سياسة منشورات

التحول إلى منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني ومهام المرحلة الانقاذية على طريق التغيير الديمقراطي

عقد المكتب التنفذي لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني مؤتمراً صحافياً في مقره قبل ظهر اليوم تحدث فيه رئيس المكتب الرفيق زكـي طـه وسط حشد اعلامي وممثلين عن الأحزاب والقوى السياسية والفصائل الفلسطينية والتجمعات النسائية ومجموعات الانتفاضة وعدد من النقابيين والمثقفين. وبعد تقديم من أمين السر د.زهير هواري تلا طه البيان التالي نصه: 

منذ نحو سنةٍ خاضَ أعضاءُ الجسم الحزبي في منظمة العمل الشيوعي في نقاشات موسّعة، حول هويتها ومرجعيتها الفكرية وبرنامجها السياسي ودورها. شكّلَ هذا النقاشُ قاعدةً لانطلاق تأسيسي جديد بخيارات اشتراكية رحبة متحررة من الحتميات. استند ايضاً إلى المراجعة الشاملة التي قادها الامينُ العامُ الراحلِ محسن ابراهيم. لكنها أيضاً أخذت مساراً تقويمياً، بالتوازي مع عودة النشاط، وانخراط المنظمة في التحركات الشعبية التي جسدتها انتفاضة تشرين 2019، لتنطلق مجدداً نحو المساحة اللبنانية الاوسع، مدخلاً لإعادة بناء يسار ديموقراطي علماني، وحركة شعبية تشكل رافعةً حقيقيةً للتغيير.

جاء انعقادُ المؤتمرِ الخامس لمنظمتنا مطلع هذا العام، تتويجاً لمسار متجددٍ ومتنامٍ من الممارسة النضالية في سياق تجديد حضورها ودورها السياسيين، ليشكل محطةً مهمةً ومنعطفاً في اطار الجهد المستمر لتطوير وتعميق المبادرة الفكرية السياسية التي اطلقتها في مؤتمرها الرابع خريف 2018: نحو حزب يساري ديمقراطي علماني، وحركة ديمقراطية علمانية عربية، في امتداد المراجعة النقدية لتجربتها، التي بدأت بواكيرها مع قرار خروج المنظمة من الحرب الأهلية عام 1986. وتولاها أمينها العام الراحل محسن ابراهيم  ضمن الأطر الحزبية بين عامي 1988 و2009. وسط مغالبة للصعوبات في ظل الإطباق والوصاية اللذين فُرضا على لبنان.

وكانت المبادرةُ النقاشيةُ محاولةً لاستخلاص دروس تجربة الحرب الاهلية، واستكشاف إمكانية متجددة لمواجهة معضلات البلد في ضوء فشل كل التجارب السابقة، التي شكلت بنتائجها ومضاعفاتها مدخلاً لتجديد البحث في أوضاع البلد الراهنة، على نحو يجعلها موصولة بما يشهده الاطار الاوسع على الصعيدين العربي والدولي، لما لهما من انعكاسات عليه. ولذلك كان لا بد أن تطال مناقشات التحضير للمؤتمر قضايا الوضعين العربي والدولي، وما يحتدم فيهما من صراعات كبرى وأزماتٍ متفجرةٍ تصل شظاياها الى الداخل اللبناني على نحو غير مسبوق في تاريخه الحديث.

سجلت وثائقُ المؤتمر عجز أنظمة الرأسمالية عن التكيف مع المستجدات الكونية العاصفة، رغم التقدم العلمي الهائل في ميدان التكنولوجيا، ما يؤكده راهناً، ليس أزماتها وحسب، إنما إنفلات وتصاعد المنازعات والحروب، المرشحة للاتساع بين مكونات النظام العالمي الذي تتربع على رأسه الولايات المتحدة الأميركية، سواء بين الدول، وحرب أوكرانيا الآن مثل ساطع، أو داخل مجتمعات المراكز الرأسمالية المتقدمة التي تشهد تجدد الحركات العنصرية، جراء فشل الردود الليبرالية على أزماتها.

