أخباركم ـ أخبارنا/ حاورته ناديا شريم
بيروت 8 كانون الاول 2024
ويبقى الحدث في سقوط حكم عائلة الأسد على أسوار عاصمة الأمويين بعد انهيار الحكم العلوي الذي امتد من الاب حافظ الأسد في 21 تشرين الثاني 1970 حتى 8 كانون الأول 2024، تاريخ مغادرة إبنه بشار دمشق، منهياً مرحلة مأساوية امتدت 54 عاماً و17 يوماً من القمع والقهر والاستبداد في سوريا ولبنان.
سقط الأسد، لكن يبقى السؤال: ماذا بعد وماذا عن مرحلة ما بعد سقوطه؟ ماذا عن سوريا الجديدة والمنطقة التي بدأت تتهاوى منذ أكثر من سنة كأحجار الدومينو، مذكرة بأحداث الربيع العربي؟
عن هذا الموضوع، يقول رئيس المكتب التنفيذي لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني لموقعنا زكي طه: “ما يتصدر المشهد الآن هو الانهيار المتسارع للدور الايراني في المنطقة كنتاج للحرب الاسرائيلية ومضاعفاتها، والسقوط السريع للنظام السوري تحت وطأة هجوم فصائل المعارضة المسلحة المعارضة المدعومة من تركيا، وسيطرتها على أكثرية مناطق سوريا، وفرار الاسد إلى مكان مجهول، إلى جانب المصير المجهول للميليشيات الايرانية بما فيها حزب الله. نحن امام انتقال سوريا على نحو اجمالي إلى مرحلة جديدة سمتها العامة “الفوضى السياسية الكيانية”، بانتظار وضوح موعد ووجهة التسوية التي ستقررها القوى الاقليمية والدولية المتدخلة في أوضاعها، استناداً إلى توازنات الداخل في ظل سلطات الامر الواقع الجديد، والتوازنات القائمة بين القوى الاقليمية والدولية المتداخلة في أوضاع المنطقة. وهي القوى المتمثلة بتركيا وروسيا المتواطئة معها والولايات المتحدة التي ستتولى التنسيق بين مختلف القوى وحماية المنطقة الكردية، والاشراف على فصول انهيار الدور والنفوذ الايراني، في موازاة الهجوم الاسرائيلي للسيطرة على ما يسمى المنطقة العازلة على حدود الجولان المحتل.
مشهد سوريالي… إنه المشهد السوريالي الذي يؤشر إلى دخول المنطقة ككل مرحلة تاريخية جديدة، هي نتاج الحرب الاسرائيلية المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني وحرب الابادة التي يتعرض لها وفصولها الدموية المستمرة، رغم النكبة الجديدة التي وقعت عليه وعلى قضيته وحقوقه، وسط مخاطر التهديد بتصفيتها من قبل العدو الاسرائيلي في ظل الادارة الاميركية الجديدة تحت راية صفقة القرن. في مقابل دخول لبنان مرحلة جديدة مع قرار وقف اطلاق النار على الجبهة اللبنانية مع العدو الاسرائيلي، وفق آلية تنفيذ القرار 1701، الذي ستشرف على تنفيذه الادارة الاميركية سياسياً وميدانياً على النحو الذي يضمن الامن لإسرائيل، ويحاصر النفوذ الايراني فيه مقابل نزع السلاح غير الشرعي، وانهاء الوجود المسلح لحزب الله في لبنان بدءاً من منطقة جنوبي الليطاني، في موازاة السعي لإعادة تشكيل السلطة ومؤسسات الدولة، وهو ليس بالأمر السهل.”
الفوضى الخلاقة.
عن نتائج الحرب على فلسطين، يقول طه: “لا شك في أن المشهد الراهن هو حصيلة عقود، من تعريض الادارات الاميركية المتعاقبة أوضاع بلدان المنطقة العربية لأحكام استراتيجية الفوضى الخلاقة بهدف إخضاعها والسيطرة عليها ونهب مواردها، والتي تشكل اسرائيل إحدى أهم مرتكزاتها، ومن تقاطع سياسات النظامين الايراني والتركي معها. لأن كلاهما كان يسعى إلى تعزيز نفوذه من خلال الاستثمار في العوامل والبنى الطائفية لمجتمعات المنطقة، وعبر التدخل في أزماتها البنيوية الناجمة عن تسلط أنظمة الاستبداد التي تحكمها بشعارات براقة، والمحصلة تقدم النفوذ التركي وتراجع الدور الإيراني.
