الجنوب 3 نيسان 2024 ـ بيروت الحرية
منذ اليوم الأول لاشتعال جبهة الجنوب، في 8 تشرين الأول الماضي، وحتى يومنا هذا، لم يتوقف العدوان الإسرائيلي على بلدة عيتا الشعب، من خلال القصف المدفعي والصاروخي المباشر على البلدة التي تُحاصرها خمسة مواقع إسرائيلية، يستهدفها “حزب الله” بشكل يوميّ.
وقد أدّى القصف الإسرائيلي المتواصل إلى نزوح كلّ سكّان عيتا البالغ عددهم نحو عشرة آلاف نسمة، وإلى تدمير وتصدّع واحتراق أكثر من 500 وحدة سكنية وتجارية، بشكل كامل أو جزئيّ، إضافة إلى اشتعال النار في حرجين من النباتات والأشجار البريّة النادرة، بسبب القذائف الفوسفورية، وكانا يشكّلان ثروة بيئية وطبيعية نادرة، وفق ما قال لـ”النهار” رئيس بلدية عيتا الشعب محمد سرور.
الدخول إلى عيتا على وجه السرعة أظهر حجم الكارثة، فمنذ نحو ثلاثة أشهر، وبعد نزوح جميع أهالي البلدة، وبسبب القصف الإسرائيلي المتواصل، لم يعد أحد يستطيع التجوال في داخل البلدة، بل الدخول إليها بالسيارة أو التوقف فيها؛ فكلّ جسم متحرّك في عيتا الشعب بات هدفاً إسرائيليّاً.
يوم أمس، وفي فترة الهدوء النسبيّ الذي شهدته قرى وبلدات المنطقة الحدودية، منذ ساعات الصباح وحتى فترة الظهر، دخلت “النهار” إلى عيتا الشعب، وعبرنا على وجه السرعة الشارع الرئيسيّ، وهو بمثابة السوق التجارية التي كانت تنبض بالحياة لكثرة المحالّ والمؤسّسات التجاريّة على جانبيه من المدخلين الجنوبي الغربي من جهة الناقورة وعلما الشعب والضهيرة وراميا، والشمالي الشرقي من جهة بنت جبيل، عين إبل، رميش.
المشهد على طول الشارع الرئيسي يُدمي القلوب. كلّ الأبنية والمحال على جانبي الطريق العام تحوّلت إلى ركام وخراب، وبعضها اختفى وسُوّي بالأرض، ولم يظهر في كلّ الشارع سوى سيّارة إسعاف واحدة مركونة في داخل بناء متصدّع. إنّهم جنود مجهولون، خصوصاً أنّ الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة باتت تستهدفهم، خلافاً لكلّ الشرائع والقوانين الدولية الإنسانية.
في اتصال مع رئيس بلدية عيتا الشعب السيد محمد سرور، يصف الوضع في عيتا الشعب بأنّه “كارثي ومأسوي”. وقال لـ”النهار”: “منذ اليوم الأول لاشتعال جبهة الجنوب، كانت عين العدو الإسرائيلي على عيتا الشعب. بدأ أولاً بقصف أطراف البلدة وإحراق الأحراج الطبيعيّة المكسوّة بالنباتات البريّة النادر بالقذائف الفوسفورية. وبعد ذلك أصبح القصف المدفعي يستهدف الأحياء السكنية المواجهة لمواقعه، وثكناته العسكرية، وعددها خمسة: الحدب، شتولا، الراهب، برانيت، وأخيراً راميا. ونحن نعتبرها ظهر الجمل لأنها تابعة لعيتا”.
وأضاف سرور: “تتعرض البلدة كل يوم أو يومين للقصف الذي أصبح يتركّز على الأبنية في داخل الأحياء السكنية، وعلى المحالّ التجارية والطرقات الرئيسية والفرعية، ممّا أجبر جميع أبناء وأهالي البلدة على النزوح، واليوم لم يعد يوجد إنسان واحد من أصل نحو عشرة آلاف نسمة”.
وعن حجم الخسائر والأضرار المادية، قال سرور: “بالطبع لا يوجد حتى الآن إحصاء رسمي أو دقيق. ولكن نستطيع القول بوجود نحو 500 وحدة سكنية أو تجارية دمّرت كلياً أو جزئياً، إضافة إلى احتراق عدد من السيارات، وتخريب المرافق العامة من طرق وفي شبكتي الكهرباء والمياه”. وتمنى سرور أخيراً “وقف الحرب، وعودة الناس، وإعادة بناء وإعمار ما دمّره العدو الإسرائيلي”، معتبراً أنّ “استمرار النزوح وبقاء الناس خارج أرضهم وبلدتهم يسبّب مشاكل نفسيّة وصحيّة واقتصاديّة واجتماعيّة”.
من جهته، قال أحد أبناء البلدة النازحين، تمنى عدم كشف اسمه، لـ”النهار” إن “عيتا الشعب، أذلّت الجيش الأسرائيلي الذي لا يقهر في حرب تموز، عندما تمكنت المقاومة من أسر ثلاثة جنود في “خلة وردة”؛ وعيتا الشعب معروفة بانتمائها الوطني وتضامنها مع قضية الشعب الفلسطيني منذ بداية الصراع والمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي”.
* نشرت في جريدة النهار يوم الإثنين، ١ أبريل / نيسان ٢٠٢٤. وقد استبدلنا في العنوان كلمة سكانها بكلمة أهلها.
Leave a Comment