سياسة

دور مجلس النواب في نار جهنم اللبنانية!

كتب جورج هاشم

يتقاذف اللبنانيون وأحزابهم المسؤولية عمن أوصل البلد إلى جهنم. هذا يحمِّل فريق رئيس الجمهورية. وذاك يحملّها لحزب الله. وثالث لبرّي وحركة أمل. ورابع لمعراب. وخامس للمختارة. أو لبيت الوسط أو لبنشعي أو الصيفي أو خلدة، أو لهذا الفريق السياسي أو ذاك. وللأسف كلهم على حق. فكل الأطراف السياسية لها حصة في ما وصل إليه الوضع في لبنان. طبعاً الحصص تتفاوت، والأقوى تكون حصته، في تسهيل الطريق إلى جهنم أكبر. حتى ولو ادّعى القداسة. ولكن يبقى طرف أساسي هو الذي أصاب لبنان بمقتل هو مجلس نوابه منذ الطائف وحتى اليوم. حتى لا نتكلم عن فترة الحرب وما قبلها. رغم أن كل القوى السياسية أعلاه ممثلة فيه. فما هي صلة القرابة بين مجلس نوابنا غير الكريم وجهنم؟ وما دوره في ايصال لبنان واللبنانيين الى هذا المستوى غير المسبوق من الذل والإهانة؟

لمجالس النواب في العالم ثلاث مهمات أساسية هي المراقبة والمحاسبة والتشريع. ومجلسنا لم يراقب ولم يحاسب ولم يشرِّع. عفواً، لا بل راقب وحاسب وشرّع. راقب كل التلزيمات المشبوهة. راقب كل الصفقات وما رافقها من عمولات. راقب كل المشاريع الوهمية. راقب كل الهدر والسرقات. راقب التعدّي على الأملاك البحرية والنهرية والمشاعات. ولم ينجُ من المراقبة لا توظيف زبائني ولا مساعدات خيرية لجمعيات زوجات النواب والوزراء… وحاسبَ. لم يسامح أياً من الفاسدين. حاسبهم على آخر قرش من حصته. حتى أصبح لكل مشروع سعر. ولكل نائب ووزير نسبة معينة من الأرباح، تتصاعد بمدى الاقتراب من قمة الهرم. وحافظ دائماً على التوزيع الطائفي. أغدق سرقاته على الجميع وكان عادلاً في التوزيع، لأن العدل في التوزيع أساس استمرار النهب.

أما التشريع فحدِّث ولا حرج. مَن شرَّع للهندسات المالية الكارثية؟ من شرَّع لمجالس الهدر والاعمار؟ من أعفاها من المحاسبة والمراقبة ليُسهِّل السرقة والنهب؟ من شرَّع للمجلس عدم محاكمة الرؤساء والوزراء؟ هل يُعقل أن يحاكم النواب أنفسهم في هكذا مجلس؟ وهناك مَن لا يستحي من دماء ضحايا تفجير المرفأ، وينظِّر لعدم الملاحقة تحت غطاءٍ من أوراق تين دستورية من صنعهم. اذا اكتشف النواب خللاً تشريعياً ما، في مجلس يحترم نفسه، يسارعون الى تصحيحه. فكم مرّة بقي موقع الرئاسة شاغراً ولم يتداركه النواب بتشريع يضع حداً للفراغ؟ وكم مرة وضع رئيس الوزراء المكلّف التكليف في جيبه، لأشهر طويلة، دون أن يرفَّ جفن لنوابنا. وكم مرة بقيت مؤسسة دون هيئة ناظمة تديرها؟ وكم مشروع قانون هام علاه الغبار في جوارير المجلس؟ ولماذا لم يشرِّع ويراقب تنفيذ قانون فصل السلطات وخاصة السلطة القضائية واستقلالها؟ فبلد من دون قضاء مستقل هو بلد يمشي بقدميه إلى جهنم.

مجلس يتجرّأ فيه حرسه على الشعب الذي يدفع معاشاتهم، يطلقون الرصاص الحي عليه لأنه صرخ من جوعه، يقتلون ويجرحون ويفقأون الأعين ويشوهون، ولا نسمع باجتماع طارىء أو عادي لمجلس الشعب، لمحاسبة المجرمين. تفجير دمَّر العاصمة، وقضى على شريانها الحيوي، وقتل وجرح الالاف، وهدم وصدَّع منازل أحياء بكاملها،  وهجّر آلاف العائلات، لم يستأهل اجتماعاً واحداً من هؤلاء الأشاوس أو لجنة تحقيق برلمانية؟

مجلس يدعم بأموالنا مئات المواد بمليارات الدولارات سنوياً لا يصل منها للمواطن الا الجزء اليسير، ويذهب معظمها الى التجّار المقربين منه ويُهرَّب معظمها الى الخارج، ويستمر بالدعم.

مجلس يعرف ان معظم أحزابه تتموّل من الخارج، وتأتمر بأوامر الخارج، ولا يحرّك ساكناً لسن قانون أحزاب جديد يحرِّم الولاء لغير الوطن.

كل نواب “الأمة” أو بالأحرى نواب الزواريب الطائفية، الذين تعاقبوا على هذا المجلس منذ الطائف وحتى الآن، باستثناء أقلية خجولة جداً، يتحملون مسؤولية ما وصلت اليه الأوضاع اليوم. وخاصة رئيسه الأوحد طوال هذه المدة، والذي له حصة الأسد من “المراقبة والمحاسبة والتشريع”.

وغداً، الانتخابات النيابية على الأبواب إن صدقوا. لا عذر لأي لبناني مقيم أن يعيد انتخاب من أوصلوا إلى جهنم، أو انتخاب أولادهم أو من ينوب عنهم من زوجات وأصهرة وأقارب.  وكذلك على المغترب، إن لم يسلبوا منه حقه بالانتخاب، أن يختار قوى التغيير، أمله الوحيد بإخراج أخيه المقيم من جهنم، وامله الوحيد برفع رأسه عندما يُذكر لبنان بين الدول.

 

 

Leave a Comment