وفي سياق تلك الاستراتيجية كانت الحرب الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني في وجوده وقضيته، القضية الفلسطينية بالتنسيق الكامل مع الادارة الاميركية وبدعم منها، بذريعة عملية طوفان الاقصى. وهي الحرب التي شكلت ذروة الاستثمار المشترك في الانقسام الفلسطيني نتيجة الخلاف بين السلطة ومنظمة التحرير وحركة “حماس” حول سبل مواجهة السياسات الاسرائيلية القائمة على التوسع في عمليات الاستيطان ومصادرة الاراضي والحصار السياسي والاقتصادي والمالي للسلطة الفلسطينية، في موازاة الحصار المستدام لقطاع غزة التي تديره حركة “حماس”، والهدف قطع كل الطرق امام حل الدولتين. وهي الحرب التي تقاطعت وتشابكت مع النزاعات والحروب الاهلية المفتوح في أكثر من بلد عربي على رافعة الانقسامات الداخلية والتدخلات الخارجية الدولية والاقليمية فيها برعاية ومشاركة من الادارات الاميركية، كما جرى في لبنان وسوريا والعراق واليمن وسواها.
ولأن أهداف السياسات الاميركية لا تتبدل مع تبدل الاحزاب الحاكمة، فإن الادارة الحالية تسعى بالتنسيق مع الرئيس المنتخب وقبل تسلمه مهامه، إلى جلاء نتائج سياساتها وترصيد حساباتها حول ما أنجزته في ميادين وساحات القضايا المعنية بها في سائر أنحاء العالم، سواء في سياق الحرب الروسية – الاوكرانية وسعيها لتطوير وتعزيز دور حلف الناتو، او في اطار الصراع الأميركي – الصيني، وصولاً إلى منطقة الشرق الاوسط، وقضاياها ونزاعاتها المتفجرة. حيث الخاسر الاكبر هي الشعوب والمجتمعات، بدءاً من فلسطين ولبنان وسوريا واليمن وسواها، مروراً بمحاصرة ومحاولة تصفية الدور الايراني ومرتكزاته الطائفية بعد الاستثمار فيها لتفكيك بنى مجتمعات ومؤسسات دول تلك البلدان.”
الهدف الإسرائيلي الحقيقي… وهل الهدف الإسرائيلي الحقيقي من حرب غزة هو إخراج الفلسطينيين من غزة إلى مصر ومن الضفة إلى الأردن؟
يجيب طه: “ليس جديداً القول ان الحكومات الاسرائيلية استغلت الانقسام الفلسطيني، وعملت على رعايته والاستفادة منه بمختلف الوسائل والإمكانات، بما فيها تسهيل وصول الاموال الداعمة لسلطة “حماس” في القطاع المحاصر من قبلها. لكن حكومة اليمين المتطرف الحالية وبذريعة عملية طوفان الاقصى، لم تتردد في الافصاح عن اهداف حربها المفتوحة، بالتنسيق الكامل مع الادارة الاميركية التي تولت قيادة الحرب وتوفير كل مستلزمات التسلح والدعم اللوجستي على ارض فلسطين وفي مواجهة حروب المساندة البديلة التي قررتها ايران لتغطية عدم مشاركتها المباشرة في الحرب على جبهتي لبنان واليمن وفي مواجهة ايران. بالاضافة إلى الاشراف على المسارات السياسية والديبلوماسية للحرب على كل المستويات الدولية والاممية والعربية. وقد شملت الاهداف اعادة تنظيم اوضاع بلدان المنطقة، وخوض معارك تصفية مقاومة حركة “حماس” وسلطتها في إطار الحرب على قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، والسعي لتبديد وجوده في قطاع غزة ومحاولة تهجير جميع سكانه بقوة عمليات الابادة والمجازر الجماعية ومن خلال تدمير كل مقومات الحياة والعيش في القطاع.
مصادرة الأراضي وتهجير السكان
أضاف طه: “لم يختلف الامر بالنسبة للضفة الغربية المحاصرة بسياسات الاستيطان ومصادرة الاراضي في امتداد محاصرة السلطة الوطنية سياسياً وأمنياً واقتصادياً ومالياً، والتخطيط لتهجير أكثرية سكانها إلى الاردن باعتباره الوطن البديل. وكما اصطدمت بالصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني والرفض القاطع لكل محاولات التهجير رغم هول التوحش الاسرائيلي وبربرية ممارساته العدوانية التي هزت الرأي العام الاوروبي والاميركي. كذلك، فإن تلك المحاولات اصطدمت أيضاً برفض كل من مصر والاردن.
