مسيح علي نجاد *
تقرع الاحتجاجات التي تعم طهران حالياً ناقوس موت الجمهورية الإسلامية، فمقتل مهسا أميني عن عمر 22 سنة عقب اعتقالها من قبل الشرطة على خلفية ارتدائها الحجاب بشكل غير صحيح، أطلق العنان لموجة من التظاهرات الغاضبة والدامية، والمقاطعات والتوقف عن العمل والإضرابات المفاجئة التي أرهقت القوى الأمنية، وانتشرت في ما يزيد على 100 مدينة في البلد.
لقد واجهت الحكومة في السابق احتجاجات كبيرة، لا سيما في 2009 و2017 و2019، بيد أن التظاهرات الحالية مختلفة، فهي تجسّد الغضب الذي تشعر به النساء الإيرانيات والشباب الإيراني حيال نظام يسعى إلى كبح أعز رغباتهم، وهم يتعهدون بقلب النظام الإيراني الحاكم رأساً على عقب.
فمنذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1978 – 1979 حطت الجمهورية الإسلامية من شأن مكانة المرأة في المجتمع، فاختزلتها لتصبح مواطنة من الدرجة الثانية بحكم الشريعة والقيود التي ينص عليها الدستور الإيراني، إلا أن النساء، خصوصاً الشابات منهن، قد ضقن ذرعاً بهذا الواقع، وهن حالياً يرفضن بصراحة أن يفرض عليهن ارتداء الحجاب، واتباع النظام الاجتماعي الذي سعت الجمهورية الإسلامية إلى فرضه على البلاد.
لقد أحرقت بعض النساء حجابهن، وهو تصرف كان ليعاقب عليه القانون قبل شهرين بالجلد والسجن، إلا أنه لم يعد عملاً نادراً في المدن الايرانية.
يقال إن الثورات تأكل أولادها، إلا أنه في إيران الأحفاد هم من يأكلون الثورة، وقد استجاب رجال الدين في إيران لهذا التحدي الوجودي بجبروت كبير، لكن العنف والقمع لن يقضيا على إرادة الشعب الذي شحنت الأحداث الأخيرة مشاعره ضد الحكومة.
دعائم الدولة
تقوم الجمهورية الإسلامية على ثلاث دعائم أيديولوجية، هي المعارضة العنيفة للولايات المتحدة، والعداء الذي لا يلين تجاه إسرائيل، والكراهية المؤسساتية للمرأة، لا سيما فرض ارتداء الحجاب بالإكراه على المرأة، ومطالبتها بستر جسدها تماماً في الأماكن العامة، ولو أصاب الوهن أياً من هذه الدعائم فإن هيكل الجمهورية الإسلامية برمته سينهار.
تحتاج طهران إلى العداوة مع الولايات المتحدة وإسرائيل من أجل إبقاء شعلة الثورة متقدة، والعداء لأميركا مطبوع مثل الوشم الذي لا يتغير على هوية الجمهورية الإسلامية، أما تطبيق قواعد اللباس الخاص بالنساء فهو أيضاً عبارة عن خط أحمر بالنسبة إلى قيادة رجال الدين.
ارتداء الحجاب الإجباري بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية له المعاني نفسها التي كانت لجدار برلين بالنسبة إلى الشيوعية، أي أنه ليس رمزاً فقط للقوة والثبات، بل هو أيضاً دليل على الضعف وسرعة التأثر.
كان جدار برلين هو الآخر عبارة عن اعتراف بهشاشة النظام الشيوعي الذي اعتمد على ممارسة سيطرة كبيرة على الشعب، وبالمثل فإن قوانين الحجاب الإجباري تعكس خوف الجمهورية الإسلامية من السماح لمواطنيها بالتمتع بحرياتهم الشخصية، وتصميمها على فرض سيطرتها على المجتمع، من خلال معاملة النساء كما لو أنهن من الممتلكات التي ينبغي وضعها في مكان واحد وحمايتها.
بمجرد أن سقط جدار برلين كان مصير الشيوعية قد حُسم نهائياً، وسوف يكون المصير نفسه من نصيب الجمهورية الإسلامية حالما استطاعت النساء نزع الحجاب عن رؤوسهن والمشاركة في الحياة الاجتماعية كما يفعل الرجال.
