البقاع 9 حزيران 2024 ـ بيروت الحرية
بمناسبة الذكرى الرابعة لغياب الأمين العام لمنظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني الرفيق محسن ابراهيم “أبو خالد”.
أقام فرع البقاع يوم الجمعة 7 حزيران 2024 ندوة حوارية في المركز الثقافي الفلسطيني ـ سعد نايل تحت عنوان: “مخاطر الهجوم الاميركي ـ الاسرائيلي على فلسطين ولبنان وسبل مواجهته “. إمتلأت القاعة بحشد من أهالي البلدة وعدد من الرفيقات والرفاق والأصدقاء ومشاركة من ممثلي الفصائل الفلسطينية وفعاليات ثقافية وسياسية وتربوية .
افتتحت الذكرى بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح الشهداء،
ثم النشيد الوطني اللبناني
الكلمة الأولى كانت للمناضل الاستاذ حسين صلح
بعد شكره للمنظمة على دعوته للمشاركة والاشادة بتاريخ سعدنايل الوطني وبتوجيه التحية الصادقة الى الرفيق محمود الشوباصي ( ابو حسين ) الغائب الحاضر وكوادر وأعضاء المنظمة وخص بالتحية شهداء المنظمة والحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية . وقال :
” ها هو الشعب الفلسطيني بقواه الحية يواجه أشرس حرب ابادة تشنها اسرائيل عليه وبدعم واضح ومكشوف من الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية ، هذه الوقفة البطولية بل الأسطورية للشعب الفلسطيني تأتي مع الذكرى الرابعة لغياب نصير الشعب الفلسطيني القائد محسن ابراهيم .
ابا خالد انت سيد القصيدة على أرضنا الطيبة الغالية ديوان القادة الكبار الشهيد المعلم كمال جنبلاط والشهيد جورج حاوي والقائد الفلسطيني ابو عمار والمناضل الكبير جورج حبش . هؤلاء القادة هم اشعار الارض وقصائدها في لبنان وفلسطين . ومحسن ابراهيم هو سيد اللقاء الساطع في المدى الأكبر بين الموت والحياة في لحظة واحدة وفوق الأرض الواحدة .
والأرض كالقائد الإستثنائي ( ابو خالد ) لا تستعار وليس لها بديل .
تتجلى المواجهة للمشروع الإسرائيلي الأمريكي بأوضح صورها في فلسطين حيث يتصدى الشعب الفلسطيني بقواه الحية لأبشع هجوم اسرائيلي على غزة وشعبها وبدعم مطلق من امريكا والدول الغربية سياسيا وعسكريا وماليا وجيوشا تجوب البحار لحماية اسرائيل . وها هو الشعب الفلسطيني يواجه العدوان المستمر على غزة والضفة الغربية باللحم الحي ويتصدى لحرب الإبادة بالصبر والعزيمة والإمساك بعدالة قضيته الوطنية وحقه في العيش بكرامة وتمسكه بأرضه وحقوقه الوطنية ويرفض الإذعان للشروط الاسرائيلية بالرغم من إستشهاد عشرات الالاف وسقوط عشرات الالاف من الجرحى والدمار الكبير . لقد ظهر للرأي العام العربي والدولي ان الشعب الفلسطيني يقاتل وحيدا ويواجه المشروع الإسرائيلي الامريكي لوحده بإستثناء الجبهة اللبنانية في الجنوب التي لمشاركتها حسابات إقليمية تتعلق بمحور الممانعة ، بينما الدول العربية والإسلامية تشاهد المجازر بحق الفلسطينيين دون إتخاذ مواقف سياسية واضحة في دعم الشعب الفلسطيني بل ان الغالب على حراكها القيام بدور الوسيط بين الجلاد والضحية وفي أفضل الإحوال إصدار بيانات وتصريحات تدين من خلالها المجازر الإسرائيلية.
