سياسة

زكي طه لموقع “أخباركم”: السلطة والمصالح كفيلان بتحويل الشياطين والاشرار إلى ملائكة

يساهم “موقع بيروت الحرية” بنشر نص المقابلة السياسية التي أجراها “موقع أخباركم الالكتروني” مع الرفيق زكي طه أمين سر المكتب التنفيذي لمنظمة العمل العمل الشيوعي في لبنان  تاريخ 26 أيلول 2021

… الارباك السياسي الذي يخيم على المنطقة اقتضى التواصل مع الاستاذ زكـي طـه أمين سر المكتب التنفيذي لمنظمة العمل الشيوعي في لبنان للوقوف على رأيه بمجموعة من الملفات الحساسة على رأسها ملف تشكيل الحكومة ودور “حزب الله” الى جانب الحديث عن تفاهم ايراني فرنسي وصولا الى ملف الغاز، وتداعيات عدم انجاز ملف الترسيم، والكلام عن عودة النظام السوري الى لبنان، والكثير من الملفات الساخنة فأجرى معه مسعود محمد من فريق “اخباركم” الحوار التالي:

كيف تنظر منظمة العمل الشيوعي في لبنان إلى تشكيل الحكومة الجديدة، وكيف تصف هذه الحكومة؟ 

لم يعد خافياً على أحد أن تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، جرى في اطار صفقة بين الإدارة الفرنسية والنظام الإيراني استغرق التحضير لها فترة طويلة. المنظومة الحاكمة وعبر خلافاتها على السلطة والنفوذ والمغانم، نجحت في تعطيل المبادرة الفرنسية التي استخدمت مظلة للتضليل وتبادل الاتهامات، مما أمّن التغطية الكافية لتحكم حزب الله غير المعلن، ومكنه من ربط تأليف الحكومة بملف المفاوضات المعلقة حول الاتفاق النووي والدور والنفوذ الايراني في المنطقة. ومن خلال استغلال صراعات رئيس الجمهورية وتياره مع المكلفين بتشكيل الحكومة، وما واكبها من منازعات مفتوحة حول الصلاحيات والحصص وتوزيع الوزارات والضمانات حول وراثة موقع الرئاسة القادمة بعد انتهاء العهد الحالي. وذلك في موازاة استمرار النزاع حول موقع لبنان الاقليمي ودوره وعلاقته بأزمات المنطقة وحروب الهيمنة والسيطرة عليها. من هنا أصبح التعطيل والارتهان للخارج وفرض السياسات بقوة الامر الواقع نهجاً معتمداً سواء للتحكم بالوضع وإدارته، أو لتعطيل مفاعيل العقوبات والحصار الاقتصادي.

ارتبط  تشكيل الحكومة كما تعطيلها، بمسار الاتصالات الايرانية ـ الفرنسية ـ الاميركية واستحقاقاتها الداخلية، من معرفة نتائج الانتخابات الاميركية وانعكاساتها على اوضاع المنطقة والدور الاميركي ووجهة سياساته. إلى انتظار الانتخابات الايرانية التي كان مؤكداً فوز التيار المتشدد فيها، الذي يسعى لفرض جدول أعماله وخياراته  في الداخل الايراني والمنطقة وفي المفاوضات معها بشأن دورها. ولذلك حاول كل طرف تجميع اوراقه. بعد عام  من التعطيل وتبادل الضغوط، أمكن عقد بعض الصفقات الاستثمارية السياسية لمصلحة أيران، والاقتصادية لمصلحة فرنسا في المنطقة، كانت ترجمتها في لبنان فسحة لتعزيز الطموح الفرنسي بالتوازي مع الدور الايراني، وإطلاق يد حزب الله فيه والتسليم بتحكمه بأوضاع البلد، وتشكيل حكومة تستجيب لسياساته وأهدافه وتراعي رغبات العهد وتياره، دون الاصطدام بالسياسات الاميركية الساعية للاستقرار فيه، شرط ضمان مصالحها وأمن اسرائيل في آن.

