سعيد طانيوس
موسكو ـ 10 كانون الاول 2023
أيام العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 سارع رئيس الوزراء السوفياتي الباسل، نيكولاي بولغانين، فورا لتوجيه إنذار خطير وشديد اللهجة للمعتدين البريطانيين والفرنسيين والإسرائيليين في أكتوبر/تشرين الأول، قال فيه: “إذا لم يتوقف العدوان الغربي الإسرائيلي على مصر خلال أربع وعشرين ساعة، فنحن مستعدون لإرسال قوات عسكرية إلى مصر لمواجهة المعتدين وسنمطر لندن بالصواريخ” فكان أن انصاعت باريس ولندن وتل آبيب لهذا الإنذار الجدّي وأوقفت عدوانها وسحبت قواتها على الفور.
لكن الرئيس الروسي الحالي، فلاديمير بوتين، انتظر ثلاثة أيام بعد بدء الغارات الإسرائيلية الوحشية على غزّة، قبل أن يصدر عنه أي تعليق على عمليات قتل المواطنين الفلسطينيين بالألاف في القطاع والضفة الغربية، والذي بدأ يوم عيد ميلاد الرئيس الروسي الحادي والسبعين. وعندما صدر عنه تعليق، اكتفى بإلقاء المسؤولية فيما حدث على الولايات المتحدة.
ندرك أن روسيا ليست الاتحاد السوفياتي، ونعرف أن موسكو مستهدفة ومنشغلة في حربها الضروس المستمرة في أوكرانيا والتي تواجه فيها الغرب كله وتوابعه خارج القارة العجوز، ولكن انشغالها هذا لا ينبغي أن يمنعها من القيام بدور عملي وردعي في مواجهة المذبحة التي يتعرض لها صديقها الشعب الفلسطيني النازف دماً وآلما ودمعا.
ولا نقارن أبدا موقف روسيا المختلف والمتقدم من القضصية الفلسطينية، بمواقف الدول الغربية المنحازة دائما للصهاينة والموالية لإسرائيل منذ قيام هذا الكيان الهجين، ولا حتى بمواقف غالبية الدول العربية المطبعة والمنبطحة أمام الصهاينة، لكننا ننظر بكثير من الريبة والنوستالجيا إلى موقف موسكو الحالي مقارنة بمواقف دول أخرى لم يعرف عنها صداقتها العريقة مع الشعب الفلسطيني، على غرار جنوب أفريقيا وتشيلي وكولومبيا وغيرها من دول أمريكا اللاتينية التي قطعت علاقاتها مع إسرائيل أو سحبت سفرائها من الكيان الغاصب احتجاجا على المحازر التي يرتكبها في غزة.
بوتين الذي يرأس أكبر دولة عرفت تاريخيا بمناصرتها للقضية الفلسطينية، قال في أول تعليق على مذبحة غزة لرئيس الوزراء العراقي: “أعتقد أن كثيرين سيتفقون معي على أن هذا مثال واضح على السياسة الفاشلة التي تنتهجها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والتي حاولت احتكار عملية التسوية” دون أن يوضح لماذا تركت بلاده أمريكا تحتكر عملية التسوية وهي كانت عضوا في الرباعية الدولية وما زالت عضوا دائما في مجلس الأمن، وتملك علاقات ودّية مع إسرائيل ومع الفلسطينيبين في آن معا.
والتزمت روسيا منذ أحداث السابع من أكتوبر، بإظهار موقف محايد وسخيف من الحرب في غزة، حيث أدانت عمليات الهجوم من الطرفين وطالبت الطرفين بالعودة إلى طاولة المفاوضات. ولم يتوان بوتين عن مهاتفة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليقدم تعازيه له في مقتل حوالي 1200 إسرائيلي. وبعد ذلك بعشرة أيام، أعلنت روسيا إن وفدا من حماس موجود في موسكو لإجراء محادثات.