السادة الحضور
العدوان الإسرائيلي مرشح للمزيد من التصعيد في غزة وعلى الجنوب اللبناني والتهديدات الإسرائيلية لا تتوقف مما يعني ان معركةالفلسطينيين مع الكيان الإسرائيلي مديدة ولن تتوقف الا بعد ان تتحقق اهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والإستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ، ولكي ينجح الفلسطينيون بنيل حقوقهم الوطنية لابد من تجاوز حالة الإنقسام الراهنة بين فصائل منظمه التحرير الفلسطينية وبين حركتي حماس والجهاد الإسلامي وكل تبرير لهذا الإنقسام لا يخدم القضية الفلسطينية بل يصب في مصلحة اسرائيل
في الذكرى الرابعة لغياب الأمين العام للمنظمة محسن ابراهيم الذي نفتقد الى دوره وحضوره ومساهماته في الإجابة على الإسئلة الصعبة بما يتعلق بالأوضاع العربية ومصائر العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا والسودان والقلق على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ومصيره في زمن الردة وبقايا أنظمة الإستبداد والميليشيات السائدة في هذه الدول القائمة على التقاسم الطائفي للثروات الوطنية في زمن يعم فيه الفساد والإفساد والعهر الطائفي والفكر الديني الأصولي والإستقواء بالخارج على حساب الداخل ودون اي إعتبار للوحدة الوطنية ووحدة المجتمع ومؤسساته الوطنية “
وأخيرا توجه بالتحية الى أبناء الشعب الفلسطيني والى شهدائه وجرحاه ومشرديه في غزة وفي الضفة الغربية والقدس على أمل ان يكون لهم وطن ولجميع اللبنانيين الذين يكافحون من أجل ان يكون لهم دولة عادلة والتحية الصادقة الى القادة والتحية لكل المناضلين الذين نفتقدهم وفي طليعتهم الرفيق محسن ابراهيم ابو خالد .
الكلمة الثانية لرئيس بلدية سعدنايل حسين محمود الشوباصي
الذي رحب بالحضور في سعدنايل ، البلدة التي كانت ملجأ للفقراء وللقادة الكبار الكبار من الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية ومقرا لانطلاق العمليات ضد الاحتلال الاسرائيلي ، لم يحد عن مواقفه مهما عرض عليه من مغريات السلطة وتعريضه لتهديدات .
لم يتوانى عن المواجهة في الظروف المفصلية
في عز الهزيمة اطلق جبهة المقاومة الوطنية وفي العام ٩٣ قاتل من اجل الوحدة الفلسطينية وقرارها الوطني الفلسطيني المستقل ودفع ثمنه .
اتسم بالشجاعة في تقديمه للنقد الذاتي وتحميل ذاته حصة ، ابو خالد قائد من خامة إنقرضت او تكاد .
كما استعرض الشوباصي ما فعله الغرب الاستعماري في مطابخه من خطط تستهدف السيطرة على منطقتنا شعوبا وخيرات وزرع التفرقة بين شعوبها ولأجل ذلك زرعت اسرائيل في المنطقة لتساهم في تحويلها الى كانتونات .
رغم كل المآسي نجد الشعب الفلسطيني يواجه دمارهم وقتلهم بالصمود والتضحيات
وختم ، مع اننا نفتقد ابا خالد لكن لا زلنا نرى رفاقه الشرفاء في هذه القاعة مستمرون بالنضال ومتمسكون بجمره وبمسيرة النضال الديمقراطي لبناء الانسان .
ثم كانت كلمة الأكاديمي والإعلامي يقظان التقي :
يصادف مرور الذكرى الرابعة لرحيل القيادي اليساري محسن ابراهيم في خضم مجموعة كبيرة من التحولات والمتغيرات على المستويات كافة السياسية والاقتصادية الفكرية والاجتماعية في لبنان والمنطقة ، وهي تترافق بقوة مع عودة “اليسار الجديد ” ، التي انطلقت بقوة بعد حرب غزّة. والنظر في الذكرى ينطلق من ثلاثة مستويات.
