شارك تجمع الشبيبة الديمقراطي منذ بداية انتفاضة 17 تشرين الاول 2019، وهي التجربة الأولى له بهذا الحجم بعد إعادة إحيائه، فكان له حضور فاعل في الساحات التي تواجد فيها، وخصوصاً مع اتّجاهه نحو تنظيم لقاءات حواريّة شبابيّة في الخيمة التي نصبت في ساحة الشهداء – موقف العازاريّة، ربطاً بالمنبر الذي كان قد أطلقه في نيسان الماضي في ذكرى الحرب الاهلية، تحت عنوان “نحو الديمقراطيّة”.
وضعت الانتفاضة التجمّع أمام مرحلة وتجربة جديدة، حتّمت عليه الحضور في الساحات بمسؤولية وطنيّة، لأنّه جزء حيوي من هذا الوطن، وانطلاقًا من مبادئه وأهدافه، التي ركّزت على العمل المنهجي والعلمي الفاعل على إيجاد حلول لأهم قضايا ومشاكل المجتمع بشكل عام والشباب بشكل خاص، وعلى المستويات كافة. أراد تجمّع الشبيبة أن يطرح ورقةً جديدة للتغيير، فكان الحوار هو الأساس، فتطوير المجتمعات يتطلّب بشكل أساسي “حواراً شبابيّاً” يحطّم الحواجز التي اصطعنتها السلطة واحزابها الطائفية بين مكونات المجتمع. وهذا الهدف لا يمكن أن يتحقّق الا عبر اكساب الشباب الإمكانيات والقدرات اللازمة والضرورية التي تحصنه من السقوط في هوّة الطائفية والمناطقية والعنصرية، وينغلق داخل مجتمعات ذات أبعاد ورؤى وأفكار ضيقة، وتكسبه إمكانية المبادرة والسعي نحو إعادة بناء مجتمع متماسك على قاعدة الانفتاح والتفاعل بين مكوناته كمدخل لبناء مجتمع حديث ومتطوّر.
عمد التجمّع من خلال نشاطاته بشكل عام، إلى رفع المستوى الثقافي والفكري لدى الشباب وجعل قضاياهم وقضايا المجتمع، أكثر وضوحاً ما يساهم في إضفاء الطابع العلمي والنقدي على طروحاتهم وبلورتها بما ينعكس على المقترحات والحلول. فقد سعى التجمع الى غرس القيم الديمقراطيّة لدى الشباب من خلال تكريس تقاليد النقاش والحوار الديمقراطي الحر وإبداء الرأي وتقبل الرأي الاخر، لما لهذا التوجه من أهمية في التعامل مع التنوع وتعزيز دور الشباب في ريادة المجتمع عبر تحسين وتنمية قدراتهم وطاقاتهم. وعليه نظّم التجمع أول لقاء حواري في 20 تشرين الثاني حول “بداية سقوط نظام الطائفية السياسية في لبنان” مع الدكتور بول طبر، الذي تناول موضوع النظام الطائفي في لبنان، دون أن يجزم أنّ الخطابات الطائفيّة انتهى مفعولها في الشارع اللبناني، ولكنّه في المقابل أكّد أنّ هذه الانتفاضة ستكون لها تأثيرات تنعكس على النظام الطائفي وتكون بداية نحو التغيير.
وبمناسبة عيد الاستقلال أقام تجمعّ الشبيبة لقاءً حواريّاً في 22 تشرين الثاني بعنوان “انتفاضة 17 تشرين محطة نحو الاستقلال الحقيقي” قدّمها الدكتور زهير الهواري، الذي تحدّث عن الاستقلال اللبناني الأول وقواه، وما سيحصده اليوم لبنان من خلال انتفاضة 17 تشرين التي ستعيد صياغة الاستقلال الحقيقي الذي يصيغه اللبنانيون كمواطنين وليس أبناء طوائف ومذاهب. وفي إطار سعي التجمّع الى تحقيق الدولة العلمانية والمدنية عبر اكساب الشباب الوعي السياسي ذي الأهداف الوطنية من خلال الممارسة السياسية القائمة على نبذ التفرقة واحترام الاختلاف وترسيخ التعامل بين جميع مكونات المجتمع على أساس القيم الإنسانية فقط، نظّم لقاءً حواريّاً في 25 تشرين الثاني بعنوان “العلمانية جوابًا على أزمة النظام الطائفي” والتي قدّمها الدكتور أمين الياس. وقدّم الخبير الاجتماعي محمد قدوح في 3 كانون الأول ندوة حول ” الإدارة العامة والفساد” حدد خلالها المشاكل التي تعاني منها الإدارات والمؤسسات العامّة، وطرح ملفات المحاصصات والاستثمارات التي تمارسها قوى السلطة على حساب المواطن اللبناني.
