صحف وآراء مجتمع

لادي: تحسّن أمني وتقني وخروقات في انتخابات بيروت والبقاع

  * المدن

بعد اختتام المرحلة الثالثة من الانتخابات البلديّة والاختياريّة، والّتي شملت محافظات بيروت والبقاع وبعلبك-الهرمل، وسط تحسّن ملحوظ في الوضعين الأمني والتنظيمي مقارنةً بالجولة السابقة في الشمال وعكّار. أعلنت “الجمعيّة اللّبنانيّة من أجل ديمقراطيّة الانتخابات” (لادي) أنّها نشرت 258 مراقبًا ومراقبة وثّقوا 740 مخالفة طوال يوم الاقتراع وأعمال الفرز، مؤكدة أنّ “الخروق لا تزال تهدّد سلامة الاستحقاق برغم التطوّر الملموس في إدارة لجان القيد وآليات العدّ”.

وبحسب التقرير، شهدت بيروت انتشارًا كثيفًا للقوى الأمنية في المراكز ومحيطها، ما أسهم في ضبط الإشكالات ومنع توسّعها، فمرّ اليوم الانتخابي من دون حوادث كبرى رغم احتدام الخطاب الطائفيّ الذي سبق الاقتراع وعودة الجدل حول “المناصفة” في المجلس البلديّ، وهي مسألة لا ينصّ عليها القانون. في المقابل، تخلّلت العملية في البقاع وبعلبك-الهرمل حوادث عنف متفرّقة؛ إذ اضطرت “لادي” إلى سحب مراقبيها من مراكز في سعدنايل وغزّة بعد إطلاق نار وتلاسن حادّ بين المندوبين، كما توقّف الاقتراع ساعات في بعض البلدات، وسُجّلت إصابات في بلدة القدّام إثر عراك بين مناصرين لـ”القوّات اللّبنانيّة” وآخرين لـ”حزب الله”.

تحسّن في عمل لجان القيد
أشادت “لادي” بالتحسّن “الملموس” في عمل لجان القيد، ولا سيّما في بيروت التي زُوِّدت للمرة الأولى حواسيب ساعدت على تسريع إدخال النتائج إلكترونيًا، كما عُولجت الثغرات التي ظهرت في طرابلس الأسبوع الماضي. كذلك سُمح للمراقبين بالاطلاع الفوري على محاضر النتائج المصوَّرة، في خطوة وصفتها الجمعية بأنّها “سابقة إيجابية”. إلا أنّها شدّدت على أنّ ضعف تأهيل موظّفي هيئات القلم “لا يزال الحلقة الأضعف”، إذ افتقر كثيرون إلى الإلمام الكافي بإجراءات الفرز وكتابة المحاضر، ما اضطر لجان القيد إلى إعادة عدّ صناديق عدّة وتسبّب في تأخر إعلان النتائج في بعض الأقضية.

مراقبة ميدانية شاملة

اعتمدت الجمعية ثلاث فئات من المراقبين: 113 ثابتون في الأقلام، 145 جوّالون ينتقلون بين المراكز، وفرق ليلية تابعت الفرز حتى صباح الاثنين 19 أيار. وغطّت فرق “لادي” مجمل الأقضية الـ13، مسجّلةً معدّل 2.9 مخالفة لكل قلم مراقَب. وأوضحت أنّها تواصلت مع وزارة الداخلية عبر الخط الساخن فور رصد أي خرق، مؤكدة استمرارها في مراقبة مرحلة الطعون أمام مجلس شورى الدولة.

الإشكالات الأمنيّة

أحصت “لادي” 23 حادثًا أمنيًا تراوحت بين مشادات كلامية وإطلاق نارٍ في الهواء. أبرز تلك الحوادث وقع داخل ثانوية غزّة الرسمية (البقاع الغربي)، حيث أطلق الجيش طلقات تحذيرية لفضّ اشتباك بين مندوبي لوائح، وكذلك في مدرسة سعدنايل الرسمية المختلطة التي شهدت أعمال عنف أجبرت المراقبين ووسائل الإعلام على الانسحاب مؤقتًا. كما أدّت الفوضى والإقبال الكثيف في كفر زبد والفاكهة إلى حالات إغماء وتعليق الاقتراع لأكثر من ساعة.

