مجتمع

انتخابات المغتربين: ملاحظات وخلاصات (7 ـ الحلقة الأخيرة)

  1. حصاد المغتربين على بيدر الإنتخابات. (4)

أشرنا سابقاً (في الجزء الرابع من هذا المقال) الى أنّ العملية الإنتخابية الديمقراطية لا تقتصر على الإقتراع يوم الإنتخاب بل تبدأ بالحوار الإنتخابي بين الناخبين/ات مروراً بالبرامج الإنتخابية فإختيار المرشّحين/ات فالحوار بين المرشّحين/ات أنفسهم من أجل إقامة التحالفات وتركيب اللوائح وصوغ الشعارات وخوض الحملات الإنتخابية… وصولاً الى يوم الإنتخاب. وقد بيّنا في الفقرة “أ” أعلاه والتي امتدت على مساحة 3 أجزاء (الرابع والخامس والسادس) كيف أنّ طريقة الإنتخاب التي فرضت على المغتربين أن ينتخبوا في دوائر المقيمين  قد عطّلت الحوار الإنتخابي بين الناخبين/ات، أو منعت حصوله، أو لم تفسح له مجالاً، فسدّت الطريق على إمكانية تبلور برامج انتخابية إغترابية، فساد صمتٌ مطبق شبيه بصمت القبور في أوساط المغتربين منذ تاريخ نهاية فترة تسجيل المغتربين في العشرين من تشرين الثاني 2021  وحتى ما قبل يوم الإنتخاب بقليل، في وقت كانت تلك الفترة هي الفترة الأكثر حيويةً وحماساً بالنسبة للمقيمين، إذ خلالها تسارعت – لدى المقيمين – وتكثّفت الحوارات وتبلورت البرامج الإنتخابية وأطّل المرشحون وتشكّلت اللوائح … الخ.

في الفقرة “ب” أدناه سنبيّن كيف أنّ طريقة الإنتخاب تلك قد منعت، نظرياً أولاً وبالطبع عملياً ثانيا، بروز أي مرشح/نائب إغترابي (حتى لو ترشح بعض المغتربين/ات في مقاعد المقيمين أو حتى لو نجح بعضهم/نّ في دخول البرلمان) وبالتالي منعت أي تحالفات أو لوائح إغترابية.

ب. في المرشح/النائب الإغترابي، في التحالفات واللوائح الإغترابية

من خلال قانون الإنتخاب الساري المفعول يتبين أنه لا إمكانية لبروز مرشح/نائب عن دائرة ما إلا إذا كانت التقسيمات الإنتخابية تعترف بوجود تلك الدائرة.

القانون الساري المفعول – لحظة إجراء انتخابات ال/ 2022 – لم يعترف بوجود دائرة للمغتربين، وبالتالي انعدمت، نظريا، إمكانية بروز مرشح/نائب إغترابي أي مرشح/نائب منتخب حصرا من قبل المغتربين كما هي الحال في دوائر المقيمين.

أما عمليا فقد ترشح بعض المغتربين في دوائر المقيمين وفاز البعض منهم. من تابع حركة ذلك البعض تبيّن له غياب المغتربين وشؤونهم وتطلعاتهم عن برامج وخطط وخطب ذلك البعض. إن ذلك الغياب لم يكن صدفة ولا تقصيرا أو إهمالا من أولئك المرشحين/النواب، بل أن غياب مقاعد المغتربين هو ما أدى إلى غياب المغتربين وشؤونهم وتطلعاتهم عن برامج وخطط وخطب المرشحين/النواب المقيمين عامة وحتى من كان منهم مغتربا. فلا يتوقعن أحد من مرشح/نائب يشكل الناخبون المغتربون أقل من 5% من عدد ناخبيه أن يعيرهم الإهتمام الذي يعيره لـ 95% الآخرين. أضف إلى ذلك أن الـ 5% مشتتين في كل دول العالم وقضاياهم وشؤونهم قد تختلف بين قارة وأخرى فلا إمكانية والحال هذه، لأي مرشح/نائب أن يلّم بتلك القضايا والشؤون فكيف بتضمينها في برنامجه الإنتخابي؟!

ينطبق الأمر كذلك على التحالفات واللوائح فلا يمكن للمغتربين المرشحين في دوائر المقيمين أن يقيموا تحالفات اغترابية ويشكلوا لوائح اغترابية فيما بينهم، فهذا ما لا يسمح به القانون الإنتخابي أولا، ولا يسمح به الواقع ثانيا. الأمر يكون خلاف ذلك فيما لو توافرت مقاعد للمغتربين، ساعتئذ تتوافر إمكانية بروز المرشحين/النواب الإغترابيين والتحالفات واللوائح الإغترابية.

في الخلاصة، في “حصاد المغتربين على بيدر الإنتخابات” تبيّن لنا أن لا حوارات ممكنة ، لا مرشحين/نواب إغترابين، لا برامج، لا تحالفات، لا لوائح انتخابية اغترابية ، فماذا يبقى من جوهر العملية الإنتخابية الديمقراطية بعد تجريد المغتربين من كل ذلك؟!

كما درجت العادة – ماضيا وحاضرا – على اختزال المغتربين إلى مجرد دولارات يتم استعمالها بمعزل حتى عن إرادتهم، وفي نهاية الأمر سُرقت منهم، جرى في الإنتخابات الأخيرة وفي الإنتخابات التي سبقتها، جرى إختزال المغتربين/ات إلى مجرد أصوات إنتخابية تستعمل في معارك المرشحين في دوائر المقيمين من التقليديين والتغيريين وبين التقليديين أنفسهم والتغييريين أنفسهم مع كل أسف.

كلمة أخيرة في نهاية هذا المقال الطويل، نأمل منذ اليوم، ومن الجميع، تقليديين وتغييريين، مقيمين ومغتربين، في كافة المواقع وعلى كافة المستويات ، إعادة النظر في تقييم الدور الإغترابي فيتم النظر إلى المغتربين ليس فقط كدولارات وأصوات بل كبشر لهم رؤاهم وتطلعاتهم نحو وطنهم الأم، ومن حقهم، كالمقيمين، أن تكون لهم دوائرهم ومقاعدهم ونوابهم مما يفسح لهم المجال لتحقيق تلك الرؤى والتطلعات. حينذاك، وحينذاك فقط، يضم البرلمان تحت قبته نوابا عن المقيمين ونوابا عن المغتربين وبهذا تتكرس مقولة لبنان في جناحيه المقيم والمغترب بدل أن تبقى رمادا يُذّر في عيون المغتربين/ات.

إستطرادا، وخارجاً عن امورنا اللبنانية، ودون أن نصل إلى مرحلة التدخل في شؤون الأشقاء نسأل: هل طرح الأشقاء المغتربون العرب خاصة المشرقيون على أنفسهم السؤال التالي – وأعداد المهاجرين/المهجّرين من المشرق العربي في ازدياد دائم -: ما هي أفضل الأقنية للفعل السياسي الإغترابي لإنتشال أوطاننا الأم من الحضيض الذي وصلت إليه؟ وهل من إمكانية أو ضرورة لعمل عربي مشرقي إغترابي مشترك؟ هل من جواب؟ (انتهى)

المنتدى الاسترالي اللبناني المستقل

Australian Lebanese Independent Forum

عنهم: طنّوس فرنسيس

Leave a Comment