مشروع القانون القاضي بتأجيل إقرار الميزانية لـ120 يوماً، بحيث يكون الموعد الأخير لإقرارها هو 23 كانون الأول المقبل، على أن يرافق ذلك أيضاً تجميد التعيينات المختلف عليها بين حزبي “الليكود” و”كاحول لفان”، بعد أن صادقت اللجنة المالية التابعة للكنيست الاسرائيلي على المشروع في اللحظات الأخيرة، يعتبر بمثابة تأجيل للمشكلة القائمة بين الليكود بزعامة نتنياهو وأزرق أبيض بزعامة بني غانتس مدته مائة يوم. وبموجبها فإن الحياة السياسية ستبدأ باحتساب الأيام التي تفصل عن الموعد المحدد، حيث يتوجب على الهيئة العامة للكنيست لدى التئامها المصادقة على مشروع القانون بالقراءتين الثانية والثالثة، بحلول منتصف الليل المذكور، وإلا فإن الحكومة ستسقط .وتبعاً لذلك يتم حل الكنيست والتوجه إلى انتخابات عامة، هي الرابعة في غضون حوالي العام، من دون أن تسفر أي منها عن نتائج حاسمة لجهة التموضع السياسي الأرجحي بين القوى السياسية المتنازعة، وبالتالي ممارسة الحكم منفرداً أو عبر تحالفات إن لم نقل إنها ثابتة فشبه ثابتة على الأقل. والمصادقة على القانون هي فرصة لترحيل الانتخابات لحوالي الثلاثة أشهر.
وكانت الأيام الأخيرة قد شهدت محاولات حثيثة للتوصل إلى تسوية وفق اقتراح قانون قدمه عضو “الكنيست” تسفي هاوزر، ينص على التصويت على تمديد موعد إقرار ميزانية الدولة لمئة يوم، وتمديد الاتفاق على التعيينات الرسمية للمناصب العليا، ولا سيما المفتش العام للشرطة والنائب العام. ويسود الاعتقاد أن القرار في نهاية المطاف هو في يد نتنياهو دون سواه، وهو يجري حساباته بما يرتبط بجدول المحكمة الخاصة باتهامه بتلقي الرشاوى والفساد وخيانة الأمانة العامة، التي ينتظر أن تبدأ جلسات الاستماع للشهود حولها في كانون الثاني من العام المقبل 2021. وتتوقع أوساط اسرائيلية أن يفتعل نتنياهو أزمة جديدة في كانون الأول المقبل، للذهاب لانتخابات في آذار المقبل، على أمل تحقيق أغلبية تمكنه من تشكيل ائتلاف يميني يقبل بتشريع قانون يمنحه حصانة تجنبه المحاكمة.
وقبل أن يصادق الكنيست بالقراءتين التمهيدية والأولى على تأجيل إقرار الميزانية لمئة يوم، برزت خلافات إضافية بين حزبي “ليكود” و”أزرق أبيض”. وجاءت المصادقة على مشروع القانون في اللجنة بعدما أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو موافقته على الخطة التي يشملها مشروع القانون. ومصدر الأزمة بين الحزبين وكتلتيهما أن الليكود يطمح إلى المصادقة على ميزانية للعام الحالي فقط، بينما “أزرق أبيض” يلح على المصادقة على ميزانية للعامين الحالي والمقبل كما ينص الاتفاق الائتلافي الموقع بين الجانبين.
والموضوع بين الحزبين وكتلة كل منهما، أبعد من مسألة موازنة لعام أو عامين، فقد تكون هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ تسود الشكوك كلاً منهما في نوايا وتوجهات الآخر تجاه خصمه. فالليكود يتهم غريمه بالتخطيط لإضعافه في وقت يحتاج فيه نتنياهو لأوراق القوة لمواجهة الإتهامات الأربعة بالفساد الموجهة له. والثاني يرى أن نتنياهو يسعى فعلياً لضرب قوة حزب “أزرق أبيض”، وتعزيز قوة حزبه واستعادة شعبيته على حسابه. لاسيما وأن نتنياهو وحزبه قد لاحظا تراجع شعبيتيهما بعد فشل الحكومة في مواجهة جائحة كورونا، والأزمة الاقتصادية المرافقة لها بدليل التظاهرات التي جابت الشوارع مطالبة بتنحيه عن سدة المسؤولية بعد السنوات الطويلة التي أمضاها في الحكم.
