مجتمع

التعليم العالي في خطر والحكومة في خدمة الدكاكين!

بينما الطلاب والطالبات مع أولياء أمورهم ينتظرون خططاً عمليّة ومنطقيّة حول مصير العودة إلى العام الدراسي في ظلّ الأزمات المتلاحقة وإيجاد مخارج لها، وجدت وزارة التربية أن من أولويّاتها و”إنجازاتها” تمرير مرسوم قائم على اعتبارات سياسيّة وتقاسم الأرباح والاستثمارات. وهذا إن دلّ على شيء فعلى عدم الإكتراث بالتعليم الخاص العريق، أو بقطاع التعليم الرسمي بدءاً من المدارس والثانويات وصولاً إلى الجامعة اللبنانية،

دقّت إحدى عشرة جامعة رائدة في لبنان ناقوس الخطر، ودعت الدولة، رئاسة جمهورية ومجلس نواب وحكومة إلى وجوب احترام رسالة الجامعات ودورها، خصوصاً أنها حملت وتحمل على عاتقها قطاع التعليم العالي في لبنان، ويجب أن تكون شريكاً فاعلاً في القرارات المتعلقة بمستقبل القطاع، وألا تُهَمش في إطار عمل الحكومة اللبنانية، وخصوصا وزارة التربية والتعليم العالي. ودعت إلى الالتزام بتطبيق النصوص المرعية الإجراء، لا سيما القانون رقم 285/2014 المتعلق بالأحكام العامة للتعليم العالي وتنظيمه لجهة صلاحيات ومهام مجلس التعليم العالي، والمرسوم رقم 2176 تاريخ 12/1/2018 المتعلق بالآليات الخاصة بإعطاء التراخيص ومنح الإذن بمباشرة التدريس والاعتراف وتجديد الاعتراف بالشهادات في مؤسسات التعليم العالي الخاص، والالتزام بالإجراءات والتوصيات الإدارية والفنية المنبثقة عن عمل اللجان الخاصة سواء لجهة منح أو رفض الرخص للجامعات بفتح فروع أو اختصاصات جديدة، ولا استثناء في ذلك، ما يفرض الرجوع الفوري عن المراسيم التي شرِّعت حديثاً فروعاً جامعية كانت رفضت اللجان الفنية الموافقة عليها، كما أن مجلس التعليم العالي كان قد جمَّد جميع التراخيص للفروع والجامعات في شهر تشرين الأول 2019.

ودعت إلى تعيين مدير عام أصيل للتعليم العالي، لتنظيم العمل داخل المديرية، والبت بمئات الملفات للتراخيص الخاصة بالبرامج التعليمية الجديدة، والعالقة في الوزارة منذ سنوات عدة من دون مسوغ فني أو قانوني، وإصدار قرارات مباشرة العمل التي حصلت على موافقة مبدئية مسبقة. معتبرةً أنّ التعطيل والتسويف يؤثران حكماً على مستقبل الطلاب المسجلين أصولاً في الجامعات وعلى المتخرجين منهم. وشددت على وجوب دفع قوانين التعليم العالي قدماً ضمن خطة استراتيجية تؤدي إلى أفضل الممارسات والاتجاهات الحديثة، لا سيما قانون ضمان الجودة وقانون التعليم الرقمي عن بعد، والنظر في المعضلة الاقتصادية، حيث أنه في ظل المعاناة المالية التي يمر بها قطاع التعليم العالي، من الضروري حفظ ديمومة واستمرارية مؤسسات لبنان التعليمية. وهنا تكمن أهمية التنسيق بين الحكومة والجامعات في وضع مشاريع القوانين والقرارات المالية التي ستحدد مصير التعليم العالي في لبنان، بهدف تسهيل عمل الجامعات في تقديم التعليم العالي بالجودة التي تميز بها لبنان.

