صدر عن المكتب التنفيذي لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني البيان التالي نصه:
أظهرت نتائج جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية حجم استعصاء أزمات لبنان ومأزق وخطورة استمرار الفراغ الرئاسي، في ظل الاصطفافات الطائفية الداخلية، لمنظومة قوى السلطة الحاكمة. لقد سعى الثنائي الشيعي بتحالفاته إلى تبيان قدرته على فرض مرشحه الذي يأتمنه على دور وسلاح مقاومته. كما حدث في انتخابات العام 2016 عندما عطل الاستحقاق الرئاسي لمدة عامين ونصف العام، قبل أن ينجح في إيصال مرشحه بقوة الفرض والاخضاع. بينما تقاطعت الاطراف المسيحية في منظومة الحكم، على مرشح مواجهة، سعياً منها لإبراز توازن للقوى، يمكنها من تقديم أوراق اعتمادها للراي العام الداخلي والخارجي، باعتبارها القوة السياسية المؤهلة لاحتلال موقع رئاسة الجمهورية.
لقد بذلت أكثرية قوى السلطة، على امتداد الاشهر والاسابيع الماضية، كل الجهود الممكنة، واستخدمت كل المتاح لها من اسلحة التضليل والتحريض الطائفي والتشهير وتبادل اتهامات التخوين، من أجل تجميع أكبر عدد من الاصوات لمرشحيها، رغم استحالة وصول أي منهم إلى سدة الرئاسة في ظل توازن القوى القائم والمحصور بقدرة كل منها على التعطيل.
لقد تجاهل طرفا الاصطفاف الطائفي أن الأزمات التي تعصف بالكيان ومؤسسات الدولة وأجهزتها وقطاعاتها كافة، تتطلب توافق الحد الأدنى حول عمل مؤسسات الدولة وفي مقدمها رئاسة الجمهورية لإنقاذ ما تبقى من هياكل الوطن. ما يستدعي التخلي عن الاستقواء بقوة الامر الواقع، والرهان على الدعم الخارجي، للمجيء برئيس مرتهن لأي منهما. رغم معرفتهما أن هكذا رئيس لن يستطيع إنقاذ البلاد من الانهيار الشامل الذي تسببت به سياساتها وأداء قواها. والذي بات مصدر خطر حقيقي يهدد مستقبل اللبنانيين ومصير بلدهم، ضمن منطقة تعج بالازمات المتفجرة، التي ما تزال خارج مرمى التسويات الاقليمية والدولية.
إن منظمة العمل اليساري التي تابعت بقلق شديد مجريات المعركة الانتخابية، والتي لم يكن الهدف منها انتخاب رئيس للبلاد، تحيي المسؤولية التي تمتع بها النواب الذين تمردوا على التهويل والتهديد وحملات التخوين التي مورست من طرفي السلطة، ورفضوا الانضواء في جبهات الانقسام الأهلي والالتحاق بالاصطفافات الطائفية، وجددوا انتسابهم إلى الوطن والمواطنية الجامعة. وهو ما شكل نقيضاً لأداء طرفي الصراع على موقع الرئاسة الاولى، والذي لا يساهم سوى في تعميق مآزق وأزمات البلد على كل المستويات.
أيتها المواطنات والمواطنون
إن المنظمة تدعو هؤلاء النواب إلى ممارسة معارضة نشطة لتحالفات وأداء وسياسات قوى السلطة، قبل فوات الأوان، لأن كل تأخير يدفع ثمنه اللبنانيون مزيداً من الانهيار والفوضى الأهلية، خاصة أولئك الذين لا يزالون يرونه وطناً نهائياً قابلاً للحياة. وهذا يتطلب:
– توحيد رؤى نواب المعارضة الديمقراطية حول اعادة الاعتبار لدور الدولة مدخلاً للانقاذ. والمبادرة لاعتماد برنامج تحرك، للتعبير عن توجهاتهم ومواقفهم في سبيل اخراج البلاد من الاوضاع الكارثية التي تطغى على الحياة السياسية والاقتصادية والمالية وعلى الصعيدين الاجتماعي والمعيشي.
– دعوة أحزاب وقوى المعارضة المستقلة، للمشاركة في معركة الانقاذ والاستحقاق الرئاسي. من خلال ممارسة الضغوط السلمية الديمقراطية، وتبني مرشح توحيدي يملك مشروعاً اصلاحياً واضح المعالم.
– العمل من أجل بناء حاضنة سياسية شعبية عامة ترفع شعار إعادة بناء وحدة الكيان والدولة والمؤسسات لاخراج البلاد مما تتخبط فيه من أزمات واستعصاءات كارثية.
– إن انتظار التدخلات الخارجية لن يجدي نفعاً. لأن سياسات الدول تقررها مصالحها السياسية والاقتصادية، وليس أولويات اللبنانيين. سواء تعلق الامر بإنقاذ بلدهم وإعادة بناء الدولة فيه، أو بمعالجة مشكلات الفقر والبطالة والمرض والهجرة بحثاً عن فرص للعمل والحياة.
أيها المواطنون والمواطنات
لن ينقذ لبنان سوى اصحاب المصلحة في بقائه وطناً لهم. وإن إنهاء الفراغ الرئاسي مدخلاً لاستعادة عمل المؤسسات الدستورية لن يتحقق عبر استمرار التلاعب بالاستحقاق الرئاسي وبمصير الكيان وأهله، الأمر الذي يفاقم الاوضاع الكارثية للبلاد، بل من خلال اقدام اللبنانيين على تحمل مسؤولياتهم، لضمان بقاء الوطن واستعادة الدولة وحماية وتأمين مستقبلهم، وحقهم في العيش الكريم.
بيروت 15 حزيران 2023
المكتب التنفيذي
لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني
Leave a Comment