مناهضة التزويج المبكر ليس قضية حديثة العهد، في تاريخ الحركات النسائية. والتجمع النسائي الديمقراطي اللبناني، ومنذ سنوات تأسيسه الأولى، ربط بين تراجع دور النساء في المجتمع، وحرمانهن من أبسط حقوقهن، باعتباره الوجه الآخر لممارسة العنف المسلط عليهن. كما نظر إلى التزويج المبكر على أنه أحد اسباب ذلك التراجع.
في إطار حملة ال 16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء، شكل المؤتمرالتشاوري الوطني الذي انعقد في المجلس النيابي محطة هامة في مسيرت التجمع النضالية، تمثلت في عقد المؤتمر تحت عنوان: الخلفية القانونية لقضية تزويج الطفلات والاطفال في لبنان وربطها بالاتفاقيات الدولية. بالإضافة للحضور الدولي لمؤسسات حقوق الانسان، تميّز المؤتمر بمشاركة عدد من الورزاء وممثلين عن الكتل النيابية، وحضور رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة والعديد من الجمعيات النسائية، وبعض أصحاب الإختصاصات الطبية، إلى جانب تغطية وسائل الاعلام لوقائعه ونتائجه.
شكل حضور المقررة الخاصة للعنف ضد النساء في الامم المتحدة، تأكيداً لأهمية دور التجمع وجهوده حول مسألة التزويج المبكر، انطلاقاً من رؤيته لها باعتبارها أحد أشكال العنف الذي يمارس على الأطفال. وأن التصدي لها والحد من سلبياتها ونتائجها المدمرة يتطلب وجود قوانين حماية لهم، وإلزام الدولة اللبنانية بتحمل مسؤولياتها وتنفيذ القانون الدولي الذي صدقته، ومعه التوصيات المتفق عليها وآليات العمل فيها لمواجهة هذه الظاهرة.
تجدر الاشارة الى ان التجمع وفي سياق التحضير لمشروع قانون يمنع التزويج المبكر، عمل على تنظيم أكثر من لقاء مع رجال دين من مختلف الطوائف، ومع نواب أعضاء في الكتل النيابية أو مستقلين، من أجل معالجة مواقف رجال الدين من هذه المسألة، لضمان حماية الطفلات والاطفال اللبنانيين والمقيمين في لبنان، وبهدف تسهيل إقرار القانون. كان التجمع قد أرفق عملية إعداد مشروع القانون والتقدم به إلى المجلس النيابي، باستفتاء حول حماية الاطفال كانت نتيجته موافقة 85% من الذين طالهم استطلاع الراي على ضرورة تشريع القانون وإقراره.
وإذ شددت الكلمات التي ألقيت في المؤتمر على أهمية إقرار القانون، فقد كانت شهادات النساء الحية صادمة للحضور، بالنظر لما ورد فيها من معطيات عكست معانتهن وحجم العنف الذي اصابهن ومضاعفاته النفسية والجسدية، وأكد على صحته أصحاب الاختصاص. أما مداخلات النواب في المؤتمر ومواقفعهم، فقد تميزت غالبيتها بالتناقض بين التأييد الشخصي للقانون واشتراط التصويت علية بالموافقة بمواقف الكتل التي ينتمون إليها المترتهنة إلى رأي مرجعياتهم الدينية والسياسية، علماً أن ممثلو كتل نواب حزب الله وحركة امل وتيار المستقبل أعلنوا سلفا انهم ضد قانون تحديد سن الزواج، مما يعني أن إقرار القانون أمر مؤجل، لأن صناع القرار مستقيلين من مسؤولياتهم في حماية الأطفال التي تبقى متروكة للمرجعيات الدينية.
مما لاشك فيه، أن ظاهرة التزويج المبكر تتعدى كونها مسألة عنف يمارس ضد النساء، باعتبارها قضية استغلال لهن، ولها نتائج مدمرة تساهم في تفكيك المجتمع، وتشريع للانحرافات والاتجار بالبشر، مما يبقيها قضية تستحق التصدي لها.
[author title=”رولا زعيتر” image=”http://”]عضو الهيئة الادارية في التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني[/author]