مجتمع

على من سيغضب غدا سائقو السيارات العمومية؟ وضد من يتحركون؟

غسان صليبي

أعلنت اتحادات سائقي السيارات العمومية يوم غد الخميس يوم غضب تحقيقا لمطالبها، وقد أعلن الاتحاد العمالي العام  دعمه الكامل لها.

الاتحادات ترفع مجموعة مطالب من شأنها مساعدة السائقين على الاستمرار في العمل في ظل غلاء البنزين والمازوت وتدهور الوضع المعيشي عند معظم اللبنانيين.

ليس من عادة النقابات العمالية الاكتفاء بالتعبير عن غضبها، بل الأهم بالنسبة لها هو تنظيم تحرك ضاغط باتجاه الجهة المسؤولة عن تحقيق المطالب.

وعندما تعلن النقابات عن يوم غضب، يعني أنها لا زالت في أول التحرك أو أنها لا تريد الانتقال إلى مرحلة فعلية من الضغط على المسؤولين.

التحرك ليس في بداياته، بل نظمت الاتحادات المعنية عدة تحركات سابقة رافعة تقريبا المطالب نفسها، وكان التحرك يأخذ شكل المظاهرات السيارة وقطع الطرقات.

فهل تستعد الاتحادات اليوم للمزيد من الشيء نفسه يوم غد، مع ان هذا الشيء نفسه لم يكن له نتيجة ملموسة؟

هل تتوخى كما في السابق التعبير عن غضبها من خلال قطع الطرق بوجه السيارات الخاصة التي يتوجه أصحابها كل يوم إلى عملهم الذي يعتاشون منه، وهم أيضا غاضبون من الاوضاع؟

ام أنها ستوجه غضبها بالاتجاه الصحيح، اي صوب رئيس الحكومة ومجموعة الوزراء الذين سبق ووافقوا على مطالبها، وبيدهم صلاحية تحقيقها، وأهمها دعم البنزين والمازوت لفئة السائقين العموميين، وتسجيل السائقين للاستفادة من البطاقة التمويلية، وقمع التعديات من السيارات الخصوصية أو المزورة لوحاتها، وإعفاء المركبات العمومية من رسوم الميكانيك والمعاينة.

هذه الاتحادات متهمة اصلا بالتحرك موسميا لدوافع سياسية، فهل ستدعم تحركاتها غدا صدقية هذه الاتهامات، فتستأنف الاتحادات الدوران في حلقة مفرغة متفادية الإقدام على الضغط حيث يجب، ومحمّلة سائقي السيارات العمومية والخاصة، تكلفة التوقف عن العمل ليوم إضافي دون أي نتيجة؟

في هذه الحالة هل يتحول الغضب في يوم الغضب، باتجاه اتحادات السائقين وقياداتها؟

تتقاطع دعوة اتحادات سائقي السيارات العمومية، مع تحركات بدأت في الشارع احتجاجا على استمرار ارتفاع الدولار والغلاء الذي يرافقه. وهذه التحركات هي أيضا تحركات غاضبة متفرقة، تستخدم حرق الدواليب وقطع الطرقات. قد تكون من المرات القليلة التي يلتقي فيها التحرك الشعبي غير المنظم مع تحركات نقابية، ذلك أن النقابات ممثلة بالاتحاد العمالي العام فضّلت عزل نفسها عن الانتفاضة ومن بعدها عن التحركات الشعبية المتفرقة. وقد تكون إحدى أسباب عشوائية التحركات الشعبية، هو انفصال النقابات العمالية عن وعائها الشعبي، لارتباط قياداتها بأحزاب السلطة من جهة، ولضعف تمثيلها للعمال من جهة ثانية.

الجامع غدا سيكون الغضب وتشتت الأهداف وغموضها، وبقاء الخصوم المسؤولين عن تحقيق المطالب، خارج المشهد، وبعيدين عن مواقع الضغط. والغضب يقتل صاحبه في النهاية، إن لم يحسن استخدامه.

مهما آلت إليه الامور، يبقى المطلب الأهم في قطاع النقل هو تأمين النقل العام لجميع المواطنين. وهذه من مهام الاتحاد العمالي العام الذي لا يعفيه من مهمته هذه، دعم اتحادات سائقي السيارات العمومية في مطالبها الخاصة، سيما وأن المال لذلك كان متوفرا عن طريق البنك الدولي. وعندما قررت الحكومة استخدامه لأغراض أخرى، بالبطاقة التمويلية مثلا، لم يحرك الاتحاد العام ساكنا، للاسف الشديد.

 

 

Leave a Comment