كتبت ليلى مروة*
يقصد بالتمكين الاقتصادي ببساطة وإيجاز إيجاد حزمة من الخدمات المالية وغير المالية التي تساعد المرأة الريفية على إيجاد مصدر دخل خاص بها، وبناءً على ذلك أصبحت عملية تمكين المرأة الريفية تشكل سلسلة من الحلقات المتداخلة التي تبدأ من تحفيز المرأة وتوعيتها، ومن ثم تدريبها التدريب اللازم للبحث عن مشروع صغير مدر للربح، ومن ثم مساعدتها للحصول على التمويل اللازم لهذا المشروع.
تعتبر المرأة الجندي المجهول لتحقيق بعض غايات اهداف التنمية المستدامة فحينما نتحدث عن الفقر المدقع بشكل عام وعن ظاهرة تأنيث الفقر بشكل خاص، والتي تعني فرص عمل أقل للنساء، وعدم التكافؤ في فرص التعلم والعمل وملكية الأصول، نجد أن المرأة الريفية اللبنانية تبتكر أساليب تكيف معيشي وزراعي تمكنها من مقاومة آثار الفقر.
فهناك علاقة تأثر وتأثير بين الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة وهو القضاء على جميع أشكال الفقر، والهدف الثاني حيث القضاء على الجوع وتوفير الامن الغذائي حيث الامن الغذائي والفقر يرتبطان ارتباطاً وثيقاً وذلك بسبب ارتفاع معدلات التعرض لصدمات خارجية مرتبطة بالغذاء، بما في ذلك التقلب في أسعار الغذاء والكوارث حيث أنهما وجهان لعملة واحدة.
تؤدي المرأة الريفية اللبنانية دوراً حاسماً في الزراعة والأمن الغذائي وبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ وإدارة الأراضي والموارد الطبيعية، لكن العديد من النساء الريفيات يعانين من التمييز والعنصرية المنهجية والفقر الهيكلي.
بدورها أثرت جائحة كوفيد ١٩ حالياً على أكثر من نصف المزارعات في العالم عامة وفي لبنان خاصة، وذلك بفعل فرض القيود على تحركهن، وإغلاق المحلات التجارية والأسواق وتعطيل سلاسل إمداداتهن. وتتحمل المرأة الريفية بعضاً من أثقل أعباء الجائحة، إلى جانب ما تواجهه من تحديات تشمل زيادة أعمال الرعاية والأعمال المنزلية غير المدفوعة الأجر وارتفاع معدلات العنف.
وتظل التداعيات السوسيو-اقتصادية لجائحة فيروس كورونا من بين أهم الانشغالات الحالية بالنسبة للنساء والفتيات خاصة في المناطق القروية، لا سيما على المستويات الصحية والاقتصادية والسلامة الجسدية والحماية الاجتماعية ، فتواجه هذه الفئة من النساء تحديات كثيرة تؤثر على معيشتهن.
وتؤكد الأمم المتحدة أن العبء الذي تتحمله النساء القرويات قد ارتفع بعد جائحة كوفيد ١٩ بسبب إغلاق المدارس، والرعاية الإضافية لأفراد الأسرة الذين يعانون من مرض او المحتاجين للاهتمام الخاص.
تعاني النساء والفتيات اللبنانيات في المناطق الريفية الحرمان في ظل الوباء، ويواجهن بالفعل تحديات في حياتهن اليومية، والان في ظل جائحة كوفيد ١٩، والتعبئة العامة ، والاحتياجات الصحية الخاصة في المناطق الريفية يُحتمل ألا يحصلن على خدمات صحية جيدة أو أدوية أساسية ولقاحات، كما يمكن للأعراف الاجتماعية المقيِّدة والقوالب النمطية الإنسانية، أن تحد من قدرة المرأة الريفية على الوصول إلى الخدمات الصحية. فضلاً عن ذلك تعاني كثير من النساء الريفيات العزلة وانتشار معلومات مغلوطة، وعدم توافر القدرة للحصول على التقنيات الضرورية لتحسين أعمالهن ومعيشتهن.
ومن منظور آخر تبرز مسألة الرعاية بلا أجر للنساء القاطنات في القرى النائية ولهذا اختير موضوع *بناء قدرة المرأة الريفية على الصمود في أعقاب جائحة كوفيد ١٩* كموضوع لليوم العالمي للمرأة القروية، من أجل التعريف بكفاح النساء القرويات وباحتياجاتهن وبدورهن المهم والرئيسي في المجتمع.
ولطالما اجتذبت المرأة الريفية اللبنانية اهتماماً متزايداً في صلب اهتمام العديد من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، ولا سيما قطاع الأغذية الزراعية، و يأخذ ذلك بعداً أكبر على أرض الواقع، بفضل الجهات المانحة الدولية مثل حكومة كندا التي تضع المساواة بين الجنسين، والتمكين الاقتصادي للمرأة في مقدمة جدول أعمالها.
وفي ظل الظروف التي يعاني منها لبنان صحيا واقتصاديا واجتماعيا وفي ظل تراكم الأعباء على الأسر عامة و على الأسر الريفية بشكل خاص؛ ينبغي علينا كمؤسسات مجتمع مدني أن نستثمر في المرأة الريفية، حتى تتمكن من الحصول على خدمات الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية والمعلومات الزراعية التي تحتاج اليها، وأن يتم في الوقت نفسه تقديم الخدمات الأساسية للتصدي لجائحة رديفة هي جائحة العنف ضد المرأة الذي تزايدت معدلاته في ظل جائحة كورونا.
* رئيسة التجمع النسائي الديمقراطي
Leave a Comment