مجتمع

عن عدنان حلواني ويوم 24 أيلول

كتب محسن زين الدين

حتى فجر يوم ٢٤ أيلول من سنة ١٩٨٢، كان عدنان حراً في مدينته وبيته ومع عائلته .
لكن جلادي الحرية في نهار ذلك اليوم لم يرق لهم، ان يبقى عدنان حراً، مناضلاً  من اجل حرية بيروت المدينة، مدينته. وحرية لبنان الوطن، وطنه. حرية اغتصبها العدو بالغزو والإحتلال، عاونه في ذلك بعض ممن يُفترض ان يعيدهم الاحتلال الى حضن العيش اللبناني المشترك .
في نهار ذلك اليوم، طرق جلادو الحرية، باب عدنان وطلبوا منه بلهجة الآمر “اللطيف” ان يرافقهم لبضع ساعات. زوار نهار ذلك اليوم هم أنفسهم زوار الليل وزوار الفجر وزوار الخلسة. جاءوا عدنان ذلك النهار لان الاحتلال أعارهم ضوءاً لإنارة طريق عتمتهم وظلامهم وظلمهم إلى عدنان .
ادرك عدنان أن حريته هدفهم، وأن فكره غنيمتهم، وأن نضاله هو سبب ثأرهم منه وانتقامهم، وادرك ان ذلك لا يستقيم لهم الا بتغييبه .
عدنان كان يستطيع أن يتمنع عن مرافقتهم، كان يستطيع أن يقاومهم باليد العزلاء، وبالسلاح إن أراد أيضاً، كان يمكن أن يصرخ في وجوههم، وكان يمكن أن يرفع صوته في وجوههم جميعاً . أنا حرٌ وانتم عبيد .
كان يستطيع كل ذلك وأكثر، لكنه بحكمة الوعي الذي يمتلك، والحب الذي يحتل كل ما فيه لعائلته، للشريكة والحبيبة والزوجة والرفيقة وداد، ولولديهما. وكي لا يندفع جلادو الحرية وزوار الخلسة على الإقدام على أذية عائلته تهديداً له وضغطاً عليه، آثر ان يرافق جلاديه، وهو يعلم جيداً أن الرحلة معهم سوف تطول وقد لا تنتهي .
عدنان منذ ذلك الوقت، وهو مغيب بالاختطاف قسراً. والذين غيبوه، عادوا الى التستر بظلام ليل حالك، لا يستطيعون أن يجاهروا بفعلتهم. ورغم كل الطلاء الذي يحاولون تغطية فعلتهم هذه وأفعالهم المشابهة به، فانهم معروفون بجريمتهم وجرائمهم المشابهة تجاه اخوتهم في الوطن. وهم بجريمتهم ليسوا أقل جرماً من جريمة اخوة يوسف بحق يوسف حيث رموه في غياهب الجُب، كما جلادو الحرية يحاولون حتى اللحظة رمي ذكرى عدنان في غياهب النسيان، ولا أقل سوءاً من ذلك التلميذ الذي ارشد الأعداء إلى سيده المسيح فكان سبباً في صلبه. وجلادو حرية عدنان اتباع الاحتلال حاولوا ولا يزالون يحاولون صلب ما مثله ويمثله عدنان .
رغم كل ذلك، ورغم شكوكنا في إمكانية أن يستعيد مغيبو عدنان إنسانيتهم، والاعتراف بمكان تغييبه، لا زلنا نحن جميعاً، عائلته لا تزال تنتظر عودته كيفما كان، لكن حراً حراً حراً، ونحن رفاقه ومحبوه نريد عودته على اي صورة كان. حراً حراً حراً .
إليك عدنان المغيب قسراً والساكن دوما في ذاكرتنا، تحية ود وورد .

بيروت 24 ايلول 2021

Leave a Comment