ولأنّ المرأة لعبت دورها الطليعي في انتفاضة 17 تشرين، وكسرت جزءً كبيراً من الصورة النمطيّة التي حاصرتها لفترة طويلة، نظّم تجمّع الشبيبة الديمقراطي جلسة حوار مع الباحثة النسوية كارولين سكر صليبي نائبة رئيسة التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني حول الدور الطليعي للمرأة في الانتفاضة في 5 كانون الأول، شدّدت خلالها على دور المرأة في الانتفاضة وأهميّة مشاركتها وفي التغيير الاجتماعي والسياسي. أمّا في 6 كانون الأول فقد عقد لقاء حواري حول “حق السكن وقانون الإيجارات التهجيري” قدّمه كل من رئيس اللجنة الاهلية للمستأجرين المهندس أنطوان كرم وامين سرها الخبير العقاري محمد جابر، اللذين ركّزا من خلال العرض على طبيعة القانون والمشاكل التي تحاصر المستأجرين القدامى، وأكدا على مسؤولية الدولة ان تجد حلولاً للأزمة وتؤمّن سكناً لائقاً للمواطنين دون أن تتجاهل حقوق المالكين. هذا وعقدت اللجنة الاهلية للمستاجرين في خيمة التجمع، مؤتمراً صحفياً في 12 كانون الأول تحدّث فيه المهندس أنطوان كرم والمحامية مايا جعارة وأكدا على رفض تقديم طلبات للاستفادة من صندوق الدعم للمستاجرين ومطالبة مجلس القضاء الأعلى وقف الإجراء الذي اتخذه أحد القضاة خلافاً للقانون، وضرورة وقف إي إجراء مشابه بانتظار ما يصدر عن المجلس النيابي حول اقتراحات وقف العمل بالقانون وتعديله ليكون اكثر عدالة وضمانة لحقوق المستأجرين القدامى.
وفي 11 كانون الأول قدّم الدكتور سعيد عيسى “قراءة في مسارات الانتفاضة” من باب التحليل الاجتماعي، وتحدّث عن الإنجازات التي حقّقتها هذه الانتفاضة ودور الشباب، ورأى أنّ التحرّكات القادمة ستأتي بالتغيير اللازم بالتدريج، وانّ 17 تشرين بداية مسيرة متواصلة على طريق بناء الوطن وتطوير المجتمع.
كما واستضافت خيمة تجمّع الشبيبة الديمقراطي- فرع الجنوب في ساحة الانتفاضة في صيدا، لقاءاً حواريا حاشداً شارك فيه الدكتور أمين الياس حول العلمانية الديمقراطية بديلاً عن الطائفية. كذلك نظّم فرع الجنوب بالتعاون مع ادارة سينما اشبيلية المجاورة لساحة الانتفاضة في 20 كانون الاول وبحضور حشد كبير من المشاركين فيها، عرضاً لفيلم “طرس- رحلة الصعود إلى المرئي” حول قضية المفقودين والمخطوفين خلال الحرب الاهلية، للمخرج اللبناني الشاب غسان الحلواني الذي حاور الحاضرين وفتح المجال امامهم للمداخلات وطرح الأسئلة بعد العرض.
وعليه، يرى التجمّع أنّ معالجة المشاكل الاجتماعية المتعددة تبدأ عبر تحديد الأولويات ووضع الدراسات والخطط العلمية الفاعلة والهادفة. كما يشدّد التجمّع على ضرورة إعطاء الأهمية اللازمة لقضايا الطلاب والتعليم عموماً والتعليم الرسمي العام خصوصاً، بما في ذلك قضايا الجامعة اللبنانية بكلياتها وفروعها، لما في ذلك من أهمية قصوى في تعزيز دور الشباب في ريادة المجتمع عبر تحسين وتنمية قدراتهم وطاقاتهم وتعزيز دورهم في صياغة مستقبل وطنهم.
[author title=”تجمع الشبيبة الديمقراطي” image=”http://”]تجمع الشبيبة الديمقراطي[/author]