كتب محمد قدوح
مزارع من قضاء بنت جبيل ينتج سنوياً 4000 كلغ من التبغ. هذا المزارع الذي لن نذكر اسمه كي لا تجري معاقبته بسحب الرخصة منه، أو عدم اعطائه السعر الذي يستحقه عند استلام الموسم، وربما يتعرض للعنف… هذا المزارع الذي نتحدث عنه قبض ثمن محصول موسم العام 2019 مبلغاً يقدر بـ 60 مليون ليرة، أي ما يعادل في حينه 40 ألف دولار اميركي. وهو مبلغ كافٍ لتأمين متطلبات حياة أسرته المؤلفة من سبعة أشخاص، يعملون جميعاً معه في زراعة التبغ بدءاً من إعداد الشتول وحتى القطاف والشك والتوضيب.. كما يغطي المبلغ الكلفة المقدرة لزراعة الموسم التالي. المزارع نفسه حصل على سعر مميز بلغ 22 ألف ل. للكلغ الواحد بعد زيادة على السعر نسبتها 50% جرى تقديمه كمساعدة اجتماعية للمزارعين من أمثاله. وعليه، قبض المزارع عن كمية الانتاج نفسها حوالي 88 مليون ليرة، أي ما يعادل 11ألف دولار اميركي بعد ارتفاع سعر صرف الدولار إلى حدود الـ 8 الآف ليرة للدولار الواحد. المبلغ نفسه الذي حصل عليه تراجعت قيمته إلى حوالي 7300 دولار اميركي بعد أن لامس سعر الدولار عتبة الـ 15 ألف ليرة. يجب أن يضاف إلى هذه الخسائر ما أقدمت عليه شركة الريجي لجهة التوقف عن تقديم الأدوية الزراعية التي كانت تقدمها سنوياً لمعالجة الآفات التي تفتك بشتلة التبغ. كما خفضت الشركة الانتاج المسموح به للتسليم من 200 كلغ إلى 100 كلغ. وهذا بدوره يرتب خسائر اضافية على المزارعين تقدر بـ 500 ألف ليرة للدونم الواحد. تتوزع بين بدل أدوية 300ألف ليرة و200 ألف ليرة بدل ضمان للدونم الواحد.
هذه كلها وقائع عاناها المزارعون. وبناءً عليها لن يستطيع هذا المزارع زراعة كامل المساحة المخصصة له لزراعة التبغ. وعليه فقد قام بزراعة 5 دونمات من أصل المساحة بالخضار والفواكه الصيفية ( بندورة ، شمام بطيخ ومقتى)، وبالتالي فموسم للعام الحالي لن يتجاوز انتاجاً الـ 3000 كلغ.
وحال هذا المزارع هو حال جميع المزارعين وإن لم تظهر لديهم بعد نسبة التراجع في مساحة الأرض المزروعة وكمية التبغ المنتج. يضاعف المشكلة ارتفاع كلفة الدونم بالنظر للحاق كل الأسعار بما بلغه الدولار. تقدر كلفة زراعة الدونم الواحد بحوالي 2.500 مليونان وخمسماية ألف ليرة. أما قيمة الانتاج فتقدر بحوالي 4.000000 أربعة ملايين ليرة. أي أن ربح الموزارع من الدونم الواحد لن تتعدى الـ 1.500.000 مليون ونصف المليون ليرة. وهو مبلغ لن يكفي لتأمين الحد الأدنى من الحاجيات للمزارع وأسرته حتى لو زرع 10 دونمات بالتبغ. وهي مساحة كبيرة نسبياً، حيث تبلغ أرباح المزارع 15.000.000 خمسة عشر مليون ليرة، أي حوالي 1300 دولار اميركي .
في مقابل هذه الخسائر التي يتعرض لها مزارعو التبغ زادت شركة الريجي من أرباحها على حساب المزارعين ، حيث اعتمدت منذ بدء انهيار سعر صرف الليرة أسعاراً متحركة لمنتوجاتها المصنَّعة ربطاً بحركة سعر صرف الدولار في السوق السوداء. في حين أن أسعار التبغ الذي ينتجه المزارعون ما زال ثابتاً على سعر صرف 1500 ليرة لبنانية، بالرغم من تراجع قيمة الليرة أمام الدولار الواحد حالياً إلى 12000 ألف ليرة ، فيما حافظت الشركة على قيمة سعر بيع التبغ الخام إلى الخارج، باعتبار أن العقود الموقعة مع الشركات المستوردة محددة بالدولار الاميركي. أي أن أرباح الشركة باتت مثلثة من خلال السعر الذي تدفعه للمزارعين، وما تنتجه من سجائر ترتفع أسعارها باستمرار، وما تحصل عليه من الشركات المستوردة للتبغ اللبناني.
وعلى الرغم من الظلم الذي يلحق بمزارعي التبغ، فإن أياً من المرجعيات السياسية الممسكة بزمام الجنوب والشركة لم تتحرك للتخفيف من وقع الخسائر على المزارعين. بالعكس من ذلك تماماً فقد شكلت هذه المرجعيات راعياً وحامياً لقرارات شركة الريجي. وبناءً على ما حدث ويحدث، ليس على المزارعين سوى الاعتماد على أنفسهم، بعد أن تبين أن حامي حمى المحرومين وناصر المستضعفين لن يتحرك أي منهما لرفع الغبن الذي يهدد حياة المزارعين وأسرهم. ولأن الأمور تسير على هذا النحو فإن المزارعين مطالبون بالاتكال على سواعدهم واعلان موقف واضح ضد النهب المنظم الذي يمارس على تعبهم من قبل شركة الريجي .. وهو ما يتطلب تأمين شروط الاستعداد لمواجهة التحدي الذي سيفرض عليهم مجدداً لدى تسلم المحصول. إذن من الآن وحتى تاريخه يجب تكثيف وتنظيم التواصل بين المزارعين في عموم اللقرى والبلدات عبر تشكيل لجان متابعة لتنسيق مواقفهم من أجل المطالبة بتأمين أسعار عادلة لمحصولهم الذي رووه بعرق جباههم وهذا حقهم الطبيعي والبديهي.
كادر
كلفة دونم زراعة الدخان مفصلة كما يلي :
- فلاحة 200.000 ألف ليرة
- أسمدة متنوعة 600.000 ألف ليرة
- أدوية زراعية 300.000 ألف ليرة
- مياه للمشتل والزراعة 150.000 ألف ليرة
- خيطان وحبال 150.000 ألف ليرة
- يد عاملة للزراعة والقطاف والتوضيب 900.000 ألف ليرة
- ضمان الدونم 200 ألف ليرة
- المجموع 2.500.000 مليونان وخمسماية ألف ليرة لبنانية
Leave a Comment