ففي الوقت الذي يمرّ فيه لبنان بمرحلة دقيقة وصعبة، تنعكس على قطاعاته كافة، لاسيّما قطاع التعليم العالي المحاصر في ظلّ هذه الازمات بما يهدد مصير هذه الجامعات ومستقبل طلابها، قام وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب، بتمرير صفقة مشبوهة منح بموجبها جائزة ترضية لاحدى الجامعات التجارية عبر رفعه مشروع مرسوم لمجلس الوزراء ممهوراً بتوقيعه للترخيص لفروع الجامعة اللبنانية الدولية، مستثنياً طلبات الجامعات التاريخية العريقة، رغم استيفائها المعايير والشروط اللازمة. فبدلاً من أن يحاول حلحلة ومعالجة الثغرات والمشاكل والمطالب التربوية التي تراكمت عبر السنوات العديدة، ولم تحظ بالاهتمام المطلوب من قبل المراجع الرسمية المعنية، اذا به يوقع مشروع المرسوم. بينما الطلاب والطالبات مع أولياء أمورهم ينتظرون خططاً عمليّة ومنطقيّة حول مصير العودة إلى العام الدراسي في ظلّ الأزمات المتلاحقة وإيجاد مخارج لها، وجدت وزارة التربية أن من أولويّاتها و”إنجازاتها” تمرير مرسوم قائم على اعتبارات سياسيّة وتقاسم الأرباح والاستثمارات. وهذا إن دلّ على شيء فعلى عدم الإكتراث بالتعليم الخاص العريق، أو بقطاع التعليم الرسمي بدءاً من المدارس والثانويات وصولاً إلى الجامعة اللبنانية، ما يؤدي إلى ترسيخ الكانتونات الحزبية – الطائفية العائدة لمرجعيات سياسيّة وتوظيفها لزيادة الزبائنية، وضرب التعليم الوطنيّ، بما فيه الجامعة الوطنيّة بشكلٍ خاص ومضاعفة إهمالها وتهميشها.

وتعداد فشل وزارة التربية في حكومة دياب لا يُعد ولا يُحصى، فمنذ قرارها باعتماد التعليم عن بُعد في دولة غير مؤهلة ببُبناها التحتيّة لمواكبة هذه التكنولوجيا المتقدّمة، في ما البلد يعاني من انهيار يهدِّد بعودته إلى العصر الحجريّ، وصولاً إلى قرار إنهاء العام الدراسي من دون وضع أي دراسات فعلية تستجيب للتحديات أو إجراء تقييم حقيقي للوضع، كلّ هذا أسقط الثقة عن هذه الوزارة في إيجاد أي حلول فعليّة ومنطقية. ولعل الدليل الأكبر هو أن وزارة التربية تتحضر هذه الأيام للعودة إلى العام الدراسي الجديد في ظلّ تفاقم انتشار جائحة الكورونا والأزمات الاقتصادية والمعيشيّة العاصفة، وكأنّ كل هذا لا يطال أو يؤثر على القطاع التعليمي في لبنان بمختلف مؤسساته.

انهيارالقطاع التربوي يضع البلاد أمام  خطر حقيقيّ، ووجود حكومة، ووزير تربية أثبت فشله في وضع خطط إنقاذ فعلية بدل إدارة الأزمات يزيد من تفاقم الوضع. فوزارات التربية المتعاقبة لم تكن يوماً على قدر المسؤوليّة، وما نحتاجه هو وجود وزارة قادرة على وضع استراتيجيات وحلول وتلبية مطالب القطاع التعليمي، لكي نتجنّب المصير الأسود الذي يخيِّم على مؤسساته في مراحلها كافة. إنّ المطلوب اليوم هو التنسيق بين المعنيّين في هذا الملف، والإسراع في رفع القيود التي تفرضها المصارف على ودائع الجامعات، وتحرير العمليات المصرفية والتحويلات الخارجية بالعملات الأجنبية لتغطية المصاريف التشغيلية ومشترياتها للمختبرات ومراكز البحث العلمي وسواها، وإلغاء جميع الكفالات المصرفية الضامنة لتشغيل الاختصاصات الجديدة والإفراج عن الكفالات الموجودة لديها في الوقت الراهن، بالإضافة إلى اعتماد خطّة طوارئ لمواجهة الأزمة الكارثية التي تهدد واقع ومستقبل التعليم في لبنان.

إن النداء والدعوة التي التي أطلقتها الاحدى عشرة جامعة في لبنان للمسؤولين وأصحاب القرار في السلطات التشريعية والتنفيذية ودعوتها إلى الإسراع في اتخاذ الإجراءات الآيلة إلى إنقاذ قطاع التعليم العالي، من خلال إصدار التشريعات والقرارات الحكومية العاجلة منعا لانهياره، الأمر الذي لو حصل، سينعكس حتماً بشكل كارثي على الواقع الاجتماعي في لبنان عامة وعلى الجامعات المسؤولة عن إدارة وتشغيل المراكز الصحية التي تؤمن الخدمات الصحية والطبابة في لبنان، التي هي اليوم مهددة بالتوقف نتيجة الضائقة الاقتصادية، و تعاني من عدم حصولها على مستحقاتها من الدولة. إن تحقيق هذه المطالب وإيلاء الجامعة اللبنانية الرعاية والدعم لمواجهة التحديات يؤكد على الدور الأساسي والبالغ الأهمية لقطاع التعليم العالي حاضراً في مواجهة الكارثة ومستقبلاً في النهوض.

[author title=”جويل عبد العال” image=”http://”]اعلامية لبنانية[/author]