مجتمع

انتخابات المغتربين: ملاحظات وخلاصات (6)

  1. حصاد المغتربين على بيدر الإنتخابات. (3)
  2. الحوار بين المغتربين من جهة والمقيمين من جهة أخرى، متناولا الشأن الوطني اللبناني العام.

بعكس الشأن المحلي (المناطقي) الخاص بدائرة محليّة معينة في لبنان، حيث قلنا أنّ المغترب غير عارف كفاية به وليس له مصلحة مباشرة فيه، فإن المغترب في الشأن الوطني اللبناني العام هو عارف ومعني ومتأثر، به. هو أولاً عارفٌ به نتيجة التقدم الهائل في وسائط التواصل والإتصال، من الشبكات والمواقع الآلكترونية إلى الفضائيات إلى التطبيقات الهاتفية…الخ، حيث الشأن الوطني العام معروض لحظة بلحظة في متناول المغتربين. والمغترب ثانياً معني به لأن الوضع العام في البلد الأم يهم كل مغترب/ة بسبب وجود الأهل والأقرباء والمحبين هناك. والمغترب ثالثاً متأثر به – بالشأن الوطني العام- وله مصلحة فيه، لدى قيامه بأي فعل على علاقة بلبنان كالزيارة والإستثمار والتعلم والتجارة والتقاعد…الخ، ومتأثربه أيضا حيث يقيم خاصة معنويا من جراء تدهور سمعة لبنان عالميا. إذن الحوار بين المقيم والمغترب حول الشأن الوطني اللبناني العام هو حوار حاصل بين طرفين عارفَيْن ومعنيَن أقصد المقيمين والمغتربين – بعكس الحوار حول الشأن المحلي-، لكّن هكذا حوار دونه عقبات تجعل منه حواراً مبتورا قاصرا عن بلوغ هدفه ألا وهو التبلور في برنامج إنتخابي قابل للتطبيق وذلك لأسباب منها:

  • إنّه حوار ينطلق من خلفيتين مختلفتين جراء تجربتين مختلفتين. الأولى عاشها المقيم في الوطن، والثانية عاشها المغترب في الإغتراب.
  • طريقة الإنتخاب التي فُرِضت على المغتربين/ات – أي أن ينتخب المغتربون في دوائر المقيمين، ولنسمها الطريقة الأولى – والتي جزّأت المغتربين/ات الى 15 جزأً وهو عدد الدوائر الإنتخابية في لبنان، منعت تشكل رؤية أو رؤى إغترابية عامة في بلد إغترابي محدد أي رؤى تشمل كافة المغتربين/ات في البلد الإغترابي المعني، وبالتالي منعت تشكيل رؤية أو رؤى إغترابية شاملة الإغتراب في العالم . ولكي نتمكن من معرفة حجم التجزئة لا بل التفتيت الذي جرّته هذه الطريقة في الإنتخاب على المغتربين، يكفي أن نتصور مثلاً عددا من المغتربين يسكنون في نفس الشارع في بلدهم الإغترابي لكن لن يستطيعوا بلورة رؤيا أو رؤىً إغترابية للبنان المستقبل في برنامج إنتخابي إغترابي لا لشيء إلا لأن طريقة الانتخاب التي طُبِّقت في الانتخابات الأخيرة فرضت عليهم أن ينتخبوا في دوائر مختلفة في لبنان رغم أنهم يسكنون كما قلنا في شارع واحد.
  • على إفتراض أن بلورة هكذا رؤية أو رؤى كانت ممكنة – وهي كما قلنا غير ممكنة بسبب طريقة الإنتخاب المشار إليها أعلاه- فإنّ ضآلة نسبة عدد المقترعين المغتربين الى عدد المقترعين المقيمين في كل دائرة إنتخابية، لا تسمح بإعطاء الأولوية لتلك الرؤية أو إيلائها ما تستحق من الإهتمام.
  • هذا إذا تجاوزنا عقبات التواصل واللغة ( مع إختلاف الأجيال) وفارق التوقيت وانعدام التخالط….الخ، وكلها أمور تعيق مسار حوار كهذا.

في المقطع التالي سنرى كيف أنّ الطريقة الأخرى في الإنتخاب – أي أن ينتخب المغتربون في دائرة أو دوائر إغتربية خاصة بهم، ولنسمها الطريقة الثانية – ستسمح بتشكل تلك الرؤية أو الرؤى وتظهيرها في برامج إنتخابية إغترابية متجاوزة كل العقبات المشار إليها أعلاه.

