مجتمع

عام إرادة الانقاذ والنهوض

كل عام وأنتم بخير، نقولها رغم حدة الوجع لمناسبة العام الجديد. نقولها ونحن على ثقة من أن هذا الشعب الذي ذاق الأمريْن في السياسة والاقتصاد والاجتماع وأوضاعه المعيشية سينفض عن نفسه غبائر وأوساخ هذه المرحلة التي أثقلت عليه حياته اليومية في بلاده، وجعلته يلهث سعياً لتأمين رغيف الخبز وقطرة الماء وحبة الدواء وبضعة ليترات من المحروقات لتحقيق ما يتيسر من دفء في شتاء قارس.هذا عدا بحثه الدائم عن ومضة كهرباء لتأمين ضوء لياليه، وأكلاف إرسال أبنائه إلى مدارسهم وشراء كتبهم والدفاتر، وطابع المعاملات الروتينية وجواز السفر وإخراج القيد وسواها. ومسلسل المرارات التي دفعت الكثيرين إلى ركوب الخطر وزوارق الموت غرقاً للخروج من الفاقة والإذلال.

عام جديد يأتي وندرك مع سوانا أن اليأس ليس من طبائعنا وبديهيات حياتنا، ونحن نرى الوطن أشلاء، والدولة بمؤسساتها تتهاوى واحدة تلو أخرى، ونلمس رفض هذه الطبقة اجتراح الحلول اللازمة للخروج من مستنقع الانهيار المعمم. ومعها وإلى جانبها ومن صناعتها وبنات أفكارها ومصالحهما المشتركة تلك الطبقة المافياوية التي تتاجر بكل شيء، بدءاً بالوطن ومصيره، مروراً بالانسان الذي يعيش على أرضه لبنانياً كان أو مقيماً. ندرك أن قادة أحزاب الطوائف الذين استباحوا كل المحرمات لن يعملوا للإنقاذ، بل على العكس من ذلك تماماً سيتابعون لعبتهم القذرة دون حساب لحقوق ومصالح الناس وآلامهم وحاجاتهم اليومية. حتى باتت معها كل الحقوق هباءً منثوراً. وأصبح المقيمون الباقون ينتظرون الفرج عبر مساعدة أبناء وأصدقاء في الخارج لدفع أكلاف الطبابة والأدوية والاستشفاء، ناهيك بمتطلبات العيش اليومي الذي يزداد صعوبة حتى حدود الاستحالة، كلما تهاوى سعر صرف الليرة وتلاعب الدولار صعوداً بأعصابهم.

كل عام وكل المتعبين الذين يرفضون الاستسلام لهذا الواقع بخير، وجميع الذين يعملون على إنتزاع الحياة من براثن الموت بعافية. ونقول لهم ونحن مفعمين بالأمل أن ساعات الظلام الأكثر سواداً في الليل هي تلك التي تسبق انبثاق الفجر، وأنكم قادرون على استخلاصه من أنياب الطبقة السياسية المتسلطة عليكم، تجار السياسة ودهاقنة المصارف ومافيات الخدمات التابعة، الذي امتصوا دماءكم وأفقروكم وسرقوا أتعابكم وعرقكم، وحاولوا الاجهاز على ما تبقى لديكم من احلام.

أيها الرفاق والاصدقاء

أيها الناس الذين نحبهم

نقول لكم كل عام وأنتم بخير، ونراهن على صلابة إراداتكم في خوض معركة الانقاذ، إنقاذ الكيان والدولة ومشروع الوطن، وجملة الحقوق البشرية من هذه العصابة الفاجرة وملاحقها من سماسرة العمل النقابي، والتي هتكت كل المحرمات، وأحلّت انتهاكاتها وجرائمها التي لا تعد ولا تحصى محل القوانين والشرائع والمواثيق الأممية والأنظمة البشرية والدستور.

تعالوا معاً نعيد بناء المساحات المشتركة بين اللبنانيين، ونحرر العمل النقابي من سماسرة  نقابيي المحاصصة، ونبني حركة ديمقراطية مجتمعية، طريقاً لتعميق وحدة اللبنانيين التي تجلت في انتفاضة 17 تشرين المجيدة، ولحماية وتحقيق الحقوق والمطالب المشروعة. صبراً على العمل والأمل في معركة البقاء والتغيير وصناعة التقدم، وصياغة الآتي المشرق بعد كل هذا الخراب المقيم والسواد القاتل.

“بيروت الحرية”    

Leave a Comment