وفيق الهواري
صيدا 27 تشرين الاول 2024 ـ بيروت الحرية
لم يكتف العدو الإسرائيلي بتدمير آلاف المنازل والبيوت في جنوب لبنان، وتهجير مئات الألوف من أراضيهم ومنازلهم وجعل المناطق المحاذية للحدود مع فلسطين المحتلة مناطق غير قابلة للعيش، بل وجه إنذاراً منع بموجبه صيادي الأسماك في المنطقة الممتدة من رأس الناقورة إلى نهر الأولي من الإبحار لصيد الأسماك وتأمين لقمة عيشهم.
وكأنه لا يكفي الصيادون الظروف الصعبة التي يعيشونها منذ سنوات، بسبب الانهيار الاقتصادي وتراجع القدرة لدى الناس عن شراء الأسماك الطازجة، فأتت الأحداث الأخيرة لتجعل من صيادي الأسماك فئة مهمشة تواجه وحيدة جزءاً أساسياً من المأساة التي يعيشها الوطن.
بعد صدور الإنذار الإسرائيلي القاضي بمنعهم من الإبحار والعمل، تبلغت نقابة صيادي الأسماك قراراً من الأجهزة الأمنية المعنية، ومن رئاسة الميناء بوقف الإبحار من أجل الصيد، بدورها أبلغت النقابة جميع الصيادين بذلك، وأن هذا القرار من أجل سلامة الصيادين أنفسهم، وتحول مرفأ الصيادين إلى موقف لمراكب الصيادين، كما أُقْفِل سوق السمك الرئيسي (الميري).
لكن يوم السبت 19 تشرين الأول 2024 تبلغت نقابة الصيادين من جهاز المخابرات في الجيش اللبناني أنه لا يمنع الصيادين من الإبحار لأن ذلك يعني موافقته على الإنذار الإسرائيلي، وأن صيادي الأسماك يمكنهم العودة إلى ممارسة أعمالهم، ولكن كل على مسؤوليته الشخصية.
هذا الموقف دفع نقابة صيادي الأسماك في صيدا إلى إصدار بيان مساء الأحد 20 تشرين الأول 2024، موجه إلى الصيادين أهم ما جاء فيه:
“جانب الزملاء الصيادين الكرام.
تحية وبعد
تبلغنا أمس من جهاز المخابرات في الجيش اللبناني أنه لا يمنع خروج الصيادين إلى البحر لممارسة عملهم، وأنه لا يوافق على الإنذار الذي وجهه العدو الإسرائيلي، ولذلك يستطيع من يريد الإبحار للصيد، ولكن وبسبب الأوضاع الراهنة فيكون ذلك على مسؤولية الصياد البحري نفسه، ولا يتحمل أحد مسؤولية ما يقوم به.
لذلك ترى النقابة أن الصيادين أحرار بالقرار الذي يأخذونه، وحتما كل صياد مسؤول عن نفسه.
ولما كان الإنذار الموجه إلينا من العدو الإسرائيلي الذي لا يؤمن جانبه، فإننا نطلب من الصيادين الكرام التروي في اتخاذ القرار، وستقوم النقابة خلال اليومين القادمين باتصالات عديدة للتوصل إلى حلول مناسبة للصيادين”.
وستجري النقابة يوم الاثنين 21 تشرين الأول 2024 اتصالات ولقاءات مع نواب وفاعليات المدينة لاتخاذ الموقف المناسب.
نقابة الصيادين”.
يقول أمين سر نقابة صيادي الأسماك في صيدا محمد السمرا:” لقد توقف عمل نحو 350 شخصاً يعملون في هذا القطاع ما بين مالكي المراكب وبين العاملين معهم في الصيد، وأن إقفال سوق السمك يعني وقف نحو 80 شخصاً عن العمل داخل الميري من بائعين للإنتاج البحري، ومن العاملين في تقشير وتنظيف الإنتاج، وجميع ما أتحدث عنهم يعملون يومياً، ويعني ذلك وقف مصادر رزقهم وانقطاع سبل العيش أمامهم”.
