طنوس فرنسيس
1 : إلغاء مقاعد المغتربين
سنة 2017 أقر المجلس النيابي قانوناً انتخابياً جديداً خصّص فيه 6 مقاعد للمغتربين ، على أن تُطبق الفقرة الخاصة بتلك المقاعد ابتداء من انتخابات 2022.
“نام ” المغتربون على حرير تلك المقاعد – رغم قلة عددها ورغم توزعها على أساس طائفي، لا ينسجم مع البيئات والأنظمة التي تعيش فيها وفي ظلّها أكثرية المغتربين – ليستفيقوا ذات يوم – وفي خضم انشغالهم في تسجيل أنفسهم كناخبين في الإغتراب – على نفس المجلس يسلبهم تلك المقاعد عبر تعديل ذلك القانون في 3.11.2021، وليفرض عليهم من جديد أن ينتخبوا مرشحين/ات في دوائر المقيمين كل في منطقته، كما حصل في انتخابات الـ 2018 بدل أن ينتخبوا، كما نص القانون قبل التعديل، مرشحين/ات في دوائر اغترابية مخصصة 100% لهم .
2 : حجج إلغاء مقاعد المغتربين
الحجج التي ساقوها من أجل تعديل القانون وإلغاء مقاعد المغتربين إنقسمت الى فئتين: حجج المنظومة وحجج قوى التغيير.
حجج المنظومة اتسمت بالمواربة والخبث كعادتها في تغليف مصالحها الفئوية بغلاف وطني، فادّعت الدفاع عن المساواة بين المغترب والمقيم، وبحق المغترب في أن ينتخب في دائرته كالمقيم تماماً، وادّعت أنّه خلاف ذلك فيه تهديد لعلاقة المغترب بوطنه…
حجج قوى التغيير في عدم تأييد مقاعد المغتربين كانت واضحة ومباشرة وتتمحور حول الآتي: إننا نريد للمغتربين أن ينتخبوا في مقاعد المقيمين لأننا نريدهم أن ينتخبوا لوائح قوى التغيير في معركتنا ضد المنظومة … مع أنّ قوى التغيير لم يكن لهم دور في إلغاء تلك المقاعد، لأنهم لم يكونوا ممثلين في البرلمان السابق.
3 : نتائج الإنتخابات كشفت هزال حجج المنظومة وقوى التغيير
كشفت نتائج الانتخابات، النوايا الحقيقية للمنظومة في إلغاء مقاعد المغتربين، إذ كشفت أن الجهة التي كانت رأس حربة المنظومة في إلغاء مقاعد المغتربين هي التي نالت العدد الأكبر من أصوات المقترعين المغتربين، وبالتالي بانت المصلحة الفئوية لتلك الجهة وللمنظومة ككل.
أما الكلام على المساواة بين المتغرب والمقيم، وبالتالي حق المغترب في أن ينتخب في دائرته كالمقيم تماماً… والحفاظ على علاقة المغترب بوطنه … فلا تعدو كونها ذرّاً للرماد في العيون: فتخصيص مقاعد للمغتربين وانتخاب المغترب في دوائر المغتربين لن يمنعه من الاستمرار في زيارة وطنه هو وعائلته، ولن يمنعه من الاستمرار في مساعدة أهله ومحبيه، ولن يمنعه من الاستمرار في الإستثمار في وطنه، ولن يمنعه من تسويق منتوجات بلده في جميع انحاء العالم…الخ، لا بل من شأن تخصيص مقاعد للمغتربين أن ينعكس إيجاباً على كل الأنشطة التي أشرنا إليها أعلاه.
أما الكلام على المساواة، ولا بد هنا من كشف الخداع، فكلام صحيح وجميل، ولكن كيف تتحقق المساواة؟!! تتحقق المساواة على الشكل التالي: كما يحق للبنانيين المقيمين داخل الوطن أن يكون لهم نوابهم في البرلمان كل حسب منطقته الجغرافية في لبنان، كذلك يحق للبنانيين المنتشرين خارج لبنان أن يكون لهم نوابهم، كل حسب منطقة انتشاره الجغرافية خارج لبنان. هذه هي المساواة الحقيقية الفاعلة المنتجة وهذا ما نطالب به.
أما لجهة حجج قوى التغيير فلقد كشفت نتائج الإنتخابات أن أصوات المقترعين المغتربين لم تغيّر شيئا في نتائج الانتخابات. فلقد أجرت ” الدولية للمعلومات” دراسة عن تأثير الصوت الإغترابي في دائرة الشمال الثالثة، حيث كانت مشاركة الصوت الإغترابي في تلك الدائرة هي الأعلى بين كل الدوائر، وتبيّن لها أن نتائج الانتخابات ما كان لها أن تتغيّر فيما لو ألغِيَ الصوت الإغترابي. وبالتالي لم يكن لذلك الصوت أي تأثير. أمّا ما يؤسف له أن سلوك قوى التغيير وتشرذم لولائحها كشف أنّ غالبية تلك القوى لم تكن حريصة – كما ادعّت – على أن تنال أكبر عدد من المقاعد، بل أنّ تناتش المقاعد أفقدها الكثير منها. نأمل أن تعيد قوى التغيير النظر في موقفها وسلوكها، وندعوها منذ الآن للدفاع عن مقاعد المغتربين، كي لا يحصل لها في انتخابات الـ 2026 ما حصل لها من إلغاء في انتخابات الـ2022.
4: توزيع الناخبين على مراكز الإقتراع
تسهيلاً على الناخبين وتوفيراً لهم في الوقت وفي المسافات من أجل القيام بالواجب الإنتخابي، اعتمدت وزارة الخارجية طريقة جديدة لتوزيع الناخبين على أقلام الإقتراع – شابتها بعض الشوائب، صحيح – تعتمد على مكان سكنهم في الخارج لا على المنطقة التي يتحدرون منها في لبنان. فلو أخذنا مثلا قضاء معيّناً. في انتخابات الـ 2018 تم توزيع الناخبين في ذلك القضاء على مركز أو مركزين انتخابيين. كان على جميع الناخبين/ات من ذلك القضاء، بصرف النظر عن المنطقة التي يسكنون فيها في سيدني أن يتوجهوا إلى أحد المركزين ليدلوا بأصواتهم. أما في الـ 2022 فكان يمكن للناخبين/ات من ذلك القضاء أن يقترعوا في مراكز في المنطقة التي يسكنون فيها أو الملاصقة لها. مع ذلك فقد ارتفعت أصوات تحتج على ذلك، ودائماً دون أن يكون لاحتجاجها أية أسس، من مثل: قسموا أبناء المنطقة الواحدة، دون أن نفهم ما هو المشكل في ذلك. أما الهدف الحقيقي الذي أراد إخفاءه المحتجون هو أن التوزيع حسب السكن في سيدني يضعف تأثير الماكينات الإنتخابية للقوى السياسية على الناخبين، فمثلاً لو خُصّص مركز اقتراع واحد لناخبي قضاء معين، لخصّصت القوى السياسية العاملة في ذلك القضاء القسم الأكبر من ماكيناتهم الإنتخابية للتواجد في ذلك المركز، أما الطريقة التي وُزّع فيها الناخبون في انتخابات الـ 2022 على المراكز الإنتخابية، فقد فرضت على تلك القوى توزيع ماكيناتهم الإنتخابية على كل المراكز، لأن الناخبين من كل قضاء قد توزعوا على كل المراكز. مما يعطي للمقترع هامشا أكبر من الحريّة في الاختيار. إذاً حسنا فعلت وزارة الخارجية….(يتبع).
Leave a Comment