  1. الحوار بين المغتربين أنفسهم، متناولا الشأن الوطني اللبناني العام.

واضح دون عناء أن “الحوار بين المغتربين أنفسهم، متناولا الشأن الوطني اللبناني العام ” هو حوار بين مدركين ومعنيين وأصحاب مصلحة، إذ أن جميع المغتربين في مركب واحد فيما خص الشأن الوطني اللبناني العام إن من حيث الإدراك أو المصلحة.

لو أقمنا مقارنة بين مفاعيل الطريقة الأولى والطريقة الثانية للإنتخاب، على المغتربين فيما خص الموضوع المطروح أعلاه لأمكننا ملاحظة ما يلي:

  • الحوار ضمن البلد الإغترابي الواحد أو حتى ضمن القارة الواحدة ينطلق من خلفية اغترابية واحدة لا من خلفيتين مختلفتين – واحدة للمقيم وأخرى للمغترب – مما يسهل بلورة رؤى معينة حول أي لبنان يريد المغترب وأي نظام يريد له ويمكن لكل من هذه الرؤى أن تتلاقح مع رؤى أخرى مُنتَجة في بلدان اغترابية أخرى أو قارات أخرى فتنتج عن ذلك التلاقح رؤية أو رؤى إغترابية عامة تشمل جميع المغتربين.
  • أن تتبلور تلك الرؤى في برامج انتخابية إغترابية هو من باب تحصيل الحاصل ولا علاقة لنسبة عدد المقترعين المغتربين إلى عدد المقترعين المقيمين بذلك – كما هي الحال في الطريقة الأولى – إذ أن المغتربين هم وحدهم – حصرا – من يصوت في دوائر المغتربين.

الطريقة الثانية – أن ينتخب المغتربون في دائرة أو دوائر إغتربية خاصة بهم-  تعمل على توحيد المغتربين في كل قارة،  فتصب في البرلمان اللبناني برامج إنتخابية  بنكهة إغترابية، بينما الطريقة الأولى – أن ينتخب المغتربون في دوائر المقيمين – تقّسم المغتربين في كل قارة  فتمنع تبلور البرامج الإنتخابية الإغترابية ويبقى المغتربون خارج أبواب البرلمان. (أن يتمكّن أفراد مغتربون،  بالطريقة الأولى، من دخول البرلمان مسألة أخرى سنتطرّق إليها لاحقا)

  • الحوار في الطريقة الثانية هو حوار جامع لا يستثني أحدا إذ أن كل المغتربين المقيمين في بلد معين أو في قارة معينة هم ناخبون في نفس الدائرة الإغترابية وبالتالي تتطلب اللعبة الإنتخابية من جميع الأفرقاء التواصل مع جميع المغتربين بصرف النظر عن القضاء الذي يتحدرون منه في لبنان. وهذا ما عنينا به بالحوار الجامع بخلاف الحوار التقسيمي المفروض بطريقة الإنتخاب الأولى حيث اللعبة الإنتخابية تفرض تشتيت المغتربين إلى خمسة عشر جزءا كما بينا أعلاه.
  • كل العقبات الأخرى التي أشرنا إليها أعلاه في الطريقة الأولى للإنتخاب، من عقبات التواصل واختلاف اللغة وفارق التوقيت وانعدام التخالط… ألخ سيكون تأثيرها في الطريقة الثانية للإنتخاب في إعاقة الحوار ضعيف بما لا يقاس بتأثيرها في الطريقة الأولى، لأن كل المغتربين في كل قارة – على الأقل – سيكون لهم نائبهم للبرلمان من نفس القارة. (هذا لا يعني أن نائب لكل قارة هو عدد مقبول عند المغتربين لكن لتحديد عدد نواب الإغتراب بشكل عادل حديث آخر)

تكلمنا في هذه الفقرة، الفقرة أ (عبر ثلاثة أجزاء) على الحوارات كممر إجباري لكل عملية إنتخابية ديمقراطية حقة، في الفقرة التالية وهي الفقرة ب سنتكلم على الأمور الإنتخابية الأخرى كالبرامج الإنتخابية والمرشحين/ات واللوائح ….الخ وهي ما ستكون موضوع الجزء السابع. ( يتبع)

المنتدى الاسترالي اللبناني المستقل

Australian Lebanese Independent Forum

عنهم: طنّوس فرنسيس

Leave a Comment