ما يعني أن تأليف الحكومة لم يكن استجابة لمطالب اللبنانيين، أو صحوة ضمير وطنية وانسانية، ولا نتيجة خضوع قوى السلطة  للتهديدات والضغوط والعقوبات الخارجية. ولذلك ليس وارداً أن ننتظر من الحكومة ومرجعياتها أن تعالج انهيار وأزمات البلد، أو القيام بأية اصلاحات والاستجابة لمطالب اللبنانيين أو لشروط الهيئات والجهات الدولية التي تبدي استعدادها للدعم والمساعدة. ما يعني أن الحكومة الجديدة هي امتداد لسابقاتها مع العهد الحالي، ومن سبقه، وفي أحسن الاحوال فإن دورها لن يخرج عن إدارة الانهيار واستغلال مآسي اللبنانيين.

كيف تقرأ عملية تلزيم الحفر في المياه الإقليمية المتنازع عليها مع العدو الإسرائيلي؟

لم يتوقف العدو الاسرائيلي عن محاولاته ضم المزيد من الاراضي وخوض النزاعات حول ملكيتها بذرائع متنوعة، انطلاقاً من طبيعة دولته التوسعية والعدوانية. فكيف إذا تعلق الامر بارض أو مياه إقليمية لبنانية لا يعرف أهل السلطة حدودها، ويختلفون حول صيغة تحديدها وخرائط مساحتها، كما حول تشكيلة الوفد المفاوض ومرجعيته. ولذلك ليس مفاجئاً أو مستغرباً أن يستغل العدو الخلافات بين المسؤولين اللبنانيين الذين لا يسوؤهم التفريط بالارض والحقوق والمصالح الوطنية اللبنانية. ما يشكل فضيحة وطنية بإمتياز تضاف إلى مجموع الفضائح التي يصعب حصرها. ولا يختلف الأمر مع الشقيق السوري  سواء بالنسبة لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة من العدو الاسرائيلي، أو بشأن ترسيم المياه الاقيمية على الحدود الشمالية وغيرها.

من الواضح أن تلزيم الحفر في المياه الاقليمية موضع النزاع قد أُعطي لشركة أميركية، وأن الاعلان عنه أتى بالتزامن مع حركة البواخر الايرانية التي تنقل المحروقات النفطية إلى لبنان بطلب من حزب الله، وبذريعة تأمين حاجات اللبنانيين منها واستغلال انهيار الدولة ومؤسساتها، لتعزيز نفوذه وفك الحصار عن النظام الايراني. لذلك تزامن مرور البواخر دون اعتراض اميركي أو اسرائيلي، مع الاعلان عن بدء عمليات الحفر الاسرائيلية، في ما يشبه تبادل عمليات فرض الامر الواقع من سائر الاطراف، وسط استمرار الخلافات بين أهل السلطة اللبنانية حول سبل متابعة الملف. من المؤكد أننا كما غالبية اللبنانيين نأمل ونطالب باستعادة حقوقنا الوطنية في ارضنا ومياهنا ومواردنا الطبيعية، ولكن لدينا كل المخاوف من هدرها وإضاعتها بالنظر لإنعدام الأهلية الوطنية لدى اطراف السلطة الذين يتبادلون تهم التفريط بالحقوق والمصالح الوطنية وتنفيذ المؤامرات والخيانة للتغطية على ما هم فيه.