وتفتقت عبقرية نائب وزير الخارجية، ومبعوث بوتين إلى الشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف عن مقولة لا طعم ولا لون ولا رائحة لها، مختصرها أن “الأعمال العدائية بين إسرائيل وفلسطين هي تكرار خطير للغاية للصراع، وعلى الأطراف العودة إلى طاولة المفاوضات!”.
وقال بوغدانوف بسذاجة غير معهودة في الدبلوماسية السوفياتية وبعدها الروسية:”نحن على اتصال مع الجميع وندعوهم إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات. ما مدى استجابتهم لدعواتنا؟ حسنًا، نحن نؤيد حل جميع القضايا سلميًا على أساس المصالح المشتركة!” كما لو أن هناك مصالح مشتركة بين الضحية الفلسطيني والجلاد الإسرائيلي المحتل.
ويقول خبراء ومحللون سياسيون في روسيا والغرب، إن بوتين يحاول مع حاشيته استغلال حرب إسرائيل ضد حماس والشعب الفلسطيني، كفرصة لتصعيد ما وصفها بأنها معركة وجودية مع الغرب من أجل فرض نظام عالمي جديد، ينهي الهيمنة الأمريكية لصالح نظام متعدد الأطراف يعيد لروسيا بعضا من المجد السوفياتي المفقود على مذبح التحول نحو الرأسمالية واقتصاد السوق والنظام الديمقراطي الصوري الذي يخلّد الرئيس وحاشيته ويعيد انتخابه مرة تلو الأخرى حتى الممات أو حتى تحين لحظة التوريث لأحد أزلام هذا النظام الهجين.
ويسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالفعل إلى استغلال فرص الاضطرابات الجديدة. ويتمثل مكسبه المباشر في تحويل الاهتمام الدولي عن هجوم روسيا المستمر في أوكرانيا. وحذرت دراسة صادرة عن معهد الحرب في واشنطن، من أن روسيا “ستستغل الحرب” بين إسرائيل وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، بغية “إضعاف الروح المعنوية” لدى الأوكرانيين، بحجة أن الغرب “سيوجه أنظاره إلى الأزمة الجديدة في الشرق الأوسط، وبالتالي سيضعف الدعم الدولي المقدم لكييف”.
ويأمل الكرملين وهو يبتسم في سرّه برؤية التخفيض المستمر المحتمل للمساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا بسبب الحاجة الملحة إلى تسليم الأسلحة، وخاصة أنظمة الدفاع الصاروخي، إلى إسرائيل. لكن هذه الآمال تضاءلت مع الاجتماع الأخير لمجموعة عمل رامشتاين المؤلفة من العسكريين الغربيين الداعمين لأوكرانيا بقيادة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن.
وأعلن أوستن عن حزمة مساعدات جديدة وأكد أن الالتزامات تجاه أوكرانيا لن تتأثر بالمساعدات المقدمة لإسرائيل. وحاول المعلقون الروس تصوير المأزق الذي وصل إليه مجلس النواب الأمريكي في نقاشاته الأخيرة لحجم المساعدات لكييف، على أنه نتيجة للخلافات العميقة داخل الطبقة السياسية في واشنطن حول حجم التمويل لأوكرانيا.
الكرملين تحت حكم بوتين يؤمن منذ وقت طويل بفكرة أن العالم لا تحكمه الأخلاق ولا الأيديولوجيات التي كنسها بوتين من البلاد وأحلّ محلها ترهات الأوليغارشيين والأفكار الدينية المتزمتة، وإنما تحكمه فقط مصالح الدول. وجاءت الحرب الحالية في الشرق الأوسط لكي تعزز هذا الإيمان على أساس أنها دمرت الاستراتيجية الغربية ضد روسيا لأنها كانت تستند إلى فكرة ضرورة رفض العالم لغزو دولة لأخرى واستخدام دولة قوية لآلتها العسكرية ضد المدنيين في دولة مجاورة وغير ذلك. لكن الغرب تنكر لكل هذه القيم والمبادئ التي رفعها في مواجهة موسكو عندما تعلق الأمر بإسرائيل. في الوقت نفسه فإن روسيا لا تحتاج إلى تحريك أي ساكن للاستفادة من حرب غزة. فالعملية البرية الإسرئيلية تبدو بلا نهاية قريبة. وعندما تنتهي ستظل القضايا الشائكة كما هي.
