محمد قدوح
بدأ موظفو الإدارات العامة إضراباً مفتوحاً منذ 13 حزيران الجاري، بناءً على دعوة من رابطتهم، التي قالت في بيانها إن هذا الاضراب جاء بعد عام ونصف من محاولة الصمود باللحم الحي لتسيير عمل الادارات العامة، وتأمين مصالح الدولة والموطنين، وقد حددت مطالبها بما يلي:
أولاً: تصحيح الرواتب والأجور وفقاً لإرتفاع مؤشر الغلاء.
ثانياً: الزيادة الفورية على التقديمات الصحية والاجتماعية بما يوازي إرتفاع كلفتها الحقيقية.
ثالثاً: تأمين قسائم بنزين للموظفين، بما يتناسب مع المسافات التي تفصل بين أماكن سكنهم ومراكز أعمالهم.
رابعاً: إعادة دوام العمل الى الساعة الثانية بعد الظهر، بعد أن اصبح دوام العمل الحالي في ظل الظروف الراهنة غير مبرر ومستحيل التطبيق.
خامساً: رفع الغبن اللاحق بالمتقاعدين، وإعادة إحتساب المعاش التقاعدي على اساس 100% من قيمة الراتب الاخير للموظف، وإلغاء ضريبة الدخل على هذا المعاش عملاً بقرار المجلس الدستوري رقم 13/2017.
الموظفون بين السندان والمطرقة
اليوم الاول للإضراب المفتوح كان شاملاً ولم تسجل خروقات تذكر، سواء في الادارات المركزية في العاصمة او في الوحدات الاقليمية في المحافظات. وقد عبَّر الموظفون عن استعدادهم الكامل لمواصلة الاضراب بعد ان بات الحضور إلى العمل يتطلب دفع رواتبهم بدل إنتقال من وإلى مراكزهم ، بسبب التأخير الحاصل في دفع المساعدة الاجتماعية، وبدل النقل منذ شهر شباط الماضي. وتجدر الاشارة في هذا المجال إلى أن موظفي وزارة الصحة العامة ومديرية الصرفيات في وزارة المالية، تداعوا بدورهم للإضراب قبل دعوة رابطة الموظفين، لوقف إستنزاف رواتبهم التي لم تعد أصلاً تكفي لتأمين قوتهم وعائلاتهم لأيام قليلة من الشهر.
وفي المقابل بدأت السلطة وقبل الشروع في تنفيذ الاضراب بممارسة عملية الابتزاز للموظفين، حيث أصدر غالبية المدراء العامون مذكرات ادارية تتعلق بتذكير الموظفين بوجوب الحضور 3 ايام عمل، مقابل استحقاق المساعدة الاجتماعية، وقد ترافقت هذه المذكرات مع الطلب إلى الرؤساء التسلسليين متابعة تنفيذ مضمون هذه المذكرة تحت طائلة المسؤولية.
ومن جهة ثانية، اصدرت رئاسة الحكومة بياناً اشارت فيه إلى أن رئيس الحكومة طلب من وزير المالية الاسراع في دفع المستحقات المتأخرة للموظفين، ودعا البيان الموظفين إلى تأمين سير العمل في الإدارات العامة لتحصيل الضرائب والرسوم لدفع الرواتب والاجور. وإضافة إلى ذلك صرح بعض المدراء العامين لوسائل الاعلام بأن الاضراب يضر بمصالح المواطنين، ولا سيما المرضى وذوي الحاجات الخاصة، وذلك في محاولة منهم لتأليب الرأي العام ضد الموظفين المضربين، علماً أن الوحدات الإدارية في الوزارات المعنية بالخدمات الصحية والاجتماعية الطارئة مستثناة من الاضراب.
وبالرغم من الابتزاز والضغوطات التي يتعرض لها الموظفون، من المتوقع أن يتواصل الاضراب بصفته الخيار الوحيد والاخير لتحصيل ما أمكن من الحقوق المهدورة بفعل الانهيار الكبير الناتج عن التدني المستمر لسعر صرف الليرة في موازارة الدولار الاميركي، الذي باتت مختلف الحاجيات اليومية تسعر على أساسه، حتى أن البعض يؤكد على فقدان الليرة أكثر من 95 % من قيمتها الشرائية الفعلية.
ونتيجة اليوم الاول للإضراب بدأ وزير العمل نقاشاً مع رابطة الموظفين للبحث في مطالبها، وتحديداً في امكانية دفع قيمة راتب شهر بدلاً من نصف شهر كـ “مساعدة اجتماعية”، ورفع قيمة بدل النقل، إضافة إلى رفع تعرفة الطبابة والاستشفاء.
وأخيراً وبصرف النظر عن حجم المطالب التي يمكن تحقيقها من خلال هذا الاضراب في ظل حكومة تصريف الاعمال وحال الافلاس في موازنة الدولة، فإن المطلوب من رابطة الموظفين ومعها روابط المعلمين ليس أقل من إعادة إستنهاض العمل النقابي في القطاع العام، من اجل الدفاع عن لقمة عيش العاملين فيها، وأيضاً من اجل الدفاع عن هذا القطاع بصفته المساحة المشتركة التي يلتقي فيها اللبنانيون من مختلف المناطق والمشارب، وعلى قيامها بدورها في تقديم الخدمات للمواطنين دون تمييز يُعاد بناء الدولة.
Leave a Comment