صحف وآراء

نداء إلى العمداء والمدراء في الجامعة اللبنانيَّة كي لا يتحوّل زمن الجامعة اللبنانية إلى زمن عبوديَّة

الدكتور أمين الياس*

أتوّجه إليكم حضرة الزملاء بكلمة من قلب محروق ومهموم، ليس فقط على تعبه الذي يبدو كلّ يوم أنَّه يضيع في هوّة اللامبالاة المُمَنهجة إزاء الجامعة اللبنانيَّة وأساتذتها، لا سيّما المتعاقدين من بينهم، بل أيضاً القَلِق على غده الذي صار في مهبّ الريح.

كيف لكم، أيها الزملاء، أن تقبلوا ببدء عام أكاديمي جديد، وأنتم تعلمون أن زملاءكم المتعاقدين مُستَعبَدين بعقد مصالحة لم تبذلوا يوماً أيّ جهد من أجل استبداله بعقد يحفظ كرامة زملائكم المستضعفين وأنتم سبق وذقتم طعم هذا الذلّ وهذه العبوديَّة.

كيف لكم أيها الزملاء، أن تقبلوا ببدء عام أكاديمي جديد، وأنتم متيقّنون من أن زملاءكم المتعاقدين باتوا في حالة من العوز الشديد، وأنّهم يضطرون للعمل هنا وهناك، وكيفما كان، ولساعات غير معدودة، من أجل توفير الحدّ الأدنى من مقوّمات الحياة الكريمة لهم ولعائلاتهم.

تصوّروا معي، ولو للحظة، كيف سيكون عطاء زميلكم المتعاقد، وهو محطّم تحت وطأة صخرة سيزيف التي ما برح يدحرجها كلّ عام إلى الأعلى لتعود وتسقط إلى الأسفل كلعنة مكتوبة عليه ممن يظّن نفسه ربًا لجامعتنا الوطنية، ويتصرّف بنا وبالمؤسسة الوطنيَّة بسوء إدارة لم تشهد مثيلًا لها الجامعة اللبنانية حتى في خضم مرحلة الحروب ما بين 1975 و 1990.

كيف لكم أيها الزملاء، أن تقبلوا ببدء عام أكاديمي وكأن الأمور على خير ما يرام، مع إدراككم أن الجامعة تخلو شيئًا فشيئًا من كوادرها، فتلوّحون باستبدالهم بآخرين، وأنتم تعلمون أنَّ مستوى الجامعة ذاهب إلى الحضيض، وهو ما ستدفعون ثمنه من تعبكم، ومستقبلكم المهني ونوعية مؤسستكم ومستقبلها. وأكثر ما يبكي هو أن من سيدفع الثمن هم طلاب لبنان المنتمين إلى الطبقات الدنيا والوسطى والذين يطمحون إلى الارتقاء الفكري والعلمي والاجتماعي. إنها ليس فقط أحلامنا التي يتمّ تحطيمها، بل أحلام أجيال لبنان المستقبل.

كيف لكم أيها الزملاء ألّا تخربوا الدنيا وتعطّلوا ليس الجامعة فحسب بل حتى الوزارة عينها، وذلك من أجل التضامن مع زملائكم المتعاقدين لإدخالهم إلى التفرّغ، كي تسيروا وإياهم في مسيرة النضال الوطني للمطالبة بحقوق الأستاذ الجامعي الحرّ الكريم المبدع، وللمحافظة على شيء من لبنان الحلو، ولبنان الأمل والحلم والعلم والفكر والإبداع من خلال المحافظة على أبرز صروحنا الوطنية التي تمثّلها جامعتنا اللبنانية.

أرسلتم لنا مذكرة ببدء العام الأكاديمي، وكأنّه لدينا انترنت وكهرباء وأجهزة كمبيوتر، ونحن بالكاد نجد خبزًا نضعه في المساء على طاولة أسرنا. وكأنه يمكننا تعبئة خزانات سياراتنا بالبنزين الذي صار سعره لوحده يتخطى معدّل دخلنا الشهري إذا ما قسمنا أجرنا السنوي على 12 شهراً.

أين أنتم من معاناة زملائكم، وبالتالي معاناة جامعتكم. تقولون لنا أنكم تعانون مثلنا. فكيف تطلقون إذًا عاماً أكاديميّاً وكأن الأمور بألف خير؟ أجيبوني بالله عليكم؟

أملي، أن يجد ندائي عندكم شيئاً من الالتزام بقضية زملائكم المتعاقدين المستعبدين والمقهورين الذين هم أصحاب حق بالتفرّغ. أملي أن تكونوا معنا صوت الحق في وجه من يريد أن يحوّل زمن الجامعة اللبنانية إلى زمن عبودية.

رجاءً أن تقبلوا صرختي حتى ولو كانت جارحة في بعض الأماكن. أمّا الحقيقة فهي أنَّ المحبة والاحترام هما اللذين يجمعاننا في نهاية المطاف إذا ما بقينا في هذه المؤسسة.

*  أستاذ متعاقد في الجامعة اللبنانية

 

 

 

 

Leave a Comment