المستوى الأول الوصفي لصاحب الذكرى ، المفكر والسوسيولوجي واليساري متعدد النضالات ، العلماني والمثقف الكبير ، التقدمي والوطني السياسي السيادي بإمتياز .
الحديث عن محسن ابراهيم ، هو الحديث عن الرجال الشجعان في الزمن الذي ينتمي الى الافكار ، أكثر منه الى الأحزاب ، وهو من الأوائل الذي تحرروا في بيئاتهم وعائلاتهم ، مختارا حرية التعبيروالنقد وتعددية المجتمع وتقدمية البلاد ، بعيدا عن معركة السلطة والزعامة . وبقي تغييرا في زمن انخرط فيه بعض اليسار بحروب مذهبية ، وأصيب فيه الآخرون بأعطاب ، نجما في الاتجاهات القومية واليسارية و رفيق مرحلة كبيرة من النضال مع كمال جنبلاط ورفاقه في الحركة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية في قرارها الوطني المستقل .
ما كانت بيوت محسن ابراهيم كتلة مغلقة ، أو عشائرية ، ولا نرجسية حزبية ، ولا نرجسية طائفية ، ولا نرجسية زعامات ،ولا ظاهرة لعدم الالتزام على مستوى المثقفين والكتّاب والمفكرين والشعراء والفنانيين .
المستوى الثاني من الذكرى ، يتعلق بعودة “اليسار الجديد “، عودة الى الانسان ، ازاء فائض العنف والقهر والفقر والجوع والياس والموت ، وما يلغي الانسان بتصوراته وأفكاره وسعادته وحريته ، ويشهد العالم تطورا في عقيدة الانسان لرفض المجازر التي ترتكبها إسرائيل في حرب الإبادة ، ، حيث تمثل فلسطين القضية العادلة ، فيما إسرائيل تمثل عودة البشرية الى الوراء ، في الاتجاه المعاكس لا حتجاحات الشباب الأميركي في اليسار الأميركي ، وفي الجنوب وفي دول أميركا الشمالية .
فلسطين ركن أساسي من أركان عودة اليسار لنصرة العدالة وقضايا الانسان ، على عكس اليمين المتطرف الشعبوي الذي بقي تاريخيا مرتبطا بما يسمى ” المصلحة الوطنية والقومية. لحظة غزّة أحدثت متغيرات مهمة عند الشعوب كافة ، هي أكثر من مسالة حرب ، مسالة ثقافية وتاريخية وانسانية . واحدة من مفاجآت والانقلابات الليبرالية والاشتراكية شرقا وغربا .. هنا المستوى الثالث مع محسن ابراهيم ورفاقه ، والحاجة الى اشتراكية اجتماعية أكثر مما هي عليه.
وكانت كلمة الختام لنائب رئيس المكتب التنفيذي للمنظمة الرفيق حاتم الخشن:
مساء الخير
السلام لكنَّ
ولكم جميعا
أصدقاء ورفاق وضيوف وممثلي فصائل فلسطينية وقوى وطنية لبنانية وفاعليات ثقافية وسياسية واجتماعية وتربوية
نلتقي اليوم في المركز الثقافي الفلسطيني في سعدنايل، شاكرين رفاقنا في الجبهة الديمقراطية على استضافتنا هذه الأمسية.
وعندما أقول سعدنايل أعلم أنكم مثلي تعرفون أنها كانت منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي خزان الوطنية والعروبة والانتماء لفلسطين بثقل راجح لليسار.
وهي معقل رأس قائدنا المناضل الكبير ابو حسين محمود الشوباصي، والد الصديق حسين رئيس البلدية الحاضر معنا. وهي بلدة شهيدنا، شهيد فلسطين وشهيد جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ابراهيم الشوباصي، ورفيقه الشهيد الترشيشي من ثعلبايا .
