، ومنها ما يحمل معه تطوراً وتطويراً للنقابة.

أما السؤال المطروح فهو حول مزاج المحامين المستقلين الذين في كل مرحلة إنتخابية ينتفضون قبل الإنتخابات النقابية بغية إبعاد النقابة عن سيطرة الأحزاب وتسلطهم على قرارها، لنرى أن هذه الأحزاب تدخل نفسها في تحالفات غالباً ما تكون مؤثرة في اللعبة الإنتخابية أكثر مما يحلم به المستقلون. فهل مزاج المستقلين فعلاً ينصب هذه المرة على تضافرهم وحضورهم الكثيف لإعادة النقابة إلى ميزتها المعروفة التي تجمع الجميع ولا تفرق بين محام وآخر، بعيداً عن لعبة الأحزاب السياسية ومصالحهم داخل النقابة وخارجها.

وماذا أيضاً عن المجتمع المدني والتحالفات النقابية المتعددة في هذا المجتمع

وهل يمكن أن يكون للمجتمع المدني نظرة تختلف عن نظرة المستقلين في قيادة النقابة؟

أما المرشحون لمركز النقيب وعددهم تسعة كما قلنا فكلهم يحاول التلطي وراء عبارة “أنا مستقل” أي غير حزبي. ويطلقون عبارات أنهم لا ينتمون إلى أي حزب وغير مدعومين من أي حزب. وبالفعل هناك مرشحين حزبيين بشكل واضح لمركز نقيب، وهم معروفون من قبل المحامين. كما أن هناك مرشحين مدعومين من الأحزاب علناً، إما عن طريق الدعم المباشر أو عن طريق تسميتهم من قبل الأحزاب نفسها.

وفي المناظرة التي حصلت بين المرشّحين لمركز نقيب، أسهب كل مرشح في طرح برنامجة الانتخابي، والذي قد لا يختلف عن برامج سواه من المرشحين.  وإذ تأكدت  استقلالية بعضهم، فإن ادعاءات الآخرين كانت منها براء. الأمر الذي يضع  جمهور المحامين أمام صعوبة التمييز بين الحزبيين والمستقليين خاصة من هم غير معروفين من ناحية، وفي ظل تشابه البرامج من ناحية ثانية . بالاضافة إلى تفاوت الامكانات لخوض المعركة الانتخابية بين الجهات المنظمة، سواء كانت من أهل السلطة أو المدعومة منها، أو من بعض  مجموعات المجتمع المدني التي تدعي المعارضة  والاستقلال عن السلطة، وسط تجاهل تام للمستقلّين الذين يكتفون بسلاح البرنامج  والمناقبية وسيلة للفوز باصوات زملائهم، في محاولة منهم لكسر الروتين النقابي الذي أصبح مستهلكاً ومتهالكاً بفعل التطورات الحاصلة على الصعيد النقابي والتكنولوجي، كما على الصعيد الوطني. لا سيما وأن مزاج المحامين لم يعد ينسجم مع إختيار الطاقم القديم من الذين تولوا عضوية مجلس النقابة.

أما بعد فإن نقابة المحامين هي أم الحريات العامة في لبنان، والمدافع الأول عن الحق والإنسان أينما كان، فهل ينجح المستقلون في إختيار نقيب وأعضاء مجلس نقابة منسجمين فيما بينهم لقيادة النقابة نحو الأفضل: هذا الأمر متروك للصندوق الإنتخابي نهار يوم الإنتخاب الطويل في 21 تشرين الثاني 2021

 

 

 

 

Leave a Comment