لا تفزعوا فلسطين: نجمك في السماء سيشرق

بقلم: إيلان بابيه*

قبر نوح إبراهيم في بلدة تمرة في الجليل.

[فلسطين لا تفزعي، نجمك في السما درة – لا تفزع فلسطين، نجمك في السماء هو لؤلؤة  (نوح إبراهيم، 1913-1938) – في إشارة أيضًا إلى أبو دورا، القائد الأسطوري لثورة 1936.]

شهر نيسان، في التقويم التاريخي لفلسطين، هو شهر محمّل للغاية. كمؤرخ أتذكر، على وجه الخصوص، اثنين من نيسان (أبريل) الماضيين في تاريخ فلسطين. في هذا الشهر من عام 1936، اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى في القرن العشرين، وفي نيسان 1948، دمرت القوات الصهيونية معظم البلدات والأحياء الفلسطينية، بما في ذلك مسقط رأسي، حيفا.

في الواقع، كانت حيفا موقعًا مهماً في كلتا الفترتين الدراماتيكيتين. هذا العام، على وجه الخصوص، أريد أن أستحضر ذكرى حيفاوي، نوح إبراهيم، نجل حيفا، الذي لا يزال عمله مناسبًا اليوم كما كان قبل سنوات عديدة. في الواقع، ذهبت هذا الشهر لزيارة قبره في بلدة تمرة في الجليل.

ولد إبراهيم في حيفا عام 1913، في وادي النسناس، الحي الفلسطيني الوحيد الذي تركته القوات الصهيونية التي اقتحمت المدينة في نيسان / أبريل 1948 ودمرت معظم أحياءها الفلسطينية. تم دفع الفلسطينيين الباقين إلى هذا الحي من بقية حيفا في عملية تطهير عرقي سريعة في الأيام الأولى من شهر حزيران / يونيو 1948.

كان إبراهيم ابن عشيرة أبو الحجة، وهي موجودة الآن في أماكن مثل طمرة وكوكب الحجة وغيرها من التجمعات الصغيرة. وسكن ذات مرة في قرى الرويس والدامون المدمرة، وأبرزها القرية البانورامية. عين حوض، التي تم إنقاذ منازلها الأنيقة لأن البوهيميين الصهاينة الليبراليين في تل أبيب كانوا يرغبون في امتلاكها كمسكن جديد لهم وأقنعوا الجيش بعدم هدمها.

إبراهيم، سيد المطابع والآلات، وهي حرفة جلبته أولاً إلى بغداد ثم إلى المنامة، البحرين، افتتح أول مطبعة على الإطلاق هناك. لكن أبريل 1936 أعادته إلى فلسطين. وقد تأثر بالفعل بتعليم عز الدين القسام الذي كان يعرفه شخصياً، ووجد الشعر أفضل وسيلة للتعبير عن حبه لوطنه وعزمه على النضال من أجل تحريره.

قام بدور فاعل في الثورة على الأرض ومن خلال شعره. إحدى هذه القصائد، “خطط لها، سيد ديل” كلفته عقوبة بالسجن في سجن عكا البريطاني سيئ السمعة (مكان اعتقال وتعذيب وإعدام). كان الجنرال ديل هو القائد الأعلى للقوات البريطانية في فلسطين ومهندس الإجراءات البربرية التي استخدمها الجيش البريطاني لقمع التمرد: هدم المنازل (أحياناً مع الأشخاص في الداخل)، وسير الناس فوق حقول الألغام، وعمليات الإغلاق وحظر التجول. كل ذلك في ظل نظام قانوني مجرّد من أي حقوق للمعتقلين أو الأسرى. كتاب يدوي عن الاحتلال القمعي، تم تنفيذه بالكامل بأحدث التقنيات في القرنين العشرين والحادي والعشرين من قبل إسرائيل منذ عام 1948.