وسعدنايل ايضا هي بلدتي الثانية التي تواجدت فيها طيلة ٣٧ عاما سكنا وعملا سياسيا، أمضيت منها 25 عاما في التدريس، مهنة المعذبين على ارض لبنان .
الأخوات والاخوة الكرام
الحديث عن محسن ابراهيم في ذكرى رحيله الرابعة، له هيبة ورهبة ومسؤولية، فهو الى جانب كونه مفكرا، كان قائدا سياسيا بامتياز جسّد الارتباط العضوي بين السياسة والممارسة، وامتلك قدرة فذة على التحليل الفكري والسياسي والاستراتيجي، ما جعله مرجعا للعديد من القادة السياسيين في لبنان والعالم العربي، ومن تجربته في العمل السياسي والنضالي مدرسة للاجيال القادمة، هو الشخصية النادرة والفريدة التي قليلا ما تتكرر في العالم العربي، وهو رفيق الكبار: عبد الناصر وياسر عرفات وكمال حنبلاط وجورج حاوي وجورج حبش ونايف حواتمة وعشرات القادة ومئات ألوف الشهداء. هو ابن القضية الفلسطينية منذ نشأته، ونصيرها التاريخي والمرجع الذي يستشار بشؤونها، كما هو ابن القضية اللبنانية بمساراتها الوعرة وتعقيداتها وتداخلاتها.
هو القائد الذي لم يعرف الجمود العقائدي، والذي اتسم تاريخه بالتحولات السياسية والفكرية والنضالية، المقرونة بشجاعة نقد التجربة، نقدا منهجيا لما له ولما عليه من مواقف. نقد الذات أولاً لتعيين موطيء القدم. ونقد الآخرين في مسيرتهم مع ما تخللها من عثرات لتحديد خطوات المستقبل. وقد ظل محسن إبراهيم في نقده يساريا ديمقراطيا علمانيا يحمل هموم الفقراء والطبقات الكادحة ومسؤولية بناء التقدم والاشتراكية التي تطلق طاقات المجتمع وتفك قيوده.
محسن ابراهيم، هو رجل المواقف الشجاعة، هو النزيه حتى النهاية، هو الذي عاش طوال عمره متواضعا وشريفا لا تأسره البهارج والزخارف الزائفة .
واليوم وفي ظل الازمات المتراكمة التي يرزح تحتها لبنان وفلسطين والمنطقة، تتضاعف الحاجة الى فكره ونظرته الثاقبة وعقله المنفتح القادر على ابتداع مواضع الاشتباك ومواقع التسويات، فعندما تغوص في فكره واحكامه تعتقد ان لبنانً آخر كان ممكن الوجود وفلسطين واجبة الوجود .
الأخوات والإخوة والرفيقات والرفاق
لا شيء اليوم في السياسة الداخلية اللبنانية او العربية والدولية يتقدم على الحدث الفلسطيني الذي نناقشه نحن اليوم كمنظمة عمل من موقع النقد الإيجابي .
نحن اليوم في أول الشهر التاسع على بدء الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، بذريعة عملية طوفان الأقصى التي قامت بها فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة. هذه العملية التي لا يستطيع أحد ان يتجاهل الاسباب التي دفعت حماس ومن معها للقيام بها. فعلى مدى عقود أقفلت إسرائيل ومدعومة من اميركا ابواب التسوية السياسية التي تؤمن الحد الادنى من حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة. أكثر من ذلك فقد ثابرت قوات الاحتلال النظامية وعصابات المستوطنين على تحويل غزة إلى أكبر سجن مفتوح في العالم، وتنظيم الحملات الامنية والعسكرية يومياً على سائر قرى ومخيمات الضفة فقتلت المئات من الشهداء والجرحى. الحصار حتى الاختناق لغزة والاحتلال في الضفة والقدس، مع كل ما يرافقهما من قتل وتجويع واذلال وهدم البيوت واستفزازات عصابات المستوطنين وكم من عذابات لا يحتمل، كل هذه هي مقدمات الـ 7 من أكتوبر الذي لم يأت من فراغ.
