سياسة

حلواني لمناسبة وضع أكاليل على أضرحة الشهداء: صمود الشعب الفلسطيني أرقى أشكال النضال الوطني

بيروت 4 آذار 2024 ـ بيروت الحرية

 وضع الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا) في ذكرى تأسيسه يوم 4 آذار الجاري أكاليل من الزهر على أضرحة شهدائه بمشاركة فصائل المقاومة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية والاحزاب والقوى اللبنانية. وخلال الاحتفال ألقيت عدة كلمات لكل من: العميد سمير أبو عفش مسؤول حركة فتح ممثلا منظمة التحرير الفلسطينية، وسعيد مراد عضو قيادة اقليم لبنان في الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا) ، وألقى عضو المكتب التنفيذي الرفيق جمال حلواني كلمة منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني وهنا نصها:

الرفاق والأخوة في الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني فدا ومنظمة التحرير وفصائل المقاومه الفلسطينية والاحزاب والقوى اللبنانية.

بداية لا بد من توجيه التحية للشعب الفلسطيني على أرض فلسطين. في قطاع غزة وفي الضفة الغربية. للشعب الذي يخوض معركة الصمود  دفاعاً عن وجوده  بلحمه العاري وبدماء اطفاله ونسائه وشيوخه. الشعب  الذي يخوض معركته البطولية ليس من أجل هذا التنظيم أو ذاك، إنما في سبيل قضيته الوطنية وحقه في ان يكون له دولته المستقلة على ارضه كسائر شعوب العالم.

إن الحرب المفتوحة التي ينفذها العدو الاسرائيلي منذ خمسة اشهر. ليست الأولى، في مسلسل حروب التهجير ومصادرة الاراضي والتدمير  بقوة المجازر البشرية وعمليات الابادة الجماعية. لكنها الأكثر همجية وبربرية، وهي  تتويج لكل ما سبقها، منذ الاعلان عن تأسيس دولته العنصرية. إنها الأخطر في عدوانيتها،  والأكثر انكشافاً في أهدافها.  عدا أنها تحظى بتأييد ودعم أميركا والدول الاوروبية التي هبت لنجدة اسرائيل. وهي الدول التي تتنافس لتقديم كل اشكال الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي والمالي لاسرائيل، لأنها هي من ساهم  في قيامها وتكريس وجودها على أرض فلسطين.

إن مقاومة الشعب الفلسطيني البطولية لم تبدأ مع هذا التنظيم أو ذاك.  وتاريخ هذا الشعب هو تاريخ مقاومات أجياله وجميع اطيافه وتنظيماته وفصائله. وصموده اليوم، قائم ومستمر  بقوة تضحياته التي فاقت عشرات ألوف الشهداء والجرحى والمعتقلين، وما يقارب مائة الف جريح ومفقود بين الركام، وعبر جموع النازحين والمشردين الذي لم يرفعوا الاعلام البيضاء، رغم المذابح البشرية والابادة المنظمة، والمجاعة الجماعية، في ظل التاييد والدعم الدولي وتحت أنظار العالم، وسط  تواطوء  بعض الحكام العرب، وعجز الآخرين أو صمتهم، الذي يضاف إلى عجز صمت غالبية المجتمعات العربية المغلوبة على أمرها.

أيها الأخوة والرفاق

إن الحرب الاسرائيلية الاميركية التي تستهدف الشعب الفلسطيني في وجوده وقضيته وحقوقه، هي الوجه الآخر لحروب  استكمال  تفكيك دول ومجتمعات  البلدان العربية، وتدمير اقتصادها وعمرانها. والتي بدأت منذ عقود،  برعاية الولايات المتحدة الاميركية  ومشاركتها  هي وسواها من الدول المتدخلة فيها، في سبيل احكام سيطرتها وهيمنتها على المنطقة  عبر إدارة الصراعات بين سلطات الأمر الواقع وردائفها الطائفية والعرقية.

ولذلك لم يكن مفاجئاً أن يعلن قادة العدو الاسرائيلي أن حربهم  هي ضد الشعب الفلسطيني ومن أجل إعادة تنظيم  أوضاع المنطقة ككل، على نحو يضمن لاسرائيل وجودها والتطبيع الكامل معها، كما يضمن لاميركا السيطرة عليها والتحكم بمصائرها ومستقبل شعوبها ومتابعة نهب مواردها وخيرات بلدانها الطبيعية،  بما فيه متابعة إدارة الحروب الاهلية القائمة، والاستثمار في أنظمة الاستبداد  وقوى الامر الواقع الانقسامي، التي تتنافس على تقديم طلبات الاعتراف بها وطلبات الحماية منها. كما هو حالنا في لبنان وفي سوريا واليمن والعراق وليبيا والسودان.

بعد خمسة اشهر من الحصار والاقتحامات والمواجهات وعمليات الاعتقال ومصادرة الاراضي في الضفة الغربية،  ومن الحرب المفتوحة،  على قطاع غزة والضفة. تتابع اسرائيل تحضيراتها لتنفيذ المرحلة الاخيرة منها، سعياً منها  لتدمير مدينة رفح  وتشتيت وتهجير جموع النازحين بقوة المجازر والمجاعة. وهي المعركة  التي لم تلقَ اعتراضات جدية من قبل الادارة الاميركية، التي  تحصر مطالبها بهدنة مؤقتة لاطلاق سراح الاسرى الاسرائيليين ومراعاة وجود المدنيين وادخال المساعدات لهم.