بدأت الجمهورية الإسلامية بفرض قواعد الثياب على النساء مباشرة بعد الثورة الإيرانية، وقد أراد مهندسو الدولة الثورية التحكم في كيفية ارتداء النساء ثيابهن في الأماكن العامة، فتم حظر الألبسة الضيقة والألوان البراقة والمكياج، والإصرار على أن تغطي النساء شعورهن، وبموجب قوانين الحجاب الإجبارية في البلاد فعلى النساء والبنات، حتى الصغيرات منهن اللواتي لا يزيد عمرهن على سبع سنوات، أن يلبسن غطاء رأس، وتعاقب المخالفات بقسوة، وغالباً ما يجري اتهامهن بـ “التحريض على الفساد والدعارة”.
وقد حكمت الدولة على عدد من النساء، بمن فيهن الناشطة ياسامان أرياني ووالدتها منيره عربشاهي، بالسجن لفترات وصل طول بعضها إلى 16 عاماً، وذلك بسبب تحديهن هذه القوانين، إلا أن مئات النساء الأخريات دفعن هذا الثمن، ويواصلن دفعه لأنهن يسعين إلى الحصول على حرية اختيار طريقة ارتداء ثيابهن.
لم تقبل الإيرانيات بصمت على الإطلاق فرض الحجاب عليهن، ففي عام 2014 وحده، وطبقاً للأرقام الصادرة عن الحكومة، قامت الجهة المسماة بشرطة الأخلاق (وهي مفرزة من سلطات إنفاذ القانون المكلفة الحفاظ على المعايير الأخلاقية الإسلامية) بتحذير 3.6 مليون امرأة، أو فرض غرامات عليهن أو اعتقالهن بسبب ارتداء “ملابس غير لائقة”.
ولم يجر الإفراج عن البيانات المتعلقة بالسنوات اللاحقة، على الأغلب لأنها ستكشف إلى أي مدى ضاقت النساء ذرعاً بالقيود المفروضة على ثيابهن. وحتى قبل وفاة أميني كان بوسع رجال الدين الإيرانيين أن يلمسوا المد المتصاعد ضد الحجاب.
وفي أوائل عام 2022 أصدرت شرطة الأخلاق تحذيرات للنساء من أنهن سيعتقلن إذا لم يمتثلن لطلب ارتداء الحجاب، وأقامت البلاد في الـ 12 من يوليو (تموز) الاحتفال السنوي بمناسبة “اليوم الوطني للحجاب والعفاف” الذي شمل مسيرات عامة من قبل أنصار الحكومة في إستادات كبيرة من أجل التشجيع على ارتداء الحجاب.
لكن في الوقت نفسه تحدت نساء كثيرات النظام من خلال نشر “وسم” no2Hijab# على وسائل التواصل الاجتماعي، وبث مقاطع فيديو وصور لنساء لا يلبسن الحجاب في أماكن عامة، واعتقل النظام بعض هؤلاء المنشقات، بعدما تعرضن للضرب تم إجبارهن على تقديم اعتذار من على شاشة التلفزيون الوطني.
واستخدم مسؤولون إيرانيون لقطات صورتها كاميرات المراقبة الموزعة في أماكن عامة مثل قطارات الأنفاق والطرقات الخارجية السريعة من أجل المساعدة في التعرف على هويات النساء اللائي يخرقن قاعدة الحجاب الإلزامي وفرض الضريبة عليهن.
وحذر رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابعة للحكومة والمسؤولة عن تطبيق القوانين الإسلامية، في أغسطس (آب) من أن النساء اللواتي ينشرن صورهن من دون حجاب على شبكة الإنترنت سيجردن من بعض الحقوق الاجتماعية لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة، وعمدت السلطات إلى منع النساء اللائي ترى أنهن لسن ملتزمات التزاماً كاملاً بقواعد اللباس، من دخول دوائر حكومية ومصارف ومن استخدام وسائل النقل العام.