ورغم ذلك لا يمكن القول إن الحرب في غزة لا تمثل أي خطورة بالنسبة لروسيا. فوجود حلفاء إيران في لبنان واليمن على خط المواجهة مع إسرائيل، يمكن أن يؤدي إلى اتساع نطاق الصراع وانضمام إيران إليه وهو ما سيمثل تحديا لروسيا نظرا لعلاقاتها الوثيقة مع طهران وحاجتها لها في مناصرتها عسكريا وسياسيا في حربها ضد أوكرانيا.
كما أن الحرب في غزة يمكن أن تثير بعض الاضطرابات المحلية في روسيا على غرار ما حصل في جمهورية داغستان في نوفمبر الماضي، بسبب تأييد شعوب الجمهوريات المسلمة في روسيا للفلسطينيين، وظهور دعوات معادية للسامية بينها وهو ما تتحسب له الحكومة في موسكو وتخشى من تدهور الأمور أكثر من ذلك إذا استمر نزيف الخسائر البشرية الهائلة بين المدنيين الفلسطينيين لفترة طويلة، لذلك كانت قاسية جدا في معاقبة وملاحقة الداغستانيين الذين هبوّا عفويا لمناصرة الفلسطينيين.
يقول المحلل الروسي، نيكيتا سماغين، إن الصراع في غزة عزز أمل الكرملين في أن تتلاشى الصعوبات التي خلقتها الحرب في أوكرانيا بالنسبة لموسكو. وهذا النهج اختبرته روسيا عدة مرات، وهو أنه حتى إذا لم يكن غزو أوكرانيا يمضي كما هو مخطط له، فإن كل مشكلة تجد لنفسها حلا حتى لو لم يكن بتحرك مباشر من جانب روسيا، تماما كما حدث في حرب غزة التي جاءت كهدية من السماء للروس.
وفي استعراض مضحك ومبك في آن، أعلن الرئيس الروسي في 19 أكتوبر الماضي، أنه سيقدم 27 طنًا من المساعدات الإنسانية والمستلزمات الطبية للمدنيين بقطاع غزة، أي حمولة شاحنة واحدة لاحتياجهم الشديد لها، بسبب القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، والذي أدى إلى انهيار العديد من المنظومات الأساسية وانهيار المنظومة الصحية انهيارا تاما، وهو ما فسرته دوائر غربية بأنه شبيه بمعالجة السرطان بالخروع!.
اجتهد بوتين وانتخى فجدد موقفه تجاه الأحداث حيث عرض الوساطة مرة أخرى من أجل وقف الحرب والتفاوض وحل جميع القضايا سلمياً.
روسيا تستخدم الحرب في غزة لإضعاف دعم الدول الغربية لأوكرانيا. فموسكو تروج لفكرة أن التوتر في الشرق الأوسط يحد من قدرة الولايات المتحدة على دعم أوكرانيا وإسرائيل في الوقت نفسه.
الموقف الروسي يركز على تحويل الاتهامات الدولية إلى الغرب وإضعاف جهوده في عزل روسيا. وهي تعتبر أن وحشية الحرب الإسرائيلية على غزة تقوض الموقف الغربي بشأن أوكرانيا، وتعزز رواية المعايير المزدوجة.
ففي الواقع أن المقارنات بين القضية الفلسطينية والأزمة الأوكرانية تعيد إلى الواجهة المعايير المزدوجة والنفاق الغربي. لذلك تعتبر روسيا الصراع بين “حماس” وإسرائيل فرصة لتحويل الاتهامات الموجهة إليها وتعزيز موقفها الدولي.