وبالطبع لا نقلل إطلاقا من الفعل الذي أحدثته هذه العملية في بنية الكيان الصهيوني على الصعد كافة عسكريا وسياسيا واقتصاديا وامنيا وخسائر بشرية وأسرى، لم تسبق إن حصل مثيلها في تاريخ هذا الكيان. تصدعا في بنية الدولة ووضع فكر الكيان الاقتلاعي امام سؤال مبرر الوجود، وجعلته منبوذا على الصعيد الدولي، وقطعت بعض الدول علاقاتها معه، وعادت القضية الفلسطينية تتصدر قوائم الاهتمام العالمي، فتضاعف التأييد والدعم لها في اوساط شباب الجامعات وخاصة في دول الغرب، واعترف بعضها بالدولة الفلسطينية، وقطع البعض الآخر العلاقة مع كيانها. وقامت جنوب افريقيا بجر الكيان الصهيوني إلى محكمة العدل الدولية، بينما قامت المحكمة الجنائية الدولية بمطاردة نتنياهو وكبار قادة جيشه قانونياً مطالبة بإلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم. واعترفت حوالي150 دولة بدولة فلسطيني من أصل 196 دولة.
هذا الصمود وتلك الانتصارات السياسية كان ثمنها غالً. فقد قارب عدد الشهداء الاربعين ألفا والجرحي حوالي المائة ألف، وحرب الإبادة وتدمير مدن ومخيمات القطاع غزة، وحولت الأحياء الى ركام تختلط فيه أعمدة وجدران الاسمنت بالجثث التي لا تجد من ينتشلها من تحت الأنقاض. في الوقت الذي تعاني فيه مدينة القدس من هجمة استيطانية قاسية، والضفة الغربية من غارات يومية على أحيائها المقاومة. يحدث هذا في ظل وضع عربي مفكك يفتقد الحد الادنى من الوحدة وامتلاك مقومات الدعم السياسي والمادي والعديد من دوله يسير حثيثاً نحو استكمال التطبيع مع الكيان الغاصب. لقد ثبت خلال هذه الملحمة التي يخوضها الشعب الفلسطيني أنه لا يقاتل جيش الاحتلال وآلة حربه ومستوطنيه، بل يقاتل الولايات المتحدة الأميركية ومن ورائها المعسكر الغربي وتلك الدول التي هبت منذ اللحظة الأولى لنجدة هذا الكيان، وقادت معركة المواجهة سياسياً وعسكرياً دفاعاً عنه، وقدمت له كل سبل الدعم مليارات الدولارات وأسراب الطائرات الأكثر تطورا والبوارج وشحنات الأسلحة وكل مقومات العدوان.
وما تتعرض له فلسطين وشعبها من تنكيل تريده اميركا واسرائيل فاتحة شرق أوسط جديد، يتحكمون بقراره وينهبون ثرواته. وفي مثل هذا الوضع لا يستطيع الفلسطينيون الا ان يعتبروه حدثا فاصلا هدفه ترسيخ الكيان وإستغلال الخلل في توازن القوى لإنهاء كل خطر أمني محتمل من داخل فلسطين ومن على حدودها، علما أن المواجهة المحتدمة أظهرت مدى عمق التخاذل العربي والتلاعب الإقليمي القطري والتركي والإيراني استغلالا للقضية وسعيا وراء أهداف فئوية ومصالح خاصة .
