أصدر المكتب التنفيذي لمنظمة العمل الشيوعي في لبنان البيان الآتي نصه:
يمثل “اتفاق ابراهام” الذي أعلنه الرئيس الاميركي من البيت الأبيض بين دولة الإمارات العربية المتحدة والكيان الصهيوني برعاية ومتابعة أميركية، جائزة مجانية لكل من ترامب وحملته الانتخابية المتعثرة، وعجزه وإدارته عن حماية مواطنيه من مخاطر وباء كورونا ونتائجها الكارثية على الاقتصاد الأميركي، بالتزامن مع سياساته الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين. وهو أيضاً هدية ثمينة لتكتل الليكود واليمين الإسرائيلي المتطرف ورئيس الوزراء نتانياهو الذي يعاني من تراكم ملفات الفشل السياسي والشعبي والقضائي ما يهدد وضعه الراهن ومصير مستقبله السياسي، في موازاة مساعيهم الدؤوبة نحو نسف حل الدولتين والانقضاض على ما تبقى من التراب الفلسطيني، وما يتضمنه من اعتراف بالشعب الفلسطيني وحقوقه السياسية بتقرير مصيره، وأبرزها سيادته الكاملة على أرضه المحتلة منذ العام 1967 وفي إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وعليه يمكن القول إن دولة الامارات قدمت هذا التنازل الرخيص لخدمة المشروعين الاميركي والصهيوني في اللحظة الراهنة، حيث يدير ويشارك كلاهما الحروب على امتداد المنطقة العربية ومختلف ساحاتها، ويهدِّد وحدة كياناتها وشعوبها. إن توقيع هذا الاتفاق بمثابة إجازة للاستباحة التي تتعرض لها الشعوب العربية عموماً والفلسطيني خصوصاً من جرّاء تلك السياسة المزدوجة، التي تضاعفت عدوانيتها منذ الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ونقل السفارة الاميركية إليها، والعمل على تصفية قضية عودة اللاجئين عبر قطع المساعدات عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين وعن جميع المؤسسات الانسانية الفلسطينية، إلى رفض الاعتراف بوجود هذا الشعب ومعاناته أصلاً، والاعلان عن “صفقة القرن” بكل ما نصت عليه من بنود تستهدف تبديد حق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال كشعب ما يزال في القرن الواحد والعشرين يخضع لاحتلال عنصري صهيوني هدفه الأول والأخير هو “أرض أكثر وشعب أقل” مع كل ما يحمله من المخاطر، في اطلاق يد المشروع الإستيطاني، لتحقيق مزيد من السيطرة على أرضه ومقدراته ودفعه نحو تهجير جديد استناداً إلى كل عناصر الضعف في الوضع العربي وسياسات أنظمته الاستبدادية المتخلفة والمتهالكة، بالتزامن مع تصاعد طموحات الهيمنة على المنطقة العربية بذريعة حمايتها من الخطرين الايراني والتركي. مع أن كلا المشروعين – وسواهما من المشاريع المذهبية الزاحفة – تتصارع على الأرض العربية، بدماء شعوبها ودمار بلادها وعلى حساب أمنها وسيادتها ومصالحها، وحقوق مجتمعاتها في التقدم والسلام والأمن وفي استثمار ثرواتها ومقدراتها الوطنية.
إن ما ذكره نتنياهو وسواه من المسؤولين الاسرائيليين، للتأكيد أن ثمن الإتفاق لا علاقة له بوقف قرار ضم 30% من أراضي الضفة الغربية المحتلة وغور نهر الاردن، والإصرار على سيادة دولة الكيان الإسرائيلي على هذه المناطق المحتلة، وعزمها على إكمال هذه الخطوات متى توفرت الظروف الداخلية والخارجية الملائمة بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة الاميركية. إن هذه التصريحات وسواها التي أوردتها وسائل الإعلام العبرية، تفضح حقيقة طلب الإدارة الأميركية بالتريث، وتكذّب إدعاءات مسؤولي دولة الامارات العربية من أن خطوتها المذكورة تهدف إلى خدمة السلام وإحياء فرصه في المنطقة من خلال تجميد اسرائيل ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتفكيك قنبلة موقوتة كانت تهدد حل الدولتين.
إن منظمة العمل الشيوعي التي وقفت وتقف دوماً إلى جانب القضية الفلسطينية أرضاً وشعباً وقيادة في رفض البيع والشراء والمساومة على قضيتهم، ترى في هذا التطور الخطير مزيداً من الإضعاف للموقف العربي العام، وطعنة لحقوق الشعب الفلسطيني خصوصاً، وفي مقدمتها إزالة الإحتلال وبناء الدولة الوطنية المستقلة. وتعتبر المنظمة أن هذا التنازل عن القرارات العربية والدولية والمواثيق الأممية التي تحفظ لهذا الشعب حقوقه غير القابلة للتصرف، وبما يهدد مكتسباته ويصونها من التفريط من دولة الامارات ومن اسرائيل واميركا وغيرهما. إذ إن للشعب الفلسطيني مرجعيته الشرعية الوحيدة المعترف بها، وهي التي تقرر وحدها حق النطق باسمه والتفاوض على مصيره وحقوقه.
إن دعوة القيادة الفلسطينية إلى عقد جلسة طارئة لجامعة الدول العربية ولدول منظمة التعاون الاسلامي ومطالبتها المجتمع الدولي التمسك بما تتضمنه المقررات والمواثيق الدولية، على أهميته، ليس كافياً لردع المزيد من الدول العربية المهرولة نحو تطبيع علاقاتها مع الكيان الاسرائيلي، إذ يبقى الأصل والأساس في هذه المواجهة المفتوحة عربياً ودولياً، فضلاً عن فلسطين كساحة وميدان نضال يومي، هو العمل بمختلف الوسائل على تصليب الموقف الفلسطيني وتوحيده تحت راية منظمة التحرير وبمشاركة مختلف القوى والفاعليات، وصوغ برنامج مواجهة يستجيب لتحديات المرحلة. إن وحدة إرادة وقرار الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة والشتات، هو السبيل الوحيد المتاح لخوض مجابهة موحدة وقادرة على تعديل ميزان القوى، بما يمنع التطاول على الحقوق المشروعة والثابتة للشعب الفلسطيني، الذي دفع ويدفع منذ قرن من الزمن من دمائه وعذابات أسراه وصمود شعبه من أجل قضيته والدفاع عن حقوقه ووجوده.
بيروت في 17 آب 2020 المكتب التنفيذي
لمنظمة العمل الشيوعي في لبنان