لكن فشل محاولات التهجير لغاية الآن لا يعني التخلي عنها أو التراجع عن أهداف الحرب، ورفض حل الدولتين التي تحظى بما يشبه الاجماع الاسرائيلي وبالدعم الاميركي والاوروبي الغربي خاصة بريطانيا وفرنسا والمانيا. يؤكد ذلك عمليات الابادة والقتل الجماعي المستمرة ضد سكان القطاع المحاصرين بالجوع والتشريد والمرض، والذين تطاردهم اسلحة الموت والدمار على نحو يومي وامام انظار العالم أجمع. والاخطر في ذلك، أنه لا يكمن في التواطؤ العربي المستدام حيال القضية الفلسطينية وعلى ارض فلسطين فحسب، وإنما في استمرار الانقسام السياسي الفلسطيني واستسهال قيادة “حماس” التفريط بسلاح الوحدة الوطنية، وهو الاهم في تمكين الشعب الفلسطيني من الصمود ومواجهة حرب الابادة وسياسات التهجير. كما في حماية قضيته وحقوقه الوطنية على ارضه والحؤول دون تصفيتها أو النيل منها.”
وعن لبنان ومستقبل حزب الله وتحويله إلى حزب سياسي، يرى طه: انه “ما من شك في أن قرار وقف اطلاق النار على الجبهة اللبنانية مع العدو الاسرائيلي وفق الصيغة التي جرى الاعلان عنها، قد وضع لبنان امام تحديات مرحلة جديدة تختلف كلياً من حيث أحكامها عمّا كان عليه الوضع طوال العقود السابقة منذ العام 1968 تحت راية دعم المقاومة الفلسطينية. ورغم الحاجة الماسة لتقييم تلك المرحلة واستخلاص نتائجها ايجاباً أو سلباً، وفهم حدود ومفاعيل الدعم للقضية الفلسطينية، يبقى الأهم بالنسبة للبنانيين، ضرورة وأهمية إمعان النظر وقراءة التجربة اللبنانية واستخلاص دروسها ورصد حساباتها المتعلقة بما تحقق من مستويات وحدة مجتمعية بين اللبنانيين وما بقي منها في ظل حالة الانقسام الموروث والمستجد منذ تأسيس الكيان. لأن الامر يتطلب مراجعة ،وما جرى في سياقه من نزاعات أهلية تشابكت فيها عوامل الداخل والتدخلات الخارجية الاقليمية والدولية، حول مختلف قضايا الكيان بدءاً من الهوية الوطنية وتعدد تعريفاتها واختلافها تبعاً لمكوناته المجتمعية، إلى العلاقات في ما بينها، إضافة الى رؤاها حول طبيعة ووظائف النظام الساسي ومواقع السلطة وسيادة الدولة، وعلاقات لبنان مع محيطه وقضاياه وأزماته، بما فيها القضية الفلسطينية وتشعبات ملفاتها وانعكاساتها على أوضاعه الداخلية”.
ماذا عن الحزب؟
لكن، هل الحزب قادر على التكيّف مع المرحلة المقبلة يجيب طه: “إن تحديات المرحلة المقبلة لا يمكن حصرها بمدى استعداد حزب الله لإعادة النظر بمشروعه وممارساته ورهاناته الخارجية في ظل ولائه للمرجعية الايرانية، واستهانته بالمصلحة الوطنية اللبنانية، وصولاً الى استسهال التفريط بالتحرير الذي شكل أهم انجازات اللبنانيين في مقاومة جيش الاحتلال الاسرائيلي واجباره على الانسحاب من دون قيد او شرط، ومعه التحرر من وصاية النظام السوري، بل هي تشمل أيضاً سائر قوى السلطة من اصحاب المشاريع الطائفية الفئوية، ومدى استعدادها لإعادة قراءة تجاربها في السلطة وحول قضايا وملفات الوضع الداخلي وعلاقات لبنان الخارجية. وهي جميعاً مسؤولة عن حالة الفوضى السياسية التي يحكم البلد بموجب أحكامها راهناً، وعن تعطيل الاستحقاقات الدستورية وشلل مؤسسات الدولة واجهزتها، وعن الانهيار الاقتصادي والمالي وحالة الحصار السياسي والمالي، الدولي والعربي، المفروض على البلد.