ايها الاخوة والرفاق
إن ما تحقق من نتائج إيجابية لهذه العملية البطولية يجب أن يستدعي منا قراءة تحليلية هادئة بالقياس إلى كم التضحيات الهائل التي دفعها الشعب الفلسطيني في القطاع والضفة، وفي ديار الشتات طموحا منه نحو بناء دولته الوطنية المستقلة على ترابه وعودة اللاجئين من أبنائه إلى ديارهم. لكن المدخل الذي لا بد منه يبقى هو التمسك بالقرار الوطني المستقل، والوحدة الوطنية الفلسطينية الراسخة، فالمعركة بما استنفرته من قوى الاستعمار والرأسمال العالمي المندلعة أكبر من أي من التنظيمات، لأنه على أساسها سيتقرر مصير الشعب الفلسطيني إلى عقود بعيدة قادمة وكذلك مصير دول ومجتمعات المنطقة. إن حماية الإنجازات التي جرى دفع ثمنها بدماء النساء الأطفال الطاهرة يتطلب منا جميعاً الارتقاء بمستوى المواجهة إلى حدودها القصوى.
الآن وفي وسط هذه المعمعة من الدماء والجراح والخراب والعذابات لا بد من التوقف عند العلاقات الفلسطينية ـ الفلسطينية، التي لم تعد تحتمل ترف الخلافات الفئوية بين هذا الفصيل وذاك. ولا يستطيع أحد أن يكون بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية، فحماس ليست بديلا لفتح والعكس بالعكس، لكنهما مع الجبهة الشعبية والديمقراطية والجهاد وفدا وسائر التنظيمات يجب أن يكونوا شركاء في صياغة برنامج المواجهة، وبالتالي صنع المستقبل الفلسطيني. وهذا أمر بديهي فانضواء الجميع تحت راية برنامج وطني مشترك هو الكفيل بالحاق الهزيمة بمشروع الاقتلاع والاستيطان الصهيوني في لحظته الراهنة، وانجاز مشروع الحد الادنى في كسر السيل العدواني الجارف وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة.
إن الحرب المفتوحة بين اسرائيل والشعب الفلسطيني فوق الأرض وتحتها وفي الجامعات الغربية وفي المحافل السياسية والتي تخاض عبر كل الوسائل، باتت على مفصل الإنجازات، التي لن يسمح الشعب الفلسطيني بعد هذه الأثمان الفادحة أن يزوِّر له أحد قضيته التي يدافع عنها منذ قرن. وليعلم كل المتدخلين بالشأن الفلسطيني من خارجه أن القضية الفلسطينية هي بالتعريف وبالنشأة لا يمكن لها ان تستقر في حضن مذهب او طائفة او حزب أو دولة إقليمية ذات مصالح توسعية على حساب قضيتنا القومية. إن الفلسطينيين مطالبون وملزمون بإعادة تكريس وطنيتهم الجامعة التي قال عنها نتنياهو انها الخطر الفعلي على اسرائيل، ففي مصهر الحرب ونيرانها تُمتحن وحدة الشعب الفلسطيني وصلابة قضيته، التي تظل القضية الوحيدة القادرة على استنهاض الوضع العربي، فهي لا تزال جامعة بالنظر الى جذريتها وجذرية اسرائيل بالتآمر عليه.