من جهتها نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية تقريراً تحدثت فيه عن الحرب الإسرائيلية على غزة وانعكاساتها على حرب روسيا في أوكرانيا، معتبرة أن روسيا تستخدم الحرب على غزة لإضعاف الدعم الدولي لأوكرانيا.
وقالت الصحيفة إن موسكو “ترى في الصراع بين حماس وإسرائيل فرصة لتحويل الاتهامات الموجهة إليها، والتي غالباً ما تستشهد بالقانون الدولي والجرائم ضد المدنيين إلى دول الغرب”.
ويعتمد الموقف الروسي على أن “الغليان في الشرق الأوسط يكبح قدرة الولايات المتحدة على إمداد كل من أوكرانيا وإسرائيل بالأسلحة والدعم المادي في آن واحد”، وفق الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن وسائل الإعلام الروسية “بالكاد أخفت رضاها عن فكرة أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على إمداد أوكرانيا وإسرائيل بالأسلحة”، وذلك “على الرغم من أن تصاعد الصراع في فلسطين ينذر بخطر اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا، حيث الوجود الروسي الرئيسي في المنطقة.
هدية السماء لروسيا
وذكرت الصحيفة أن الدبلوماسيين والمراقبين الغربيين لطالما اعتبروا أن الأعمال الانتقامية التي تنفذها إسرائيل ضد قطاع غزة هي “هدية من السماء لروسيا” في حربها ضد أوكرانيا ومواجهتها للغرب.
واعتبرت لوموند أن “الأمر المهم الآن يتجاوز فكرة إدراج الحرب في أوكرانيا على رأس سلم الأخبار والأحداث، بل يتعلق بالجهود التي يبذلها الغرب منذ شباط 2022 لعزل روسيا وحشد الدول التي تنتمي إلى الجنوب العالمي لقضيتها”.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن “هذه الجهود، التي كانت ناجحة نسبياً، تتراجع الآن، سواء بالنسبة للرأي العام أو بين حكومات الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية”، مشيرة إلى أن “العزلة الآن تهدد الكتلة الغربية”.
سرغي ماركوف مستشار الكرملين كشف علنا أن روسيا تعتبر أزمة غزة فرصة لتعزز نفوذها في الشرق الأوسط من خلال تصوير نفسها كصانع سلام محتمل له علاقات مع جميع الأطراف.
وعرضت موسكو استضافة اجتماع إقليمي لوزراء الخارجية، وقال بوتين إن روسيا في وضع جيد يُمكنها من المساعدة.
وقال ماركوف إن هناك فوائد اقتصادية محتملة أيضا بالإضافة إلى ميزة سحب الغرب الموارد المالية والعسكرية من أوكرانيا.
من حق الشعب الفلسطيني الأعزل أن يشعر بالخذلان ممن كان يعوّل عليهم ويعتبرهم أصدقاء ومساندين له لأنهم لم يقوموا بما يجب القيام به خلال محنته. نسجل منذ البداية أن موقف روسيا وجمهورية الصين الشعبية من العدوان الإبادي الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة هو موقف أكثر عدلا ووسطية تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته ماضياً وحاضراً. ولكن، هل يمكن اعتبار التطبيقات العملية الديبلوماسية والسياسية لهذا الموقف هذه الأيام متناسبةً مع حجم العدوان الصهيوني الأمريكي الذي اتخذ طابعاً إبادياً عنصرياً صريحاً لا حدود لانتهاكاته وجرائمه وساديته؟.