وإذ أكد انتشار وباء كورونا أنه لا بديل عن إعادة الاعتبار لدور دولة الرعاية والتسوية الاجتماعية بين مكوناتها وطبقاتها وفئاتها، فقد استمر مأزقُ الديمقراطية في الاحتدام، وسط عجز مؤسساتها عن تجديد برامجها وأدوارها في إطار الصراع الاجتماعي، دفاعاً عن مصالح وحقوق الاكثرية.

ولأن أزمة النظام الرأسمالي تبدو أكثر انكشافاً في الاطراف والبلدان المتخلفة، ونحن منها، فقد انتهى المؤتمر إلى أن المنطقة العربية دولاً ومجتمعات تجتاز واحدة من أخطر المنعطفات في تاريخها الحديث. نظراً لفقدان بلدانها الحد الأدنى من الحصانات الوطنية جرّاء إنعدام الديمقراطية وإفناء الحياة السياسية، على يد أنظمة الاستبداد التي تسعى لتأبيد سلطاتها. وهي التي استسهلت دفع بلدانها إلى حروب أهلية تدميرية، شكلت فرصاً سانحة للقوى الاقليمية والدولية لتنفيذ مخططاتها وتوسيع هيمنتها ونفوذها. وأفسحت المجالَ امامَ الكيان الصهيوني لتوقيع عدد من اتفاقات التطبيع برعاية اميركية. وفي التعمية على طبيعته العنصرية العدوانية، ومكّنته أن يصبح شريكاً مضارباً في السياسة والاقتصاد والامن العربي، بذريعة مواجهة الخطر الايراني.

في الوقت الذي يواصل النظام الإيراني اندفاعته داخل بلدان الجوار العربي، لتعزيز نفوذه وهيمنته على رافعة اشكالية الاقليات المذهبية، فيسعِّر الانقسامات الأهلية،  ويزخم الحروب التفكيكية لكياناتها ومجتمعاتها. وفي المقابل يحاكي النظام التركي الدور الايراني، بواسطة التدخل المباشر وعبر دعم الاحزاب والمجموعات المذهبية الاصولية والسلفية، لتكريس دوره الاقليمي. لكن الولايات المتحدة الأميركية تبقى القوة العالمية الأكثر نفوذاً، والأقدرُ على استثمار صراعات الجهات الدولية والاقليمية المتدخلة والمشاركة في النزاعات والحروب المفتوحة، وإدارتها في آن. إلى جانب استغلال حاجات دول المنطقة وأنظمتها للحماية، ما يبقيها تحت سقف التبعية لها والخضوع لسيطرتها.

ونظراً لفشل الانتفاضات العربية في تحقيق التغيير الديمقراطي المطلوب، ونجاح انظمة الاستبداد في تحويل الاحتجاجات إلى نزاعات وحروب أهلية مدمرة ومفتوحة. فقد شدَّد مؤتمر المنظمة على الدعوة لإعادة بناء حركةٍ نهضوية عربية ديمقراطية علمانية، قادرةٍ على مواجهة التحديات في المنطقة، كيانات ودولاً ومجتمعات.

ولذلك أكد المؤتمرُ على ضرورة وأهمية وقف الحرب الاهلية العبثية في سوريا بكل مستوياتها الأهلية والاقليمية والدولية. ورأى أن المسؤوليةَ عن استمرراها يتحمّلها نظام الاستبداد الأقلوي، والتنظيمات الأصولية بمختلف تشكيلاتها والدول المتدخلة فيها. كما دعا قوى المعارضة الديمقراطية إلى قراءة تجاربها، والإفادة من أخطائها وإعادة جلاء استقلاليتها، مدخلاً لصياغة برنامج معارضة ديمقراطية، يستهدف استعادة وحدة الكيان والدولة والمجتمع السوري.

ولم يختلفُ موقفَ المنظمة حيال المسألة السورية عنه بالنسبة إلى العراق واليمن وليبيا والسودان وتونس وغيرهم، التي تهددها مخاطر الانقسامات الاهلية، والتدخلات الخارجية.

