مجتمع

رابطة موظفي الدولة نموذجاً لتعاطي القوى الطائفية

  كتب محمد قدوح

لم تدعُ الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة، الموظفين لإنتخاب هيئة إدارية جديدة، بالرغم من إنتهاء ولايتها في شهر تموز من عام 2019، و تبرر الهيئة عدم توجيه الدعوة لإجراء الانتخابات بفقدان مركز للرابطة وتفشي جائحة كورونا، علماً أنه من المفترض إجراء الانتخابات خلال الشهرين السابقين لإنتهاء ولاية الهيئة الادارية، أي قبل تفشي جائحة كورونا.

قد يكون هذا التبرير مقبولاً في ظل الظروف التي يمر بها الوطن، لكن ما هو غير مقبول، تقاعس الهيئة الإدارية عن القيام بواجب الدفاع عن الإدارة العامة وموظفيها، ومواجهة تجاوز السلطة السياسية القوانين، فيما يتعلق بملف التعيين في وظائف الفئة الاولى، وتعدي بعض المدراء العامين على صلاحيات الفئات الوظيفية الأدنى، وإلزام الموظفين بالحضور خلافاً لقرارات مجلس الوزراء المتعلقة بإجراءات الوقاية من فيروس كورونا، مما أدى إلى ارتفاع الاصابات في صفوفهم، وإقفال العديد من الوحدات الإدارية. حيث أقتصر نشاط الرابطة على إصدار البيانات والتهديد بالاضراب دون محاولة تنفيذ أي اضراب أو اعتصام.

وفي العودة إلى موضوع الانتخابات، وبعد مراجعة رئيسة الهيئة الإدارية بهذا الشأن تبين أن وزارة الداخلية ـ المديرية العامة للشؤون السياسية، رفضت إستلام كتاب الهيئة الإدارية المتضمن طلب تمديد ولايتها، بسبب عدم تسجيل كتاب الهيئة الإدارية السابقة المتضمن نتائج الانتخابات، بحجة وجود نزاع قضائي. ويترتب على ذلك من الناحية القانونية أمران: الأول هو عدم وجود الهيئة الإدارية الحالية، وبالتالي لا يجوز لها النطق بأسم الرابطة والتصرف بأموالها. والثاني استمرار شرعية الهيئة الإدارية السابقة، والتي لها الحق في القيام بالإجراءات الإدارية التي تضمن عمل الرابطة قانونياً، والدعوة لإنتخاب هيئة إدارية جديدة. لكن من غير المرجح أن تسهل المديرية العامة للشؤون السياسية هذه المهمة على الهيئة الإدارية السابقة، للأسباب ذاتها التي دفعتها لعدم تسجيل كتاب نتائج الانتخابات، أي تعطيل الرابطة تمهيداً لحلها عند اللزوم.

ومن المؤكد أن عدم تسجيل كتاب نتائج الانتخابات قد حصل بطلب من بعض الموظفين المقربين سياسياً من المديرة العامة للشؤون السياسية، وذلك استكمالاً لمسار التعطيل الذي بدأ مع توجه ممثلي القوى السياسية الطائفية جراء خلاف وقع مع الهيئة الادارية السابقة حول تفسير المادة (ع) من النظام الداخلي، المتعلق بتوزيع أعضاء الهيئة الإدارية على الإدارات المركزية والاقليمية. وعندما جاءت نتائج الانتخابات عكس رغباتهم، ولا تمكنهم من السيطرة على الهيئة الإدارية أقدموا على رفع دعوى إلى القضاء لتفسير المادة المذكورة أعلاه، ولم يصدر حكم فيها لغاية تاريخه.

وقد اقترحت رئيسة الرابطة على الهيئة الادارية التقدم بطلب تأسيس جمعية جديدة، لكن الهيئة لم توافق على هذا الاقتراح، وهو أمر غير مستغرب، لأن الوضع الحالي للرابطة يمكنهم من الهيمنة على الهيئة الإدارية، لاسيما بعد تقاعد رئيستها، لأن الذهاب إلى انتخابات جديدة، أو تأسيس جمعية جديدة قد لا يصب في مصلحة القوى الطائفية. أي إن هذه القوى تعمل من أجل دوام السيطرة على الرابطة، أو تعطيلها عن ممارسة دورها. وهذا بات بمثابة قانون تسير عليه كل القوى الطائفية اتجاه الروابط والاتحادات وغيره من مؤسسات نقابية ووظيفية.

وبناءً عليه، لا بد من توجيه الدعوة للموظفين للدفاع عن رابطتهم وممارسة الضغوط على الهيئة الإدارية الحالية لمعالجة الوضع القانوني للرابطة، والدعوة لإنتخاب هيئة إدارية جديدة، وكذلك دعوة الهيئة الإدارية السابقة للتدخل ومحاولة إعادة قوننة الرابطة، بإعتبار أن شرعيتها لا تزال قائمة نتيجة عدم تسجيل نتائج الانتخابات في وزارة الداخلية.

Leave a Comment