عباس خلف*
من الصعب جداً الحديث عن صديقٍ غالٍ فقدناه كعضو مؤسس في رابطة اصدقاء كمال جنبلاط ، وعضو بارز في مجلسها الاستشاري. واكب نشاطاتها طالما سمحت له ظروفه الامنية والصحية بذلك. وليس من السهل نسيان دوره كأمين عام تنفيذي للحركة الوطنية ، وكرفيق نضال وطني لبناني وقومي عربي وانساني إلى جانب الشهيد الغالي المعلم كمال جنبلاط.
كانت لنا جولات نضالية عديدة ومستدامة. لقد كان مقداماً عندما اطلق مع شلة من الرفاق منظمة العمل الشيوعي في لبنان تتبنى الفكر الاشتراكي وتسعى لإقامة نظام العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
آمن محسن ابراهيم بعدالة القضايا العربية القومية، واعتبر قضية فلسطين مركزية ورافعة للنهوض الوطني والقومي في العالم العربي. وهو القائل يوما : “تكون في قلب الثورة القومية العربية بقدر ما تحجز مكاناً لك إلى جانب الثورة الفلسطينية.” وعلى هذا الأساس، ومن هذا المنطلق ، عمل طوال فترة نضاله لحث اللبنانيين والعرب كي لا يبخلوا في اعطاء القضية الفلسطينية كل ما يتوفر لديهم من دعم وقوة فاعلة لإحقاق الحقوق الفلسطينية، ودحر العدوان الصهيوني، واقامة الدولة الوطنية الفلسطينية على أرض فلسطين ، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ، واعتماد القدس عاصمة لهذه الدولة.
استطاع محسن ابراهيم أن ينسج أوثق العلاقات التي تخدم تطلعاته. كمال جنبلاط من لبنان ، جمال عبد الناصر من مصر، وياسر عرفات من فلسطين.
ومن خلال نضاله عبر الحركة الوطنية اللبنانية، إلى جانب كمال جنبلاط ، قام بسعي مشترك لضرورة حشد كل القوى صاحبة المصلحة في بقاء لبنان بلداً عربياً موحدًا لجميع ابنائه، يحقق لهم استعادة الوحدة السياسية والإدارية والأمنية والقضائية والاجتماعية ارضاً وشعباً ومؤسسات.
في الصفحة 27 من كتابه حول الحرب الاهلية اللبنانية ، يقول محسن ابراهيم : “كان خيار الحركة الوطنية اللبنانية ، بقيادة كمال جنبلاط ، في تلك الفترة التي شهدت سيراً حثيثاً على طريق تحديث العمل الوطني الديمقراطي الجبهوي، خيار التطوير الوطني الديمقراطي السلمي الذي يحقق تغييرات مهمة في البُنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد… ولذا لم يكن من قبيل المصادفة ان يتوّج كمال جنبلاط البرنامج المرحلي الإصلاحي للحركة الوطنية سنة 1975 بمقدمة تدعو إلى الاقلاع عن العنف المسلح الناشب، والاحتكام مجدداً إلى قوانين الصراع السياسي السلمي.”
محسن ابراهيم اعتبر أن اقدام الجيش الاميركي على غزو العراق سنة 2003. وفّر لإيران فرصة تاريخية للاندفاع غرباً عبر العراق المتهاوي إلى سوريا ولبنان. ومن خلال مراقبته للتطورات المتلاحقة على الساحة اللبنانية اعتبر أن مشكلات لبنان أكبر من لبنان ، وأكبر من قدرة سياسييه على ايجاد الحلول.
ونحن نقول له اليوم : من حسن حظك أيها الصديق الكبير أنك رحلت قبل أن تشهد ما نواجهه اليوم من معاناة وانهيارات في لبنان ، بانتظار الفصل الأخير من حكاية لبنان الذي أوصلته المنظومة الحاكمة إلى الجحيم.
وانا أقول لك ايها العزيز الغالي: كن قرير العين حيث أنت ، وستبقى حاضراً في ذاكرتنا ويومياتنا لأن أمثالك لا يموتون.
- وزير سابق ورئيس رابطة أصدقاء كمال جنبلاط في لبنان
Leave a Comment