مجتمع

الكوارث تضع العام الدراسي الجديد في مهب الضياع

وهي خطة تجمع بين التعليم الحضوري في الصفوف المدرسية والتعليم عن بعد في نفس الوقت، حيث يوجد العديد من الصعوبات الأخرى التي تواجه المدارس والأهالي على هذا الصعيد، إذ إنه وإضافة للمخاطرالناجمة عن انتشار فيروس كورونا، فإن هناك شبه الإفلاس الذي حلّ بصناديق المدارس،

ترتفع نسبة الإصابات بفيروس “كورونا” في عموم المناطق اللبنانية، وتشتد وطأة الأوضاع المعيشية الثقيلة جداً على كاهل الغالبية الساحقة من اللبنانيين، في الوقت الذي تتخذ فيه وزارة التربية القرار بتأجيل إنطلاقة العام الدراسي حتى قبيل منتصف شهر تشرين الأول، مما يضع القطاع التعليمي بشقيه العام والخاص والطلاب أمام خطر ضياع سنة دراسية جديدة، بكل ما يعني ذلك من أزمة كارثية تهدد الأهل والطلاب والمدرسين ومجمل العاملين في القطاع التعليمي، بسبب انهيار وعجز وفساد سلطة المحاصصة الطائفية عن مواجهة هذه الكوارث المتداخلة. آخر الفصول ما كشف عنه وزير التربية عن حجم الفساد والمحسوبيات في وزارته، والتي تعطل عمله كوزير ومسؤول أول عن تسيير شؤون هذا القطاع، بدءاً بالموظفين الملحقين بمكتب الوزير دون أي عمل لهم، إضافة لتبعية أكثرية موظفي الوزارة لقوى المنظومة السياسية الطائفية.. وما يتبع ذلك من صراعات ومناكفات بين الدوائر المعنية فيها، مما يجعل الوزارة عاجزة عن وضع الحلول التي تنقذ العام الدراسي، وتحافظ على مستوى التحصيل العلمي في لبنان. وهو موقف لا بد أن يسجل لوزير تولى المسؤولية، ونطق بالحقيقة كما هي مسمياً الأشياء بأسمائها.

يفرض قرار تأجيل البدء بالعام الدراسي 2020- 2021 الذي كان مقررا في 28 أيلول.. لصفوف الشهادات الرسمية، ومعه خطة التعليم المدمج، نظام التعليم عن بعد أو التعليم الإلكتروني شكلاً وحيداً وممكناً لاستكمال العملية التعليمية، بالرغم من غياب الشروط المطلوبة لنجاحه، علماً أن هذا المسارالبديل عن التعليم الحضوري، لم يكن خياراً داهماً للدوائر المعنية في وزارة التربية، كما جرى خلال السنة الدراسية الماضية، عندما فاجأ فيروس كورونا العالم بانتشاره السريع، ولم يكن لدى الوزارة في تلك اللحظة أي خطة مسبقة لاعتماد هذا النظام التعليمي، حيث كان لدى وزارة التربية وعلى مدى أكثر من 6 أشهر مضت، كل الوقت كي توفر جميع العناصر التربوية المطلوبة لنجاحه.

لا تتوقف العقبات التي تواجه عملية التعليم عن بعد أو التعليم الإلكتروني على النقص الكبير في سرعة شبكة الانترنت فقط، بل تشمل الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي، والكلفة المرتفعة للاشتراك في الشبكة العنكبوتية، مما يحرم التلامذة من الخدمة البصرية الضرورية، كي يتمكنوا من تحميل أو حضور الصف “الإفتراضي” عبر الفيديو، بالرغم من إقرار مشروع ((white listing ) للمواقع التعليمية في لبنان، والهادف إلى عدم الصرف من رصيد الانترنت لدى الطلاب عند دخولهم المواقع التعليمية والذي بقي مجرد حبر على ورق. كما لا تتوقف الصعوبات والمشكلات التي تحول دون التطبيق الناجح لخطة التعلم عن بعد عند ضعف شبكة الانترنت، بل تشمل أيضا عدم توافر أجهزة الحاسوب لجميع التلامذة بالرغم من وجود عدد كبير منها في مستودعات وزارة التربية، والتي تم الحصول عليها كهبات من بعض الجهات المانحة التي قدمتها لتوزيعها مجاناً على التلامذة وإن كان عددها غير كاف، ومناشدة وزير التربية الجهات المانحة مساعدة لبنان لتقديم جهاز كمبيوتر لكل تلميذ، وغياب المناهج الرقمية التي تشكل الشرط الأول والأساس لنجاح عملية التعليم عن بعد، وإن كان هناك الكثير من المنصات الإلكترونية في هذا المجال، فإن الوصول إليها وتأمين المواد المطلوبة لكل درس يحتاج لجهد مضن جداً من الكادر التعليمي، وهو في جزء كبير منه غير مدرب أو مؤهل بشكل كاف للقيام بهذا العمل.

