مجتمع

الاستخدام السياسي يشل قوانين الإدارات والمؤسسات العامة

محمد قدوح

بيروت 23 آب 2023 ـ بيروت الحرية

أظهرت الإحصاءات المتعلقة بالعاملين في القطاع العام تبايناً كبيراً في عددهم الاجمالي، بالرغم من أنها أستندت جميعها الى مصدرين رسميين اولهما: لجنة المال والموازنة النيابية، والتي استندت بدورها على إحصاء وزارة المالية. وقد قدّر هذا المصدر العدد الاجمالي 300.000 موظف ومتعافد وأجير وعامل بصفات اخرى، موزعين من حيث التبعية الادارية كما يلي: القوى الامنية والعسكرية 120.000 ألفاً، أفراد الهيئة التعليمية في وزارة التربية والجامعة اللبنانية  لفاً  أ40.000، وباقي الادارات العامة 25.000 والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة 115.000، إضافة الى 70.000 متقاعد لا يدخلون في عدد الـ 300 ألف الإجمالي للموظفين. 

أما المصدر الثاني، فهو مجلس الخدمة المدنية الذي أجرى مسحاً شاملاً للعاملين في القطاع العام في العام 2021 بناءً على تكليف من مجلس  الوزراء، تبين منه أن العدد الاجمالي للعاملين في القطاع العام يبلغ 91.960 موظف ومتعاقد وأجير وعامل بصفات اخرى، موزعين من حيث التبعية الادارية كما يلي: الادارات العامة 65.054 بينهم 49.527 تحت وصاية وزارة الترببية والتعليم العالي، من ضمنهم 11.185 في الجامعة اللبنانية والباقي المقرر بـ 15.527 في باقي الادارات العامة، اما في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة فقد بلغ العدد 2563 ، وفي الوظائف البلدية الخاضعة لمجلس الخدمة المدنية 1272.

أما من حيث الفئة الوظيفية، فقد توزع العدد الاجمالي كما يلي 37.197 موظف ومستخدم و3452 أجير و37.916 متعاقد و13.396 عامل بصفات اخرى، وتجدر الاشارة الى ان العدد الاجمالي لا يشمل العاملين في إحدى عشر إدارة عامة وإثنين وثلاثين مؤسسة عامة، لم تسلم لمجلس الخدمة المدنية اي مستند يتعلق بالمسح الوظيفي. ومن هذه الادارات: ادارات المؤسسات الدينية، كالمجلس الشيعي الأعلى، المحاكم الشرعية السنية والجعفرية…الخ. ومن المؤسسات العامة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، هيئة شؤون الحج والعمرة، وحدة ادارة الكوارث…الخ. مما يعني أن العدد الاجمالي المشار إليه ليس نهائياً ولكن مهما ارتفع لن يصل إلى حد التطابق أو التقارب مع العدد الاجمالي والمقدر من قبل لجنة المال والموازنة والذي يبلغ 300.000 موظف ومستخدم.

التوظيف السياسي: تجاوز شروط الوظيفة وفوضى رواتب

رغم عدم شمول تقرير مجلس الخدمة المدنية جميع الادارات العامة والمؤسسات العامة، إلا أن تفاصيل المسح المنجز تتجاوز في اهميتها الارقام المتعلقة بعدد العاملين في القطاع العام ومن أهم هذه التفاصيل:

اولاً: اشار التقرير إلى أن نسبة الشغور في ملاكات المؤسسات العامة والادارات العامة بلغ نسبة 60%، ويذكر في هذا الاطار أن عدد الموظفين في الملاك التعليمي على مختلف المستويات، بما فيه الجامعي يبلغ 16.828 موظفاً من اصل العدد الاجمالي البالغ 49.527 عامل في هذا القطاع، فيما يبلغ عدد الوظائف الشاغرة في الادارات العامة 19.072 وظيفة من اصل 28.008 وظيفة، ولا يختلف الامر بالنسبة للمؤسسات العامة حيث اشار التقرير الى ان عدد المستخدمين والمتعاقدين والاجراء النظاميين يبلغ 11.167 مستخدم ومتعاقد من  اصل العدد الاجمالي البالغ 25.635 مستخدم ومتعاقد. وقد قدرت لجنة المال والموازنة عدد الذين جرى استخدامهم بطرق غير نظامية قد وصل إلى 32.000 شخص، بينهم 15.527 بموجب عقود شراء خدمات في الادارات والمؤسسات العامة. واخيراً يذكر تقرير مجلس الخدمة المدنية أن “الاستخدام” السياسي قد تجاوز النظامين المالي والاداري للمؤسسات العامة، حيث لم يتم احترام شروط  التوظيف، ولا سيما الشهادات العلمية المطلوبة، حيث مثلاً سُجل تعيين 20 فني واداري في اجيرو من دون شهادات علمية. كما تم تعيين مستشار يحمل شهادة الثانوية العامة، وفي هذا السياق ايضاً، لم يتم الالتزام بسلسلة الرتب والرواتب في المؤسسات، حيث تم تخصيص رواتب عالية للمستخدمين المحظيين، ونذكر على سبيل المثال: راتب سائق يتجاوز الخمسة ملايين ليرة، أي أعلى من راتب مهندس في المؤسسة ذاتها.

ثانياً: ما ذكر بعض من مآثر المنظومة السياسية، ولم يعد امامها الكثير للتخلص من الموظفين والمستخدمين النظاميين، لتفرض النظام الوظيفي الذي يناسبها ويخدم تحويلها الإدارات العامة بالكامل إلى مجال لتنفيذ سياستها الزبائنية..

القطاع العام هو الجهاز التنفيذي، اذا اصبح التوظيف فيه محاصصة بين المنظومة السياسية، يصبح هذا الجهاز مجرد جهاز من اجهزة الدويلات الطائفية والمذهبية، وتصبح الوظيفة العامة حكراً على منتسبي الزبائنية السياسية. لذلك على روابط القطاع العام والقوى الديمقراطية تصعيد المواجهة ضد سياسات منظومة السلطة قبل فوات الأوان.

Leave a Comment