سفور إيران
لم تمنع هذه الإجراءات الإيرانيات من المضي قدماً في مقاومة الحجاب، وعلى امتداد العقد الماضي كان على السلطات أن تتعامل مع موجة معارضة أكثر تشدداً على شبكة الانترنت من قبل هؤلاء النساء، وبوصف وسائل الاعلام التقليدية خاضعة لسيطرة الدولة بشكل كامل، فقد أقبلت الإيرانيات على وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما منصات من نوع “فيسبوك” و”إنستغرام” و “تيليغرام” و”تويتر” و “واتساب” من أجل صد الحجاب.
وعلى سبيل المثال، يتابع الملايين حملة وسائل التواصل الاجتماعي المعروفة باسم “حريتي الخفية”، التي تسعى إلى التخلص من قوانين الحجاب الإجباري في إيران، والمبادرات المختلفة التي تطلقها هذه الحملة مثل “أيام الأربعاء البيضاء” (التي تشجّع النساء على ارتداء غطاء أبيض للرأس خلال أيام الأربعاء كدليل على المعارضة) و”السير سفوراً” (حينما تنزع النساء الحجاب عن رؤوسهن في الأماكن العامة)، وأيضاً “رجال محجبون” (عندما ينشر رجال صوراً شخصية وهم يرتدون الحجاب)، وهناك “آلة التصوير الخاصة بي هي سلاحي” (والتي تشارك فيها النساء بعضهن بعضاً لقطات تم تصويرها بواسطة الهواتف الجوالة لرجال مسيئين أو لتفاعل مع شرطة الأخلاق)، وكل هذه المبادرات مصممة لجعل المرأة قادرة على تحدي قواعد اللباس المرهقة.
وقد مكّنت الحملات النساء لخلع الحجاب وتحدي القيود المفروضة من جانب النظام، واستخدمت النساء هواتفهن الجوالة لمشاركة عدد كبير من مقاطع الفيديو التي تظهر مضايقات شرطة الأخلاق، وذلك عبر “حريتي الخفية” الأمر الذي حمل الحكومة عام 2019 على إصدار قانون جعل إرسال مقاطع الفيديو إلى القائمين على حملة ما مخالفة يعاقب عليها بالسجن لمدة 10 سنوات. وبالنسبة إلى النظام فإن محاولة التحكم بالجيل الشاب الذي يريد تحقيق تغيير اجتماعي، وإقامة علاقات أقوى مع الغرب هي أشبه بمعركة شاقة.
ورغم الرقابة المطبقة على نطاق واسع فإن نسبة اختراق [انتشار] شبكة الإنترنت في إيران (النسبة المئوية لسكان البلاد ممن يستطيعون الوصول إلى شبكة الإنترنت) في بداية عام 2022 كانت 84 في المئة وهذه نسبة عالية، وهناك ما يزيد على 130 مليون اشتراك هاتف جوال في إيران، مما يوفر للبلاد التي يبلغ عدد سكانها 84 مليون نسمة نسبة اختراق مذهلة للهاتف الجوال هي 161 في المئة، مع وجود أكثر من هاتف واحد لدى الشخص العادي، وارتفع عدد مستخدمي الإنترنت الذي ذكرته تقارير عام 2022 إلى 72 مليون نسمة بعدما كان 58 مليون شخصاً في 2020، وقد يكون الرقم الحقيقي حتى أعلى من ذلك.
ورغم أن النظام قد حظر العديد من المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، فقد وجد الإيرانيون طرقاً تساعد في تجاوز الرقابة من خلال استخدام شبكات خاصة افتراضية (VPN).
وطبقاً لأحد أعضاء البرلمان الذي كان يعرب عن أسفه لأن قوانين الرقابة الصارمة تجبر الإيرانيين على الالتفاف حولها، فإن 80 في المئة من الإيرانيين ممن يستطيعون الوصول إلى شبكة الإنترنت قد ركبوا برمجيات مضادة لأدوات التحكم بمحتوى الإنترنت وبرمجيات شبكات خاصة افتراضية، وهذا كله من أجل تفادي الرقابة.
الشابات والشباب في إيران يريدون الحريات نفسها المتوافرة للشباب في الغرب، لكن لا يمكن للجمهورية الإسلامية أن ترضخ لهذه الرغبات من دون تقويض سلطتها نفسها، ولذا فقد تصدت بعنف لهذه الموجة من الاحتجاجات. لقد قتلت السلطات عشرات النساء، بمن فيهن سميرة إسماعيل زاده في غوهارداشت ونكا شاكارامي في طهران اللتين يبلغ عمر كل منهما 16 عاماً.