من سرق أموال المودعين؟ ومن المسؤول عن استعادتها؟ وكيف؟ 

إن عملية نهب أموال المودعين لم تتوقف. وهي مستمرة بعناوين مختلفة، من شراء الفيول لمعامل الكهرباء التي لا تؤمن التيار، إلى دعم وتمويل عمليات دعم المحروقات والدواء والسلع الغذائية لغير المحتاجين، رغم استمرار التهريب بكل اشكاله. قبل ذلك جرى نهب أموال اللبنانيين العامة، بدءاً من موارد البلد وخزينة الدولة، إلى أموال القروض والمساعدات وغيرها. ثم أتى الدور على اموال المودعين، بذريعة تمويل الخزينة المنهوبة، عن طريق الاستدانة بفوائد عالية من المصارف بواسطة المصرف المركزي. ما يعني أن منظومة السلطة تتقاسم نهب الاموال العامة المرصودة للمشاريع التي لا تنفذ، والموازنات الوهمية  للوزارات ومؤسسات الدولة وقطاعات الخدمات التي جرى تدميرها بعد اهمالها.  إن قوى السلطة هي من قام بأعمال السرقة والنهب بالتكافل والتضامن بصرف النظر عن ادعاءاتها. أما الشريك الاساسي لها، إلى جانب مافيات الخدمات والتهريب التابعة لها، فهم أهل القطاع المصرفي بكل مؤسساته من حاكمية المصرف المركزي إلى اصحاب المصارف ومؤسسات الصيرفة، التي تولت تحويل الاموال للخارج وتبييضها في الداخل.

أما استعادة أموال اللبنانيين المنهوبة والمسروقة، فهي مسألة معقدة وتتطلب وجود دولة فعلية وقضاء مستقل وكلاهما مفقود. ولذلك فإن استعادة الاموال على يد هذه المنظومة وبواسطتها هي من الأوهام “لانك تقول للحرامي أعد ما سرقته طوعاً”، كيف والحال أنها من قاد البلد ومؤسسات الدولة والعملة الوطنية للانهيار، والقطاع المصرفي للافلاس. وتوجوا ذلك بتحويل ارصدتهم  وحساباتهم للخارج لحمايتها وهم مستمرون حتى الآن في عملية النهب بذريعة الدعم. لذلك فإن مطالبات احزاب ومجموعات المعارضة وأصحاب الاموال سيبقى القسم الغالب منها شعارات غير قابلة للتحقق. خصوصاً مع افتقاد البلد للمعارضة الديمقراطية الفاعلة القادرة على محاصرة السلطة وقواها وإلزامها بتعديل ادائها وممارساتها، وفرض سياسات بديلة تضمن استعادة اللبنانيين لحقوقهم بما فيها اموال المودعين ومعها الاموال المنهوبة، وخلاف ذلك تتحول الحقوق إلى أوهام والاموال إلى سراب.

كيف تقرأ جريمة العصر في مرفأ بيروت؟ وما توقعاتك حيال التحقيقات، وهل ستصل الى الحقيقة؟

ما يميّز انفجار المرفأ ضخامته الاستثنائية عالمياً، وارتفاع أعداد الضحايا والمتضررين، وحجم ومستوى الاضرار راهناً وفي المدى المنظور في ميادين الاقتصاد والعمران والاجتماع والبيئة، عدا اكلاف إعادة الاعمار غير المتوافرة. لكن الأهم أن المواد المتفجرة استمر تخزينها في المرفأ طوال سبعة أعوام، انعدمت خلالها المسؤولية لدى مؤسسات الدولة وأجهزتها كافة، كما لدى أهل السلطة من رؤساء ووزراء معنيين بالأمر.

إن انفجار المرفأ  لم يكن الجريمة الاولى وليس الأخيرة. ومسلسل الجرائم المرتكبة من أطراف السلطة مجتمعة ومنفردة  أكثر من تحصى،  وهي تضاف إلى جرائم الفساد والنهب والتهريب المستمرة، وإلى ملف آلاف المخطوفين والمفقودين في الحرب الأهلية، وجرائم الاغتيال السياسي، وصولاً إلى جريمة انفجار بلدة التليل في عكار مؤخراً و…

