كتب محسن زين الدين
أطلق نقيبا المحامين في بيروت والشمال من مقر نقابة المحامين في بيروت ما وصفاه بأنه مبادرة انقاذية، وهي المبادرة التي باتت موصوفة باسم نقيب المحامين ملحم خلف، علماً أنه سبقتها نقاشات امتدت على مدى أشهر مع بعض الهيئات النقابية والروحية. هذه النقاشات المسبقة والنص الذي انتهت إليه وحمل اسم “المبادرة الانقاذية” والتي أطلقت في ٢٣ /١١/ ٢٠٢٠، لا تمنع من النقاش حول ما جاء فيها وتضمنته، وبالتالي التوقف عند مفاصلها وتقديم ملاحظات نقدية على ما حملته وما لم تحمله من مواقف.
في الشكل:
غاب عن المبادرة دعوة كل القوى ذات المصلحة بالتغيير الديمقراطي كي تبقى مستمرة في عملية الضغط، توصلاً إلى إنقاذ الوطن مما هو فيه من تردٍ في مختلف القطاعات والصعد. كما غاب عنها الدعوة إلى العمل السياسي الشعبي الديمقراطي السلمي المعارض باعتباره المدخل الطبيعي نحو بلوغ التغيير الديمقراطي المنشود.
وبدا لافتاً جداً عدم تمثيل الحركة النسائية اللبنانية في الاجتماعات السابقة وفي لقاء الاعلان،علماً ان النساء هنّ الأكثر تضرراً من النظام، والأكثر الحاحاً على ضرورة إجراء تغيير فيه بنية وهياكل وسياسات، عدا مشاركتهن الواسعة.
ولعل الملفت أيضاً في اللقاء الاعلاني هو غياب فاعليات أساسية عن الحضور، نذكر منها: نقابات الأطباء والمهندسين والصيادلة والممرضين والممرضات وموظفي المصارف وهيئة التنسيق النقابية إلى غياب نادي قضاة لبنان. وكل هذه هيئات تمثل قطاعات حيوية ورئيسية ومتضررة مما آلت الأمور في البلاد على مختلف الأصعدة.
وما دمنا في مجال ذكر الهيئات الغائبة لا بد أن نذكر غياب اتحادات الطلاب والتجمعات الشبابية وهي التي ساهمت بنشاط كثيف في انتفاضة ١٧ تشرين. هذا دون أن ننسى قوى ومجموعات سياسية فاعلة أيدت وساهمت في الانتفاضة وهي التي لم تتمثل في اللقاء.
على أن ما كان لافتاً جداً هو الحضور الوازن لممثلي الطوائف هذا في الشكل، علماً أن المجلس الشيعي الأعلى نفى مشاركته.
في المضمون:
نلاحظ ان المبادرة تحدثت عن مرحلتين:
الأولى تبدأ بتشكيل حكومة مستقلة لمعالجة الوضع من نواحيه كافة.
والمرحلة الثانية تتمثل بانتخاب مجلس شيوخ ضماناً لطمأنة الطوائف على مكانتها في النظام العام، وانتخاب مجلس نواب جديد، وما بينهما مناشدة كل القوى الداخلية والخارجية للمساعدة في تنفيذ هذه المبادرة الانقاذية لاستعادة الدولة من من ؟ وإلى من؟ لم يوضح لنا المنظمون ذلك!.
وإذا ما نظرنا إلى بنود المبادرة ورغم موافقتنا على تمنياتها التي صيغت كمطالب، لكننا نلاحظ أنها لم تتطرق الى ما كانت جموع الانتفاضة تصرخ عالياً بمطالبها وشعاراتها به، مثل إعادة الأموال المنهوبة المسروقة، ومحاسبة ومحاكمة الفاسدين، واعتماد قانون انتخابي جديد على قاعدة النسبية، مما يضمن تمثيل أغلب الشرائح الاجتماعية والسياسية. إضافة إلى كل المطالب التي تسمح بإجراء تغيير في بنية النظام. كما بدا لافتاً من صياغة المبادرة ان القيمين عليها لا يرغبون ولا يتوجهون للقطع مع السلطة بمجمل اطرافها، اذ تجاهلت المبادرة نصاً وروحاً المحاصصة في تقاسم السلطة، والنهب والاستيلاء على المال العام، إلى ما هنالك من منوعات الموبقات للمتحكمين في مفاصل النظام. كما لم تأت على ذكر سلاح ” المقاومة “حزب الله، وهدف استمراره ودوره الوازن في السيطرة على اكثر مؤسسات الحكم والإدارة، وكان لافتاً أيضاً عدم تضمين المبادرة المطالبة بقانون مدني للأحوال الشخصية يضمن زواجاً مدنياً اختيارياً. وعليه ، “يبدو أن تمثيل الطوائف اللافت حال دون ذكر كل ذلك”
كذلك فإن “المبادرة” لم تبادر إلى المطالبة بعدم تخصيص أي وزارة لأي فئة أو طائفة، والتأكيد على اعتماد الكفاءة مقياساً لتحمل المسؤولية العامة، خصوصاً في السلطة الإجرائية.
وهي اذ طالبت بالتسريع في التحقيقات الجارية بخصوص انفجار المرفأ لم تطالب بكشف الحقائق أمام الشعب اللبناني، وبالتالي إنهاء ما يسمى سرية التحقيق، الذي يطمس الحقيقة عن الشعب، بهدف التغطية وإنقاذ المتورطين من اصحاب السلطة والمواقع.
وأخيراً تاه عن اصحاب المبادرة الدعوة إلى رفض التدخل الخارجي من أي جهة كانت، في شؤون لبنان وهي متعددة وتشمل دولاً اقليمية وعالمية.
Leave a Comment