دور لأميركا
تضع الاحتجاجات التي تشهدها إيران الغرب في وضع صعب، ولقد حاولت إدارة بايدن جاهدة أن تُحيي بشكل من الأشكال الاتفاق النووي الذي كانت إدارة ترمب قد تخلصت منه، غير أن هذا الاتفاق لا يمكن إنقاذه.
ليست الجمهورية الإسلامية وسيطاً نزيهاً، إذ إن لها سجلاً حافلاً في مجال الغش (فقد فشلت، على سبيل المثال، في مايو (أيار) في تقديم إجابات لتحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول وجود آثار لا تفسير لها لليورانيوم في ثلاثة من المواقع غير المعلنة)، وهي لم تعترف تماماً حتى الآن بالمحاولات التي قامت بها في الماضي لتطوير برنامج نووي له استعمالات عسكرية محتملة.
والأسوأ من ذلك إذا استطاع الرئيس الأميركي أن يتوصل إلى حل وسط مع إيران، فإن إبرام صفقة جديدة ستتعارض بشكل كامل مع إدانته القوية لحملة النظام القمعية ضد المتظاهرين، ومن المرجح أن تؤدي أية صفقة إلى الإفراج عن مليارات الدولارات للحكومة الإيرانية وتمويل السلطات نفسها التي تهاجم المواطنين بشراسة.
وبدلاً من ذلك يحتاج بايدن إلى اتخاذ موقف واضح وصريح، وينبغي عليه أن يستخدم القوة التي يتيحها له منصبه من أجل إلقاء خطاب رئيس حول إيران، متوجهاً فيه إلى شعبها وأبنائها في الشتات وفي أنحاء العالم.
ويتعين على الرئيس الأميركي أن يحيي الطموحات الديموقراطية للشعب الإيراني، وأن يتخطى تركيز البيت الأبيض الضيق على المسألة النووية، لكي يطالب باحترام حقوق الإنسان للمحتجين.
لقد جعلت هذه الإدارة الصراع بين الاستبداد والديموقراطية موضوعاً مركزياً في سياستها الخارجية، ويجب أن تشمل تلك السياسة إيران، إذ لقد آن الاوان لتشجيع الشعب الإيراني على تحقيق تطلعاته الديمقراطية.
وبعيداً من فن الخطابة والكلام المنمق، يجب على الحكومة الأميركية وحلفائها في أوروبا الغربية المشاركين في صناعة الاتفاق النووي وقف المفاوضات مع الجمهورية الإسلامية، طالما استمرت السلطات الإيرانية في قمع الاحتجاجات وخنق الإنترنت، يجب على الولايات المتحدة أن تتخذ من احترام حقوق الإنسان شرطاً للاستمرار في أية مفاوضات.
ويجدر بمجلس النواب أيضاً رفض الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك الأجنبية، معتبراً أن ذلك مشروط بحصول تحسن ملموس في معاملة إيران لمواطنيها. لقد آن الأوان لتشجيع الشعب الإيراني على تحقيق تطلعاته الديموقراطية
وفي الوقت نفسه يتوجب على الولايات المتحدة أن تعمل مع “ستارلينك” شركة الإنترنت، والمؤسسات الأخرى التي تتمتع بقدرات مماثلة لهذه الشركة من أجل المساعدة على تزويد الإيرانيين خدمة إنترنت مجانية، ويجب على حكومة الولايات المتحدة ابتكار طريقة خاصة معفاة من العقوبات الأميركية (ربما من خلال نقل الأموال عبر بنوك في أربيل في شمال العراق والخليج العربي والاعتماد على “نظام الحوالة” لتحويل الأموال القائم على الثقة، والذي يجعل تتبع المدفوعات أمراً صعباً بالنسبة إلى الدولة)، وذلك من أجل توزيع الأموال الإيرانية المجمدة على العمال المضربين داخل إيران.
وبوسع دعم من هذا النوع أن يشجع الإضرابات التي تنتشر في أنحاء إيران، ويؤدي بالتالي إلى تلاقي الحركات العمالية والسياسية مع بعضها بعضاً، مما سيمثل تهديداً كبيراً للجمهورية الإسلامية.
