شرف عظيم لي أن أتجرأ وأكتب عن معلمتي الحقيقية.. سيدتي وداد هكذا الكبار والاستثنائيون، مولدك تاريخ لليوم العالمي للمرأة التي كانت قضاياها مشاغلك. وعيد المعلم وأنت المعلمة بمسيرتك، وبذلت كل ما لديك لمناصرة قضاياه، برحيلك كنت المتميزة حتى بتاريخه، تاريخ الاستقلال الذي لطالما ناضلت ليكون فعلياً عبر مجتمع ديمقراطي علماني مظاهره فصل الدين عن الدولة، وقوانين مدنية للأحوال الشخصية، وتجليات عمل قيادية استثنائية ترفعت عن الفردانية وحب الذات، جل همها الدفع بالحركة النسوية وجعلها حركة اجتماعية من أجل التغيير الديمقراطي بعيداً عن هم الظهور والبروز أو حفلات التكريم، التكريم الصادق هو تحقيق الأهداف النضالية والمساواة الكاملة بين الجنسين كما قلت دوما.. وداد الرائدة بالعمل النقابي للمعلمين في القطاع الخاص انتصاراً لحقوقهم..
حكاية التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني واسمه ونشأته ارتبطت باسمك أيتها الرفيقة، والذي كان أحد محطاتك الأساسية في العمل النضالي كمنظمة نسوية. فأنت ومعك الرفيقات أول من نادى بوجوب خروج قضايا النساء من الحيز الخاص إلي العام، التمييز على مختلف الأصعدة والاجحاف بحق النساء، العنف ضدهن، دورهن في صنع القرار والانتقال من الدور الخدماتي إلى مواقع التقرير، تمكين النساء المعرفي والمعنوي. تبلور العمل عبر خط عمر التجمع بالنقلة النوعية من العمل الخدماتي والدورات التدريبية المهنية للنساء في بدايات نشأته إلى أن يتطور للتمكين المعرفي الحقوقي وحملات المناصرة والمدافعة المطلبية لقوانين حماية أسرية، وتجريم جرائم الشرف وغيرها حيث وصلت مؤخراً لرفع قانون لمجلس النواب لمنع تزويج الطفلات والأطفال. وانت يا وداد المنحازة للفئات الأكثر تهميشا والمدافعة عن قضاياهن، لا زلنا ننهل من مسيرتك وقناعاتك ونضيف تنسيب نساء للنضال في عملية الحراك الديمقراطي وتوسيع نطاق عملنا في مناطق جديدة عبر خمسة من مراكزه وتحديث تقنياته مستندين إلى التخطيط الاستراتيجي الذي أسست له وأدرجته حيث كان التجمع من المؤسسات النادرة في لبنان التي تعمل به ولا يزال، ويساند كل النساء من كل الجنسيات دون تمييز ارتكازاً على المنظومة العالمية لحقوق الإنسان وفق مقاربة إنسانية تطرح عالمية الحقوق والحداثة. كل هذه تظل تحديات صعبة يمر بها بلدنا والعالم العربي وسط ظروف اجتماعية وسياسية وحروب كلها تعمق مشاكل الفئات المهمشة… علمتنا في التجمع وكانت الملهمة لنا كعضوات للمناعة ضد الطائفية، وعملت على تمكيننا وتوسيع قاعدة معارفنا في برامج وعمل التجمع والممارسة الديمقراطية، وأسست مع أطر محلية وعربية ودولية شبكات تناصر قضايا النساء… المخططة والقيادية، حكاية أحلام تحاكي الواقع بنضالها الصادق للمواطنة الفعلية، للكرامة الإنسانية، للنساء المقهورات، للإصلاح السياسي، للدولة العلمانية لدولة العدالة والمساواة امام القوانين … لك وداد شختورة أقول في ذكراك: التجمع لا زال على الخطى التي رسمتها وعلمتنا إياها والنجاحات تتوالى وأن تأتي الثمار بعد تعب وجهد طويلين. إنما تبقين الملهمة الفكرية لنا التي تمدنا بقوة الدفاع عن حقوقنا وشعورنا بالفخر. إنك القيادية التي لا تموت وإن غابت بالجسد تبقين الحاضرة بالروح وإن طال الغياب.
[author title=”مي الديراني” image=”http://”]ناشطة اجتماعية[/author]