ولأن المنظمة ترى في دولة الكيان الصهيوني العنصري الاستيطاني تهديداً وجودياً للشعب الفلسطيني على أرضه وفي حقوقه الوطنية، وخطراً يطال بعدوانيته المنطقة بأسرها، فإنها تعتبر القضية الفلسطينية قضية تحرر وتحرير وحقوق سياسية وطنية وقومية عادلة. وإذ تدركُ أهميةَ الصراع الذي يخوضه الشعب الفلسطيني لإستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، فإنها تشدد على الاستمرار في مساندته دعماً لصموده ونضاله على أرضه، لانتزاع حقه في بناء دولته الوطنية. وعلى دعوة فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية، إلى مراجعة تجربتها وموروثاتها، والعمل على معالجة انقساماتها واستعادة وحدتها، مدخلاً لتجديد وإقرار برنامج  نضالي موحد يؤطر طاقات الشعب الفلسطيني ويعزِّز استقلاليته.

قضايا الوضع اللبناني:

وقد احتلت الحيز الرئيسي من المناقشات، باعتبارها قضية المنظمة ومبرر وجودها ودورها. وهنا أبرز الخلاصات التي أكدها المؤتمر الخامس:

أولا – إن استمرار عوامل التأزم المتداخلة التي يعانيها الكيان اللبناني، مصدرها طبيعة النظام اللبناني الموروث والمستمر على ثوابته. وإن اتفاق الطائف لا يمكن اعتباره تسوية تاريخية لمعضلات الكيان دولة ومجتمعاً. كذلك فإن نظام المحاصصة الطائفية، يشكل الأساس السياسي لتبرير نشوء وتجدد بُنى قوى السلطة. وهو قيد معطِّل لمسارات التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومنتجٌ دائمٌ لعدم الاستقرار والفساد السياسي وأزمات الحكم، ومولّد خصب لمشاريع الهيمنات الطائفية، والنزاعات والحروب الأهلية بين قواه المغلقة على الاصلاح والحداثة.

ثانياً – إن منظومة القوى الطائفية وبصرف النظر عن أوزانها واحجامها، تتشكل من ردائف متوازية، على صعيد البُنية والخطاب الفئوي، والاداء الميليشياوي في ميادين الصراع الدائم لتقاسم النفوذ والمغانم. وعبر تقاذف المسؤولية عن أوضاع البلد، وسط تبادل تُهم الخيانة والعمالة للخارج. ولذلك فإن المنظومة السياسية ـ المالية تتحمّل كامل المسؤولية عن المضاعفات التدميرية لسياساتها، التي افقرت اللبنانيين وزخمت انقساماتهم، وصعَّدت خلافاتهم حول الهوية الوطنية، وصيغة النظام وموقع الكيان من أزمات المنطقة وعلاقاته الخارجية. والتي أدت إلى تفاقم الأزمات الداخلية وانفجارها، وصولاً إلى الانهيار الشامل على كل المستويات.

ثالثاً –  ترى المنظمة أن تعطيل الاستحقاقات الدستورية والتذرع بالديمقراطية التوافقية وحكومات الوحدة الوطنية، كان ولا يزال يستهدف التغطية على الاستئثار بالسلطة، والتحكم بقرار البلاد السياسي. وأنه نظراً لترابط العلاقات بين قوى الداخل والاطراف الاقليمية والدولية، فإن اختلال التوازنات بينها لمصلحة النفوذ الايراني، جعل لبنان يدار من خارج مؤسسات الدولة وأجهزتها. ومكّن حزب الله من التحكم بإدارة أوضاع البلد وتوازناته، وإلحاقه عملياً بما يُسمّى محور الممانعة. أما سياسات الحزب وأدواره الخارجية، فقد نجم عنها عزل لبنان ومحاصرته اقتصادياً، وقطع علاقاته مع محيطه العربي الاقليمي والدولي.

رابعاً – تعتبر المنظمة أن انجاز تحرير الاراضي اللبنانية المحتله من العدو الاسرائيلي، الذي استكمله حزب الله، والذي بدأته جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي كان لليسار فيها، ونحن منه، دور مميز، قد انتهى أسير المكوّن الطائفي الشيعي حصراً. كما وإن خطر العدوان الصهيوني الدائم لا يبرر اطلاقاً استمرار سلاح الحزب على النحو الحاصل. لأنه اصبح سلاح إستقواء على اللبنانيين، وعلى مؤسسات الدولة وأجهزتها. كما تحوّل عامل تسعيرٍ للانقسامات الطائفية، ولتكريس هيمنته الفئوية في الداخل، وتبرير ادواره الخارجية.