الصديقات والأصدقاء الكرام
لقد اطلت عليكم
يبقى الموقف مما يحصل في جنوبنا اللبناني والذي يتهدد كل لبنان كما يتبين من تصريحات قادة الحرب الإسرائيليين الذين يلوحون صبح مساء بتدمير لبنان بدءا من عاصمته إلى أبعد قرية من قراه. لقد أعلن حزب الله فتح الجبهة في الثامن من ت١ الماضي تحت شعار دعم واسناد غزة. ومنذ ذلك التاريخ قدم مئات الشهداء في المواجهة التي باتت الخبز اليومي للجنوبيين. لقد دفعت المستوطنات والجيش الصهيوني قتلى وخسائر في صفوفهما، لكن جبهة الجنوب اللبناني لم تستطع اشغال الجيش الاسرائيلي عن دك وتدمير غزة وخان يونس وجباليا ورفح، ما يعني أن الهدف الذي فتحت من أجله جبهة الجنوب لم يحقق المرجو منه. وهنا يتوجب علينا القول: هل يستطيع بلد على هذا النحو الذي عليه لبنان أن يقف في مواجهة آلة الحرب الاسرائيلية ـ الأميركية. إن دعم واسناد غزة والضفة الغربية له الكثير من الاشكال، يبدأ ببقاء لبنان موحداً وإنقاذه من التدمير. ما يتطلب اعادة بناء الدولة وتجاوز الفراغ السياسي ـ الدستوري عبر انتخاب رئيس للجمهورية وقيام حكومة شرعية وتفعيل مؤسسات الدولة ومواجهة الانهيار الاقتصادي والافقار. كما أن دعم سوريا للشعب الفلسطيني يكون بوقف الحرب الاهلية واستعادة وحدة التراب السوري واليمن مثل ذلك وليبيا والعراق .. إن سائر دول المنطقة العربية تعاني من التمزق القاتل الذي يمنح اسرائيل وأميركا وغيرهما التحكم بمصائرها والتلاعب بمجتمعاتها.
لقد وضع الحزب اللبنانيين امام الامر الواقع دفاعاً عن الحضور الإيراني على ضفة المتوسط. وايران يعنيها من الحرب الحفاظ على امتدادها الإقليمي وليس نصرة فلسطين وأهلها. لقد تجاهل الحزب اوضاع لبنان الصعبة على كل الصعد وأوضاع بيئته في الجنوب والبقاع والضاحية، ووضع لبنان على حافة معركة اسرائيلية تدميرية شاملة تستهدف الحزب ولبنان تنفيذا لخيار إسرائيلي – غربي ضمن هدف إنهاء خطر الشمال بالقوة، ان لم يحصل ذلك سلما بتنفيذ القرار 1701 واستنادا إلى الدعم الأميركي والغربي الذي يتلقاه الكيان الغاصب.
لقد فرض الحزب المعركة على اللبنانيين وخاصة الجنوبيين منهم، وعلى الدولة كأمر واقع بعد ان سدت منافذ المساندة على جبهتي العراق وسوريا، معركة هدفها أن يبقى لايران دور على طاولة التسويات لاوضاع المنطقة للخروج بمكاسب إقليمية، وهو ما لم يحصل حتى الآن.
وهنا تقع مسؤولية اللبنانيين في إنقاذ بلدهم كي يبقى لهم وطن. وهذا يتطلب التوقف عن الاستقواء بالخارج، ومواجهة الاخطار الزاحفة عليهم، والتي لا تعالج بالتفرد وسياسة الأمر الواقع، ولا بتصعيد الانقسامات أو عبر التخوين والاستهتار بمصالح أكثرية اللبنانيين وحقوقهم وبمصير البلد.
الاولوية هي بقاء لبنان موحداً وعدم استسهال الحرب، فالبلد على كف عفريت ولا مبرر لان يتوهم احد انه سيكون الناجي الوحيد من الغرق، بينما الآخرون هم الضحايا.
وختاما، في ذكرى رحيلك الرابعة يا رفيقي ابو خالد اتوجه بالتحية اليك وأؤكد لك:
انك لن تكون ماضيا، ولن تكون صورة في إطار تعلق على الجدران .إن حيويتك الفكرية والنضالية لا تذبل مهما تقادم الزمن.
نحن عاجزون أيها الرفيق القائد عن الإقرار بغياب رؤيتك ورؤاك الثاقبة، يا من اضحيت وعدا مفتقدا في ليالينا وليالي فلسطين الحالكة.
ومن خلالك التحية لكل الشهداء الذين سقطوا على دروب فلسطين الوعرة والدامية ولبنان العزيز والغالي.
وتحية لكم وشكرا لحضوركم.
وانتهى اللقاء بطرح بعض الاسئلة على المتحدثين وتمت الإجابة عليها.
Leave a Comment