ثقافة صحف وآراء

إتحاد (بعض) الكتّاب اللبنانيين

*محمد حجيري

قيل إنّ إتحاد الكتّاب اللبنانيين، وهو بحسب تعريفه “مؤسسة ثقافية لبنانية غير ربحية، مقرّه في بيروت، ويضمّ كلّ كاتب لبنانيّ تنطبق عليه شروط النظام الداخلي للاتحاد، وأبرزها أن يكون لديه مؤلفات منشورة في مجالات الكتابة على أنواعها”، هذا الإتحاد، وهو من أطلال الايديولوجيات وثقافة الالتزام، لمن يعرفه، ويسمع به، أجرى انتخابات جديدة قبل يومين، واختار أميناً عاماً جديداً، وهيئة إدارية جديدة، بعد “منافسة” بين لائحتين: الأولى مدعومة من جهة حزبية ومرجعية سياسية وفازتْ، وهذا كان متوقعاً، والثانية تشكّلت من مجموعة من الكتّاب والكاتبات. ونُشرتْ في وسائل التواصل الاجتماعي بعض الشعارات الانتخابية لإحدى اللوائح، حول النهوض بالاتحاد ومأسسته والبحث عن مقر جديدٍ له، وهي الشعارات ذاتها التي رفعت قبل نحو ثلاثين عاماً عندما انتخب الناشر روحي بعلبكي أميناً عاماً، لكن لا الإتحاد نهض ولا الهيئات الإدارية المتعاقبة أوجدتْ مقراً جديداً، وأبرز ما تجلّى في مسار هذه المؤسسة هو الانحدار والهبوط إلى القعر أو أو القاع. فكثر الآن من “معشر الفسابكة” سألوا ما إذ كان الاتحاد ما زال على قيد الحياة… وكثر قالوا لا نعرف شيئاً عن الإتحاد إلا في يوم الانتخابات، ينتخب هيئة جديدة ويعود إلى السبات الطويل، وكثر قالوا لا نعرف مقرّه ومكانه اجتماعاته…

والاتحاد الذي مرّ عليه الروائي سهيل إدريس، والمفكر قسطنطين زريق، والباحث منير بعلبكي، أدونيس، جوزف مغيزل، خليل حاوي، وعلي سعد وغيرهم وغيرهم، منذ سنوات بات جمعية أشبه بالوهمية، مثل الكثير الجمعيات والنقابات الاتحادات والأحزاب في لبنان، التي تمتلك علماً وخبراً أو ترخيصاً لكنها “خارج الحياة”، بلا أي فعالية وبلا أي حضور وبلا أي موقف، فعلى مدى سنوات بالكاد صدر عن الاتحاد نعي لإحد كتّابه، وهو لا يدخل بمسألة الحريات العامة والرقابة واستدعاء الصحافيين، ولا يعقد مؤتمرات أدبية ولا يصدر مطبوعة، ولا في اليد حيلة. وبات اتحاد (بعض) الكتّاب اللبنانيين، فقد غادره منذ سنوات أبرز الكتّاب والشعراء والمؤلفين اللامعين والمعتبرين لأسباب معروفة، وبقي فيه مجموعة كتّاب، وأنضمّتْ إليه مجموعة جديدة، وغالباً ما يطرح السؤال عن معيار أن تكون عضواً في الإتحاد، هل مجرّد كتاب يجعل المرء عضوا في هذه الجمعية أو المؤسسة، هذه اشكالية توازيها مشكلها انتساب بعض الذي مثلوا أدواراً في المسلسلات إلى نقابة الممثلين، وكان السؤال هل الدور التلفزيوني يخولك أن تكون عضوا في النقابة، أم الدراسة؟ ومن قال إن الدراسة وحدها قادرة على خلق ممثل تلفزيوني او سينمائي. ولا يختلف الواقع في التصوير…

وأبعد من معيار مواصفات المنتسب والمنضوي، ما المعيار الذي يخوّل كاتباً ليكون أميناً عاماً للاتحاد، هل دوره الثقافي وعبقريته في التأليف أم ولائه الحزبي والسياسي. ولماذا وُجد الإتحاد هل ليدافع عن الثقافة والحرية أم ليكون أحد أذرع السلطة؟

*نشر على موقع المدن الالكتروني في يوم الأحد 2024/01/14

Leave a Comment