لقد قارب عدد القتلى المدنيين حرقاً بالقنابل والصواريخ الأمريكية ثمانية عشر ألف قتيل، نصفهم تقريباً من الأطفال، وبمعدل طفل يقتل كل سبع دقائق، ودمرت أحياء بكاملها وبمن فيها من مدنيين، غير أنَّ مواقف الدولتين لم تتطور وتتصاعد بما يتناسب مع حجم المأساة الهائلة وغير المسبوقة لشعب يذبح جهاراً نهاراً وعبر البث التلفزيوني المباشر، وهذا هو الموضوع الذي يدعو للاستياء من الأداء الديبلوماسي الروسي المتردد بشأن التعامل مع تطور الاحداث المأساوية، على نحو لا يتناسب مع تمادي العدوان الصهيوني الذي تحوّل إلى عملية إبادة وتصفية عرقية لا يمكن تفسيره أو تبريره بعد الآن، وهو جدير بأن يلحق أفدح الضرر بالعلاقات بين موسكو والشعوب العربية عموماً والشعب الفلسطيني وقواه المقاومة خصوصاً.
صحيح أن موقف روسيا في مجلس الأمن كان واضحاً ومبدئياً وقوياً وشبيهاً بمواقف الصين الشعبية. وقد قدمت بعثتها في المنظمة الأممية أكثر من مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار، أسقطت كلها بالفيتو الأمريكي والبريطاني، لكن الأصح أن مناصرة الشعب الفلسطيني الذي يذبح ليل نهار على مرأى من العالم بأسره لا تتم فقط من خلال مواقف سياسية في مجلس الأمن والأمم المتحدة عامة، على الرغم من أنه لا يمكن نسيان التصريح الشجاع للمندوب الروسي في المجلس فاسيلي نيبينزيا في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني، والذي قال فيه: “إن إسرائيل ليس لها الحق في الدفاع عن النفس في الصراع الحالي لأنها دولة احتلال”، فقد كان هذا التصريح شجاعاً ومهماً كسر حدة الهجمات الغربية والإسرائيلية في مجلس الأمن. ولم يجرؤ أحد في المعسكر الغربي الصهيوني على الرد عليه، مثلما ردّوا فوراً على تصريح الأمين العام الذي قال فيه: “إن هجوم السابع من تشرين الأول لم يأت من فراغ، وإن أي طرف في الصراع المسلح ليس فوق هذا القانون”، حيث دعا سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان وبكل عجرفة، غوتيريش إلى الاستقالة وشنّوا ضده حملة إذلال إعلامية شرسة. ولكن السؤال هو: هل كان الأداء الروسي الديبلوماسي متناسباً مع حجم المذبحة المرتكبة بحق الفلسطينيين؟ وهل تطور ليصل إلى درجة التأثير على تمادي إسرائيل في عمليات القتل الوحشية وردعها لما لدى موسكو من كلمة ذات وزن مؤثر على تل أبيب؟
لا تملك روسيا حالياً أدوات حقيقية على الأرض لتقديم دعم للفلسطينيين (في حال كانت لديها النية لذلك)، وجُلّ ما تستطيع القيام به، إطلاق التصريحات المناهضة للغرب ومعاييره المزدوجة، ومكايدة إسرائيل، عَبْر عدة تصريحات استفزازية تنال بها شعبية في العالم العربي، إلى جانب الدعم السياسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، دون تأييد قرارات قد تُشكِّل سابقة تُلزمها بمثيلتها في أوكرانيا.
ومن المؤسف، أنه خلافًا للمواقف الدعائية، والرغبة في ردع إسرائيل عن أي تدخُّل حيوي لدعم أوكرانيا، وإضعاف موقف الغرب وقِيَمه في أعيُن الشعوب العربية والإسلامية وبلدان الجنوب العالمي، والسعي لِلَعِب دور في أي تسوية مستقبلية تقايض عَبْرها بالورقة الفلسطينية مصالحها في جوارها القريب، لا يُنتظر أن تُقدِّم روسيا دعماً كبيراً يُسهم في قلب معادلة الصراع.
Leave a Comment