شباب

اختلال النظام التعليمي اللبناني

لأنّ أغلب المدارس الخاصّة باتت تشكّل لهم استثمارات سياسيّة حزبيّة – طائفيّة، بحيث تستفيد من مالية الدولة في ظلّ الفساد المستشري وغياب الرقابة. وبناءً عليه، تصبح وزارة التربية وزارة خدمات حزبية وتنفيعات سياسيّة، بحيث إن وزير التربية على امتداد الحكومات المتعاقبة لم يكن سوى ممثل للحزب والطائفة

      لم نكن بحاجة لوباء الكورونا لندرك مدى هشاشة النظام التعليمي في لبنان بمؤسساته ومراحله التعليمية. فقد فضح الوباء الخلل الكامن في بنية التعليم وخاصّة الرسميّ منه، وفقًا لخطّة التعليم عن بُعد التي اتّبعتها وزارة التربية والتعليم العالي بغية تعويض الحصص التعليمية المقرّرة. وبرزت ثغرات فاضحة مثبتةً عجز الوزارة عن اعتماد خطّة فعّالة في حالات الطوارئ، ويعود ذلك الى الرؤية المفقودة، والإهمال والفساد والتقاعس عن تطوير واستحداث المناهج التعليميّة. ما أفضى لاتّخاذ قرار إلغاء الامتحانات الرسميّة لمختلف الشهادات، والذي لا يصبّ في خدمة مستقبل الطلّاب والتعليم.


       أضاءت خطّة وزارة التربيّة على غياب عدالة التعليم، لجهة التفاوت بين المدارس الخاصة، وبينها وبين المدارس الرسميّة، كذلك بالنسبة للتفاوت بين الجامعات الخاصة والجامعة اللبنانيّة، والذي يعود لأسباب عديدة أبرزها: عدم توافر التجهيزات، نتيجة نقص المعدات والمستلزمات، بالإضافة الى تدني مستوى إعداد المعلّمين والأساتذة وتدريبهم على استخدام التقنيات الحديثة والمتطوّرة في التعليم. فطلاب المدارس الرسميّة وبعض المدارس الخاصّة كانوا عاجزين عن مواكبة الخطّة المتطوّرة المزعومة والتي لا تتوافق بتركيبتها مع البنى التحتيّة للتعليم التي تشوبها التصدّعات والثغرات، ولا مع المناهج التعليمية، إضافة إلى بعض الخطط اللوجستيّة التي لا تتوفّر في بيئة لبنانيّة تشوبها القصور. فنظامنا التعليمي لا يزال قائماً على مناهج المواد الدراسية التي تقوم على التعليب والحفظ، جراء الشلل الذي يعاني منه المركز التربوي للبحوث والإنماء وتراجع دور كلية التربية بعد أن تمّ افراغهما من مهامهم في خضم المحاصصات السياسية. وبدل ان يصبح الطلّاب قادرون على التقدّم  للامتحانات عن بُعد، ومن خلال استخدام التقنيّات الحديثة في هذا العصر الرقميّ، ما زالوا يستخدمون القلم والورقة، وذلك بسبب غياب المنهج المتطوّر المندمج بالتكنولوجيا الحديثة التي باتت الخبز اليومي للمؤسسات التعليمية بدءاً من الروضات وحتى الدراسات العليا، اضافةً إلى توفير البُنى التحتيّة اللازمة لاعتماد هذه التقنيّة. ومن هنا نتساءل عن مصير صفقات الألواح الذكية والتفاعليّة وأجهزة الكومبيوتر التي قدّمت كهبات الى المدارس الرسمية، وجدوى دورات التدريب التي خضع لها المعلمون ومردودها؟


       في الوقت الذي تعتبر فيه جهات داخل وزارة التربية والتعليم العالي، كما في مجلسي النوّاب والوزراء، أنّ التعليم الرسمي يشكّل عبئاً على الدولة، معتبرين مؤسساته الرسميّة قطاع خاسر وفاشل، لأنّ أغلب المدارس الخاصّة باتت تشكّل لهم استثمارات سياسيّة حزبيّة – طائفيّة، بحيث تستفيد من مالية الدولة في ظلّ الفساد المستشري وغياب الرقابة. وبناءً عليه، تصبح وزارة التربية وزارة خدمات حزبية وتنفيعات سياسيّة، بحيث إن وزير التربية على امتداد الحكومات المتعاقبة لم يكن سوى ممثل للحزب والطائفة، لا علاقة له بالتربية والتخطيط والإدارة والإعداد والتعليم، كذلك الوضع في رئاسة وعمادات الجامعة اللبنانية، ما يصبّ في خدمة الأحزاب السياسية ومصالحها. وعليه، فان الإصلاح يبدأ من خلال تسليم وزارة التربية إلى اختصاصيّين مستقلين قادرين على تقديم خطط تربوية اصلاحيّة متطوّرة، إن من حيث المناهج وإيلاء الاهتمام والأولوية إلى مؤسسات التعليم الرسمي، أو عبر فرض عملية اصلاح تضع حدّاً للفساد المستشري داخل القطاع التربوي، وإنهاء مسيرة الاستزلام والمحاصصات.

[author title=”جويل عبد العال” image=”http://”]اعلامية لبنانية[/author]