ولذلك نشهد هذه الإستماتة من قبل قوى السلطة مجتمعة، على تعطيل وتمييع التحقيق بالملف، لتضييع المسؤولية عنه، وإضافته إلى الارشيف الحاشد  بملفات الجرائم المغفلة المسؤولية للحفظ. ولذلك لا زال التحقيق في جريمة انفجار المرفأ يصطدم  برفض المرجعيات السياسية والدينية ورفع الحصانات والتحصن بنصوص دستورية لم ولن تنفذ. أما وسائل واشكال التضليل التي تمارس للتغطية على الجريمة، فإنها أكثر من أن تحصى وفي طليعتها رفض المس بالمقدس الطائفي. والتي يضاف لها انعدام الحد الأدنى من استقلالية القضاء، وهو ما يشكل مصدر حماية اساسي وثمين لها ولفسادها، ولبقاء ارتكاباتها وجرائمها بعيداً عن المحاكمة، وضمان متابعة واستمرار ما هي عليه. مما يعني أنه من غير المتوقع وصول التحقيق إلى خواتيمه وإصدار أحكام  بالاستناد إلى معطياته.

هل هناك عمل لبناء جبهة سياسية لمواجهة الوضع القائم، ومن هي القوى المرشحة لتلك المهمة؟ هل نحن امام تغيير نظام؟ وما هي حظوظ المشاريع المطروحة لتغييره؟

المؤكد أن انتفاضة اللبنانيين الذين ملأوا الشوارع والساحات قبل عامين في 17 تشرين 2019، قد مثلت حدثاً استثنائياً في تاريخ البلد والكيان. كانت الانتفاضة تعبيراً عن حالة الاختناق التي بلغها الوضع وانعكاساً لنتائج  سياسات وممارسات وصراعات قوى نظام المحاصصة الطائفية والفئوية. كما وأنها اتت تعبيراً عن انعدام الحياة السياسية في البلد، وغياب قوى المعارضة الديمقراطية وهامشية ما تبقى من قوى اليسار. ولذلك كانت الانتفاضة ردة فعل عفوية وغير منظمة تفتقد لوجود القوى والبرنامج والخطة. أما الرائج والمتداول من قبل تشكيلاتها وباسمها  من البرامج والشعارات، فغالبه يقع في باب التصورات والرغبات بعيداً عن أولويات الناس المتضررة، والتي غادرت الساحات وانكفأت إلى ما كانت عليه، بعد ما نجحت الطبقة السياسية في استعادة انفاسها ولياقتها، وتأهيل وسائل وأدوات عملها القمعية والتضليلية لحماية مواقعها وتعزيز وجودها، وخوض معاركها  في سبيل تجديد سلطتها ونفوذها.

أما الوجه الآخر لهذا الكم الهائل من الأزمات والمخاطر التي تهدد مصير البلد وتضعه أمام خطر الزوال، فإنه يتمثل بالحديث عن التغيير راهنا باعتباره طموح يقع في باب الخيال. وفي حين تقضي الأولوية الراهنة  أن تنصب جهود جميع قوى وفئات المجتمع المتضررة حول أولويات ومهام الإنقاذ ووقف الانهيار وبقاء البلد بمنأى ولو نسبياً عما يهدد البلدان المجاورة. فإننا لا نجد مكاناً لذلك على جداول اعمال التشكيلات والجبهات التي تستظل راية الانتفاضة. والامر مرده هامشية بنيتها. وهذا ما يبقيها عاجزة عن استقطاب الفئات المتضررة لتشكيل قوة اعتراض اجتماعية تستمد وزنها وفعاليتها من وحدة مصالح المحتشدين فيها. ولذك تبقى الأولوية لهذه المهمة، وضمنها إعادة الاعتبار لدور الهيئات النقابية العمالية والفلاحية والتعليمية وروابط الموظفين والاساتذة والطلاب التي افتقدتها شوارع الانتفاضة وساحاتها، كي لا تبقى راية تستظلها المجموعات وتستغلها السلطة.