خامساً – إن المنظمة وبعيداً عن شعار نزع سلاح الحزب الذي يضمر استسهال العودة إلى الحرب الأهلية، وتبرير تعميم ثقافة استخدام السلاح الاهلي وسيلة للصراع، ترفض احتكار حق الدفاع عن لبنان وحماية حدوده وموارده أو تلزيمه لأي طرف. لأنه يشرّع استنساخ دويلات الأمر الواقع الميليشياوي المتشابهة والرديفة. ويكرّس شرعية مشاريع الهيمنة الطائفية، ويكشف الجنوب ولبنان ويفقده الغطاء الأممي، ويضعف المناعة الوطنية امام القوى الاقليمية والدولية المتصارعة في المنطقة وعليها. بما فيها مشاريع التطبيع و”السلام” مع العدو الصهيوني برعاية أميركية سافرة.

سادساً  – تؤكد المنظمة انطلاقاً من ذلك، أن المدخل الطبيعي والوحيد لمعالجة معضلة سلاح الحزب، يكمن في أولوية إعادة الاعتبار لمشروع بناء الدولة الوطنية الديمقراطية، التي وحدها تملك حصرية حق حمل السلاح، واتخاذ قرارات السلم والحرب من خلال مؤسساتها السياسية. والتي على عاتقها وحدها تقع مسؤولية حماية لبنان الوطن من الأخطار والاطماع الصهيونية، أو ما يشابهها من أي جهة أتت. وفي هذا الاطار يقع بحث وإقرار الاستراتيجية الدفاعية الوطنية.

سابعاً – إن الواقع الصعب للبنان. والاقامة الدائمة على حافة الحرب الاهلية المشرّعة على المجهول، يضع اللبنانيين أمام تحدٍ عسير وصعب في آن. إن لناحية العمل على فك ارتباطه بأزمات المنطقة، وفق الحد الأدنى الذي يمنع إنفجاره، أو لجهة فتح مسارات التوحيد، لإرساء وترقية هوية وطنية جامعة تتمثل فيها سائر مكوناتهم الاجتماعية والثقافية. وكلاهما مرهون بمدى القدرة على الاستفادة من التجارب المريرة، وقطع الطريق أمام تكرارها. ما يقتضي بذل كل الجهود للاضطلاع بهذا الدور الإنقاذي المُلِّح. وعدم إحالته على الخارج حيث الاولوية لمصالحه.

ثامناً – وفي طليعة التحديات الاستفادة من تجربة انتفاضة 17 تشرين بتعدديتها وتنوعها، والتي عبّرت عن طموح أكثرية اللبنانيين في أن يكون لهم وطن ودولة تضمن حقوقهم في العيش الكريم وتصون حاضرهم ومستقبلهم. لقد شكلت الانتفاضة عند انطلاقها محطة نوعية، أكد اللبنانيون خلالها استعدادهم للتحرك في سبيل مطالبهم المشروعة، والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم. وكانت خطوةً مهمةً نحو توليد المشروع الديمقراطي العلماني. ولذلك فإن هذا التحدي يتطلب التخلي عن كل اشكال ومنوعات الاستسهال، وتبسيط قضية التغيير، وتشكيل البدائل الوهمية وتوليف البرامج التي تفتقد للواقعية. والسعي الجاد لكسب ثقة الفئات المتضررة من خلال العمل معها والدفاع عن مصالحها، بديلاً عن الاكتفاء بالتحضير للانتخابات النيابية باسمها، وبمعزل عنها في آن.

تاسعاً – وأمام اللوحة المعقدة لأوضاع البلد داخلياً وإقليمياً، شدَّد مؤتمر المنظمة على أن مفتاحَ المواجهةِ والمدخلَ للإنقاذ، يكمن في النضال لتحقيق اصلاح سياسي حقيقي، يتمثل أساسُه في بناء دولة العدالة والمواطنة بعيداً من حسابات الطوائف والمذاهب ومحاصصاتها، وإعادة الاعتبار لدور وانتظام عمل المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية وتطويرها، بعيداً عن كل أشكال الهيمنة الطائفية، ومشاريع الكونفدرالية والإدارة الذاتية التقسيمية واللامركزية المالية المناطقية.