ولا تنتهي المشكلات التي تواجه العام الدراسي عند معوقات تطبيق نظام التعليم عن بعد، بل إن العديد من العقبات الأخرى تواجه في الأصل خطة التعليم المدمج التي أقرتها وزارة التربية كمسار أول لإتمام العام الدراسي. وهي خطة تجمع بين التعليم الحضوري في الصفوف المدرسية والتعليم عن بعد في نفس الوقت، حيث يوجد العديد من الصعوبات الأخرى التي تواجه المدارس والأهالي على هذا الصعيد، إذ إنه وإضافة للمخاطرالناجمة عن انتشار فيروس كورونا، فإن هناك شبه الإفلاس الذي حلّ بصناديق المدارس، ما جعلها عاجزة عن تامين المستلزمات اللوجستية لانطلاق عملها، وعلى رأسها توفير الأدوات الضرورية للوقاية من فيروس كورونا، والنقص في الكادر التعليمي بسبب عدم رفده بالعدد الضروري والمطلوب من المدرسين ملاكاً أو متعاقدين، بالرغم من إحالة أعداد كبيرة من مدرسي الملاك إلى التقاعد، خصوصاً وأن التعليم الرسمي يشهد إقبالاً كبيرا للتلامذة الوافدين من المدارس الخاصة، بسبب الضائقة المعيشية التي يرزح تحت عبئها غالبية اللبنانيين، ويؤدي في نفس الوقت إلى عدم وجود أماكن كافية لاستيعاب الأعداد الوافدة إليه من القطاع الخاص، ولا تنتهي تلك الصعوبات عند هذا الحد، بل تمتد الى النقص الكبير في الكتاب المدرسي الوطني، بسبب التأخير في إجراء المناقصة من أجل طباعة الكميات المطلوبة منه، و تأجيل إنجازها لأكثر من مرة، والتذرع بأن كلفة الطباعة هي بالدولار، بينما المناقصة تتم بالليرة اللبنانية.

وتبقى الأوضاع المعيشية الصعبة التي دفعت بغالبية الشعب اللبناني إلى ما دون خط الفقر، العائق الأكبر أمام تأمين إنطلافة العام الدرسي، بسبب التضخم المريع الذي ضرب الاقتصاد اللبناني، وانهيار سعر صرف الليرة، والمتوقع أن يرتفع أكثر في ظل رفض الطبقة السياسية الحاكمة وتلكؤها عن إيجاد الحلول للأزمة التي تعصف بالبلاد على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بعد أن كان منذ بضعة أشهر 1500 ليرة للدولار الواحد، ما انعكس ارتفاعا هائلا في اسعار جميع السلع والحاجات المعيشية الأساسية، حيث تعتبربداية العام الدراسي مناسبة لتحمل الأهل أكلافاً مالية فادحة، بسبب الحاجة لتأمين مؤونة الشتاء من زيت وحبوب ومحروقات وغيرها، إضافة إلى دفع الأقساط المدرسية من أجل تسجيل أبنائهم في المدارس والجامعات، وشراء الكتب والقرطاسية والثياب المدرسية وبدلات أجور النقل والانتقال بالباصات إلى المدارس والجامعات وغيرها، ناهيك عن أن الكثير من العائلات اللبنانية عاجزة عن تسديد الأقساط المتراكمة عن أولادها لمصلحة المدارس الخاصة عن سنوات سابقة وهي بالتأكيد أعجز هذا العام.

[author title=”نضال فقيه” image=”http://”]كاتب لبناني[/author]