هل نحن أمام عودة للنظام السوري الى لبنان وهل يتم إعادة تأهيله؟  وهل انتهت الثورة السورية؟ 

بعد عشر سنوات على انتفاضة الشعب السوري ضد نظام الاستبداد الاسدي. نجح الدعم الروسي والايراني في إعادة تعويم صورة النظام ورئيسه. غير أن ذلك لم يبدل قيد أنملة من طبيعة وسياسات النظام الاستبدادية القمعية. يؤكد ذلك مسؤوليته عن تدبير حملات التهجير ورفض عودتهم إلى بلادهم. وتعريض العائدين منهم للتعذيب  والاعتقال وإعادة التهجير، كما جرى في درعا مؤخراً. هذا عدا استغلال قواه وأجهزته  والميليشيات الطائفية الداعمة له ومعها الشرطة العسكرية الروسية، ملف اللاجئين وقضية إعادتهم، وابتزاز الدول المضيفة والمجتمع الدولي.

إن الهدف من التعويم هو الإبقاء على النظام ورئيسه واجهة للحرب الدولية والاقليمية الدائرة  في سوريا وعليها، في اطار الحروب المفتوحة في المنطقة بأسرها. خاصة وأن الحرب المدارة لن تتوقف إلا بتسويات لا صلة لها بمطالب وحقوق وطموحات السوريين المقيمين والمهجرين. إن سوريا التي كان  يعرفها السوريون لم ولن تعود كما كانت، رغم تعويم النظام السوري بقيادة الاسد، الذي نجح في تشريع الابواب السورية كافة للتدخلات الخارجية الاقليمية والدولية، سواء دعماً له، أو لمجموعات المعارضة المسلحة التي غلب عليها الطابع الاسلامي الاصولي، ومعها تشكيلات الجيش المنشقة. والتي لم يتوقف تقدمها الميداني إلا بقوة التدخل الروسي، واستجابته  لطلب النظام الايراني العاجز عن حماية النظام السوري من السقوط، ورفض الاخير التسليم لمصلحة شعبه وبلده، وقد تحولت اشلاء تتنازع السيطرة عليها قوى الامر الواقع الميليشياوي الطائفي والمناطقي والعرقي المدعومة من الخارج. قبل أن تقاسم السيطرة على أكثرها الجيش التركي وقوات التحالف الدولي بقيادة اميركا، بالاضافة للطيران الحربي الاسرائيلي، في مقابل الجيش الروسي والحرس الثوري وميليشياته وبقايا جيش النظام وأجهزته.

إن تعويم النظام ورئيسه قد تحقق، لكن سوريا الآن مناطق مفككة وساحات لمعارك تدميرية، ولا تزال تعاني من عمليات تهجير وتغيير ديمغرافي طالت نصف الشعب السوري عدا مئات الوف القتلى والجرجى والمعتقلين. بينما قوى المعارضة الديمقراطية وبالنظر لضعف دورها ووزنها، والتلاعب الخارجي بها، منعا وحدتها واطاحا إمكانية تحولها قيادة تحظى بثقة الشعب السوري، ما جعلها اشلاء موزعة بين عواصم الدول.

في المقابل نجح النظام وأجهزته وبدعم من التيار العوني وحزب الله، في استغلال قضية وأوضاع  النازحين السوريين للبنان، في سبيل خدمة مصالحه ونفوذه وتحميل لبنان أعباء مضاعفة، نظراً لما تسبب به وجودهم من المشاكل الاقتصادية الاجتماعية والامنية، في ظل انقسامات اللبنانيين وخلافاتهم حولهم، ومع النظام السوري والاكلاف المالية والخدماتية لتواجدهم. في مقابل تفاقم الازمات وانتشار الوباء وتسارع الانهيار العام لمؤسسات الدولة،  واضطرار الجميع لبنانيين وسوريين البحث عن سبل تأمين حاجاتهم، وسط تصاعد الفوضى الاهلية والامنية.