سرّية الاقتراع تحت المجهر
ووثّقت الجمعية 156 خرقًا لسرّية الاقتراع، تمثّلت في وضع المعازل بطريقة مكشوفة، ومرافقة مندوبين وموظفين للناخبين خلف العازل، واقتراع أشخاص نيابةً عن مسنّين وذوي إعاقة بلا إشراف قانوني. ففي ثانوية رياض الصلح – بيروت، دخل رئيس قلم خلف ناخبة واطّلع على خيارها، فيما أدخل مندوب في عرسال لوائح مصوّرة إلى داخل المعزل. كذلك وُزّعت أوراق انتخابية داخل مركز مدرسة شربين الرسمية في الهرمل، بينما تحوّل بعض المندوبين إلى “حُرّاس باب” ينتقون الناخبين، كما حصل في علي النهري – زحلة.

ورُصد تأخير افتتاح أربعة أقلام بسبب نقص التجهيزات، في حين لم يكن 58 من أصل 192 مركزًا مؤهّلة للأشخاص ذوي الإعاقة. وسُجّلت ست حالات اقترع فيها ناخبون بواسطة إخراج قيد فقط، خلافًا لتعميم وزير الداخلية الذي يحصر الهوية الانتخابية ببطاقة الهوية أو جواز السفر. كذلك تخلّى بعض رؤساء الأقلام عن الأرقام التسلسلية على الظروف، ما يضرب مبدأ السرية ويُربك عملية المراجعة، فيما بلغ استخدام الهاتف داخل القلم 23 حالة من دون ردع يُذكر.

خرق الصمت الانتخابيّ
رغم تعميم وزير الداخلية رقم 19/إم/2025، شهد اليوم الانتخابي خروقات إعلامية واسعة للمادة 78 من قانون 44/2017؛ إذ أدلى مرشحون ومسؤولون بتصريحات تُوجّه الناخبين أو تُروّج للوائحهم. كما رُفع علم “حزب الله” داخل حسينية أهل البيت في الخضر – بعلبك، ووضع “التقدمي الاشتراكي” معدّات صوتية ومكبرات تبث أناشيد انتخابية على مدخل ثانوية راشيا الرسمية.

ومن أصل 740 مخالفة، تصدّرت فئات “فوضى أو ازدحام داخل القلم” (65 مخالفة)، و”خرق سرّية الاقتراع” (156)، و”مخالفات أخرى قيد التدقيق” (264)، بينما سُجّلت حالتا شراء أصوات لا تزالان قيد التحقّق. ورأت “لادي” أنّ العدد الفعلي قد يكون أعلى بسبب صعوبة الوصول إلى بعض البلدات الجبلية، داعية المواطنين إلى تبليغها عبر الخطين الساخنين 70/298965 و 01/333713، أو من خلال تطبيقها الإلكتروني “لادي ووتش”.

من جهتها، رحّبت الجمعية بالجهود الوقائية التي اتخذتها القوى الأمنية، لكنها شدّدت على ضرورة وضع خطة بعيدة المدى لتدريب هيئات القلم، وتحديث البنى التحتية للمراكز، ولا سيّما تجهيزها لذوي الإعاقة وتثبيت المعازل بما يحفظ السرية. كما حضّت وزارة الداخلية على تنفيذ توصياتها سريعًا لتدارك الثغرات قبل المرحلة الرابعة المقررة في محافظتي الجنوب والنبطية يوم السبت 24 أيار الجاري، مؤكدة أنّ “تعزيز ثقة المواطن بالانتخابات يبدأ بضمان حقه في اقتراع حرّ وآمن”.

واختُتم البيان بالتذكير بأن “لادي” ستصدر تقريرًا شاملًا بعد انتهاء الدورة الانتخابية، يتضمّن تقييمًا للعملية على ضوء المعايير الدولية وأحكام القانون اللبناني، فضلًا عن مقترحات لإصلاح النظام البلدي والمختاري بما يرسّخ اللامركزية والتنمية المحلية.

* نشرت على موقع المدن بتاريخ 19 أيار 2025