إن الاستفاقة الاميركية والاوروبية على حل الدولتين، وتجديد طرحها  للتعمية ولتحسين سمعتها،  يطعن بها دعمها لاسرائيل وتبني اهداف حربها. ورفض أكثرية الاسرائيليين لها. هذا عدا التعطيل الاميركي لدور الامم المتحدة ومنظماتها ورفض مشاريع وقف اطلاق النار. والانتقام من محكمة العدل الدولية وتجاهل قرارها حول شبهة  قيام اسرائيل بعمليات إبادة  جماعية  للمدنيين. والأهم  من ذلك والأخطر هو تبني طلب اسرائيل إلغاء  وكالة الاونروا،  ليس باعتبارها شاهد اممي على الحرب، أو وكالة لتقديم المساعدات، انما من إجل الاطاحة بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم.

إن الاخطار المحدقة بالقضية الفلسطنية  لا تكمن في الاهداف الاسرائلية والطروحات الاميركية ودعم الدول الاوروبية وحسب،  انما في اداء الانظمة العربية المتواطئة معها، وفي مسيرة التطبيع معها لمصلحتها بصرف النظر عما يطرحه هذا النظام أو ذاك من شروط.  وفي عجز واستقالة  ما تبقى منها عن القيام بالحد الادنى من الضغط لوقف المجازر البشرية  وفك الحصار والتضامن الجاد مع الشعب الفلسطيني.

لكن الأشد خطورة على مصير الشعب الفلسطيني وقضيته وحقوقه،  ورغم سيل التضحيات غير المسبوقة في تاريخه النضالي،  هو استمرار الانقسام الفلسطيني،  في مواجهة الحرب الاسرائيلية المفتوحة ضده، بكل ما تنطوي عليه من أخطار وجودية، لأنه يتجاهل تضحيات هذا الشعب الجبار التي لم يعرف مثيلاً لها أي شعب آخر في التاريخ الحديث.  إنه الانقسام الذي تتحمل المسؤولية عنه جميع القيادات والفصائل الفلسطينيية دون استثناء، لأنها تتعلق بما آلت إليه أوضاعه الراهنة على كل المستويات.

إن صمود الشعب الفلسطيني اليوم هو أرقى أشكال المقاومة الوطنية والقومية والانسانية. ووطنية هذا المقاومة وهذا الصمود  مصدرهما وحدته في التضحية، ومشاركة كل اطيافه وفئات واجياله فيها. إن الوحدة  الوطنية هي السلاح الأهم  الذي يجب أن يظلل كل  المقاومات والتنظيمات والفصائل في مواجهة العدو والاحتلال معاً. إنها حصانة الجميع للبقاء على جادة الصواب الوطني. ولأن التفريط بها والتحصن بالفئوية مهما بلغت قوتها وقدرتها، يبقى اقصر الطرق  لتعريض مصير الشعب الفلسطيني والقضية لشتى الأخطار، وتمكّن العدو الذي يعرف كيف يستغل الانقسام في سبيل مصلحته وأهدافه. ولا يختلف عنه سائر الذين يدعون وصلاً بالقضية، فيما هم يبحثون عن مصالح دولهم وأنظمتهم.

اننا في منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني نرى ان كفاح الشعب الفلسطيني لا يستقيم الا بإنهاء حالة الانقسام، واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطنية في اطار منظمة التحرير الفلسطنية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني تحت راية برنامج موحد يجمع بين المقاومة والنضال السياسي والشعبي والدبلوماسي  لافشال  أهداف الحرب ومحاولات تهجيره من ارضة  ومنع احتلال قطاع  غزة تحت اى مسميات.

إننا، ومن موقع الالتزام بالقضية الوطنية اللبنانية، التي تتمثل راهناً ببقاء لبنان وإنقاذه من الاخطار التي تهدد  مصيره ووجوده. سواء الاخطار التي يتحمّل مسؤوليتها أهل السلطة وجميع قوى الانقسام الأهلي التي تستقوي بالخارج أو تراهن عليه. أو مخاطر تدمير لبنان التي يهددنا بها قادة العدو أسوة بما يتعرض له  شعب فلسطين.

إننا نرى في بقاء لبنان وإنقاذه أهم دعم للشعب الفلسطيني في نضاله وصموده على ارضه.  وهو الشعب الذي ورغم كل حروب التدمير والتهجير والحصار، والمآسي والنكبات والخيبات الكثيرة، لم يزل يرفع راية النضال التحرري والتحرير الوطني.

وفي مناسبة الذكرى 34 لانطلاق الاتحاد الديمقراطي الفلسطينى (فدا) نجدد تضامننا مع نضال الشعب الفلسطيني لإقامة دولته الوطنية المستقلة، والذي نرى فيه الوجه الآخر لنضال اللبنانيين  في سبيل بقاء بلدهم وطنا لجميع ابنائه.

أخيراً، التحية لكل الشهداء والجرحى والاسرى. التحية لتضحيات الشعب الفلسطيني في مسيرة نضاله وصموده تحت الاحتلال وفي الشتات. التحية لكل مناضليه  وقياداتة  وفصائله وتنظيماته.

Leave a Comment