اقتصاد مجتمع منشورات

   القروض السكنية فـي خبر كان  

وخدمة لمصالحها ولتمكينها من تلبية ما التزمت به الطلبات ومنع انهيار السوق العقاري والتخفيف من الأزمة بين الملاكين والمستثمرين في سوق البناء وبين أصحاب طلبات القروض. 

نجحت المصارف اللبنانيية في استغلال الأزمة العقارية التي ساهمت في انتاجها، لأن السوق العقاري  هو الميدان الأساسي في الاستثمار المالي، إلى جانب المساهمة في تأمين مديونية الدولة عبر سندات الخزينة بما يقارب الـ 70 مليار دولار بفوائد عالية جداً. ولم تجد المصارف إي حرج في تحميل المالية العامة أعباء الأزمة التي تسبب بها تمويلها للمضاربات العقارية  وسوق البناء التي شهدت اتساعاً ونمواً يفوق حاجات البلد، دون إي اعتبار للاضطراب السياسي والامني المديد في الداخل والمحيط، وهو ما أدى إلى أزمة ركود خانقة  في عمليات البيع والشراء، انعكست سلباً على كافة القطاعات الاقتصادية وساهمت في المزيد من تأزم سوق السكن.   

 خلال الشهر الأول  من عام 2018 عمدت المصارف إلى إصدار آلاف الموافقات المسبقة على طلبات القروض السكنية، أصاب منها نفعاً الكثير من السياسين ورجال الاعمال المتمولين والمضاربين غير المستحقين، خلافاً لوظيفة القروض المدعومة مستغلة غياب رقابة المصرف المركزي ومتجاوزة للحصص المحددة لها من المبلغ الذي بلغ نصف مليار دولار اقتطعت من احتياط  الودائع لديه. الأمر الذي دفع بالمصرف  إلى اقتطاع نصف المبلغ  المقرر لعام 2019 مسبقاً بحجة تلبية الطلبات الموافق عليها، استجابة لضغوط المصارف وخدمة لمصالحها ولتمكينها من تلبية ما التزمت به الطلبات ومنع انهيار السوق العقاري والتخفيف من الأزمة بين الملاكين والمستثمرين في سوق البناء وبين أصحاب طلبات القروض. 

وبما أن المبالغ الإضافية لم تشكل حلاً بالنظر إلى الحجم الهائل من الموافقات التي تحولت إلى وسيلة ابتزاز للمصرف المركزي، وقضية ضاغطة على الاقتصاد، الأمر الذي دفع ببعض النواب الجدد والكثير من الكتل النيابية إلى التنافس بحثاً عن  حلول لأزمة القروض السكنية، في ظل ارتفاع الفوائد المصرفية، والتي لجأت إليها المصارف لجني المزيد من الأرباح في إطار استغلال الأزمات المتوالية فصولاً. انتهى البحث في أيلول الماضي، بإقرار اعتماد إضافي على الموازنة  بقيمة 100 مليار ليرة، لدعم  فوائد القروض السكنية الممولة  وفق شروط تهدف إلى ضمان الدعم لمستحقيه من ذوي المداخيل المحدودة والمتوسطة، وتكليف المؤسسة العامة للإسكان لتنظيم صرف الاعتماد بالتنسيق مع المصارف.  ليتبين أن المصارف وجدت في  هذه المسألة فرصة إضافية للاستحواذ على المزيد من الارباح عبر الإصرار على اعتماد مؤشر الفائدة الصادر عنها فقط، دون أي اعتبار لحقوق طالبي القروض والمالية العامة على السواء، والتي بلغت أرقاماً قياسية  مع احتساب الطلبات الواردة من المؤسسات العسكرية. طالت المفاوضات دون نتيجة والمصارف على جشعها. السوق العقارية دخلت طور الإنهيار، أما القروض السكنية المدعومة فقد أصبحت في خبر كان.