مجتمع

مرضى السرطان بين سندان الاعتمادات المفقودة ومطرقة الفساد

محمد قدوح

بيروت 8 كانون الثاني 2023 ـ بيروت الحرية

نظمت جمعية بربارة نصار الاسبوع الماضي وقفة إحتجاجية أمام السراي الحكومي تحت عنوان “اعطونا الدواء”، شارك فبها العشرات من مرضى السرطان، وذلك إحتجاجاً على تقليص الدعم لأدوية امراض السرطان، وفقدانها من السوق، وإرتفاع اسعار المتوفر منها.

وتعتبر هذه الوقفة بمثابة صرخة مدوية لحوالي 30.000 مريض سرطان في لبنان، والذين يضاف اليهم سنوياً حوالي 18.000 إصابة جديدة سنويا بموجب السجل الوطني للسرطان، بسبب التلوث المتفاقم بأنواعه، واستعمال مواد مسرطنة في الصناعات الغذائية، وعدم تمكنهم من الحصول على الادوية، وبالتالي تناول الجرعات العلاجية اللازمة في اوقاتها المحددة، مما يعرضهم للآلام ويهدد حياتهم، ويقلل من نسبة الشفاء بينهم.

      هذه الوقفة بمثابة صرخة مدوية لحوالي 30.000 مريض سرطان في لبنان، والذين يضاف اليهم سنوياً حوالي 18.000 إصابة جديدة سنويا بموجب السجل الوطني للسرطان

وتفاقم قلق هؤلاء المرضى، منذ أن قلصت الحكومة الاموال المخصصة لدعم ادوية السرطان والامراض المستعصية، والتي تبلغ حالياً 20 مليون دولار من اصل حوالي 350 مليون دولار سنوياً، اي حوالي 30 مليون دولار شهرياً، مما يعني ان المبلغ المخصص لدعم الادوية لا يكفي لـ 10% من المرضى. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فقدان العديد من الادوية من السوق الامر الذي اتاح الفرصة للأدوية المهربة والمزوَّرة لتدخل الى السوق وتؤمن حضورها، مما عرض المرضى للمزيد من المخاطر، ومما ضاعف المعاناة أخيراً إرتفاع اسعار ادوية السرطان والتي تترواح ما بين 2.000 و6.000 دولار، وعدم قدرة المرضى على شرائها في ظل الافتقار العام وتراجع القيمة الشرائية للأجور.

وزارة الصحة: محاولات يائسة

بعد فضيحة ادوية مرضى السرطان المناعي التي حصلت في شهر آب الماضي، والتي كان من المفترض ان تكفي للمرضى لمدة شهرين ونصف، وتبخرت خلال اسبوعين فقط، ويعتبر هذا الدواء الذي قدمته منظمة اميركية، من اهم العلاجات المناعية لما له من قدرة على شفاء مرضى السرطان حتى وان كانوا في المراحل الرابعة من المرض. بعد هذه الفضيحة بدأ وزير الصحة محاولاته لمعالجة ازمة دواء السرطان بدءً بإقفال مزاريب الفساد في الوزارة، وذلك خلال تطبيق نظام تتبع الدواء حتى وصوله الى المريض، بحيث لم يعد بإمكان اي مريض الحصول على كمية من الدواء تفوق حاجته، او صرف الدواء بإسماء مرضى متوفين، ومن ثم كلفت شركة تدقيق لتحديد احتياجات المرضى، وبالتالي منع بعض شركات الادوية من التلاعب بالكميات. والخطوة الاخيرة التي إتخذها الوزير في اطار حل ازمة الدواء، هي شراء الادوية البديلة “جينريك” من الهند، بحيث يمكن شراء كمية اكبر من الادوية بالمبالغ المتوفرة لدى الوزارة.

وبالرغم من إعلانه ان بات بالامكان تأمين الادوية لـ 90% من المرضى ومن الممكن تأمين الادوية لنسبة 10% المتبقية، إلاّ أن صرخة المرضى لا زالت مرتفعة، ولم يشعروا بأي حلحلة في الازمة، وهو الامر الذي دفع بوزير الصحة للقول: إن وزارة الصحة تقوم بما عليها لكن المشكلة تتمثل بتوفر في الامكانات المالية، وبأنه سيعمل مع رئيس الحكومة من اجل زيادة المبالغ المخصصة لشراء ادوية السرطان.

الملفت في هذا الإطار مطالبة شركات الادوية بحصة من السوق اللبناني حيث تباع الادوية بسعر غير مدعوم، وقد وافقت وزارة الصحة على اعطاء هذه الشركات نسبة تتراوح بين 20و30% من السوق اللبناني. وهو ما يؤكد ان ازمة ادوية السرطان والادوية بشكل عام، تندرج ضمن  لعبة السيطرة على سوق الدواء، والتحكم بأسعاره من دون اية ضوابط تحت طائلة إفتعال الازمات.

المؤسف ان تصل السلطة الى هذا الدرك، حيث باتت قراراتها تخضع لإدارة مصالح واحتكارات االتجار على مختلف مسمياتهم، والمؤسف أيضاً ان تبقى الفئات المتضرررة من هذه القرارات صامتة ويائسة.

الألم كبير، والمعاناة باتت لا تحتمل، والحياة أصبحت مهددة على كل الصعد الحياتية، والسؤال المطروح هو التالي: متى يحين موعد المواجهة مع سلطة التجار؟!.

Leave a Comment