وبذلك تحول وجود النازحين السوريين إلى لبنان قضية سياسية بامتياز، كل طرف يسعى  لاستغلالها بما يلائم مشروعه السياسي. مما أضاف إلى تعقيدات أزمات البلد بعداً خطيراً يصعب السيطرة عليه. خاصة وأن النظام جعل منهم ورقة لتجديد وتغطية دوره، بهدف الإبقاء على العلاقات اللبنانية ـ السورية التي يتداخل فيها الاهلي والرسمي مأزومة من كل النواحي لمصلحته. ولأن تشكيل الحكومة الأخيرة جدد التسليم  باعتبار لبنان ساحة نفوذ لمحور الممانعة بقيادة النظام الايراني، فإن ذلك يتيح للنظام السوري وحلفائه اللبنانيين فرص استثنائية لاستغلال الأزمة السياسية والانهيار والفوضى والحدود المشرعة والمفتوحة على كل منوعات التهريب والاستباحة لسيادة البلد ونهب مقدراته دون رقيب أو حسيب، تحت أنظار المسؤولين اللبنانيين العاجزين حتى عن الاعتراض الشكلي، فيما  العالم يشاهد يومياً قوافل التهريب من لبنان وإليه ولجميع انواع السلع، مع توالى زيارات ولقاءات المسؤولين، وبدء  تقاطر وفود المهنئين والشاكرين للرئيس السوري.

كيف تقرأ الاجتماع الرباعي اللبناني السوري المصري الأردني ؟ 

لم يكن الاجتماع الرباعي في عمّان، كما تشكيل الحكومة اللبنانية بعده بأيام، خارج سياق مسارات الصراع  في المنطقة والخطوط المفتوحة بين القوى الدولية والاقليمية المتصارعة فيها وعليها سواء للسيطرة أو لنهب مقدراتها. وفي إطار التحضير والاستعداد لعودة ايران إلى طاولة المفاوضات المتعددة الاهداف. ولذلك سبق اللقاء وبموافقة أميركية قيام وفد وزاري إلى سوريا بذريعة البحث في استئناف  استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الاردن إلى لبنان عبر سوريا. بالتزامن بدأ وصول بواخر المحروقات الايرانية إلى ميناء طرطوس بناء لطلب حزب الله  دون اعتراض اميركي ـ اسرائيلي. أعقب ذلك مباشرة الاعلان الاسرائيلي عن بدء عمليات التنقيب من قبل شركة اميركية، عن النفط والغاز في المياه الاقليمية اللبنانية المتنازع عليها. ما يعني أن اللقاء الوزاري الرباعي أتى في امتداد تبادل الرسائل بين سائر الاطراف المعنية، والاستعدادات للانتقال إلى محطة جديدة من التفاوض حول سبل ضمان وتأمين مصالحها المتناقضة والمتباينة، واستطلاع إمكانات الوصول إلى تسويات آنية أو مرحلية، حول قضايا المنطقة ومشكلاتها وأزماتها بمعزل عن شعوبها.

المؤكد أن الحلول ليست بالسهولة واليسر الذي يتوهمه البعض، خاصة الذين يراهنون على اميركا. وقد تاه عنهم أنها لا تبحث عن مصالحهم، ولا يعنيها سوى مصالحها أولاً وآخراً.  أو الذين يكثرون من اعلانات الانتصار عليها وهزيمتها، وقد غاب عنهم ثوابت وأولويات استراتيجيتها بشأن مصالحها في المنطقة حيث يقع  وجود وأمن ودور الكيان الاسرائيلي في المقدمة، باعتبارها قوة اخضاع وسيطرة اميركية تابعة. أما الانظمة والقوى والشعوب العاجزة عن حماية وجودها وحقوقها ومصالحها فهي عرضة للإستعمال ولا شيء يمنع من التضحية بها، وعقد التسويات مع من يضمن المصالح الاميركية، بصرف النظر إذا كان نظاماً أو طرفاً محلياً، مهما كانت طبيعته الاستبدادية أو الاصولية، حتى ولو كان ارهابياً بالأمس، لأن الأهم ما سيكون غداً. ولنا في طالبان افغانستان مثلاً، والمرجح  أن يكون غداً في ايران وسوريا واليمن ولبنان و… ومن المؤكد أن السلطة والمصالح كفيلان بتحويل الشياطين الكبيرة والصغيرة كما الاشرار إلى ملائكة.

 رابط موقع أخباركم الالكتروني

https://akhbarkum-akhbarna.com/ViewPost/709

 

 

 

 

Leave a Comment