ولا يعرف حجم إنتاج السمك اليومي في مدينة صيدا، إذ يقول أحد الصيادين ع.ب:” تتراوح كمية السمك التي يتم اصطيادها ما بين 100 كلغ وبين 400 كلغ، وهذا يعتمد على الطقس، وعلى الكميات المتوفرة في البحر”.
أما حول سبل المعيشة، فيشير أحد الصيادين إلى صعوبة الأيام الحالية بالقول:” لم يعد يهمني ما احصل عليه من البحر لتأمين القوت اليومي، ما أريد تحصيله هو ثمن الأدوية التي استخدمها، التي لا أستطيع الحصول عليها حتى من الجمعيات الخيرية”.
أما البحري ز.س الذي كان يدخن النرجيلة في إحدى المقاهي فعلق بالقول:” لا أدري ماذا أفعل في نهاية الشهر، عليَّ دفع إيجار المنزل البالغ 200$، من أين أستطيع تأمين هذا المبلغ والبحر مغلق في وجوهنا، ولا أحد يسأل عنا أو يمد يد العون لنا”.
الخطوات التي تمت
وعن الخطوات التي قامت بها النقابة لمواجهة هذا الوضع المتردي، زار رئيس النقابة محمد بوجي النائب د. عبد الرحمن البزري وشرح له الأوضاع التي يعانيها الصيادون.
كذلك يضيف السمرا:” زرنا، كنقابة، النائب د. أسامة سعد، وشرحنا له الوضع الذي نمر به، وهو بدوره اتصل بوزير الأشغال علي حمية الذي أجاب أنه، ومن خلال الاتصالات الدولية تم السماح للبواخر التجارية بالعمل، وأنه، أي حمية، يسعى للوصول إلى حلول بالنسبة إلى الصيادين”.
كما زارت النقابة مؤسسة الحريري، وطلب أحد مسؤوليها من الصيادين ملء الرابط المرسل من الإدارات الرسمية لمساعدة النازحين.
ويقول مصدر في بلدية صيدا، إن خلية الأزمة ستبذل جهدها لتأمين جزء من المساعدات المقدمة ومنحها للصيادين. ويضيف المصدر البلدي:” أننا في البلدية، وفي الوضع الراهن لا نستطيع أن نقدم أي مساعدة، خصوصاً أن كل الإمكانات المتوفرة لا تغطي احتياجات النازحين”.
ويعلق السمرا بالقول:”لا أحد من السلطات المركزية أو المحلية اهتم بنا، وكل ما نطلبه أن تسرع الهيئات المعنية بتقديم مساعدات إنسانية لقطاع اقتصادي يتعرض للانهيار، بسبب الحرب، ولكي يستطيع أفراده مواجهة الوضع المعيشي وتأمين أدوية للمصابين بأمراض مزمنة من العاملين في القطاع”.
بدوره يستغرب ناشطاً في تجمع عل صوتك سلوك جميع السلطات تجاه المأساة التي يعيشها الصيادون في صيدا، ويتساءل:” أين وزارة الشؤون الاجتماعية وبرامجها لمساعدة هذه الفئات؟ واين الهيئة العليا للإغاثة لتقديم مساعدات لأفراد هذا القطاع الإنتاجي الذين فقدوا القدرة على الاستمرار بالعمل، بسبب الحرب الدائرة حالياً؟ واين السلطات على جميع المستويات لتتحمل مسؤولياتها تجاه مواطنيها؟ “.
ويذكر تاريخ صيدا ولبنان كيف سقط زعيم صيدا معروف سعد شهيداً، وهو يسير في مقدمة تظاهرة صيادي الأسماك عام 1975 دفاعا عن لقمة عيشهم واستمرارية عملهم، والآن ماذا يفعلون؟
Leave a Comment