“خطط لذلك يا سيد ديل” أثار إعجاب الجنرال، على الرغم من اتهامه له بقمع الفلسطينيين، وأطلق سراح السجين. ومع ذلك، بقي شعراء وكتاب آخرون في السجن:

“خير الرجال في البلاد الذين كانوا يعملون وعلماء معروفين. التهم الموجهة إلينا ملفقة وغريبة جداً، ويكفي أن تثبت إحداها أن تدفعنا إلى حبل المشنقة وفق القوانين الجديدة ”.

هكذا كتب إبراهيم في مذكراته. يبلغ عمر “القوانين الجديدة” الآن 76 عاماً ولا تزال سارية في رمضان هذا العام، وقد تم توظيفها على نطاق واسع في محاولة إسرائيلية يائسة لمنع اندلاع انتفاضة ثالثة.

في اليوم الأول من شهر رمضان عام 1938، تمّ تعقب إبراهيم واثنين من المتطوعين السوريين، الذين كانوا جزءًا من حركة الشباب السوري الذين قدموا لمساعدة فلسطين في الثورة، ونصبوا كميناً وقُتلوا بمساعدة سرب من سلاح الجو الملكي البريطاني.  درس تاريخي آخر تبناه الجيش الإسرائيلي – استخدام قوات مكثفة لأسر مقاتل فلسطيني من أجل الحرية مزود بمسدسات أو بنادق قديمة.

كان إبراهيم يبلغ من العمر 25 عامًا عندما قُتل، ومع ذلك تمكن من ترك إرث ثقافي ضخم لنا. وفي قصيدة موال الشهيرة من شعره العامي “لا تفزعوا فلسطين”، أشاد أبو دورا بأحد قادة الثورة الفلسطينية. إن مدح سيطرته على المسيحيين والمسلمين على حدٍ سواء، رسالة حاسمة في عصرنا، رددها في أشعار أخرى مثل “وطن للجميع”، كتبتها كمضاد لمحاولة البريطانيين زرع الانقسام بين المسيحيين والمسلمين في التحرر الوطني. حركة:

المسيحيون والمسلمون وحدتهم قوية ومرنة

العقيدة أو الدين لله والوطن لنا جميعاً

لا تقل مسيحي ومسلم ،

كلنا إخوة بالدم

مهما قلت أو فعلت، فإن آدم هو أبونا وحواء أمنا

كل واحد منا يفهم، وحدتنا قوية ومرنة.

خلال شهر رمضان وعيد الفصح وعيد الفصح، في أبريل 2022، ليست الوحدة شعاراً فارغاً. في نيسان / أبريل من هذا العام، لا تزال حيفا مدينة فلسطينية بقدر ما هي داخل إسرائيل، والحيفاويون في كل مكان، ولا ينسون ولا يتخلون عن نضالهم من أجل العدالة والتحرير.

واحد لن يتحقق إلا بالوحدة. سواء كنا مسيحيين أو يهوداً أو مسلمين، فإننا نعيش في قرن تكون فيه دولة ديمقراطية واحدة للجميع، في جميع أنحاء فلسطين التاريخية، هي الحل الوحيد، حيث يتم إحياء ذكرى الثورات والثوار، وتذكر الكوارث، ولا يزال تخيل رؤى التحرير. ستتحول هذه الرؤى في يوم من الأيام – لصالحنا جميعًا، المستعمرين والمستعمرين على حد سواء – إلى واقع جديد على الأرض. لا تفزعي فلسطين، سوف يضيء نجمك في السماء ويأتي وقتك.

*إيلان بابيه أستاذ بجامعة إكستر. كان سابقاً محاضراً كبيراً في العلوم السياسية في جامعة حيفا. وهو مؤلف كتاب التطهير العرقي لفلسطين، والشرق الأوسط الحديث، وتاريخ فلسطين الحديثة: أرض واحدة، وشعبان، وعشر أساطير عن إسرائيل. يوصف بابيه بأنه أحد “المؤرخين الجدد” في إسرائيل الذين، منذ إصدار الوثائق الحكومية البريطانية والإسرائيلية ذات الصلة في أوائل الثمانينيات، أعادوا كتابة تاريخ إنشاء إسرائيل في عام 1948.

 نُشر في 5 نيسان | أبريل 2022 The Palestine Chronicle.