سياسة مجتمع

كي لا يضيع الوطن

د. إبراهيم فرج

صور ـ 27 تشرين الثاني 2023 

خمسون  يوماً، كشوطٍ أوّل، على بدء العدوان الصهيوني على غزة والضفة الغربية، وسط إنفلات همجية العقيدة الصهيونية من عِقالها والتي داست، أكثر من العادة، كل المحرّمات والقرارات والدساتير  والممنوعات فدمرت على كل ما وصلت إليه شراستها:  مستشفيات وحضانات ومدارس ووسائل إعلام وفرق إنقاذ وإسعاف وأبنية سكنية ومؤسسات وأفران وخزانات وقود ومياه ومولدات  وبنى تحتية حياتيْة .. الخ مع تغطيةٍ عالميةّ رسمية واسعة بالصمت والتسهيل لم يخرقها سوى صوت الأحرار على امتداد العالم الشعبيّ الذي هاله (رغم أزماتِه الخاصة) ما وصل إليه عبر وسائل التواصل، من تداعياتٍ ارتكبتها آلة الحرب الصهيونية المدعومة والمجازة من جميعِ حلفائها.

في ظلّ هذه “الهدنة” الهشّة ولإستشراف المرحلة المقبلة لا بدّ من خلاصات أوّلية وصياغة أسئلة بعيدة عن الأوهام والتبسيط  والإستعجال:

– إعلان “هدنة إنسانيّة”(صيغ على عجل تحت وطأة المجازر) لا يعني “هدنة دائمة” ولا يعني وقف العدوان. الإمور مفتوحة وغير مقفلة.

ـ من أهم مقومات نجاح الحرب الوطنية هو تجاوز الإنقسام الأهلي والتمسّك باستقلالية القرار الوطني الذي يُقيس المصلحة والمسار والنتائج والأرباح والخسائر في أي جولة من جولات الصراع.

– من يُقاتل ويناضل ويصمد يتولّى هو التفاوِض بشكلٍ أساسيّ وضمن رؤيه سياسية واضحة (ضمنها تبادل أسرى ووقف إطلاق النار وفك حصار..) تتوخى حصد الإنجازات الفعلية على طريق التحرر والإستقلال ومن المفترض أن يكون التراكم  أقلّه بحجم التضحيات أو أكبر منها بكثير..!!

في الأسئلة:

ـ ما هي حصة فلسطين، قضيّة وتمثيلاً سياسيْاً، من الإتفاق الذي تمّ بضغط ودور فاعل لِدول إقليمية في ظلّ غياب الدور السياسي وفقدان الموقف الفلسطيني الواحد المُوَحَد؟

ـ ايّ دور لنا كبلد ونحن خارج أي تفاوض(!) وأي اتفاق هدنة سيسري علينا كلبنانيين بعد “إشغالنا” لِبال العدوّ وشلّ اقتصاده في الجبهة الشمالية؟ وكيف لنا أن نبني حساباتنا في الهدنة والحرب ونحن لسنا مقرّرين فيهما؟

– ما هي خسائر اللبنانيين والبلد، لتاريخِهِ، على كل الأصعدة؟ وهل ستُلحظ التعويضات في خطة الطوارىء ( الرسمية على الورق) وغير الرسمية “المُبهمة والسرّية”؟

ـ كيف ستكون الساحة الجنوبية، التي عاد وضعها الى ما قبل ١٩٨٢، بعد استعمالها كمنصة رشقات صاروخية من قبل أطراف متعددة في الإقليم؟ ما مصير القرار ١٧٠١؟ من يضمن استمراريته من الأطراف التي دخلت على ساحتِه؟ ما مصير اليونيفيل بعد العدوان العسكري الصهيوني وبعد إخلاء سبيل المتهمين بحوادث إطلاق النار على عناصره الإيرلندية وغيرها وتكبيل حركتهم…!

ـ إلى متى تتابع المنظومة نهبها وتدمير البلد بشكلٍ ممنهج عبر تكريس سياسة المحاصصة وتفريغ المؤسسات وتعطيل دورة الحياة السياسيّة وتسليم البلد لمصيرٍ مجهول والتخليّ عن مسؤوليتها تجاه اللبنانيين مستفيدةً من مناخِ الإفلات من المساءلة والعقاب؟ هلّ من سَرق ونهبَ وأذلّ اللبنانيين وأفقرهم  ودمْر بلدهم في مرحلة “السلم الأهلي” هو المُخوّل أن ينظّم شؤون صمودهم في حال اندلعت حرب وطنية شاملة على البلد وألغيت “قواعد الإشتباك”؟

اللبنانيون ضائعون بين اللا قدرة على الفعل واللامبالاة والبحث عن الهجرة ولقمة العيش والدواء..

إطالة ضياعهم لا يزيد إلاّ من فُرص إضاعة الوطن.

Leave a Comment