إعادة الاعتبار لدور الدولة
الاهم الآن، هو تحدي إعادة الاعتبار لدور ومهام الدولة وقرارها السيادي كمدخل لتفعيل مؤسساتها للتعامل مع سائر ملفات الوضع اللبناني، والاصلاحات المطلوبة ونتائج الحرب الاسرائيلية عليه وإعادة الاعمار، بدءاً من تنفيذ اتفاق وقف اطلاق على النحو الذي يصون ويحمي المصلحة الوطنية ويؤمن سيادة البلد ويحول دون خطر التهديدات بتجدد الحرب الاسرائيلية عليه. وهي مسؤولية مشتركة تستدعي تضافر جهود سائر القوى دون استثناء بما فيها حزب الله بعيداُ عن سياسات التعطيل وانكار الوقائع القاهرة وخطابات التخوين وتبادل الاتهامات.
صحيح أن الواقع اللبناني الراهن صعب والتحديات كبرى، لكن الصحيح أيضاً أن المؤشرات والمعطيات القائمة وفق أداء أكثرية قوى السلطة لا تشي بأن المرحلة القادمة يمكن اجتيازها على النحو الذي ترغب به أكثرية اللبنانيين. وهي القوى التي لن تتخلى طوعاً عن مشاريعها ومصالحها الفئوية وصراعاتها على الحصص والمواقع. الامر الذي يستدعي من سائر قوى وفئات المجتمع المتضررة أخذ زمام المبادرة للدفاع عن حقوقها والضغط في سبيل لإقرار الاصلاحات المطلوبة مدخلاً للتغيير والتقدم”.
التوقيت وسرعة التنفيذ
وفي موضوع تطورات الساعات الاخيرة في سوريا يكشف طه: عن انه “سبق التطورات الحالية رفض رئيس النظام السوري تنفيذ أي من بنود الاتفاق مع عدد من الدول العربية وهي البنود المتعلقة بعودة النازحين السوريين، ووقف انتاج وتهريب المخدرات، وبدء الحوار لتحقيق المصالحة الوطنية. وقد أضاف لها رفضه اللقاء مع الرئيس التركي الذي ينسق مع روسيا للبحث في سبل معالجة الازمة السورية، والحوار مع المعارضة المدعومة من تركيا ومعالجة العلاقات المشتركة. لذلك لم يكن هجوم الفصائل مستغرباً، لكن المفاجئ كان توقيته وسرعة تنفيذه، وما رافقه من تواطؤ روسي وتنسيق اميركي غير معلن. بالاضافة إلى ما أتى في امتداده من تبدل في خطاب وأداء قيادة تلك الفصائل والناطق باسمها، سواء حول أهداف الهجوم وخلال محطاته المتسارعة، أو بشأن العلاقة مع مختلف مكوّنات المجتمع السوري الطائفية والعرقية، او لناحية ما صدر عنها حول العلاقات مع العراق ولبنان لتبديد كل ما اشيع من أوهام حول وجهة الهجوم خارج سوريا أو وجهة الانتقام. لكن الاهم كان في محاولة تنظيم انهيار السلطة والجيش، والسعي للحفاظ على مؤسسات الدولة وحمايتها من التدمير، وتجنب الاعمال الانتقامية. وهو الاداء الذي يؤسس للانتقال بالوضع السوري نحو مرحلة جديدة.”
الانهيار في سوريا
وعن سرعة الانهيار في سوريا؟ يرى طه: “أن المفاجأة الأهم تمثلت في سرعة الانهيار والسقوط المدوي للنظام، وهذا يعود إلى أمرين: مستوى تنظيم وتجهيز وسرعة الهجوم فصائل هيئة تحرير الشام، وعدم استعداد الجيش السوري للقتال وهي النتيجة الطبيعية لحالة الاستياء من سياسات النظام وأداء وممارسات القوى والمافيات التابعة له. أما عمليات القصف الجوي الروسي والسوري المحدودة، فإنها لم تبدل في نتائج الهجوم الذي انعكس سلباً على وضع ميليشيات الحرس الثوري الايراني وملاحقها، التي اسقط بيدها وانسحبت من مواقعها كافة.
كذلك فإن المحاولات السياسية التي قام بها قادة النظام الايراني على أكثر من مسار وصعيد لوقف الهجوم باءت بالفشل، سواء مع تركي أو مع روسيا والنظام طلباً للمواجهة، او الضغط على العراق للسماح للحشد الشعبي بالتدخل. في المحصلة، اتت النتائج لغير مصلحة الدور والوجود الايراني، مما وضع الميليشيات الحرس الثوري وفي طليعتها “حزب الله” امام الامر الواقع والتسليم بهزيمة النظام، والبحث عن مخارج للانسحاب من سوريا.”