يأتي ذلك في وقت تستمر التظاهرات المطالبة برحيله والتي اندلعت خلالها مواجهات بين عناصر الشرطة والمحتجين أمام مقر إقامة نتنياهو أسفرت عن اعتقال 30 متظاهراً، بحسب ما أعلنت الشرطة، فيما أصيب 3 من عناصرها جراء إلقاء المتظاهرين للحجارة.
ووفقاً لاتفاقية الائتلاف المعقودة بين الطرفين، فإنه فقط في حال سقوط الحكومة لعدم إقرار موازنة الدولة، يكون نتنياهو معفياً من تنفيذ بند التناوب في رئاسة الحكومة بينه وبين وزير الدفاع زعيم أزرق أبيض الجنرال بني غانتس. ولذلك يصرّ حزب “كاحول لفان” على إقرار موازنة حتى نهاية العام 2021.
في المقابل، يبدو نتنياهو مصراً على عدم الوصول بحكومة الوحدة إلى الموعد المذكور، على أمل تحقيق أغلبية مؤيدة له، تمكنه من تشكيل ائتلاف يميني يقبل بتشريع قانون يمنحه الحصانة، التي يفترض أن تبدأ في كانون الثاني المقبل، بجلسات الاستماع للشهود في تهم الفساد والرشاوى وخيانة الأمانة العامة.
والتسوية التي أمكن صياغتها بموجب المشروع الذي أدى إلى تأجيل استحقاق المواجهة الانتخابية بينهما من الهشاشة بشكل لا يعوَّل عليه للصمود ، وتسوية الخلافات، وافلات البلاد من فخ الانتخابات الرابعة. ومع أن الفريقين في السر لا يفضلانها كخيار بالنظرلتعقيداتها القانونية وتشابك القوى المشاركة فيها وحظوظ كل منها، لكنها تبقى “أبغض الحلال ” لهما. وتحفل اليوميات بالأنباء والتحليلات حول الأفخاخ المنصوبة من كليهما، على أن الأرجحية هي من نصيب نتنياهو بوصفه “خبير علم الخداع “على حد وصف صحيفة “هآرتس” له.
أما صحيفة “معاريف” فتتهمه بأنه “لا يوافق على أي شيء باستثناء تأجيل الأزمة، التي ستسمح له بعد ثلاثة أشهر بالهروب من التفاهمات التي وقع عليها. وهو عمليا مزّق الاتفاق الائتلافي إلى قطع صغيرة وألقى بها في سلة المهملات”.
ويستند نتنياهو إلى استطلاعات الأسابيع الأخيرة التي أظهرت أن بمقدوره تشكيل حكومة ائتلاف تتمتع بتأييد 63 نائباً على الأقل، من دون حاجة للتحالف مع “أزرق أبيض”، إلا أن نتنياهو في الوقت ذاته لا يرغب بتشكيل حكومة يتمتع فيها خصمه في اليمين، زعيم حزب “يمينا” نفتالي بينت بقوة برلمانية كبيرة، قد تتوسع في حال إجراء انتخابات جديدة.
ووفقاً لاستطلاع القناة 13 فإنه لو جرت الانتخابات اليوم، لجاءت نتائجها كالتالي: ليكود 31 مقعداً؛ “ييش عتيد – تيلم” 19 مقعداً؛ “يمينا” 18 مقعداً؛ القائمة المشتركة 13 مقعداً؛ “أزرق أبيض” 11 مقعداً؛ “إسرائيل بيتنا” 8 مقاعد؛ “شاس” 7 مقاعد؛ و”يهدوت هتوراه” 7 مقاعد، وأخيراً “ميرتس” ب6 مقاعد. وبموجبه تحصل كتلة “الليكود” وشركائه على 63 مقعداً في الكنيست، من أصل 120، ما يتيح لنتنياهو تشكيل حكومة يمينية ضيقة.
[author title=”محرر الشؤون الاسرائيلية” image=”http://”]محرر الشؤون الاسرائيلية[/author]