وعلى كبار أعضاء إدارة بايدن أن يعقدوا اجتماعات خاصة وعلنية مع الإيرانيين من أعضاء الشتات والمنشقين وجماعات المعارضة، وذلك من أجل الوصول إلى فهم أفضل للوضع الحقيقي داخل إيران. وينبغي أن يشارك الكونغرس أيضاً في هذا التواصل مع الايرانيين، ويعقد جلسات استماع، حول كل من الاحتجاجات في إيران وكيفية تهديد نظام طهران للمواطنين الأميركيين، بمن فيهم أعضاء الشتات الإيراني، وذلك من أجل رفع درجة الوعي بهذه التحديات.
من الثيوقراطية إلى الديموقراطية
يخشى بعضهم في واشنطن من أنه إذا دعمت الولايات المتحدة المحتجين بشكل صريح فإن النظام الإيراني سيكون بوسعه إسكاتهم بسهولة أكبر، مصوراً إياهم كعملاء لدولة أجنبية أو لأميركا، ويشار إلى أن إدارة أوباما تبنت في 2009، هذا المنطق وامتنعت من دعم الاحتجاجات التي كانت تؤرق البلاد في ذلك الوقت.
وقد طرح أوباما مبادرات على القيادة المؤلفة من رجال الدين بعد أيام فقط من انطلاق الاحتجاجات، لكن لم تحدث سياسة ضبط النفس التي مارسها الرئيس الأميركي الأسبق أي فرق، إذ ظل نظام طهران يسمي المتظاهرين عملاء أميركيين مصممين على زعزعة استقرار إيران وإشاعة الفوضى في البلاد.
ومنذ ذلك الحين، اعتاد المتظاهرون الإيرانيون أن يهتفوا قائلين “إنهم يكذبون عندما يقولون إنها أميركا. إن عدونا موجود هنا بالضبط”.
يجب أن يثير ذلك اهتمام صانعي السياسة في الولايات المتحدة، ومع أن الترجمة لا تفي الهتاف حقه تماماً، إلا أن الرسالة واضحة ومفادها أن الإيرانيين ينظرون إلى نظام رجال الدين على أنه عدوهم الحقيقي.
وإذا كانت الولايات المتحدة تريد إحياء الاتفاق النووي مع إيران في هذه اللحظة، فهي بذلك ستعبث بالشؤون الداخلية للبلاد، وإن من شأن هذا الإحياء أن يعزز نظاماً غير شعبي يمضي في سحق احتجاجات سلمية بشكل وحشي، وستقف الولايات المتحدة في الجانب الخاطئ من التاريخ إذا دعمت الجمهورية الإسلامية.
وباعتبار أن النساء في طليعة المسيرة فإن انتقال إيران من ثيوقراطية إلى ديموقراطية سيكون أمراً لافتاً، وهو لن يحصل بين ليلة وضحاها، بيد أن أبناء الشعب الإيراني يعبرون بشجاعة عن مطلب أساس واحد من الحكومات الغربية، وهو لا تنقذوا الجمهورية الإسلامية. اختارت إدارة أوباما عام 2009 أن تتعامل مع آية الله خامنئي، المرشد الأعلى الإيراني، بدلاً من أن تدعم الحركة الخضراء المؤيدة للديمقراطية، وينبغي ألا تكرر إدارة بايدن هذا الخطأ.
لقد حان الوقت لأنصار الحرية، لكي يفكروا بجدية الآن أكثر من أي وقت مضى، في عالم ما بعد الجمهورية الإسلامية.
*مسيح علي نجاد، صحافية وناشطة إيرانية – أميركية، أطلقت في عام 2014 حملة ضد قوانين الحجاب الإجبارية في إيران، وهي مؤلفة كتاب بعنوان “الريح في شعري: نضالي من أجل الحرية في إيران الحديثة“.
مترجم إلى العربية عن “فورين أفيرز” 18 أكتوبر 2022 ونشرت في الاندبندنت العربية في 21 تشرين الاول / اكتوبر 2022 . وقد أجرى المحرر تعديلاً طفيفاً على العنوان.
Leave a Comment