وحول ما هو متوقع بشأن مصير الاسد ومستقبل سوريا بين التقسيم والفيدرالية، وما تأثير ذلك على لبنان والدول العربية؟
اجاب طه: “اعتقد أن المصير النهائي لبشار الاسد مرهون بنتائج المشاورات بين سائر الجهات الدولية والاقليمية بشأن الوضع السوري في ظل توزع السيطرة على المناطق السورية بين فصائل المعارضة المسلحة في هيئة تحرير الشام وسائر الفصائل الاخرى ومعها تحالف القوى الكردية “قسد”، بالاضافة الى الحصن الاخير للنظام في جبل العلويين والساحل السوري، وسط المؤشرات التي توحي بتجنب الهجوم عليه، مما يعني أننا امام مرحلة سلطات الامر الواقع.
إن الابقاء على رئاسة الاسد مؤقتاً يبقى خياراً مطروحاً، بانتظار أوان البحث عن تسوية الوضع السوري وفق ما تراه الادارة الاميركية الجديدة مناسباً. وهي التسوية التي ستكون موصولة بملف الحرب الأوكرانية، والوضع في العراق ولبنان، وبمصير نفوذ النظام الايراني المحكوم بالتراجع والانكفاء في سائر ساحات المنطقة حتى في ايران.”
وأردف: “بتقديري، إن طبيعة التسوية القادمة التي ستقررها الجهات الدولية والاقليمية ستأخذ بعين الاعتبار ما آلت اليه اوضاع الداخل، ومكونات المجتمع السوري الطائفية والعرقية بعد الخراب الذي اصاب الاحزاب الوطنية السورية، وحالة التفكك والانهيارات التي اصابت مؤسسات الدولة فيها، والتي يضاف اليها انهيار الاحزاب العابرة سواء الوطنية والقومية أو اليسارية منها، في مقابل صعود التنظيمات الاصولية الطائفية والعرقية، مما يعني أننا سنكون امام خليط من الفيدرالية والمحاصصة الفئوية كما في العراق ولبنان، ولا أرى ان التسوية ستكون سريعة كما يأمل اكثرية السوريين، لأنها كانت وستبقى مرهونة لمصالح الخارج ولأن قوى الداخل تفتقد لاستقلالية القرار. وبتقديري ان صيغة التسوية السورية كما التسويات في سائر بلدان المنطقة ستكون وفق محصلة الواقع الراهن وتوازناته الخارجية، أخذاً في الاعتبار ما انتهت إليه مجتمعاتها المأزومة نتيجة انهيار نظم الاستبداد وأحكام استراتيجية الفوضى الخلاقة الأميركية والتدخلات الاقليمية في أزماتها”.
وعن تأثير كل ذلك على لبنان؟
يجيب طه: “إن البلدان العربية المأزومة والمفككة مجتمعياً، بما فيها لبنان ستكون امام محطات من العسر في مسارات إعادة تشكيل مؤسساتها وأجهزتها الدولتية الوطنية الجامعة والمشتركة. وفي معالجة مشكلاتها الموروثة والمستجدة في ما خص نتائج الحروب التي سادت فيها، وتحديات الاصلاح إعادة الاعمار والنهوض. علماً أن الخارج معني بالبحث عن مصالحه وليس بالعمل على بناء الدول وضمان حقوق الشعوب ومجتمعاتها، الامر الذي يضع امام تحديات غير مسبوقة حيال أوضاعها واوضاع بلدانها.
في المقابل، فإن التحدي الذي يواجه مختلف القوى السياسية والمجتمعية للشعب الفلسطيني يكمن اولاً في استعادة الوحدة الوطنية، باعتبارها المدخل والسلاح الاهم الذي يمكنها من الصمود وفي افشال مخططات التصفية لحقوق شعبها ومنع تبديد وجوده. كما في إبقاء قضيته الوطنية حية وقابلة للتجدد النضالي لنيل حقوقه وبناء دولته على أرضه. فيما مسارات التطبيع العربي مع دولة العدو الاسرائيلي مرشحة للتواصل والاتساع من قبل النظم الحاكمة التي تبحث عن ضمانات استمرارها، بعيداً عمن مصالح وحقوق شعوبها المحكومة بالتسلط والاستبداد والتهميش.”
Leave a Comment