محمد قدوح
بيروت 21 أيلول 2024 ـ بيروت الحرية
صرح نقيب الأفران انطوان سيف خلال الشهر الماضي اكثر من مرة أن إلغاء الدعم عن الطحين سيحصل خلال النصف الأول من شهر ايلول ، بسبب نفاذ قرض البنك الدولي المخصص لهذه الغاية، مما سيرتب زيادة على سعر ربطة الخبز حوالي 15000 ألف ليرة ، فيصبح سعر الربطة في صالات الافران حوالي 7000 ألف ليرة وفي نقاط البيع، يترواح ما بين 80000 الف و90000 الف ليرة، وأشار إلى أن الافران بدأت التحضير تدريجيا لهذا الارتفاع منذ فترة كي لا يفاجأ المواطن اللبناني بأرتفاعة مباغتة دفعة واحدة.
لم يصدر عن وزير الأقتصاد حتي الآن أي موقف يؤكد أو ينفي ما صرح به نقيب الأفران، لكن يمكن اعتبار الصمت المديد من قبله، بمثابة موافقة ضمنية ، وبذلك يكون قد تخلى عن علاقتة المباشرة مع المواطن اللبناني لصالح المطاحن والأفران، وبالتالي عن مسؤوليته المباشرة عن رغيف الخبز، وهو المادة الوحيدة التي تشبع جوع الفقير. فضلا عن مسؤوليته عن تأمين المخزوق الاستراتيجي لمادة القمح لمدة خمسة اشهر، والذي يقدر بحوالي 160000 طن من القمح على أساس الاستهلاك الشهري، والذي يقدر بحوالي 32000 طن من القمح، ما يعني أن وزارة الاقتصاد ستتخلى عن دورها في استيراد القمح لصالح اصحاب المطاحن والقطاع الخاص بشكل عام، وعندها سيتشكل كارتيل من مستوردي هذه المادة، وستنشأ علاقة بينهم وبين نقابة الأفران مشابهة للعلاقة القائمة بين كارتيل المشتقات النفطية ونقابة موزعي المحروقات، وسيترتب على هذه العلاقة فرض سعر متحرك لربطة الخبز تبعاً لسعر القمح في البورصة العالمية، تتولى تشريعه وزارة الاقتصاد.
الاسئلة البديهية في ضوْء الواقع المستجد هل سيبقي رغيف الخبز قي متناول فقراء لبنان الذين باتوا يشكلون 44% من سكانه؟ وهل يستطيع المستوردون الجدد لمادة القمح تأمين المخزون الاستراتيجي؟ وأين يمكن تخزين الاحتياط الضروري، علما أن مستودعات المطاحن تستوعب حوالي 7000 طن فقط ، وأن خطة إنشاء مستودعات جديدة في طرابلس وبيروت والجنوب ما زالت حبراً على ورق، واهراءات المرفأ مجرد ركام.
المؤسف أن هذه الخطوة تأتي في ظل الأوضاع المالية والنقدية المقلقة أبرزها استمرار ارتفاع نسبة التضخم بالرغم من استقرار سعر صرف الدولار، والتي بلغت 51.6% لغاية شهر ايار، وارتفاع نسبة البطالة، ولا سيما في صفوف فئة الشباب إلى نسبة 27.7% ممن فقدوا عملهم بداية الأزمة الاقتصادية، واخيرا عدم تصحيح رواتب القطاع العام، والتي تؤمن للموظفين و المتقاعدين الحد الأدني من الغذاء. ويشير تقرير البنك الدولي إلى أن حوالي نصف اللبنانيين يعتمدون استراتيجيات التكيف، بما في ذلك اللجوء إلى خفض معدل استهلاك المواد الغذائية واختصار النفقات الصحية، مما يترتب على ذلك عواقب وخيمة على المدي الطويل، خصوصا بالنسبة لصغار السن الذين قد يعانون من أمراض ومشكلات صحية مستدامة تنعكس على صحتهم الجسدية والنفسية بطبيعة الحال.
لن ينتهي ارتفاع سعر ربطة الخبز عند الزيادة المقررة من جانب نقابة الأفران، انما ستكون مجرد انطلاقة نحو مستويات جديدة قد يتجاوز معها سعر ربطة الخبز 100000 ألف ليرة، مما سؤدى حكما إلى دفع فقراء لبنان الى الحد من استهلاك الخبز، اي العجز عن تأمين ملء بطونهم. وبالتالي، الشبع، فهل تكون خطوة رفع الدعم عن الطحين شرارة الانتفاضة الجديدة؟
Leave a Comment