*نايف زيداني
يشهد مجلس الحرب الإسرائيلي (كابينت الحرب) خلافات داخلية بين أعضائه، وصلت ببعض الكتاب إلى وصف ما يحدث فيه بأنه “حالة حرب”، فيما اعتبر آخرون أن الخلافات الداخلية تشكّل “جبهة سابعة”.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت لا يتحدثان معاً تقريباً، وأن المشاكل في “كابينت الحرب” وكذلك في المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، من شأنها التأثير على جيش الاحتلال في الحرب على قطاع غزة وعلى نتائجها.
ومن بين الخلافات ما يتعلق بكيفية تقسيم الموازنة العامة ومنها ما يتعلق بأولويات الحرب وإعادة المحتجزين وأخرى تتعلق بالضفة الغربية والتعامل معها والسماح بدخول عمال فلسطينيين للعمل داخل الخط الأخضر، وقضايا خلافية أخرى.
وكتب الصحافي والمعلّق في الصحيفة ناحوم برنيع، اليوم الاثنين، أن “ملايين الإسرائيليين استقبلوا (أمس) اليوم المائة من حرب غزة بحالة من الاكتئاب المزمن. والحقيقة أن الوضع محبط. لسوء الحظ، ليس لدي أي أخبار سارة بشأن الوضع”.
وتابع “تُظهر المائة يوم الماضية مدى الصعوبة، فالأهداف لم تتحقق، كما أن معظم المختطفين لم يعودوا إلى ديارهم. وعشية مرور 100 يوم، ظهر رئيس الوزراء ورئيس الأركان (هرتسي هليفي) أمام الكاميرات، ووعد رئيس الوزراء أنه هو الرجل الذي سيمنع أن يكون يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول آخر (أي تكرار عمليات من قبيل طوفان الأقصى). ربما أكون مخطئاً، لكن الأمر وقع على سمعي كأنّ طالب قيادة سيارة دهس أحد المشاة خلال الاختبار العملي، ومع هذا يقول للمُمتحن بثقة لقد اجتزت الاختبار بنجاح. أنا الوحيد الذي يتمتع بالخبرة”، في إشارة من الكاتب الى إخفاق نتنياهو.
ولفت الكاتب إلى أن “نطاق الخسائر البشرية والإخفاق والأضرار، والتعهد باستمرار، هي أمور تفرض سؤالاً جدياً عما إذا كان يجب استمرار الأشخاص أنفسهم الذين حصلت أحداث 7 أكتوبر خلال ورديتهم في مناصبهم؟ السؤال ليس نابعاً من الغضب على الإخفاقات، ولكن خشية أنهم غير قادرين على اتخاذ قرارات صحيحة، فيما تشير المائة يوم التي مرّت إلى صعوبات، فالأهداف لم تتحقق وكذلك فإن معظم المختطفين لم يعودوا إلى بيوتهم”.
وواصل برنيع أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، “رغم أنهما المسؤولان الكبيران في كابينت الحرب، إلا أنّهما لا يتحدّثان معاً، ويمكن عد المرّات التي تحدثا فيها معاً وجهاً لوجه على أصابع يد واحدة، ولم تكن أي من هذه الأحاديث بشأن الحرب. ويحاول نتنياهو منذ اليوم الأول بذل كل جهد ممكن لإظهار غالانت كشخص تدور الحرب من دونه”، مضيفاً أن “هناك ثمناً للخلافات، الجيش هو مؤسسة هرمية ويجد صعوبات في إدارة حرب تحت قيادة سياسيين عدوين”.
وأشار الكاتب إلى أن الخلاف بلغ ذروته في الجلسة التي كان يجب أن تجمع قبل أيام بين الوزراء ورئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، عندما طلب غالانت السماح بدخول مساعديه، على غرار دخول مساعدي رئيس الوزراء نتنياهو، لكن الأخير رفض ذلك، ما دفع غالانت إلى الخروج محتجاً، قبل أن يعود لاحقاً لمتابعة الجلسة التي شارك فيها الوزراء فقط.
وبرأي الكاتب، فإن الوضع “أسوأ بكثير” في المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) مما هو عليه في مجلس الحرب، رغم أنه بحسب القانون يتوجب عليه اتخاذ القرارات المهمة.
وتابع أن “دولة إسرائيل أوضحت في الأسبوع الأخير رسمياً من خلال ممثليها في محكمة العدل الدولية في لاهاي أن أعضاء في هذا الكابينت وبينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، لا علاقة لهم بالقرارات التي تُتخذ في المجال الأمني، لكن هذا الأمر كان عبارة عن كذب مطلق طبعاً. سموتريتش وبن غفير لهما تأثير هائل. وبسبب خوفه منهما، فإن نتنياهو يعرقل أي قرار بشأن اليوم التالي (للحرب)، ونتيجة لذلك فإن الجيش يتصرف داخل غزة من دون خطة، بينما الإدارة الأميركية تجد صعوبة أكبر في دعم إسرائيل”.
واعتبر الكاتب أن الهجوم العسكري الذي ليس لديه خطة لليوم التالي، تكون عمليته العسكرية “مجرد حملة عقابية وانتقامية”.
وأضاف: “على افتراض أنه ليست لدينا رغبة ولا قدرة للإلقاء بأكثر من مليوني شخص إلى البحر، فإنّ المعضلة التي تضعها غزة أمامنا لن يحلها الهجوم (العسكري). من دون بديل، فإما أن تعود حركة حماس إلى السلطة في غزة أو أن يبقى جنود الجيش الإسرائيلي فيها إلى الأبد، أما الإمكانية الثالثة فهي فوضى مثل ما هو حاصل في الصومال”.
في الصحيفة نفسها، اعتبر الصحافي يوسي يشواع أن “المعركة القبيحة في اجتماع كابينت الحرب، بين رئيس الوزراء ووزير الأمن، هي مجرد مظهر واحد من مظاهر التوتر الحاد بين الاثنين، والذي يعود إلى التاريخ البعيد ما قبل الحرب”.
وأضاف: “عملياً، هناك من يصف العلاقة السيئة بين بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت بأنها الجبهة السابعة للحرب، ويمكن أن تؤثر على الجبهات الست الأخرى (غزة، ولبنان، وسورية، وإيران، واليمن، والعراق)”، وأن هذا “يؤثر على الروح المعنوية في الميدان. من الجيد التفكير كيف تؤثر الخلافات بين اثنين من كبار من يديرون الحرب على الجنود”.
*نشرت في العربي الجديد بتاريخ 15 كانون الثاني / يناير 2024
Leave a Comment