مجتمع

ليكن 30 آب يوماً للتضامن مع المفقودين لا لخيانتهم.

إنّ تخصيص الأمم المتحدة يوم 30 آب لضحايا الفقدان والإخفاء القسري هو لشجب هذه الجريمة وحثّ الحكومات المعنية على كشف مصائرهم لا لوقوع مفقودين جدد كما هو الحال في لبنان.

أتى هذا اليوم العالمي متّشحاً بالسواد جرّاء سلسلة المجازر البشرية الناتجة عن الإهمال الرسمي والفساد المستشري في ظل غياب الرقابة والمحاسبة.

ففي 15 من آب الجاري، استيقظنا على رائحة حريق،  طالت نيرانه  أجساد مجموعة من إخوتنا في بلدة “التليل” العكارية .. حصدتْ هذه المحرقة العشرات بين قتلى وجرحى ومفقودين كانوا يسعون وراء حفنة من البنزين من براثن الكارتيلات والاحتكار.

إنها جريمة جديدة تضاف إلى مقتلة 4 آب 2020 التي حصدتْ المئات من القتلى والآلاف من الجرحى والمعوّقين والمفقودين والمهجّرين، وما تزال السلطة، بقضّها وقضيضها، تمنع مسار التحقيق  كي لا تأخذ العدالة مجراها.

 تعدّدت الأسباب والموت واحد والمسؤول هو ” ما غيرو”.

إنّ وقوع مفقودين جدد عمّقَ جرحنا الذي لم يندمل منذ 46 سنة (عمر الحرب) ووسعّ دائرة الفقدان لتشمل، الحقيقة المفقودة، العدالة المفقودة ، المحاسبة المفقودة .. الأمن المفقود، الماء، الدواء، العلم، الخبز.. والحرية المفقودة … وصولاً الى الكرامة المفقودة.

معادلة 30 آب 2021:  كلّنا ضحايا والمجرم واحد.

فلنُعد النظر في القناعات وواقع الحال.. لنعاود التبحّر والتفكير العاقل لالتقاط أول الخيط المؤدي إلى الخلاص والخروج من هذه المتاهة المعقّدة الموجعة.

وبما أنّ لجنة الأهالي – ومنذ انتزاعها القانون الذي كرّس حق العائلات بمعرفة مصير ذويها – لم تتوقّف عن متابعة نضالها من أجل فرض تطبيقه، وعياً منها أن ذلك يشكّل المدخل الإلزامي لإرساء السلم الحقيقي. لذا، لا بدّ  من تكثيف وتضافر الجهود لإزالة كل ما يعترض سبيل عمل الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً من تحدّيات وعراقيل إضافية مفتعلة كي تستطيع القيام بالمهمة التي أوكلها إليها القانون المذكور.

لـكلّ ما تقدّم، نطالب السلطات المعنية الإسراع باتخاذ الإجراءات الملحّة التالية:

  • تعديل مرسوم تشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً لجهة تعيين أربع أعضاء بدلاً عن المستقيلين. ونحذّر من التباطؤ بحجة أن الحكومة في وضعية تصريف أعمال، والتناسي أنه سبق وعُدّل هذا المرسوم  بموافقة استثنائية من رئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال.
  • تخصيص مقر لهذه الهيئة الوطنية كي تستطيع القيام بعملها على أكمل وجه وحتى لا تبقى “مهجّرة” تتنقّل بين مكاتب صديقة لقضية المفقودين.
  • إعطاء المساهمة المالية للهيئة الوطنية المنصوص عليها في  القانون.

إن  صوتنا سيبقى أعلى من أي صوتٍ معرقل، وأقوى من أية حجة مُختَلقة، وأننا لن نسمح  لأي كان بالالتفاف على القانون في محاولة مكشوفة لإبقائه حبراً على ورق . 

كفـى مماطلة.. كفـى استخفافا بحقّنا بمعرفة مصير أحبائنا..

 كفـى خيانة للوطن وناسه.

٣٠ آب ٢٠٢١

Leave a Comment