عاشراً – ولذلك فإن مهام الإنقاذ والإستنهاض تقعُ مسؤوليتُها على عاتق القوى الديمقراطية بكل اطيافها ومنابتها الاجتماعية، بما يؤهلها لقيادة مسيرة الإصلاح والنهوض وصولاً إلى التغيير. ما يستدعي تجديد العمل لبناء حركة معارضة مجتمعية ديمقراطية علمانية تعددية، لُحمتها حضور ومشاركة الكتل والفئات الاجتماعية المتضررة في معادلة الصراع، انطلاقاً من مصالحها وحقوقها المشتركة، في مواجهة منظومة القوى الطائفية.

حادي عشر- وإذ تنطلق المنظمة من قناعة راسخة باستحالة مستقبل لبنان الطائفي، فإنها تدرك جيداً صعوبة المستقبل العلماني للبلد، الذي لا يقوم ولا يستقيم ولا يتحول إنجازاً عصياً إلا بنضال شاق. من أجل بناء كتلة اجتماعية راجحة الوزن في ميادين السياسة والثقافة ومؤسسات الانتظام المدني والاجتماعي الحديثة.

ثاني عشر – وعليه فإن المنظمة تنظر إلى هذه التوجهات، باعتبارها مهمات تاريخية، لا بد وأن تتوافر لتحقيقها القوى الحاملة لها، وصاحبة المصلحة فيها. الأمر الذي يجعل استنهاض اليسار والحركة الديمقراطية أمراً مطروحاً في صيغة تحدٍ على سائر الاطراف المعنية بنهضته. من أجل إعادة بناء قاعدته وقواه وتجديد دوره، وبناء موقعه المستقل عن قوى النظام الطائفي، والالتزام بمصالح الفئات الاجتماعية الأوسع، التي تتكثف عندها المصلحة الوطنية، بما فيها قضايا المرأة والشباب والحريات الديمقراطية والنقابية والاعلامية وحقوق الانسان والعمل الحزبي.

ختاماً، إن المؤتمر الخامس قرر التحوّلَ من منظمة العمل الشيوعي إلى: منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني، تأكيداً منه على الأخذ بهوية فكرية مفتوحة على التطور، تتبنى الخيار الاشتراكي بكل أبعاده التحررية والانسانية، بعيداً عن حتميات الماركسية، وتلتزم المفهوم الانساني للديمقراطية في علاقاتها الداخلية ومع المجتمع، وربطها بالعلمانية الرحبة. وقد أكد أيضاً، أن مبررات وجود المنظمة وشروط نهوضها بدورها وتحقيق اهدافها، في بناء وطن حداثي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، رهن قدرة مناضليها، على المساهمة في مواجهة كل اشكال الاستغلال والإنغلاق والتعصب والجمود الفكري، والمشاركة في حمل أعباء ما دعا له مؤتمرها وحدده من توجهات ومهام. ومعهم كل المتضررين مما بلغه الانهيار، الذي بات يهدد مصير الكيان والدولة ومؤسساتها ووحدة المجتمع وما تبقى من قطاعات.

ولذلك، ومن موقع الوفاء لتاريخ المنظمة ودماء شهدائها وتضحيات مناضليها، ومعهم جميع شهداء وضحايا الشعب اللبناني بكل اطيافه وعلى امتداد تاريخه، فقد اعتبر المؤتمر أن كل اللبنانيين، مطالبون ببذل الجهد والمساهمة في الإنقاذ من خلال بناء كتلة ديمقراطية علمانية مجتمعية عابرة للطوائف والمذاهب، تستجيب للتحديات المُلقاة على عاتقهم، وتنقذهم من الجحيم الذي دُفعوا إليه، مدخلاً للافراج عن حقهم في التقدم على طريق الحداثة، وعودتهم إلى العصر والانفتاح على محيطهم العربي والعالمِ.

 بيروت في 3 آذار 2022     

المكتب التنفيذي

لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني                                

Leave a Comment