اقتصاد

قطاع الانترنت: رأس المال التشغيلي من الدولة والارباح للشركات الخاصة!

محمد قدوح

تكشفت خلال الاضراب الذي نفذه موظفو هيئة اجيرو الاسبوع الماضي، إحدى اهم السرقات المنظمة والمشرعة من قبل مجلس الوزراء، والتي تقوم بها الشركات الخاصة المزودة لخدمات الانترنت ISPS، وذلك خلال شراء خطوط E1، وهي عبارة عن خطوط رقمية بسرعة 2 جيغابيت في الثانية، ويوفر كل منها 30 خط KBPS64 ، يتيح الوصول بشكل اسرع واكثر مرونة لخدمات البيانات والصوت والفيديو، من هيئة اوجيرو بمبلغ 457.000 ليرة لبنانية، يباع من قبل هذه الشركات الى الشركات المحلية الموزعة لخدمة الانترنت في الاحياء بمبلغ 200$ اميركي. حيث تقوم الشركات الاخيرة بدورها بوصل 50 مشتركاً على الخط الواحد مقابل 10 او 15 دولار للمشترك الواحد. اما السرقة الاغرب والاوقح، فتتمثل في قيام هذه الشركات بحجز كامل الكمية المتوفرة لدى هيئة اوجيرو من خطوط 1E  ، وتقدر بحوالي 180الف خط، بحيث تضطر شركتي الخليوي الفا وتاتش المملوكتين من الدولة الى شراء خطوط 1E  منها، اي أن الدولة (اوجيرو) تبيع لنفسها (الفا وتاتش) بواسطة هذه الشركات، بذلك تكون الدولة قد أمنت لها إحتكار سوق خدمة الانترنت.

وقد ادى الكشف عن هذه السرقة، الى تسليط الضوء على مزاريب الهدر في قطاع الانترنت ويبدو انها كثيرة، والظاهر منها حتى الان:

اولاًـ عدم التزام الشركات ISPS بالتعهد المنصوص عنه في العقد الموقع بينها وبين هيئة اوجيرو، والمتضمن توزيع خدماتها عبر شركات محلية مرخصة، ومسجلة لدى الهيئة لتمكينها من استيفاء الرسوم وبدل الاشتراكات المستحقة، وهو امر لم تلتزم به، حيث تقوم ببيع الخطوط للشركات المحلية التي توزع خدمة الانترنت في الاحياء، والتي يقدر عددها بحوالي 4000 شركة غالبيتها غير مرخص ومسجل لدى هيئة اوجيرو، وفي هذا الاطار افاد أحد موظفي اوجيرو بأنه في مقابل تزايد الطلب على خطوط 1E  يحصل تناقص في عدد الموزعين الذين سددوا الرسوم والاشتراكات. وتقدر خسائر الهيئة بملايين الدولارات شهرياً، ويقدر عدد المشتركين غير المسجلين بحوالي 700 الف مشترك.

ثانياًـ تقوم الشركات التي تقدم خدمة wireless بإستجرار الانترنت عبر استعمال البث الخليوي من شيكات في الدول المجاورة. وهي بالتالي ليست بحاجة الى شبكة اوجيرو. وتقدم خدماتها في لبنان بطريقة غير شرعية ومن دون دفع الرسوم المتوجبة للدولة اللبنانية.

ثالثاًـ تقوم بعض الشركات الاخرى بإستخدام صحون لاقطة v.s.a.t موصولة الى صحنين imb وd.v.bK  بحيث يمكنها تأمين الانترنت عبر الاقمار الصناعية، وقد سبق وأن تبين ان احدى هذه الشركات كانت موصولة مباشرة بشركة انترنت خارجية توزع خدماتها في دول عدة بينها اسرائيل، وتقدم خدماتها في لبنان وايضاً من دون تسديد الرسوم المتوجبة للدولة اللبنانية.

رابعاًـ تقوم بعض الشركات بإستعمال خطوط 1 E  للتخابر المحلي والدولي بمعدل 5000 مخابرة يومياً، وأفاد احد الموظفين بأنه جرى وقف هذه الخطوط من قبل هيئة اوجيرو، لكن كان يتم تدخل سياسي في كل مرة لإعادة تشغيل هذه الخطوط.

لا شك في أن مجموع هذه السرقات أكثر من أن يتسبب في حصول الانهيار في قطاع الاتصالات وتردي الخدمات التي يقدمها، وكذلك إرتفاع صرخة الموظفين في وزارة الاتصالات وهيئة اوجيرو للمطالبة بدفع مستحقاتهم وزيادة رواتبهم، وتراجع إيرادات الخزينة، بإعتبار أن هذا القطاع من اهم مصادر تمويلها. ويبقى الاشارة في هذا السياق إلى أن الشركات التي تقدم خدمات الانترنت غير شرعية، وغير خاضعة للرقابة من قبل الدولة اللبنانية، وبالتالي تأمين حماية البيانات الشخصية للمشتركين لديها، من الاخترقات المتمثلة من جانب اجهزة استخبارات عدوة، وهو حصل ويحصل من قبل العدو الاسرائيلي.

خلاصة القول: إذا كان موظفو اوجيرو يراهنون على تعديل تعريفة خطوط 1E لصالح الهيئة في جلسة مجلس الوزراء المقبلة فإنه يتوجه نحو تأمين المبالغ اللازمة لدفع مستحقاتهم وزيادة رواتبهم. كذلك تأمين النفقات التشغيلية اللازمة لصيانة المعدات والتجهيزات، فإن ما يجب ان يقوم به مجلس الوزراء يتجاوز ذلك، إلى إتخاذ الاجراءات اللازمة لوقف الانترنت غير الشرعي والذي بات يستحوذ على 60% من سوق هذه الخدمة ما يفوق النسبة المتوقعة منه. ويبقى الرهان على اللبنانيين، ولاسيما قوى ومجموعات المعارضة للتحرك سريعاً كي لا يدفعوا مقابل زيادة تعريفة اوجيرو، من جهة ووفق هدر إيرادات الخزينة من جهة ثانية.

بيروت 11 نيسان 2023

Leave a Comment